القسم في قوله تعالى: (لئن اجتمعت الإنس والجن)
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
القسم في قوله تعالى﴿ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ ﴾
قوله تعالى: ﴿ لَئِنِ اجتَمَعَتِ الإنسُ والجِنُّ علَى أنْ يَأْتُوا بِمِثلِ هذا القُرآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثلِهِ ﴾[1] جواب " لَئِنْ " هو " لا يَأتونَ ".
والعرَبُ إذا أجابَتْ " لَئِنْ " بـ " لا " جعلُوا ما بَعدَها رَفعاً، لأنَّ " لَئِنْ " كَاليَمِينِ، وجوابُ اليَمِينِ بـ " لا "مرفوع.
وربّما جَزَمَ الشَّاعرُ، لأنَّ " لَئِنْ " الَّتي يُجازَى بِها زِيدَتْ علَيها لامٌ، فَوَجَّهَ الفِعلَ فِيها إلَى " فَعَل "، ولو أتَى بـ "يَفعَل " لجازَ جَزمُهُ.
وقد جَزَمَ بَعضُ الشُّعَراءِ بـ " لَئِنْ "، وبَعضُهُم بـ " لا " الَّتِي هِيَ جَوابُها[2].
قَالَ الأَعشَى (من البسيط ):
لَئِنْ مُنِيْتُ بِنا عن غِبِّ مَعرَكَةٍ
لا تُلْفِنا مِنْ دِماءِ القَومِ نَنتَفِلِ [3]
وأَنشَدَتْنِي امرأَةٌ عُقَيلِيَّةٌ فَصِيحةٌ: (من الطويل)
لَئِنْ كَانَ مَا قَدْ حُدِّثْتُهُ اليَومَ صادِقاً
أَصُمْ فِي نَهارِ القَيظِ لِلشَّمسِ بَادِيا
وأَركَبْ حِماراً بَينَ سَرجٍ وفَروَةٍ
وأُعرِ مِن الخَاتامِ صُغرَى شَمالِيا[4]
وهنا اجتَمعَ شَرطٌ وقَسَمٌ والسَّابِقُ مِنهُما هو القَسَمُ، ويَنبغِي أنْ يَكُونَ الجَوابُ لَهُ، ولكن جُوِّزَ الجزمُ، وجَزَمَ بَعضُهُم بـ" لَئِنْ " وبعضُهُم بـ " لا "التي وَقَعَتْ فِي الجَوابِ، وكانَ القِياسُ أنْ يأتيَ جوابُ القَسَمِ، ولكنَّهُ حُذِفَ ودلَّ علَيهِ جَوابُ الشَّرطِ المجزوم بـ " إنْ ".
[1] الآية 88 من سورة الإسراء.
[2] معاني القرآن 2: 130 -131، وينظر 1: 66-68.
[3] معاني القرآن 2: 131.
والشاهد أتى جواب الشرط الجازم " تلفنا " مجزوماً وكانَ القياس أن يرفع ويكون جواباً للقسم، وهذا من باب الجواز في الشعر.
[4] معاني القرآن 2: 131.
وينظر المصدر نفسه 1: 67.والشاهد أَصم جاء مجزوماً جوازاً، وأصل القاعدة أن يكون ما بعد " لا " في جواب القسم مرفوعاً، و" أركب " جاء معطوفاً عليه.