أرشيف المقالات

الأخوة في الله

مدة قراءة المادة : 17 دقائق .
الأخوة في الله
 
الإخوة في الله منحة ربانية ونعمه إلهية، يقذفها الله في قلوب المخلصين من عباده والأصفياء من أوليائه، والأتقياء من خلقه؛ قال تعالى: ﴿ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفرقان 63].


وقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾ [آل عمران:103].


الإخوة في الله صفة ملازمة للإيمان؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات:10].


فإذا وجدت التقوى والإيمان في عبد ولم توجد إخوة صادقة، فهو إيمان ناقص وتقوى مزعومة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)؛ رواه الشيخان.

علاقة الأخوة بالسعادة:
• عن أنس رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ...
أن يحب المرء لا يحبه إلا لله...
)؛ رواه مسلم وغيره.
فالحب في الله سبب لذوق حلاوة الإيمان.
• وقال عليه الصلاة والسلام: (من سرَّه أن يجد طعم الإيمان، فليحب المرء لا يحبه إلا لله عز وجل)؛ رواه أحمد وسنده حسن.
فالحب في الله سبب لوجود طعم الإيمان، هذا في الدنيا، وفي الآخرة أكبر سعادة وأحسن طعمًا.

• قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بحلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)؛ رواه أحمد وإسناده حسن.

وقال علية الصلاة والسلام: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ...
ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه...)؛ رواه مسلم وغيره.

يا له من حديث لمن كان له قلب أو ألقى السمع: يوم تدنو الشمس من الرؤوس والزحام وحده يخنق الأنفاس، فالبشرية كلها من لدن آدم إلى آخر رجل قامت عليه الساعة في أرض المحشر، وجهنم تزفر وتزمجر، وقد أُتي بها لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها، وفي ظل هذه المشاهد كلها ينادي الله تعالى على سبعة؛ ليظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله، من بين هؤلاء السبعة السعداء رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه.

• وقال عليه الصلاة والسلام: (إن من عباد الله عبادًا يغبطهم الأنبياء والشهداء، قيل: من هم لعلنا نحبهم؟ قال: هم قوم تحابوا بنور الله من غير أرحام ولا أنساب، وجوههم نور على منابر من نور، لا يخافون إن خاف الناس، ولا يحزنون إن حزن الناس، ثم قرأ: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [يونس: 62].


فهل حققنا هذه الأخوة؟! وقبل الجواب خذ هذه الدلائل على الأخوة الصادقة:
1- التزاور في الله؛ في صحيح الجامع قال عليه الصلاة والسلام: (من عاد مريضًا أو زار أخًا له في الله، ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلًا)؛ رواه أحمد وغيره.

وفي صحيح مسلم: عن النبي صلى الله عليه وسلمأن رجلًا زار أخًا له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته [طريقه] ملكًا، فلما أتى عليه، قال: (أين تريد)، قال أريد أخًا لي في هذه القرية، قال: هل عليك من نعمةَ تربُّها؟ قال: لا غير أني أحببته في الله عز وجل، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته).
 
ولابد من نية صادقة لتحقيق الأخوة الصادقة.
خرج الإمام أحمد لزيارة إسحاق بن راهويه فلما بلغ الريّ دخل إلى المسجد، فجاء مطر كأفواه القرب، فلما كان بعد العشاء أُخرج من المسجد؛ يقول: والمطر والرعد والبرق، فلا أدري أين أضع رجلي، ولا أين أتوجه؟ فإذا برجل خرج من داره، فقال: يا هذا أين تمر في هذا الوقت؟ قلت: والله لا أدري أين أمرّ، فقال لي: ادخل فأدخلني دارًا ونزع ثيابي وأعطاني ثيابًا جافة، وأعطوني مدفئة ومائدة منصوبة، فلما أكلت ورفع الطعام، قال لي: من أين أتيت؟ قلت: أنا من بغداد، قال: تعرف أحمد بن حنبل، قلت: أنا أحمد بن حنبل، قال: وأنا إسحاق بن راهويه.

