الكِبر! - أحمد كمال قاسم
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
إن الكِبر من المرديات العِظام في عُرف اﻹسلام فقد حذَّر منه الله ورسوله تحذيرًا مُغلَّظًا، قال تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [النحل:23].وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر».
قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة.
قال: «إن الله جميل يحب الجمال.
الكِبر بطر الحق وغمط الناس».
(الراوي: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه - المُحدِّث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: [91].
خلاصة الدرجة: صحيح).
والكِبر من أمراض القلوب ولكنه كثيرًا ما يظهر على اﻹنسان في أفعاله وخصوصًا ﻷولي اﻷلباب من حوله.
والسؤال الذي يطرح نفسه للمتكبِّر..
بماذا تتكبَّر ولماذا تتكبَّر؟!
1- أتتكبَّر بما أُوتيت من نعمٍ في الحياة الدنيا وتظن نفسك أفضل من غيرك ويتسلَّل بطر الحق وغمط الناس إلى قلبك؟!
فإن كنت كذلك..
فاعلم أنك ﻻ تخرج عن احتمالين أولهما يكاد يكون مُحالًا..
أ- أنك فعلًا تملك ما يفوق الناس في كل شيء دنيوي.
إن كنت كذلك فتفكَّر في أمرين:
- أن هذا كله يمكن أن يأخذه الله منك في طرفةٍ عين، وتُصبِح من الخاسرين بكِبرك.
- أن الفوز الحقيقي ليس فوز الدنيا؛ بل هو الباقيات الصالحات في الدار اﻵخرة..
فما تملكه ﻻ يساوي شيئًا إن لم يُزَين بتقوى الله تعالى وبفلاحك في اﻵخرة.
ب- أنك ﻻ تملك إلا بعض النِّعم وتفتقِد إلى بعضها.
إن كنت كذلك..
فوالله إنه من العجب أن تتكبَّر، فإنك إن فضلت امرءًا في شيء فضلك في أشياء.
هذا فضلًا على أن ما تتكبَّر به ليس بذي قيمة إن لم تتحلَّ باﻹيمان والتواضع وتكسب اﻵخرة..
بل هو قيمته سالبة عليك لأنه سيُردِيك في النار يوم لا ينفع مال ولا بنون.
2- أم تتكبَّر بما آتاك الله من معرفتك إيَّاه وعبادتك له، وتظن نفسك تفضل غيرك في العبادة.
وهنا الطامة الكبرى! فقد زرعت ما ينسف قُربك إلى الله بنفسك، وذلك بتكبُّرِك بهذا القُرب.
فيصير قربًا مزيفًا خادعًا، فهو ليس إلا بُعدًا وأنت لست إلا من المغرورين!
قال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا .
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف:103-104].
وقال تعالى: {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [اﻷعراف:99].
الخلاصة:
الكِبر لا يجلب للإنسان إلا الخيبة والخسارة في الدنيا والآخرة، فاعرف قدر نفسك وضعها في مكانها الصحيح وكن حكيمًا ولا تتكبَّر!
والله أعلم.