نظرات حول شروط لا إله إلا الله (2)
مدة
قراءة المادة :
17 دقائق
.
نظرات حول شروط لا إله إلا الله (2)الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فتحدَّثنا في المقالة السَّابقة على حقيقة لا إله إلاَّ الله وحقوقها أو شروطها التي ذكرها أهلُ العِلم، وختمنا بالنصوص الوارِدة في مقام الانتفاع بالكلمة يوم القيامة، ونستكمل حديثنا عن الشُّروط فنقول:
أحاديث في باب أحكام الدنيا:
• عن أبي مالِك عن أبيه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يُعبد من دون الله - حَرُمَ مالُه ودمُه، وحسابه على الله))، وفي رواية: ((من وَحَّد اللهَ، وكفر بما يُعبد من دونه))؛ [مسلم].
هذا الحديث يدلُّ على أنَّ الالتزام الظَّاهر بالشرائع والتبرِّي الظَّاهر من الشِّرك يَنبغي أن ندرِجه في "شروط" لا إله إلاَّ الله؛ بمعنى أنَّه إذا قالها يعصم دمه وماله، بشرط ألاَّ يأتي بما يناقضها ظاهرًا، وليس المعنى أن نمتحن الرجلَ فلا نَحكم له بالإسلام حتى يصرِّح بالكفر بالطَّاغوت ونحو هذه القيود التي وضعها أهلُ الغلوِّ.
يقول ابن رجب: (ومن المعلوم بالضَّرورة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقبل مِن كلِّ مَن جاءه يريد الدخول في الإسلام: الشهادتين فقط، ويعصم دمه بذلك، ويجعله مسلمًا؛ فقد أنكر على أسامة بن زيد قتلَه لمن قال: لا إله إلا الله، لمَّا رفع عليه السيف، واشتدَّ نكيره عليه؛ [متفق عليه].
ولم يكن النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَشترط على من جاءه يريد الإسلام أن يَلتزم الصَّلاة والزكاة، بل قد رُوي أنَّه قَبِل من قوم الإسلام واشترطوا ألا يزكُّوا؛ ففي مسند الإمام أحمد عن جابر رضي الله عنه قال: اشترطَت ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا صدَقَة عليهم ولا جِهاد، وأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((سيتصدقون ويجاهدون))؛ [أبو داود وأحمد]، وفيه أيضًا عن نصر بن عاصم اللَّيثي عن رجل منهم أنَّه أتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلم فأسلم على ألا يصلِّي إلاَّ صلاتين، فقَبل منه؛ [أحمد]، وأخذ الإمام أحمد بهذه الأحاديث وقال: يصحُّ الإسلامُ على الشَّرط الفاسد، ثمَّ يُلزم بشرائع الإسلام كلِّها)؛ [جامع العلوم والحكم: الحديث الثامن، 1 / 228 - 229]، ولا يضيرنا الخلاف في مَسألة الشَّرط الفاسِد ما دام المقصود من النَّقل واضحًا.
ومن نفس الباب حديثَا: ((أُمرت أن أقاتل الناسَ))، و((مَن صلَّى صلاتنا واستقبل قِبلتَنا))، المذكوران أدناه.
• قال البخاريُّ: (باب قتل من أبى قبول الفرائض، وما نُسبوا إلى الردَّة، ثمَّ ساق حديثَ أبي هريرة قال: لما توفِّي النبيُّ صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر، وكَفَر من كَفَر من العرب، قال عمر: يا أبا بكر، كيف تقاتِل الناس وقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلاَّ الله، فمن قال: لا إله إلا الله، عصم منِّي مالَه ونفسَه إلاَّ بحقه، وحسابه على الله))؟ قال أبو بكر: والله لأقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة؛ فإنَّ الزكاة حقُّ المال، والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدُّونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقاتلتُهم على مَنعها، قال عمر: فوالله ما هو إلاَّ أن رأيتُ أن قد شَرَح الله صدرَ أبي بكر للقتال، فعرفتُ أنَّه الحق)؛ [متفق عليه] [البخاري: ك/ استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، ح (6924 - 6925)].