2- التواد والتراحم والتعاطف:
قال عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى)؛ رواه مسلم.
أيها الأخ الحبيب: هل مَثُلُكَ ومثل أخيك كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى أخوك اشتكيت، وإذا احتاج أسرعت إلى قضاء حاجته؟ إنها قضية كبيرة وتحتاج إلى وقفة طويلة.
الأخوة تقتضي التعايش الذي يبلغ مداه في الإيثار بالمال وقضاء الحوائج والمشاركة في المحن؛ قال تعالى: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ [الحشر: 9]؛ أي: ولو كان بهم شدة وفقر.

قال محمد بن المنكدر: "لم يبق من لذة الدنيا إلا قضاء حوائج الإخوان".
قال على بن الحسين لرجل: هل يُدخل أحدُكم يده في جيب أخيه، فيأخذ ما يريد بغير إذنه؟ قال: لا، قال: لستم بإخوان.

كان وراق العجلي: يأتي بالصُّرر فيها الأربعمائة والخمسمائة، فيودعها أحد إخوانه، ثم يلقاهم بعد ذلك، فيقول: انتفعوا بها، فهي لكم.
جاء فتح الموصلي إلى أحد إخوانه في منزله وكان غائبًا، فأمر جاريته فأخرجت صندوق ماله ففتحه وأخذ حاجته منه، فأخبرت الجارية مولاها بعد رجوعه، فقال: إن صَدقْتِ فأنت حرَّة لوجه الله؛ سرورًا بما فعل صاحبه!

3- التغاضي عن الهفوات وستر العيوب والزلات:
وهذه من أعظم الدلائل والحقوق، فأخوك ليس ملكًا مقربًا ولا نبيًّا مرسلًا، فإن ذل فهو بشر
لا يجوز لك أن تفشي له سرًّا، أو تكشف له عيبًا، أو أن تذكره في غيابه بخصاله الذميمة، فإن رأى الأخ من أخيه عيبًا فلا يشهر به ولا يذكره أمام الناس، بل عليه أن يخلوَ به سرًّا، وينصحه بما تقتضيه النصيحة، ولا شك أن النصيحة عندما تكون خالصة لوجه الله حاصلة في السر، فإن الاستجابة لها ستكون متحققة.
ومن واجب المؤمن ألا يضيق ذرعًا بالنصيحة، وأن يتقبلها بصدر منشرح ونفس راضية، واعلم أيها الأخ الحبيب أن العفو من شيم الكرام.
وهل تكون يا أخا الإسلام كريمًا إن لم تعف عن إساءة أخيك؟ وهل تكون رحيمًا إن لم تتغاض عن زلة صديقك؟ وهل تكون ذليلًا على المؤمن إن لم تصبر عليه إذا هفا، وتصفح عنه إذا أخطأ؟ وكفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه.

إذا كنت في كل الأمور معاتبًا
صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه

فعش واحدًا أو صل أخاك
فإنه مقارف ذنبًا تارة ومجانبه

فمن ذا الذي ترجى سجاياه كلها
كفى بالمرء نبلًا أن تعد معايبه

 
كان عبدالله بن معاوية يقول:

لا يزهدنك في أخ لك
أن تراه زل زلة

ما من أخ لك لا يعاب
ولو حرصت الحرص كله

 
مسألة: هل هذا الخطاب وهذا الحض على الأخوة الصادقة يدخل فيه النساء؟ وهذا الحض على الأخوة الصادقة يدخل فيه النساء؟
الجواب: نعم بلا شك؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]، فالآية عامة.

والله تعالى يقول: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71].

 
مفسدات الأخوة:
إذا فسدت الإخوة: دَبَّ الفتور الذي يفتت عضد الاستقامة؛ لأننا بحاجة إلى من يشد أزرنا ويأخذ بأيدينا، وينافسنا في طاعة الله، فيزداد المرء إيمانًا على إيمانه.
كان عبدالله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحابه، قال: "تعالَ نؤمن ساعة".
" فهيا بنا نؤمن ساعة "؛ لماذا لا تشيع هذه السنة المباركة بيننا الآن، فيأتي الأخ إلى أخيه يدعوه إلى طاعة الله، يأخذه لمجلس علم لحلقة قرآن، أو يتنافس معه في الصيام والقيام وتلاوة القرآن.
فبإخوان الصدق تحلو الحياة، وبسماع حديثهم ورؤية وجوههم، تُذلل الصعاب، وصدق ابن المعتز حيث قال: "من اتخذ إخوانًا كانوا له أعوانًا"، ورحم الله الحسن حيث قال: "إخواننا أحب إلينا من أهلينا أهلونا يذكروننا بالدنيا وإخواننا يذكروننا بالآخرة".

