أرشيف المقالات

تعريف السنة (3)

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
تعريف السنة (3)


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
السنة عند الفقهاء الأصوليين: الأصوليون والفقهاء يستعملون لفظ "السنة" في موضعين:
الموضع الأول: الأدلة:
لا تختلف عن "السنة" عند المحدِّثين، إلا أن كلامهم في أحاديث الأحكام تقيَّدبموضوع علم أصول الفقه أو الفقه، وهو الأدلَّة الشرعية أو الأحكام الشرعية؛ قال الغزالي أبو حامد محمد بن محمد (ت: 505) في كلامه عن المجتهد: وأما "السنة": فلا بد من معرفة الأحاديث التي تتعلَّق بالأحكام، وهي وإن كانت زائدةً على ألوف، فهي محصورةٌ، وفيها التخفيفان المذكوران:
[الأول]: ألا يلزمه معرفة ما يتعلَّق من الأحاديث بالمواعظ وأحكام الآخرة وغيرها.


الثاني: لا يلزمه حفظها عن ظهر قلبه؛ بل أن يكون عنده أصل مُصحح لجميع الأحاديث المتعلقة بالأحكام؛ ا هـ[1].

وهو نفس الكلام في "القرآن"، وكلامه هذا معطوف عليه، قال: أما "كتاب الله عز وجل" فهو الأصل، ولا بد من معرفته، ولنُخفِّف عنه أمرين:
أحدهما: أنه لا يشترط معرفة جميع الكتاب؛ بل ما تتعلق به الأحكام منه، وهو مقدار خمسمائة آية.

الثاني: لا يشترط حفظها عن ظهر قلبه؛ بل أن يكون عالِمًا بمواضعها بحيث يطلب الآية المحتاج إليها في وقت الحاجة؛ ا هـ[2].

فليس في كلامه تخصيص "السنة" بأحاديث الأحكام كما ليس في كلامه تخصيص "الكتاب" بآيات الأحكام،
والأحكام تستفاد من: أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله - ومنها التروك - وإقراره وهو السكوت وعدم الإنكار،
فتعرف السنة على هذا بـ: ما صدر من الرسول صلى الله عليه وسلم من الأقوال والأفعال والتقرير[3].

الموضع الآخر: الحكم الشرعي التكليفي:
ومقصودهم الندب والاستحباب؛ قال القاضي أبو محمد عبدالوهاب بن علي بن نصر المالكي (ت: 422) في كلامه عن الأحكام: والندب ما تتعلَّق الفضيلة بفعله، ولا يتعلَّق العقاب بتركه، وهو مُشاركٌ للواجب في الوصف الأول، ويُباين له في الوصف الثاني، وله اعتبارات؛ يُقال: ندب، ومستحب، ومسنون، وتطوُّع، وإرشاد، ونفل، وفضيلة، ومرغب فيه، وأصل الندب في اللغة الدعاء إلى الشيء، يُقال: ندبته إلى كذا؛ ا هـ[4].

ويقول الفقهاء: سنن الوضوء...، سنن الصلاة...
لما يستحب ولا يجب.

تنبيه: والفرق بين الأصوليين والفقهاء أن إطلاق الأصوليين في الكليات، وإطلاق الفقهاء في الجزئيات

ففي الموضع الأول يتكلم الأصوليُّون عن دليل السنة على الأحكام جملة، والفقهاء عن دليل السنة في مسألة أو حكم خاص؛ كقولهم في حكم: والدليل على وجوبه: الكتاب، والسنة، والإجماع.

وفي الموضع الآخر كذلك: مقصود الأصوليون أنواع أو أقسام الأحكام، والفقهاء حكم خاص؛ كقولهم: التيامن في الوضوء سنة.

[1] المستصفى 2/ 384، ط الأشقر.

[2] المستصفى 2/ 383.

[3] البحر المحيط 4/ 164، ط الأشقر.

[4] المعونة على مذهب عالم المدينة 3/ 1693.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