ترجم البخاريُّ للحديث بما يفيد أنَّ هؤلاء القائلين لـ: لا إله إلاَّ الله، قد نقضوا شرطَ القبول والانقياد، فنُسبوا إلى الردَّة، وقد بيَّن الصدِّيق رضي الله عنه أنَّ للكلمة حقًّا، وأنَّ عصمة النَّفس والمال مشروطة بأداء الحقِّ الواجب في كلٍّ منهما؛ فإنَّ (حقَّ النفس الصلاة، وحق المال الزَّكاة؛ فمن صلَّى عصم نفسَه، ومن زكَّى عصم مالَه؛ فإن لم يصلِّ قوتِل على ترك الصلاة، ومن لم يزكِّ أُخذَت الزكاة من ماله قهرًا، وإن نَصب الحربَ لذلك قوتِل)؛ [فتح الباري: ك / استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب قتل من أبى قبول الفرائض، 12 / 278].
وقد ذكر البخاريُّ في موضعٍ آخر حديثَ أنس بروايات ثلاث مرفوعًا وموقوفًا: عن أنس بن مالك قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أُمرتُ أن أقاتل الناسَ حتى يقولوا: لا إله إلاَّ الله، فإذا قالوها، وصلَّوْا صلاتنا، واستقبلوا قِبلتنا، وذبحوا ذبيحتَنا - فقد حرمَت علينا دماؤهم وأموالهم إلاَّ بحقِّها، وحسابهم على الله))؛ [البخاري].
وعنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلَّى صلاتنا، واستقبل قِبلتنا، وأكل ذَبيحتنا - فذلك المسلِم الذي له ذِمَّة الله وذِمَّة رسوله؛ فلا تخفروا الله في ذمَّته))؛ [البخاري].
وعن حميد قال: سأل ميمون بن سياه أنسَ بن مالك قال: يا أبا حمزة، ما يُحرِّم دمَ العبد وماله؟ فقال: "مَن شهد أن لا إله إلا الله، واستقبل قِبلتنا، وصلَّى صلاتنا، وأكل ذَبيحتنا - فهو المسلِم، له ما للمسلِم، وعليه ما على المسلم))؛ [البخاري معلَّقًا].
قال ابن رجب: (وقد دلَّ هذا الحديث على أنَّ الدَّم لا يُعصَم بمجرَّد الشهادتين، حتى يقوم بحقوقهما، وآكد حقوقهما الصَّلاة؛ فلذلك خصَّها بالذِّكر، وفي حديثٍ آخر أضاف إلى الصَّلاة الزَّكاة.
وذِكرُ استقبال القبلة إشارة إلى أنه لا بدَّ من الإتيان بصلاة المسلمين المشروعة في كِتابهم المنزَّل على نبيِّهم، وهي الصَّلاة إلى الكعبة، وإلاَّ فمن صلَّى إلى بيت المقدس بعد نَسخه؛ كاليهود، أو إلى المشرق؛ كالنصارى - فليس بمسلِم، ولو شَهد بشهادة التوحيد...
وذِكرُهُ أكلَ ذبيحة المسلمين، فيه إشارة إلى أنَّه لا بدَّ من التزام جميع شرائع الإسلام الظَّاهرة، ومن أعظمها أكل ذَبيحة المسلمين، وموافقتهم في ذَبيحتهم، فمَن امتنع من ذلك فليس بمسلم...، فلو أسلم يهوديٌّ، وأقام ممتنِعًا من أكل ذبائح المسلمين، كان ذلك دليلاً على عدم دخول الإسلام في قَلبه، وهذا الحديث يدلُّ على أنَّه لا يصير بذلك مسلمًا.
ويشهد لذلك: قولُ عمر فيمن أسلم من أهل الأمصار وقدر على الحجِّ ولم يحج، أنَّه همَّ بضرب الجزية عليهم، وقال: ما هم بمسلمين)؛ [فتح الباري لابن رجب: ك / الصلاة، باب فضل استقبال القبلة، 3 / 56 - 58].