لذلك كان من الأمور التي تنذر بشر: انهيار صرح الأخوة وإفسادها بين المؤمنين:
1- وأول مفسدات الإخوة: الكبر والاستعلاء:
طبيعة البشر يكرهون من يعاملهم باستعلاء مهما كان هذا الإنسان، حتى لو كان داعية أو عالمًا؛ لذا كان الإنسان مأمورًا بالتواضع والشعور بالآخرين، وإن أولَ من أُمر بذلك أعظم الناس وأعلى الناس وسيد الناس عليه الصلاة والسلام، قال له ربه: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 215].

♦ ومن أجمل وأرق ما روي عن السلف في ذلك:
قال هارون بن عبدالله: جاءني أحمد بن حنبل بالليل فَدَقَّ بابي، فقلت: من هذا؟ قال: أحمد، فبادرت وسلّمت عليه، فقال: شَغلتَ اليوم قلبي، فقلت: بماذا يا أبا عبدالله؟ قال: مررت اليوم عليك وأنت جالس تحدث الناس في الظل والناس في الشمس بأيديهم أقلامهم ودفاترهم، لا تفعل مرة أخرى، إذا قعدت فاقعد مع الناس".
 
♦ وهنا لافتتان جميلتان جديرتان بالتأمل:
الأولى: أن راوي الحادثة هو المنصوح الذي تأثر بالنصيحة، وهذا من سلامة القلب وإيثار الحق.
والثانية: أدب الإمام أحمد ورقته ولطفه في توجيه نصيحته؛ حيث ذهب إلى هارون بالليل وقال: "شغلت قلبي"، ولم يقل: أسأت إلى الناس، أو ما هذا الذي فَعلت؟ ونحو ذلك، فإياك والاستعلاء على الناس!
فالنبي صلى الله عليه وسلميراه الرجل، فيهابه وترعد فرائصه، فيقول عليه الصلاة والسلام: (هوِّن عليك، فإني لست بملِك، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد)؛ صحيح ابن ماجه.
 
ثم علام الكبر والاستعلاء؟
حُكى عن مُطرف بن عبدالله أنه نظر إلى أحد الناس وهو يمشي الخيلاء وعليه حُلة يجرجرها، فقال: يا هذا ما هذه المشية؟ قال: أما تعرفني؟ قال: بل أعرفك أولك نطفة مذِرة وآخرك جيفة قذرة، وحشوك فيما بين ذلك بول وعذْرة.

2- السخرية والاستهزاء:
حتى ولم تقصد فأخوك لم يشق عن قلبك له ما رأى وسم،ع فتحقق أنت من أقوالك وأفعالك، ونظراتك مع أخيك...
ولا تنس قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].


3- سوء الظن:
من أكبر العقبات التي تَحُول بين تَرابط المسلمين فيما بينهم، فإياك وإياه الظن الذي لم يُبْن على أصل وتحقيق نظر، وأغلب الظن كذلك؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6].
وفي قراءة " فتثبتوا".

قال أحد العلماء: قديمًا كنت لا أفهم هذه الآية على حقيقتها، فأقول: إن جاءني عدل فأخبرني بشيء عن أخ لي، فليس هو بداخل في الآية، فقال لي بعض مشايخنا: إن الله سمّى النمام فاسقًا، فكل من جاءك بنبأ يترتب عليه إفساد ذات البين، فهو فاسق ابتداءً، فوجب التثبت والتبين لكل ما حمله من أخبار.
وفي الصحيحين: "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث"، فأحسن الظن بأخيك فلعله أساء التعبير، أو لم يحسن التصرف لخبرته، فبعض الإخوة يحكم على قلوب الآخرين.
لما جلس الإمام الشافعي في مرض موته، قال له الربيع بن سليمان: قوى الله ضعفك يا إمام، فقال: لو قوّى ضعفي لقتلني، فقال: "والله ما قصدت يا إمام، فقال الشافعي: والله لو شتمتني لعلمت أنك لم تقصد.

