أرشيف المقالات

من درر العلامة ابن القيم عن النفس -2 - فهد بن عبد العزيز الشويرخ

مدة قراءة المادة : 10 دقائق .
                                    { بسم الله الرحمن الرحيم}
 كتاب: الفوائدشهود عيوب النفس : شهود العبد ذنوبه وخطاياه توجب له أن لا يرى لنفسه على أحدٍ فضلاً, ولا له على أحدٍ حقاً وإذا شهد ذلك من نفسه لم يرَ لها على الناس حقوقاً من الإكرام يتقاضاهم إياها ويذمُّهم على ترك القيام بها...فيرى أنَّ من سلَّم عليه أو لقيه بوجهٍ منبسط فقد أحسن إليه, وبذل له ما لا يستحقه, فاستراح هذا في نفسه, وأراح الناس من شِكايته وغضبه على الوجود وأهله, فما أطيب عيشه! وما أنعم باله! وما أقرَّ عينه!.
التضيق على النفس, والتوسيع عليها: النفس كلما وسعت عليها ضيَّقت على القلب حتى تصير معيشته ضنكاً, وكلما ضيَّقت عليها وسَّعت على القلب حتى ينشرح وينفسح.الاشتغال بعيوب النفس: & طوبى لمن شغله عيبُه عن عيوب الناس, وويل لمن نسِي عيبه وتفرَّغ لعيوب الناس.
هذا من علامة الشقاوة, كما أن الأول من أمارات السعادة .
 
& من شغل بنفسه شُغل عن غيره, ومن شُغل بربِّه شُغل عن نفسه.
& من عرف نفسه اشتغل بإصلاحها عن عيوب الناسمن عرف نفسه عرف ربه:من عرف نفسه عرف ربه, فإنه من عرف نفسه بالجهل والظلم والعيب والنقائص والحاجة والفقر والذُّل والمسكنة والعدم, عرف ربه بضد ذلك, فوقف بنفسه على قدرها, ولم يتعد بها طورها, وأثنى على ربه ببعض ما هو أهله, وانصرفت قوة حُبِّه وخشيته ورجائه وإنابته وتوكله إليه وحده, وكان أحبَّ شيء إليه وأخوف شيء عنده وأرجاه له, وهذا هو حقيقة العبودية.
والله المستعان.مجاهدة النفس تُذهبُ أخلاقها المذمومة:سبحان الله في النفس: كبرُ إبليس, وحسد قابيل, وعُتُوُ عاد, وطغيانُ ثمود, وجرأة نمرود, واستطالة فرعون, وبغي قارون, وقحة هامان, وحيل أصحاب السبت, وتمرُّدُ الوليد, وجهل أبي جهل
وفيها من أخلاق البهائم : حرص الغراب, وشره الكلب, ورعونة الطاووس, ودناءة الجُعل, وعقوق الضب, وحقد الجمل, ووثوب الفهد, وصولة الأسد, وفسقُ الفارة, وخُبثُ الحية, وعبث القرد, وجمع النملة, ومكر الثعلب, وخفَّةُ الفراش, ونوم الضبع, غير أنُّ الرياضة والمجاهدة تُذهبُ ذلك.
جهل الإنسان بمصالح نفسه:
والعبدُ - لجهله بمصالح نفسه, وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه – لا يعرف التفاوت بين ما مُنِعَ منه وبين ما ذُخِرَ له, بل هو مولع بحبِّ العاجل وإن كان دنيّاً, وبقلَّةِ الرغبة في الآجل وإن كان علياً.
ولو أنصف العبد ربه – وأنَّى له بذلك – لعَلِمَ أن فضله عليه فيما منعه من الدنيا ولذاتها ونعيمها أعظم من فضله عليه فيما آتاه من ذلك, فما منعه إلا ليُعطيه, ولا ابتلاه إلا ليُعاقبه, ولا امتحنه إلا ليصافيه, ولا أماته إلا ليحييهُ, ولا أخرجه إلى هذه الدار إلا ليتاهَّب منها للقدوم عليه وليسلك الطريق الموصلة إليه.
كتاب: طريق الهجرتين وباب السعادتين غنى النفس:غنى النفس...استقامتها على الأمر الديني الذي يحبه الله ويرضاه, وتجنبها لمناهيه التي يسخطها ويُبغضها, وأن تكون هذه الاستقامة على الفعل والترك تعظيماً لله وأمره, وإيماناً به, واحتساباً لثوابه, وخشية من عقابه, لا طلباً لتعظيم المخلوقين له ومدحهم, وهرباً من ذمهم وازدرائهم, وطلباً للجاه والمنزلة عندهم, فإن هذا دليل على غاية الفقر من الله, والبعد منه, وأنه أفقر شيء إلى المخلوق.

