أرشيف المقالات

أشهر قوادح العلة

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2أشهر قوادح العلة   بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله مُعلِّم الأصول، والصلاة والسلام على خير رسول، وعلى آله وصحبه أهل العلم والقلب العقول، واللسان السؤول، إلى يوم تذهل فيه العقول، وبعد: يعتبر مبحث قوادح العلة من المباحث الأصولية المعقدة التي سبر أغوارها المناطقة والأصوليون، إذ منهم من أوصلها إلى ثلاثين قادحا وأكثر.
ويتبين للمتمعن في هذا المبحث أن قوادح العلة هي الاعتراضات التي يَحتج بها المعترض على المستدِل بالأدلة الشرعية والعقلية، خاصة في مسألة العلة.   ومن أشهر هذه القوادح مثلا: قادح الاستفسار: فالاستفسار هو اعتراض المعترض على المستدل بخفاء دليله أو عدم وضوحه، إما بالغرابة أو الخفاء المطلق، أو الإجمال، أي عدم وضوح القول.   وهذه القوادح نجدها كثيرة في المناظرات بين الأصوليين والمناطقة وبين المتكلمين، إذ يستخدمون هذه المصطلحات، وكل من ضبطها فإنه يستفيد من تلك الكتب.   فساد الاعتبار: ويسمى كذلك بالنقض، وهو اعتراض المعترض على المستدل بالقياس لكون أن علته منقوضة بنص.
مثال ذلك، الفقهاء الذين قاسوا الكافر على المسلم، قال تعالى: ﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ﴾ [المائدة: 45].
فمعلوم أن من قتل مؤمنا يُقتل، وقالوا أنه إذا قتل المسلمُ الكافرَ يقتل، لكن هذه العلة، التي هي إزهاق النفس البشرية، نقضوها بنص، فهي علة منقوضة غير صحيحة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يقتل مسلم بكافر".
ويسمى هذا عندهم بالنقض وفساد الاعتبار.   من القوادح المشهورة أيضا، فساد الوضع: ومعناه أن يقلب المعترض الدليل على المستدِل به، بحيث يكون ضده، فيأتي المستدل بدليل ويبين له المعترض أن دليله هذا ضدُّه، أي ليس معه.
ويسمى أيضا بالقلب، أي أن المعترض يقلب الدليل على المستدل به.
مثلا بعض فقهاء الشافعية قاسوا مسح الرأس في الوضوء ثلاثا على كون المسح في الاستجمار يكون ثلاثا كأقل شيء.
فجاء فقهاء المالكية وغيرهم وقلبوا هذا الدليل.
وقالوا أن الأولى أن يقاس على المسح على الخفين، والمسح على الخفين فيه مرة واحدة، لأن مسح الفرج عِلته إزالة النجاسة، ومسح الرأس علته تعبدية محضة، لا تُفقه حكمته، فهم قلبوا استدلالهم بالمسح على الممسوح، مِن مسح الفرج إلى مسح الخفين.
ويسمى بفساد الوضع أو القلب.   من القوادح المشهورة أيضا، الكسر: بمعنى أن يكسر المعترض دليل المستدل بالحجة والبرهان، مثلا الفقهاء الذين كانوا يقولون بإباحة السجائر يقيسون السجائر على الأبخرة المباحة، لكن يأتي المعترض فيكسر هذا الدليل ببيان أن السجائر ضارة، لكون الأبحاث الطبية تبين أنها مضرة وقاتلة.
فهم كسرا هذا القياس ودليل المُحتجِّ.   ومن القوادح أيضا: عدم التأثير، ومعناه، هو احتجاج المعترض على المستدل بالقياس بكون علته غير مؤثرة وغير معتبرة، فمثلا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ" يبين عدم جواز بيع شيء غير موجود ولا حتى شرائه، إذ من الفقهاء من أباح البيع بالرؤية كالطير مثلا وهو في السماء وليس بين يدي البائع، فنقضوا لهم هذا الاستدلال لكون الرؤية غير مؤثرة، حيث لا بد للطائر أن يكون في اليد أو في القفص، أما مجرد الرؤية فلا تؤثر في القدرة على الطائر.
فهنا نقض العلة بعدم التأثير.   كذلك من قوادح العلة: الموجب، وهو نقض الدليل بموجبه، فمثلا الأحناف يقولون بإخراج الزكاة من الخيل، قياسا على الإبل، لكون العلة أنها مما يُركب، فاعترضوا عليهم، لأن موجب هذا القول لو كانت العلة هي الركوب، لكان يجب إخراج الزكاة من السيارات والدراجات، وعليه فإن الدليل يُبطل بموجِبه، والموجب هو اللازم.   كذلك من قوادح العلة: المنع، وهو منع المعترض المستدل أن يستدل بالعلة بالحجة والبرهان ، ويبين له أن علة دليله غير صحيحة، ويسمى هذا بالمنع.
كما يسمى بالمطالبة، حيث يطالبه أن يثبت العلة بدليله بالحجة والبرهان أو يمنعه من الاستدلال بدليله بالحجة والبرهان.   وينبغي أن نبين في الأخير أن أكثر قوادح العلة مصطلحات مترادفة أو متقاربة في المعنى، فالذين أوصلوها إلى أكثر من ثلاثين اعتبروا بيان مصطلحات الأصوليين المتناظرين بعد تتبعها في كتب ومباحث المناظرات الأصولية والفقهية والكلامية.   ونسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى فهم كتابه الكريم وسنة نبيه وكلام علمائنا الأعلام، آمين والحمد لله رب العالمين.



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن