حدث في مثل هذا الأسبوع 25 ذو الحجة – ا محرم
مدة
قراءة المادة :
11 دقائق
.
وفاة الشاعر والخطاط والمؤرخ وليد الأعظمي 1 من المحرم 1425 هـ (2004 م):
وليد الأعظمي شاعر كبير ومؤرخ بصير وخطاط ماهر، عاش داعية من دعاة المسلمين، وشاعرًا من شعرائهم المعاصرين، سخر كل طاقاته وإمكاناته لخدمة الإسلام والمسلمين داخل العراق وخارجه، فكان يعيش قضايا الإسلام والمسلمين، ويتفاعل مع الأحداث، ويؤكد المعاني الإسلامية وروابط الأخوة بين المسلمين.
نشأته:
ولد الشاعر وليد عبد الكريم إبراهيم الأعظمي سنة 1930م في (الأعظمية)، المدينة التي أخذت اسمها من اسم الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، وهو من قبيلة (العُبيد) العربية القحطانية الحميرية، كما أن سكان الأعظمية معظمهم من أبناء هذه القبيلة.
ولد في بيت متدين، حيث تعلم القران الكريم وحفظه على يد الملا حميد الكردي المندلاوي، وفي عمر السادسة دخل المدرسة الابتدائية الأولى القريبة من داره، وكان منذ نعومة أظفاره شغوفا بالشعر، وظهرت أولى إبداعاته ولم يتجاوز الحادية عشرة، فقد أعد نشرة أسبوعية مدرسية، أطلق عليها اسم "المشكاة"، وكان لخاله الشاعر والأديب البغدادي المعروف مولود أحمد الصالح - رحمه الله - أثراً بالغا في صقل موهبته الشعرية.
بدأ شاعرنا الأعظمي بنظم الشعر وهو ابن خمس عشرة سنة، وكانت أولى قصائده في رثاء الشاعر العراقي البارز (معروف الرصافي) في سنة 1945.
إضافة إلى موهبة الأعظمي الشعرية؛ فهو خطاط ماهر، فقد أخذ الخط سنين طويلة من عمره، مستفيداً من موهبة خطاط العراق الأول (هاشم محمد البغدادي)، الشيء الذي مكن شاعرنا من الإتقان لفن الخط العربي باختلاف أنواعه على امتداد عقدين من الزمان، وحصل على إجازة في الخط العربي من الخطاط الشيخ (أمين البخاري) كاتب سطور كسوة الكعبة المشرفة، والخطاط المصري (إبراهيم البرنس) كاتب سطور المسجد الحرام المبارك، والتقى في مدينة القدس بالخطاط الفلسطيني المجاهد (حسن قطب) سنة 1963.
كان في شبابه يحرص على حضور دروس العلامة الشيخ قاسم القيسي (مفتي بغداد) التي كان يلقيها على طلاب المدارس الدينية في (مسجد بشر الحنفي) في الأعظمية، وكذلك دروس العلاَّمة الدكتور تقي الدين الهلالي في (مسجد خطاب) بالأعظمية، ودروس العلاَّمة الشيخ محمد القزلجي الكردي، ودروس الشيخ عبدالقادر الخطيب، ومجلس العلامة الحاج حمدي الأعظمي في منزله، ودروس العلامة الشيخ أمجد الزهاوي في جامع الإمام الأعظم ومسجد الدهان.
كما كان لمداومة الأعظمي على حضور خطب الشيخ محمد محمود الصواف أثراً مهما في تشكيل مسيرته الشعرية والدينية على حد سواء.
يقول الأعظمي عن تلك الحقبة: "إن خطب الشيخ الصواف - رحمه الله - قد دخلت قلوب الشباب، وأدت إلى جذب قلوبهم و عقولهم إليه وإلى تطلعاته".
ويعد انتساب وليد الأعظمي إلى "جمعية الأخوة الإسلامية" - التي أنشأها الشيخ محمد محمود الصواف في العراق - انعطافة كبيرة في حياته حيث أولى الصواف اهتماما بالغا للأعظمي لأنه لمس فيه بذرة شعرية، شجعه على تهذيبها وقصرها على الشعر الإسلامي.
كان الأعظمي عضوًا مؤسسًا في الحزب الإسلامي العراقي سنة 1960م، وعضوًا مؤسسًا لجمعية المؤلفين والكتاب العراقيين، وعضوًا مؤسسًا لجمعية الخطاطين العراقيين، وعضوًا مؤسسًا لمنتدى الإمام أبي حنيفة في الأعظمية.
كما كان خبيرًا في شؤون المصاحف في وزارة الأوقاف العراقية، وخبيرًا في فن الخط العربي وتاريخه وآدابه في وزارة الثقافة والإعلام العراقية، واشتغل خطَّاطًا في المجمع العلمي العراقي، ومصححًا في مطبعته لمدة عشرين سنة.
مؤلفاته:
(الكتب المطبوعة للشاعر)
1- الشعاع (شعر) 1959م بغداد. 2- الزوابع (شعر) 1962م بغداد.
3- أغاني المعركة (شعر) 1966م بيروت.
4- نفحات قلب (شعر) 1998م بغداد.
5- شاعر الإسلام (حسان بن ثابت) 1964م القاهرة.
6- المعجزات المحمدية 1970م بيروت.
7- ديوان العُشاري (تحقيق بالمشاركة) 1977م بغداد.
8- تراجم خطاطي بغداد المعاصرين 1977م بيروت.