فسلامة النفس من ذلك واتصافها بضده دليل غناها, لأنها إذا أذعنت منقادةً لأمر الله طوعاً واختياراً ومحبةً وإيماناً واحتساباً, بحيث تصير لذتها وراحتها ونعيمها وسرورها في القيام بعبوديته, كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( «يا بلال أرحنا بالصلاة » )) ,وقال صلى الله عليه وسلم: (( «حُبِّب إلى من دنياكم النساء ُ والطيبُ, وجعلت قُرَّةُ عيني في الصلاة» ))
                          كتاب: التبيان في أيمان القرآن النفس اللوامة:كل نفس لوامة؛ فالنفس السعيدة تلوم على فعل الشر وترك الخير فتبادر إلى التوبة ، والنفس الشقية بالضد من ذلك.
ونبَّه سبحانه بكونها لوامة على شدة حاجتها وفاقتها وضرورتها إلى مَن يعرفها الخير والشر، ويرشدها إليه ويلهمها إياه، فيجعلها مريدة للخير مؤثرة له، كارهة للشر مجانبة له.النفس المعطية:النفس المعطية: هي النفاعة المحسنة التي طبعها الإحسان وإعطاء الخير اللازم والمتعدي، فتعطي خيرها لنفسها ولغيرها، فهي بمنزلة "العين" التي ينتفع الناس بشربهم منها، وسقي دوابهم وأنعامهم وزروعهم، فهم ينتفعون بها كيف شاؤوا فهي ميسرة لذلك، وهكذا الرجل المبارك ميسر للنفع حيث حلَّ، فجزاء هذا أن ييسره الله لليسرى كما كانت نفسه ميسرةً للعطاء.
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العبادمراتب جهاد النفس:جهاد النفس أربع مراتب
إحداها: أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق.
الثانية: أن يُجاهدها على العمل به بعد علمه.

الثالثة: أن يُجاهدها على الدعوة إليه, وتعليمه من لا يعلمه
الرابعة أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله, وأذى الخلق.
رياضة النفوس:
& رياضة النفوس بالتعلم والتأدب, والفرح والسرور, والصبر والثبات, والإقدام والسماحة, وفعل الخير, ونحو ذلك مما ترتاض به النفوس.
& النفوس...من أعظم رياضتها: الصبر والحب, والشجاعة والإحسان, فلا تزال ترتاض بذلك شيئاً فشيئاً حتى تصير لها هذه الصفات هيئات راسخة, وملكات ثابتة.
& من لم يجاهد نفسه أولاً لتفعل ما أمرت به, وتترك ما نهيت عنه, ويُحاربها في الله, لم يُمكنه جهاد عدوه في الخارج, فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصاف منه, وعدوه الذي بين يديه قاهر له, متسلط عليه, لم يجاهده, ولم يحاربه في الله.
                   كتاب: إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ظهور ما في النفس من طيب وخبث على الجسد:النفس النجسة الخبيثة يقوى خبثها ونجاستها حتى يبدو على الجسد, والنفس الطيبة بضدها, فإذا تجردت وخرجت من البدن وُجِدَ لهذه كأطيب نفحة مسكٍ وجدت على وجه الأرض, ولتلك كأنتن ريح جيفةٍ وجدت على وجه الأرض.لجهل النفس تضع الداء موضع الدواء:النفس...لجهلها تظن شفاءها في اتباع هواها وإنما فيه تلفها وعطبها ولظلمها...تضع الداء موضع الدواء فتعتمده وتضع الدواء موضع الداء فتجتنبه فيتولد من بين إيثارها للداء واجتنابها للدواء أنواع من العلل التي تُعيي الأطباء ويتعذر معها الشفاء.فوائد محاسبة النفس:في محاسبة النفس عدة مصالح: منها: الاطلاع على عيوبها, ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته, فإذا اطلع على عيبها مقتها في ذات الله.
& من فوائد محاسبة النفس: أنه يعرف بذلك حق الله عليه, ومن لم يعرف حق الله عليه فإن عبادته لا تكاد تجدي عليه, وهي قليلة المنفعة جداً.

& من فوائد محاسبة النفس النظر في حق الله على العبد, فإن ذلك يورثه مقت نفسه, والإزراء عليها, ويخلصه من العجب ورؤية العمل, ويفتح له باب الخضوع والذل والانكسار بين يدي ربه, واليأس من نفسه, وأن النجاة لا تحصل له إلا بعفو الله.
 كتاب: مدارج السالكين في منازل السائرينالسخط على النفس:قد قيل: علامة رضا الله عنك سخطك على نفسك, وعلامة قبول العمل احتقاره واستقلاله وصغره في قلبك, حتى إن العارف ليستغفر الله عقيب طاعاته.
سوء الظن بالنفس, إنما احتاج إليه لأن حسن الظن بالنفس يمنع من كمال التفتيش ويُلبس عليه, فيرى المساوئ محاسن, والعيوب كمالاً,...ولا يسيءُ الظن بنفسه إلا من عرفها, ومن أحسن ظنه بها فهو من أجهل الناس بنفسه!رياضة النفس:من منازل {ِإيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}   الرياضة, وهي تمرين النفس على الصدق والإخلاص...تمرينها على قبول الصِّدق إذا عرضه عليها في أقواله وأفعاله وإرادته, فإذا عرض عليها الصدق قبلته وانقادت له وأذعنت له وقبول الحق ممن عرضه عليه.

* تهذيب الأخلاق بالعلم المراد به إصلاحها وتصفيتها بموجب العلم فلا يتحرك بحركةٍ ظاهرةٍ أو باطنةٍ إلا بمقتضى العلم, فتكون حركاتُ ظاهره وباطنه موزنةً بميزان الشرع.
         كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن