انتفاضة فرنسا!
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
انتفاضة فرنسا!
د. يوسف بن صالح الصغير لم يكن اضطهاد الفتيات الصغيرات ومنعهنّ من دخول المدارس لمجرد التزامهنّ بوضع غطاء أو منديل على الرأس سوى رأس الجبل في عملية تهميش وإلغاء لعدة ملايين من المسلمين القاطنين في فرنسا.
إنهم يتحدثون كثيراً عن عملية إدماج المهاجرين في المجتمع الفرنسي، ولكن ما يجري هو عملية عزل اجتماعي لتجمّعهم في الضواحي الفقيرة المهملة، وذلك نتيجة للحصار الاقتصادي؛ حيث سُدّت أمامهم سبل العمل الشريف، وانتشرت البطالة بين الشباب؛ بحيث أصبحت وسائل الكسب غير المشروع هي الخيار الأسهل، وأدّى ذلك إلى تساهل القوى الأمنية في عملية امتهان حقوقهم والتعدي عليهم، حتى إنها قامت بإلقاء قنابل مسيلة للدموع داخل مسجد «كاربنترا» جنوب فرنسا.
لقد كانت الحملة الفرنسية ضد الحجاب في المدارس أولاً، ومن ثم المكاتب الحكومية ثانياً محاولةً لتجريد المسلمين من أن يكون لهم أي مظهر إيجابي.
فالحجاب يمثل الالتزام الديني مع انضباط أخلاقي يثبت أن الفتاة يمكن أن تكون سعيدة وطاهرة في الوقت نفسه، وأن الإسلام منهج للحياة الهانئة.
إن الفتاة الملتزمة طاقة دعوية هائلة دون جهد منها؛ فإن مجرد وجودها في القاعة الدراسية يمثل أكبر خطر على النظام العلماني في فرنسا. لقد وقفت فرنسا مشدوهة لتلاحق أحداث الشغب، التي تمثلت في قيام مجموعات من الشباب المهمش بحملة من التدمير والحرق في مختلف أنحاء فرنسا، والتي أثبتت أن عليها أن تدفع ثمن سياسة الإقصاء والإلغاء.
وإن ما تمارسه السلطات الفرنسية حالياً ـ من اعتماد الحل الأمني؛ من فرضٍ لحظر التجول وإعلان حالة الطوارئ والتلويح بترحيل من تسميهم بالمشاغبين ـ ليس حلاً، وقيام الاتحاد الأوروبي بعرض مساعدات مالية لتأهيل المناطق المهمشة هو من باب تذكير فرنسا أن هذا هو طريق الحل. إن هذه الأحداث تذكرنا أن لنا هناك إخوة يعيشون حالة رفض لواقعهم المادي والثقافي المفروض عليهم، وهي أكبر __________ (*) أستاذ مساعد في كلية الهندسة، جامعة الملك سعود، الرياض.