أرشيف المقالات

وقفات فقهية وتربوية مع حديث عظيم

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
وقفات فقهية وتربوية مع حديث عظيم
 
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فعند مطالعتي لشرح الحديث الآتي، استوقفتني فوائد فقهية وتربوية استنبطها العلماء منه، وأحببت تلخيصها لكم؛ لِما فيها من علم غزير وفوائد جمة:
فعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم؛ فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم))؛ [متفق عليه].
 
من فوائد هذا الحديث:
• النهي يقتضي التحريم يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه))، والنهي نوعان:
1- نهي تحريم: وهو ما يثاب تاركه امتثالًا، ويعاقب فاعله.
2- نهي كراهة: وهو ما يثاب تاركه، ولا يعاقب فاعله، ولكن الأولى تركه.
 
• الأوامر تقتضي الوجوب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم))، ولقوله سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 36]، وقوله سبحانه: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]، والأوامر نوعان:
1- أمر إلزام: وهو ما يثاب فاعله امتثالًا، ويعاقب تاركه.
2- وأمر استحباب: وهو ما يثاب فاعله، ولا يعاقب تاركه.
 
• الأوامر الشرعية مقيدة بالاستطاعة؛ لقوله سبحانه: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ ﴾ [التغابن: 16]، وقوله عز وجل: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286].
 
• واستدل الجمهور بهذا الحديث على قاعدة: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، ويكون هذا الاستدلال إذا تساوت المصالح والمفاسد.
 
• وفي الحديث الحث على الاعتبار بأحوال الأمم الماضية؛ لنحذر أسباب هلاكهم.
 
• وفي الحديث بذل المسلم الأسباب المؤدية لسلامته في دينه ودنياه.
 
• وفي الحديث مشروعية قراءة التاريخ للاتعاظ بأحوال السابقين.
 
• وفي الحديث النهي عن طرح الأسئلة على وجه التعنت، أو الاعتراض على أحكام الشريعة، أو من أجل الجدال والمراء.
 
- وهناك أنواع من الأسئلة مندوبة شرعًا؛ هي:
1- ما هو فرض عين: كأحكام الطهارة والصلاة.
2- ما هو فرض كفاية: كعلم الفرائض.
3- ما هو مندوب: كأعمال البر والقربات.
 
• وفي الحديث النهي عن التنازع والاختلاف، والاختلاف من طباع البشر، لكن عليهم تعلم آداب الخلاف والحوار، وقد جاءت الشريعة بعدد من الضمانات لإبعاد الناس عن الاختلاف؛ منها:
1- الأمر بتحكيم الأدلة الشرعية؛ كما قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59].
 
2- أن الشريعة أوجبت طاعة الأئمة في غير المعصية.
3- أن الشريعة جعلت حكم القاضي رافعًا للخلاف.
 
• وفي الحديث الحث على اجتماع الناس وتآلفهم؛ لأنه نهى عن الخلاف الذي يفرقهم.
 
• في الحديث إشارة للاشتغال بالأهم فالأهم.
حفظكم الله، ورزقكم العلم النافع والعمل الصالح.
 
(هذه الفوائد منقولة من كتب أهل العلم باختصار؛ مثل: كتاب الشيخ سعد الشثري شرح الأربعين النووية، فجزاه الله خير الجزاء).

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