4- عدم التزام الأدب في الحديث: وهذا باب واسع يدخل منه الشيطان للإفساد بين الإخوان وله صور:
♦ الحيدة ورفع الصوت في الكلام.

♦ عدم الإنصات إلى حديث صاحبه: فتراه يكلمه صاحبه فيقطعه أو ينشغل عنه؛ يقول بعض السلف: إن الرجل ليحدثني بالحديث أعرفه قبل أن تلده أمه، فيحملني حسن الأدب إلى الاستماع إليه حتى يَفرُغ.

♦ التعدي في المزاح.

5- الجدل:
قال عليه الصلاة والسلام: (ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل)؛ رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني.
وفي صحيح أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك الجدال ولو كان محقًّا).
ولما سئل الإمام مالك: يا أبا عبدالله الرجل يكون عالمًا بالسنة أيجادل عنها؟ قال: لا ولكنه يخبر بالسنة، فإن قبلت وإلا سكت.
فبالجدال تخسر المجال ويقسوا القلب في الحال، وهذه حقيقة واقعية: إن طالب الحق إذا سمع السنة قبِلها، وأما المعاند والمكابر، فلا يقنعه أقدر الناس على الجدال، وصدق من قال: (من جاءك مسترشدًا فأرشده، ومن جاءك مجادلًا فأعرض عنه فإنه من الجاهلين).

6- إذاعة السر: فمما يديم الصحبة ألا تفشي لأخيك سرًّا، فكفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع.

وفي صحيح الجامع يقول عليه الصلاة والسلام: (إذا حدث الرجلُ الرجلَ حديثًا ثم انصرف، فهو أمانة).

7- النصح في الملأ: لا يختلف اثنان أن النصيحة بين الناس يكرهها الناس، بل إن ذلك مما يزيل المحبة ويزرع العداوة، وقد يولّد العناد.

8- الحسد: داء فتاك ينساب في النفوس البشرية في لحظات الغفلة الإيمانية.

والحسود شخص سيئ الأدب مع الله؛ لأنه ينظر إلى نعمة الله على أخيه، فيتمنى لو زالت، والله تعالى يقول: ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النساء: 54]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "دبّ إليكم داءُ الأمم قبلكم الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، لا أقول: تحلق الشعر، إنما تحلق الدِّين، والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أنبئكم بما يثبت ذلك لكم، أفشوا السلام بينكم)؛ رواه أحمد والترمذي، وانظر صحيح الجامع.

9- كثرة المعاتبة وعدم التسامح والنظر إلى السلبيات دون الإيجابيات:

إذا كنت في كل الأمور معاتبًا
أخاك لم تلق الذي لا تعاتبه

فعش واحدًا أوصل أخاك
فإنه مقارف ذنبًا تارة ومجانبه

فمن ذا الذي تُرجى سجاياه كلها
كفى بالمرء نبلًا أن تعد معايبه

 
لا بد من القناعة في طلب مواصفات الصديق، واعلم أنك لن تجد صديقًا ليس في وُدِّهِ خَللُ، وأنت كذلك لا تخلوا من خلل، فاقبل في أخيك ما قبله فيك، وإلا دام غمُّك وطال همُّك، ولم تظفر بمطلوبك؛ قال سعيد بن المسيب: "ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل، إلا فيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه".
فتغافل عن هفوات أخيك حتى تدوم الألفة؛ قال بعض الحكماء: وجدتُ أكثر أمور الدنيا لا تجوز إلا بالتغافل، وقد تغافل أقوام عن أذى الأعداء، فكيف بالأصدقاء!
 
ومن مفسدات الإخوة:
10- الطمع في الدنيا.

11- التفريط في الطاعات.

12- برود العاطفة.

13- الإصغاء للنمامين والحاسدين.
14- التدخل في الخصوصيات.
15- إخلاف المواعيد والاتفاقات، وغيرها.

﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].

 
النصيحة:
ü الأخوة نعمة عظيمة، حافظ عليها وقم بحقوقها، واحذر مفسداتها.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١