9 - الرسول في قلوب أصحابه 1979م بغداد.
10- مدرسة الإمام أبي حنيفة (تاريخها و تراجم شيوخها و مدرستها) 1985م بغداد.
11- ديوان الأخرس (تحقيق) 1985م بيروت.
12- الخمينية 1987م عمان.
13- السيف اليماني في نحر الأصفهاني صاحب الأغاني 1988م القاهرة.
14- جمهرة الخطاطين البغداديين منذ تأسيس بغداد وحتى نهاية القرن الرابع عشر الهجري .
1989م بغداد.
15- شعراء الرسول 1990م بغداد.
16- تاريخ الأعظمية 1999م بغداد.
17- ديوان عبد الرحمن السويدي (تحقيق بالمشاركة) 2000م بغداد.
18- أعيان الزمان وجيران النعمان في مقبرة الخيزران 2001م بغداد. 19-(سلسة أبطال من الأنصار 12 عدد) 1979م بغداد جدير بالذكر أن دواوين شعره طبعت في مجلد واحد باسم ديوان وليد الأعظمي الأعمال الشعرية الكاملة، كما طبعت مؤلفاته النثرية في ثمانية مجلدات بعنوان الأعمال النثرية الكاملة لوليد الأعظمي.
إطلالة على شعر "وليد الأعظمي" كان شعره يتميز بالسلاسة والوضوح وحرارة العاطفة والجزالة، والبُعد عن الغموض والتكلُّف، أوقف "الأعظمي" شعره على التغني بالإسلام وعقيدته وشريعته، والردِّ على المناوِئين له، والتغنِّي بالدعوة والحركة الإسلامية، والناظر في شعره يجد أن الموضوعات الأساسية التي غلبت عليه تتركز فيما يلي : 1- بيان الفهم الصحيح للإسلام، كمنهج شامل لكل نواحي الحياة، وكمال شريعته، ووجوب تطبيقها، ونبذ القوانين الوضعية القاصرة، وفي هذا يقول: شريعةُ الإسلام للإصلاح عنوانٌ وكل شيء سوى الإسلامِ خسرانُ لما تركنا الهُدى حلَّت بنا محنٌ وهاج للظلمِ والإفسادِ طوفانُ تاريخنا من رسول الله مبدؤهُ وما عداه فلا عزٌ ولا شانُ محمد أنقذ الدنيا بدعوته ومن هداه لنا روح وريحان 2- التنبيه على المؤامرات التي تُحاك ضد الإسلام والمسلمين، في وعيٍ عميقٍ وفهمٍ صائبٍ لحقيقة الصراع وجذوره العقائدية: ها قد تداعَى علينا الكفرُ أجمَعَه كما تداعى على الأغنام ذؤبانُ والمسلمون جماعاتٌ مفرَّقةٌ في كل ناحيةٍ ملكٌ وسلطانُ حرب صليبية شعواء سافرة كالشمس ما عازها قصد وبرهان كل الحوادث نالتنا مصائبها ولم يزل عندنا عزم وإيمان ولفلسطين الدرة المغتصبة في قلب شاعرنا لوعةٌ وحرقةٌ وألمٌ فيقول: أمَّا فلسطين فسيلُ دمائها لم ينقطع وعيونها لم ترقدِ اللاجئون- وهذه أكواخهم كالعار عن أنظارنا لم يبعدِ في كل كوخ لوعة ومناحة من طفلة تبكي وشيخ مقعدِ ويـتيمة تلوي إليك بجيدها تشكو الهوان بحسرة وتنهد ويقول عن الشهداء يا معشر الشهداء طبتم ميتهً كانت لكم أشهى من الترياقِ وإذا الشدائد فرقت ما بيننا فلنا بجناتِ النعيمِ تلاقِ ويقول عن الطغاة إن الـطغاة ينابيع تفيض أذى تـاريـخهم كله خزي وأقذار سلب ونهب وإعنات يضيق به صدر الحليم ولبّ المرء يحتار وقال أيضاً : نمنا زماناً، وكان الخصم منتبهاً من نام خاب ولم تسعفه أقدار إنّا على موعد يا قدس فانتظري يأتيك عند طلوع الفجر جرار جيش تدرّع بالإيمان يدفعه لنصرة الحق تأكيد وإصرار آلى على نفسه ألا يبل صدى حتى تعود إلى أصحابها الدار لا عذر للعرْب عند الله إن سكتوا وبات في القدس من صهيون ديّار 3- الدعوة للعمل للإسلام ونصرة شريعته: ياقومُ هبُّوا فإن الوقتَ قد حانا لنمنح الناس شيئًا من مزايانَا أو أن نقيم لما تحويه دعوتنا من الفضائل بين الناس برهانَا فلنترك القول لا نجعله عدتنا ولنجعل الفعل بعد اليوم ميزانَا ولينطلق كل فرد حسب طاقته يدعو لدعوتنا سرًّا وإعلانَا وفاته وفي مساء يوم السبت 1 من المحرم 1425، الموافق 22 من فبراير سنة 2004م، توفي الشاعر وليد الأعظمي عن عمر يناهز أربعة وسبعين عامًا، وذلك بعد صراع مع المرض استمر أكثر من شهر عقب إصابته بجلطة، وشيع بموكب مهيب حضرهُ العلماء والأدباء وتمت صلاة الجنازة عليه في جامع الإمام الأعظم ثم دفن في مقبرة الخيزران في الأعظمية رحمه الله وأحسن إليه.