أرشيف المقالات

حرص الصحابة رضي الله عنهم ومسابقتهم إلى فعل الخير - فهد بن عبد العزيز الشويرخ

مدة قراءة المادة : 9 دقائق .
{بسم الله الرحمن الرحيم }
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد:
فالصحابة رضي الله عنهم، لم يكونوا يجتهدون في فعل الطاعات، وأداء العبادات فقط؛ بل كانوا يتسابقون إلى فعلها، ويتنافسون في ذلك؛ ابتغاء ما عند الله من أجر وثواب؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، "قالوا: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالدرجات والنعيم المقيم، قال: ((كيف ذاك؟))، قالوا: صلوا كما صلينا، وجاهدوا كما جاهدنا، وأنفقوا من فضول أموالهم، وليست لنا أموال، قال: ((أفلا أخبركم بأمر تُدركون من كان قبلكم، وتسبقون من بعدكم، ولا يأتي أحد بمثل ما جئتم به إلا من جاء بمثله؟ تُسبِّحون في دبر كل صلاة عشرًا، وتحمدون عشرًا، وتكبرون عشرًا))"؛ [متفق عليه]قال العلامة العثيمين رحمه الله:في حديث أبي هريرة رضي الله عنه دليلٌ على فوائد منها حرص الصحابة رضي الله عنهم على المسابقة إلى الخير
وعن حذيفة رضي الله عنه قال:جاء أهل نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالو: يا رسول الله، ابعث إلينا رجلًا أمينًا فقال:(لأبعَثَنَّ إليكم رجلًا أمينًا حقَّ أمين، حقَّ أمين))، قال: فاستشرف لها الناس قال: فبعث أبا عبيدة بن الجراح[متفق عليه]
قال العلامة العثيمين رحمه الله: وفي الحديث دليلٌ على فوائد، منها: تسابُق الصحابة إلى الخير، والاطلاع إليه؛ لقوله: "فاستشرف له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم"،وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد فصلَّى وخطب، ثم أتى النساء فوعظهن، وأمرهن بالصدقة، فرأيتهن يهوين إلى آذانهن وحلوقهن يدفعن إلى بلال"؛ [متفق عليه].قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: في هذا الحديث دليل على فوائد، منها: أن نساء الصحابة كرجال الصحابة أشدُّ الناس مبادرةً في فعل الخير.
ــــ(189)
مسابقة أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى فعل الخير واجتهاده في العبادة:
وعن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: سمِعت عمر بن الخطاب يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدَّق فوافق ذلك مالًا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا، فجئتُ بنصف مالي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أبقَيْتَ لأهلِكَ؟))، فقلتُ: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أبقَيْتَ لأهلِكَ؟))، قال: أبقيتُ لهم اللهَ ورسولَه، قُلتُ: لا أُسابِقُكَ إلى شيءٍ أبدًا"؛ [أخرجه أبو داود].
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: مرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه وأبو بكر، على عبدالله بن مسعود وهو يقرأ، فقام فتسمَّع قراءته، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ((مَنْ سرَّهُ أن يقرأ القرآن غضًّا كما أُنزِل فليقرأه من ابن عبد)) فأدلجت إلى ابن مسعود، لأبشِّره بما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلما سمِع صوتي، قال: ما جاء بك الساعة؟ قلتُ: جئتُ لأبشِّرك بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قد سبقك أبو بكر، قلتُ: إن يفعل فإنه سبَّاقٌ بالخيرات، ما استبقنا خيرًا قَطُّ إلا سبقنا إليه أبو بكر"؛ [أخرجه أحمد].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من أصبح منكم صائمًا؟))، قال أبو بكر: أنا، قال: ((فمن اتَّبَع منكم اليوم جنازة؟))، قال أبو بكر: أنا، قال: ((فمن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟))، قال أبو بكر: أنا، قال: ((فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟))، قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما اجتمعن في امرئٍ إلَّا دخل الجنة ))؛ [أخرجه مسلم].
 
ــــ(190)
اجتهاد عبدالله بن الزبير رضي الله عنه في الصيام والقيام وصلة الرحم:
عن أبي نوفل بن أبي عقرب "أن الحجاج   صلب عبدالله بن الزبير، فمرَّ عليه عبدالله بن عمر فقال لقد كنت صوَّامًا قوَّامًا تصِلُ الرَّحِم[أخرجه الطبراني في الكبير]
اجتهاد عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه في الصيام وقيام الليل:
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: "أُخبِر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أقول: والله، لأصومَنَّ النهار، ولأقومَنَّ الليل ما عِشْتُ، فقال: ((اقرأ القرآن في كل شهر))، قلت: إني أجدني أقوى من ذلك، قال: ((فاقرأه في كل عشرة أيام))، قلت: إني أجدني أقوى من ذلك، قال: ((فاقرأه في كل ثلاث))، ثم قال: ((فإنك لا تستطيع ذلك، فصُمْ وأفْطِر، وقُمْ ونَمْ، وصُمْ من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر))، قُلتُ: فإني أُطيق أفضل من ذلك، قال: ((فصم يومًا وأفطر يومين))، قلتُ: إني أُطيق أفضل من ذلك، قال: ((فصُمْ يومًا وأفطِر يومًا؛ فذلك صيام داود عليه السلام، وهو أفضل الصيام))، فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا أفضل من ذلك))؛ [متفق عليه].
صلاة بلال رضي الله عنه ما تيسَّر له بعد كل طهور:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال نبي الله صلى الله عليه وسلم لبلال: ((يا بلالُ، خبِّرني بأرجى عملٍ عملته منفعةً في الإسلام؛ فإني قد سمِعْتُ الليلة خشف نعليك بين يدي في الجن َّة))، قال: ما عملتُ يا رسول الله في الإسلام عملًا أرجى عندي منفعة من أني لم أتطهَّر طُهورًا تامًّا في ساعةٍ من ليل أو نهار إلَّا صليتُ بذاك الطهور لربِّي ما كُتب لي أن أصلي"؛ [متفق عليه].
ــــ(191) 
حرص ابن عمر رضي الله عنه على قيام الليل وعدم نومه إلا القليل من الليل:
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه، قال: "رأيت في النوم كأن ملكين أخذاني، فذهبا بي إلى النار ، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، فلقينا ملك آخر، فقال لي: لم تُرَع، فقصصتها على حفصة فقصَّتها على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((نِعْمَ الرجل عبدالله لو كان يُصلي من الليل)) فكان بعدُ لا ينام من الليل إلا قليلًا"؛ [متفق عليه].
اجتهاد جويرية بنت الحارث رضي الله عنها في ذكر الله من الصباح إلى الضحى:
عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها قالت: "أن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة، فقال: ((ما زلت على الحال التي فارقتُكِ عليها؟))، قالت: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته))" [أخرجه مسلم].
 
 
 
 

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير