أرشيف المقالات

الحد الأدنى من الفضائل الخلقية

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
الحد الأدنى من الفضائل الخلقية

تحدثنا سابقًا عن الحد الأدنى من العلم؛ ونتحدث هنا عن الحد الأدنى من الفضائل الخلقية.
وقد بينا في مقالة سابقة، ما يتميز به الحكم الأخلاقي وهذا لا يعني خلو الحكم الشرعي من الفضيلة الخلقية، بل إن هذه الأحكام تضمن لنا الحد الأدنى الذي لا بد أن يتحلى به كل مسلم.
ولكن هذه الحلية تكون هناك على سبيل الإلزام لأنها داخلة تحت نطاق الحكم الشرعي.

ونضرب أمثلة على ذلك:
• الصدق واجب وهو حكم شرعي، وليس فضيلة، لأن عدمه يعني وجود الكذب.
وقال تعالى: ﴿ إِنما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ﴾[1] والفضيلة في هذا الباب: هي تحري الصدق.

• النفقات التي نص عليها الشرع حكم شرعي..
والتبرع بعد ذلك فضيلة.

وهكذا فالصدق وأداء النفقات وترك الزنا..
هي أحكام شرعية ولكنها تضمن لنا وعلى سبيل الإلزام الحد الأدنى من الفضيلة التي لا بد لكل مسلم من التحلي بها.

إن الذي يسيطر عليه الشح يلزمه الإسلام بالزكاة والصدقات، وأداء الواجبات من النفقات.
وهكذا وعلى سبيل الإلزام يعلمه أن يسير في طريق الكرم، قد لا يصل به إلى أن يكون كريماً فعلاً، ولكنه يتجاوز به حالة الشح والبخل..
وهكذا في بقية الفضائل.

المؤيدات:
ومؤيدات التشريع هي مؤيدات الفضيلة الأخلاقية، فالدافع إلى القيام بهما هو الرغبة في تنفيذ ما يحبه الله تعالى.
ولهذا كانت الرقابة ذاتية، وبتعبير أدق هي لله تعالى.

ومع هذا فهناك فارق لا بد من التنويه به والإشارة إليه.
فهناك عامل نفسي مهم ذلك أن الحكم الشرعي مؤيد بالعقوبة..
فربما كان الخوف من العقوبة عاملاً مهماً في الدفع إلى التنفيذ.

بينما في الحكم الأخلاقي، لا سلطان للعقوبة، بل يحل مكانها الترغيب في الدرجات العليا من الجنة..

وهذا الفارق واضح في آيات الله ونضرب لذلك مثلاً:
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ...
[2].

وقال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾[3].

والتهديد والوعيد واضح في الآية الأولى وهي تقرر حكماً شرعياً، بينما يظهر الترغيب والحث على الصبر في الآية الثانية وهو حكم أخلاقي.



[1] سورة النحل [105].


[2] سورة البقرة [279].



[3] سورة النحل [126].

شارك الخبر

المرئيات-١