وقد يستغرب القارئ هذا النقل إذا ما وازَن بينه وبين كلام ابن رجب في النَّقل الأول! ولا تعارُض بحمد الله عند النَّظر والتأمُّل؛ فإنَّ مقصوده أولاً هو قبول الكلمة ابتداء، ومقصوده ها هنا هو عدم قبول الكلمة إذا وجد المعارِض؛ لأنَّ للكلمة شروطًا وحقوقًا.
حقيقة مقولة "الإسلام الكلمة":
وقد بيَّن ابن تيميَّة أنَّ الإسلام ليس مجرد الكلمة؛ بل يراد به - كما بيَّن النبيُّ صلى الله عليه وسلم - الكلمة بتوابعها من الأعمالِ الظَّاهرة، حتى الأعراب وغيرهم كانوا إذا أسلَموا على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم أُلزموا بالأعمال الظَّاهرة؛ الصَّلاة والزكاة والصيام والحج، ولم يكن أحد يُترك بمجرد الكلمة؛ [الفتاوى: 7 / 258 بتصرف].
وقال:
(1) فالإسلامُ أن تعبد اللهَ وحده لا شريك له، مخلِصًا له الدِّين، وهذا دينُ الله الذي لا يَقبل من أحد دينًا غيرَه، لا من الأولين ولا من الآخرين.
(2) ولا تكون عِبادته مع إرسال الرُّسل إلينا إلاَّ بما أَمَرَت به رسلُه، لا بما يضاد ذلك؛ فإنَّ ضدَّ ذلك معصية.
(3) وقد خَتم الله الرسلَ بمحمد؛ فلا يكون مسلمًا إلاَّ من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله.
(4) وهذه الكلمة بها يَدخل الإنسانُ في الإسلام؛ فمن قال "الإسلام الكلمة" وأراد هذا، فقد صدَق، ثمَّ لا بدَّ من التزام ما أمَر به الرسولُ من الأعمال الظَّاهرة؛ كالمباني الخمس[1]؛ [الفتاوى: 7 / 269].
يشير إلى قول الزُّهري: "فنرى أنَّ الإسلام الكلمة، والإيمان العمل"؛ [أبو داود]، وهو هنا سوَّغ هذا القول إذا انبنى على المقدِّمات الأربع المذكورة، والترقيم مدرج في النَّقل للتوضيح.
ثم بَيَّن أنَّ هذا الإقرار المجمل هو أصل الإيمان الذي يلزم للدُّخول في الإسلام والإثابَة عليه، وأنَّ عامَّةَ النَّاس هم مسلمون بما حصَّلوا من هذا الإيمان المجمَل؛ إذْ أسلموا بعد كُفرٍ، أو وُلدوا على الإسلام فالتزموا شرائعَه وكانوا من أهل الطَّاعة لله ورسوله[2]؛ [الفتاوى: 7 / 269].
إنَّ المجتمع المسلِم يحفظ أعلى الضَّرورات - وهي الدِّين - بمنع وجود الخارِجين عن شريعته، الرَّافضين الانصياع لنظامه؛ ولهذا يوجد صِنف المنافقين في دار عزِّ الإسلام؛ فهم الأفراد الكارِهون للإسلام، لكنَّهم مضطرون لممارسَة الشَّعائر الظَّاهرة والالتزامِ بالنِّظام العام لدَولة الإسلام حتى يَأمنوا على أنفسهم، أمَّا في زمان ضعف الإسلام وهوانِه فلا حاجة لأعداء الإسلام أن يَكتموا كفرَهم، بل قد يَكتم المؤمن إيمانَه في هذه الحال!
شروط لا إله إلا الله تتعلَّق بالقلب والجوارح؛ فهي ظاهر وباطن:
قد تبيَّن لنا ممَّا سبق أنَّ ما ذكروه من الشروط السَّبعة يعود إلى ركنَي التوحيد والإيمان: قول القلب - علمًا ويقينًا[3]- وعمل القلب - يقينًا وقبولاً، وانقيادًا وإخلاصًا، ومحبَّة وخوفًا، ورجاء وتوكُّلاً، وإنابة وغيرها - وما يلزم عن عمل القَلب من أصل عمل الجوارح.
