أرشيف المقالات

المرجفون فى المدينة - إيمان الخولي

مدة قراءة المادة : 9 دقائق .

ليس العجب من شعب يدافع عن أرضه ببسالة حتى الموت ويحمد الله رغم الخراب والدمار حوله  فهذا ما تربى عليه أهل فلسطين سنوات طويلة من الصمود ولكن العجب من انتشار الأراجيف والادعاءات على لسان أصحابها

والتى منها "أرأيتم حجم الدمار الذى وصلت إليه غزة   ؟ 
هذه الكلمات بالضبط تذكرنا بقول الله تعالى : { الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ۗ قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } "وقد وصفهم القرآن بضعف الإيمان والنفاق لأنهم لوكانوا مؤمنين حقا لأدركوا أن الموت قدر مكتوب لا محالة ولا فرار منه بل ما أشرف الموت حين يكون فى سبيل الله وتأتى الآيات لترد على الذين  يتحسرون على عدد الموتى  فيقول تعالى :"  {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}  " هذه العقيدة التى يعيش بها المؤمن أنه يتاجر مع الله  ف تراه يستعذب أن تزهق نفسه فى سبيل الله
أما من يقول إنها عملية غير محسوبة العواقب فإذا فكر اصحاب الحق  بهذا المنطق فلن يتحركوا حركة واحدة وسيظل الأقصى ينتهك ويقتلون وتنتهك حرماتهم  ولكنهم تحركوا بيقين فى الله وفى هذه الاية  قال الله تعالى :"  {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (23)}
هم أصحاب حق ويدافعون عن حقهم فلك أن تتخيل أن هناك أناس  اقتحموا بيتك فتتركهم  يخربون ويسرقون ويغتصبون فماذا إذا كان هذا البيت هو بيت الله أولى القبلتين وثالث الحرمين ومن هنا  تحركوا طامعين فى وعد الله للمجاهدين إما النصر وإما الشهادة وكلا الحالتين هم الفائزون  
وهناك من يقول إلى متى الحرب والدمار ؟ هكذا فنجد الرد يأتينا من سورة محمد التى تسمى بسورة القتال إذ يقول تعالى :"  {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ ۗ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ }  إنه التمحيص والابتلاء للصف المؤمن حتى لا يبقى إلا الفئة الصادقة الإيمان الخالصة لله التى تستحق النصرة  حتى  ينطق الشجر والحجر يا مسلم خلفى يهودى فاقتله
ومن أقوال هؤلاء المرجفين  أن القوى العظمى كلها تجمعت ضد أصحاب الأرض والحق   فكيف لها بمواجهتهم  ما أشبه الليلة بالبارحة هكذا قال المنافقون حين تحزبت الأحزاب على رسول الله والمؤمنين معه إذ يقول تعالى "  {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا}  تجده فى صدور المشككين فى نصر الله ووعده لأوليائه  وهو الذى دفعهم لان يكشفوا عن ما فى  الوهن تجده فى  هذا قلوبهم من حقد دفين على الإسلام  وأهله  إذ يقول تعالى على لسان المنافقين :" { إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَٰؤُلَاءِ دِينُهُمْ ۗ } ......" يعملون   لتثبيط المجاهدين وتحطيم الروح المعنوية لديهم وكأنهم يعملون من حيث لا يدرون لصالح أعداء الاسلام الحقيقين إذ يقول تعالى " {وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا ۚ وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ ۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا}[الأحزاب 13]
إن المنافق يرى ظاهر الأمر ولا يهتدى لما وراء الحدث لأنه يفتقد البصيرة  وهى  تلك القوة الكامنة فى الإيمان بالله والثقة فى موعوده التى تجعل المؤمن يستصغر شأن الكثرة والحشود الهائلة للعدو  لأنه يعلم أنه على حق وأنهم على باطل ليقينه بأن النصر من عند الله والتدبير تدبيره
والكثرة العددية ليست هى التى تحدد مصير المعركة وما عليهم فقط إلا أن يتزودوا  بالإيمان الحقيقى واليقين فى صاحب التدبير والمدد والعون وليتجنبوا أسباب الهزيمة من بطر ورياء وتزيين شيطان وليحسنوا التوكل على الله وحده مع الأخذ بالاسباب وهذا ما لا يدركه أصحاب القلوب الخاوية من الإيمان
ومن المرجفين من  يردد أسطورة أنه الجيش الذى لا يغلب فيأتيه الرد من القرآن إذ يقول  تعالى  :"  {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} "  هذه الآيات نزلت فى غزوة بنى النضير عبرة وعظة لكل المسلمين فى كل زمان ومكان أن الله قادر على إخراجهم برغم حصونهم المنيعه واعتقادهم أنهم الجيش الذى لا يهزم بل وقذف الرعب فى قلوبهم وهذا ما نراه كلما أصابهم شىء ولكن متى يحدث ذلك ؟
عندما يطلع الله على قلوب عباده  من المؤمنين  فيرى فيها صدق إيمان وتوحد الصفوف  على كلمة الحق                                                                                               
وماذا عن عدد الضحايا ؟ ليسوا ضحايا إنما شهداء أحياء عندربهم يرزقهم ويؤويهم فالثبات على الحق حتى الموت فوز عظيم هذه ليست المرة الأولى ليقدم المسلمون أنفسهم فداء لعقيدتهم فقد قطعت رأس يحيي عليه السلام ونشر نبى الله زكريا بالمناشير وغيرهم من الأنبياء قتلوا لتكون كلمة الله هى العليا وما كان أصحاب الأخدود منهم ببعيد فقد حفروا لأهل الإيمان حفراً وأججوا فيها النار حتى أنهم ألقوا فيها ماشطة بنت فرعون وأبناءها السبعة لم يردها ذلك عن دينها  هم قوم تمكن الايمان من قلبهم فاستعذبوا الموت فى سبيل الله وفى العصر الحديث فقد قدمت الجزائر مليون شهيد حتى تعيش بحرية وكرامة
وهناك من يقول انتم لا تملكون إلا الشجب والتنديد على مواقع التواصل الاجتماعى الرد على هؤلاء إنها لغة العصر الحديث فمن غير المجدى ان تبعث خطاب لمن تريد ان توصل له رسالة فى هذا العصر العولمى الرقمى وانها وسيلة نعتذر بها إلى الله ونعمل فيما هو متاح بالنسبة لنا إذ يقول تعالى :" .....
{قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} " [ 164  الأعراف]
فعلى أهل الحق فى كل زمان ومكان أن يزنوا الأمور بميزان الإيمان ولا تتعاظم فى نظره قوى الكفر لأنه فى معية الله فهو القادر على الدفاع عنهم ونصرتهم وليس شرطا أن نرى نصرا فنحن مسئولون عن السعى وليس النتائج
وفى النهاية  نجد أن الآيات ربطت بين المنافق والكافر برابطة الأخوة إذ يقول الله تعالى :" { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [سورة الحشر 11] والمنافقون إخوانهم ولو أنهم يلبسون رداء الإسلام
إن الآيات تفضحهم فى قرآن يتلى إلى يوم القيامة وتبين مدى صلتهم بالكفار والعجيب أن الآيات ربطت بينهم فى الآخرة أيضا حيث يجمعهم مكان واحد وهو قعر جهنم لعل المسلمين يعتبروا بما وقع فى عصر النبوة من فتن كثيرة كان سببها هؤلاء المنافقون

شارك الخبر

المرئيات-١