أجمل فتاة
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
أجمل فتاةأحد الإخوة - من المواظبين على صلاة الفجر - يقول: "بالأمس كنتُ مرهقًا جدًّا، وجدولي في النوم غير منضبط، فعاودتُ النوم قبل صلاة الفجر بساعة ونصف، وقدَّرتُ أني سأستيقظ بإذن الله، علمًا بأني لي عدة سنوات لا أستخدم المنبه أو أكلف من يوقظني إلا في حال السفر".
يقول: "رأيتُ في منامي أجمل فتاة يمكن أن تخطر ببالي، والطريقة التي جرت بها الأحداث مغرية جدًّا ومثيرة، وتوافَقْنا وأبدت رغبتها وإعجابها وقبولها"، يقول: "كانت فرصة لا تخطر بالبال، نغَّصها فقط عندما تذكرتُ أنها ستكون علاقة آثمة، وتألمتُ قليلًا عندما تذكرتُ محارمها وولي أمرها وإجرامي بحقهم، وهو أمر أستعظمه جدًّا في حال اليقظة، بل أستعظم النظرة للمحرمات، ولكن في منامي كنت متساهلًا جدًّا".
يقول: "قررتُ التغاضي والتغافل؛ حيث كانت الفرصة ثمينة جدًّا ومميزة - بمقاييس الرجال - ومن الصعب جدًّا تركها، وأني سأفكر في هذا الموضوع وموضوع التوبة بعد الانتهاء من الأمر، ولكن حاليًّا يوجد خيار واحد فقط في بالي.
وعندما جهز كل شيء، قمتُ بإغلاق آخر نافذة، واتجهتُ لإطفاء الإضاءة أو تخفيفها، وبدا قلبي ينبض، والشعور بتلك النشوة العارمة ينتاب جسدي كله.
وإذا بي أتذكر أن الفجر قد أذن فعلًا منذ خمس دقائق، وأني قررت التمدد لبُرهة قبل أن أقوم"، يقول: "فقمتُ من سريري مذعورًا كمن قرصته عقرب، وتأكدت من الساعة فإذا به قد مضى على الأذان عشر دقائق فقط"، يقول: "من الذعر نسيت كل شيء، بل حتى إنه لم يكن هناك مجال للندم على أن الرؤيا لم تكتمل".
يقول: "ولله الحمد والفضل، المسجد ليس بعيدًا عني، وأستطيع سماع المؤذن؛ لذلك لا أستخدم المنبه، وغالبًا ما أقوم قبل الأذان وحتى في الأوقات التي لا يؤذِّن فيها المؤذن أو في حال تأخره في رفع الأذان، أقوم ولله الحمد قبل الموعد، علمًا بأن نومي ثقيل جدًّا".
يقول: "في إحدى المرات، كنت مرهقًا جدًّا ونمت قبل الفجر بوقت قصير جدًّا، وقبل أن أنام دعوت الله كثيرًا وتوسلت إليه ألا يحرمني لذة الوقوف بين يديه في صلاة الفجر، وألا يؤاخذني بجريرتي وسهري"، يقول: "قمتُ على شعور بدقة بسيط في صدري وكأنَّ هناك من ينبهني، فقمتُ مذعورًا؛ خوفًا من أن تكون صلاة الجماعة قد فاتتني، وبحمد الله، وقبل أن أنظر إلى الساعة إذا بالمؤذن يفتح الميكروفونات ويتنحنح".
سبحان الله، ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المدثر: 31].
سبق أن كتبتُ عن صلاة الفجر، والمواضيع التي ناقشت المشكلة كثيرة، وكثير من المشايخ والعلماء حفظهم الله يُذَكِّر بها، ولي فترة أحاول الكتابة عن صلاة الفجر وأهميتها؛ لتذكير نفسي وأحبتي، فحجم المشكلة كبير، والتقصير واضح، فوجدتُ قصة أخينا فرصة مناسبة للتذكير وللتأمل بطريقة لطيفة وأسلوب لين رقيق.
لكن لفت انتباهي في قصة أخينا أمور، منها:
أولًا: شعوره بالذعر؛ خوفًا من فوات صلاة الفجر مع الجماعة؛ حيث تردد اللفظ عدة مرات.
فيا تُرى ما الأهمية التي تمثلها صلاة الفجر لديه وفي قلبه؟ نحن غالبًا ما نُصاب بالذعر خوفًا من فوات الدوام أو التأخر على اجتماع بخصوص صفقة كبيرة، فهل فكرنا فعلًا في هذه المشكلة بطريقة جدية؟
ثانيًا: صلاة الفجر مع الجماعة هي هبة ومنحة ونعمة عظمى من الله، يهبها لمن يحب من عباده، ويسخر لهم من الأسباب ما هو كفيل بالمواظبة عليها، فهلا تقرَّبنا إلى الله بصدق وإخلاص ومن خلال صالح الأعمال والإلحاح في الدعاء؛ ليَمُنَّ علينا بأن نصبح من أوليائه وأحبائه الذين قال فيهم: ﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ [المائدة: 54]، ومن المواظبين على صلاة الجماعة، وهذا من دعاء إبراهيم عليه السلام: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 40].
لي عودة بإذن الله لموضوع صلاة الفجر، وأسأل الله أن ينفع بهذه الرسالة وأن يرضى عمَّن ساهم في نشرها رضاءً لا يعقبه سخط أبدًا.