فليسَت شروط لا إله إلا الله منحصرةً في أعمال القلوب وحدها؛ فضلاً عن أن تنحصر في سبعة الشروط.
ولعلَّهم قَصَروا الكلامَ على الشروط القلبيَّة؛ لأنَّ أصلَ الإيمان ومبدأه هو ما في القلب، فإذا تحقَّق انبعثَت الجوارح ضرورة بالعمل، وإلاَّ فإنَّ "حقوق" لا إله إلا الله أو "مقتضياتها" أو "شروطها" تشمل أركانَ أصل الدِّين أو أصل الإيمان الباطنة والظَّاهرة، فكما أنَّ الانقياد القلبي من شروط الكلمة، فكذلك التوجُّه لله وحده بالدُّعاء من شروط الكلمة، ولا يصحُّ الإسلام بغيره، وكذلك نصرة المؤمنين الظَّاهرة من شروط الكلمة، ولا يصحُّ الإسلام بغيرها، وقُل مثل ذلك في التحاكم إلى شَرع الله والتبرِّي ممَّا سواه.
إنَّ هذه الأمور الظَّاهرة تدخل في شُروط الكلمة اللازمة للانتِفاع عند الله، وكذلك لإجراء أحكام الدُّنيا، ولكن بشـرط أن تَفهم منها أخي القارئ الأصلَ لا الكمال؛ فإنَّ لكلِّ عملٍ واجبٍ أصلاً وكمالاً، وتحقيق الأصل سبَب الصحَّة، بخلاف استيفاء الكمال؛ فإنَّه سبب استحقاق الوعد التام.
ومعنى ذلك أنَّ حدَّ النصـرة الرَّاجع إلى أصل الدِّين الذي يَلزم للحكم الظَّاهر بالإسلام - هو أقلُّ ما تتحقَّق به الموالاة المستحقَّة للمسلمين، وهو ترك مظاهرة المشـركين المكفِّرة؛ كما هو معلومٌ من نواقِض الإسلام.
وحدُّ التحاكُم الرَّاجع إلى أصل الدِّين: هو ألا يَعدِل عن التحاكم إلى شرع الله إلى غيره من الطَّواغيت.
وتأمَّل حديث كعب بن مالك الطويل؛ [متفق عليه]؛ إذ ترك موالاةً واجبة للمؤمنين - وهي جهاد الأعداء مع الرَّسول صلى الله عليه وسلم - إلاَّ أنَّه لم يُجِبْ داعي الروم، وعُصم من فتنة الكُفر؛ إذ كان عنده أصل الولاية وأصل الإيمان.
مراتب أعمال القلوب الثلاثة:
وهنا مسألة: وهي أنَّه إذا قلنا: إنَّ الخوف من شروط الكلمة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175]، فما قَدْرُ الخوف الذي يُعدُّ شرط صحَّة فيزول الإسلامُ بزواله؟
والجواب: أنَّ كلَّ عمل من أعمال القلب له أصلٌ لا يصحُّ الإيمان إلاَّ به، وله كمالٌ لا يتمُّ الإيمان إلاَّ به، فَفَرْقٌ بين الخوفِ الذي يحجزُك عن الشِّرك، وكذا القَدْر من التوكُّل الذي يَمنعُك من الاستعانة الشِّركيَّة بالأموات (أصل الإيمان / إسلام)، وبين الخوف الذي يَحول بينك وبين المحرَّمات (كمال واجب / إيمان)، وبين الخوف من الوقوع فيما لا بَأس به، فيبعدك عن الشُّبهات والمكروهات، ويجعل النار نُصب عينيك (كمال مستحب / إحسان).
