أرشيف المقالات

عابدوا الشهوات: ميلاً عظيما - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
منهج الله وشريعته تكفل للإنسان صلاح الدنيا وحسن المآل في الآخرة 
بينما تريد المناهج الأرضية وأهلها ويريد عابدوا الشهوات بانواعها أن يميلوا بالناس ميلاً عظيماً يفسدوا عليهم دنياهم وآخرتهم فالإسلام هذب الشهوة وقننها لتحقق الاستفادة القصوى وسعادة الإنسان ومنع من بعضها أو الإسراف فيها حتى لا تفسد دنياه وأخراه بينما يريد عابدوا شهواتهم الإسراف في تعاطي الشهوات دون قيود من شرع ومن أجل ذلك وضعوا مناهجهم التي تحاد الشرع وتناصبه العداء لتفك قيوده وحدوده وتييح لنفسها العنان في التعاطي مع ما تريد سواء كانت تريد انحرافاًعقدياً أو سلوكياً .
قال تعالى :
{ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا } [ النساء 27 و28] .
قال السعدي في تفسيره : { وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } أي: توبة تلم شعثكم، وتجمع متفرقكم، وتقرب بعيدكم.
{ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ } أي: يميلون معها حيث مالت ويقدمونها على ما فيه رضا محبوبهم، ويعبدون أهواءهم، من أصناف الكفرة والعاصين، المقدمين لأهوائهم على طاعة ربهم، فهؤلاء يريدون { أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا } أي: أن تنحرفوا عن الصراط المستقيم إلى صراط المغضوب عليهم والضالين.
يريدون أن يصرفوكم عن طاعة الرحمن إلى طاعة الشيطان ، وعن التزام حدود من السعادة كلها في امتثال أوامره، إلى مَنْ الشقاوةُ كلها في اتباعه.
فإذا عرفتم أن الله تعالى يأمركم بما فيه صلاحكم وفلاحكم وسعادتكم، وأن هؤلاء المتبعين لشهواتهم يأمرونكم بما فيه غاية الخسار والشقاء، فاختاروا لأنفسكم أوْلى الداعيين، وتخيّروا أحسن الطريقتين.
{ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ } أي: بسهولة ما أمركم به وما نهاكم عنه، ثم مع حصول المشقة في بعض الشرائع أباح لكم ما تقتضيه حاجتكم، كالميتة والدم ونحوهما للمضطر، وكتزوج الأمة للحر بتلك الشروط السابقة.
وذلك لرحمته التامة وإحسانه الشامل، وعلمه وحكمته بضعف الإنسان من جميع الوجوه، ضعف البنية، وضعف الإرادة، وضعف العزيمة، وضعف الإيمان ، وضعف الصبر ، فناسب ذلك أن يخفف الله عنه، ما يضعف عنه وما لا يطيقه إيمانه وصبره وقوته.
أبو الهيثم

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١