خلاصة في موافقة صوم الفضائل للسبتين (الجمعة والسبت)
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
خُلاصَةٌ في مُوافَقَةِ صومِ الفضائلِ للسَّبتينِ (الجُمُعةِ والسَّبْتِ)
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على سيِّدِ الأنبياء والمُرسَلين وعلى آله وأصحابِهِ أجمعين، أمَّا بعدُ:
فهذه خُلاصَةٌ كتبتُها أو حرَّرتُها –على عُجالَةٍ- بمناسبَةِ موافقة يومِ عرفةَ من عامِ 1440هــ ليوم السَّبتِ:
أوَّلاً: (فأمَّا السَّبتُ):
ففيه حديثُ آلِ بُسر: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ، إِلَّا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ».
فتأتَّى منه مذاهِبُ:
1- تَضْعِيْفُ الحديث: فمَنْ كان على هذا المذهَب فهو يصومُ السَّبْتَ أنَّى شاءَ، مفروداً ومقروناً، أو مفروضاً ومَسنوناً، فالأصلُ الإباحةُ إلا لدليلٍ، ولا دليلَ عنده يمنعُ، وعليه أكْثَرُ أهلِ الفقه والحديثِ من المُتقدِّمين والمُتأخِّرين.
2- نَسْخُ الحديثِ: وهذا مذهبٌ لأبي داودَ السِّجستاني، وتُعقِّبَ عليه، ثُمَّ اعْتَذَرَ عنه وله الحافظُ ابنُ حجرَ.
3- جوازُ صومِهِ مَقروناً بما قبلَهُ أو بعدَهُ: وعليه عامَّةُ العُلماء، جمعاً له مع النصوص.
4- صومُهُ مفروداً بنيَّةِ المُخالَفة: وهذا فيه حديثُ كُريبٍ عن أُمِّ سلمةَ في صيام السَّبْتِ وَالأَحَدِ: «إِنَّهُمَا يَوْمَا عِيدٍ لِلْمُشْرِكِينَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَهُمْ» وأشار إلى هذا المذهب ابنُ حجر، ثمَّ صرَّح به، والحديثُ فيه قويٌّ، ومن ثَمَّ فالمذهبُ قويٌّ.
5- المَنْعُ المُطْلَقُ: لا مفروداً ولا مقروناً، ولا لفضيلةٍ حلَّت فيه، ولا لسببٍ ورد فيه أو عليه.
وإليه ذهب الشيخ الألباني.
6- مذهبُ عبدِالله بنِ بُسْرٍ راوي الحديث: (النَّهيُ للكراهةِ لا التحريمِ)
7- النهيُ عن السَّبْتِ عامٌّ مخصوصٌ بأيام الفضائل: (وهذا عِنْدَ مَنْ يُصحِّحُ الحديثَ)
فلم يُقصَدِ السبتُ وإنَّما قُصِد ما حلَّ فيه، وفيه تفصيلٌ في تسعة أوجُهٍ، تراها في كتاب (لؤلؤة البحرين في حُكم صوم السَّبتَيْنِ).
وعليه فمن صامَهُ قصْداً لِما حلَّ فيه كعرفةَ أو عاشوراء، فما صام السبتَ أبداً، وعملُ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذي كان يسردُ الصومَ، وكان يصِلُ شعبانَ برمضانَ –وهذه سُنَّتُهُ العمليَّةُ- وقد سنَّ صومَ شهرِ الله المُحرَّمِ كُلِّهِ مِن أوَّلِهِ حتى آخِرِهِ –وهذه سُنَّتُهُ القوليَّةُ- والصَّحابةِ مِن بعدِهِ -الَّذين كانوا يسردون الصَّومَ سرداً- والسَّلَفِ الأوَّلينَ الأقدَمين العالِمِين العامِلين كُلِّهِم أجمعين، على هذا المذهب، فما كانوا يعتبرون موافقةَ السَّبتِ لصيامِهم مُطلقاً وأبَداً، ومَن زعَمَ غيرَ ذلك فليأتِ بدليلِهِ.
ثانياً: (مُوافَقَةُ الفضائلِ للجُمُعة):
فالجُمُعةُ فيها حديثُ أبي هُرَيْرَةَ: «لا يصومَنَّ أحدُكم يومَ الجُمُعَةِ، إلا يوماً قَبْلَهُ أو بَعْدَهُ».
فإذا وافقتْ صومَ الفضائل كعرفة وعاشوراء وتاسوعاء ونحوها، ففيها أربعةُ أوجُهٍ:
1- فَمَنْ صامَها مُنفرِدةً على أنَّها يومٌ من أيام الله، فصومُهُ لا يُشرَعُ إلَّا بالقِران.
2- ومَنْ صامَها لذاتها وفضلها: فكذا صومُهُ ممنوعٌ أيضاً لِمَا أَخْرَجَهُ الإمامُ مُسلمٌ عن أبي هُرَيْرَةَ مرفوعاً: «لاَ تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلاَ تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الأَيَّامِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِى صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ».
3- ومَنْ صَامَها لكونها في صومٍ يصومُهُ أحدُنا، فهي حينئذٍ لم تُقصَدْ، وصومُها جائزٌ مشروعٌ ودليلهُ الحديثُ السَّابق.
4- ومَنْ صامَها لِمَا حلَّ فيها لا لعينِها: وهذا حينما توافِقُ يومَ فضيلةٍ كعَرَفةَ وعاشوراءَ أو تاسوعاءَ، فصائِمُها حينَئِذٍ لم يَصمْها، ولكنْ صامَ ما حلَّ فيها من فضل، فصومُهُ مشروعٌ، ولو صامَها مُنفرِدةً.
وانظُرِ التفصيلَ لهاتين المسألتينِ كتابَ (لؤلؤةُ البَحرينِ في حُكْمِ صَومِ السَّبتينِ).