يقول ابن تيميَّة عن الإيمان: (ثمَّ هو في الكتابِ بمعنيين: أصل، وفرع واجب؛ فالأصل الذي في القلب وراء العمل؛ فلهذا يفرق بينهما بقوله: ﴿ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [البقرة: 25]، والذي يَجمعهما كما في قوله: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنفال: 2]، و﴿ لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 44]، وحديث ((الحَيَا))[4]، و((وفد عبدالقيس)).
وهو مركَّبٌ من أصلٍ لا يتمُّ بدونه، ومن واجب يَنقصُ بفواته نقصًا يستحقُّ صاحبُه العقوبة، ومن مستحبٍّ يفوتُ بفواته علوُّ الدَّرجة؛ فالنَّاس فيه ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابِق؛ كالحج وكالبُدْن والمسجد وغيرهما[5] من الأعيان والأعمال والصِّفات، فمن سواء أجزائه ما إذا ذَهب نقص عن الأكمل، ومنه ما نقص عن الكمالِ، وهو تَرك الواجبات أو فِعل المحرَّمات، ومنه ما نقص ركنُه، وهو ترك الاعتقاد، والقول الذي يَزعم المرجئةُ والجهميَّة أنَّه مسمَّى [الإيمان] فقط، وبهذا تزول شبهات الفِرَق، وأصله القلب، وكمالُه العمل الظَّاهر، بخلاف الإسلام؛ فإنَّ أصله الظَّاهر وكماله القلب)؛ [الفتاوى: 7 / 637].
نسأل الله تعالى أن يحيينا ويميتنا على لا إله إلاَّ الله، إنَّه سميع الدُّعاء، وصلى الله على محمد وآله وسلم.
[1] المذكورة في حديث ((بُني الإسلام))، والمقصود هنا المباني الأربع؛ أي: ما سوى الشهادتين.
[2] الطاعة: يُراد بها معنيان كما سيأتي لاحقًا، والمراد هنا طاعة القبول والانقياد.
[3] يقول ابن تيمية: (وأمَّا اليقين فهو طمأنينة القلب، واستقرار العلم فيه، وهو معنى ما يقولون: "ماء يقن"، إذا استقرَّ عن الحركة، وضد اليقين الرَّيب، وهو نوع من الحركة والاضطراب، يقال: "رابَني يَريبُني"، ومنه في الحديث: أنَّ النبيَّ مرَّ بظبي حاقِف، فقال: ((لا يريبه أحد))؛ [النسائي وأحمد ومالك]، ثمَّ اليقين ينتظم منه أمران: علم القلب، وعمَل القلب؛ فإنَّ العبد قد يعلم علمًا جازمًا بأمر، ومع هذا فيكون في قَلبه حرَكة واختلاج من العمل الذي يَقتضيه ذلك العلم؛ كعلم العبد أنَّ الله رب كلِّ شيء ومليكه ولا خالِق غيره، وأنَّه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فهذا قد تصحبه الطمأنينة إلى الله والتوكُّل عليه، وقد لا يصحبه العمل بذلك؛ إمَّا لغفلة القلب عن هذا العلم - والغفلة هي ضد العلم التام، وإن لم يكن ضدًّا لأصل العلم - وإمَّا للخواطر التي تسنح في القلب من الالتفات إلى الأسباب، وإمَّا لغير ذلك)؛ [الفتاوى: 3 / 329]، (والريب يكون في عِلم القلب وفي عمَل القلب، بخلاف الشك؛ فإنَّه لا يكون إلاَّ في العلم؛ ولهذا لا يوصف باليقين إلاَّ من اطمأنَّ قلبه علمًا وعملاً، وإلاَّ فإذا كان عالمًا بالحق ولكن المصيبة أو الخوف أورثه جزعًا عظيمًا لم يكن صاحب يقين)؛ [الفتاوى: 7 / 281].
[4] لعله حديث (الحياء)؛ يعني: حديث الشُّعَب؛ فإنَّه يَجمع الإيمان أصلاً وفرعًا، بخلاف حديث نَهر (الحيا) في شأن عتقاء الرَّحمن الذين معهم أصل الإيمان.
[5] لعلها: (وغيرها).