وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَات - محمد علي يوسف
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
تأمل مشهد تلك السيارة الفارهة ذات الطراز الفاخر وهي تقف في إشارة مرورية مزدحمة فيسارع إلى نافذتها الداكنة ذلك المتسول بالي الثياب رث الهيئة أشعث الرأس يمد يده ليسأل ذلك الرجل الذي تبدو عليه آثار النعمة: صدقة لله
فيخرج الرجل الثري يدا ناعمة تزينها ساعة ثمينة من ماركة عالمية شهيرة ليضع في يد الفقير الخشنة ما جادت به نفسه
هذا المشهد في تناقضه الحاد يعطي مثالا واضحا لمدى التفاضل الدنيوي بين الناس
{انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ}
ذلك التفاضل الشديد والفروقات الاجتماعية والمادية الهائلة التي نشهدها في الدنيا لا تعد شيئا يذكر من تفضيل الآخرة والمسافات الشاسعة بين درجاتها لذا تأتي الجملة القرآنية بعدها لترسخ تلك الحقيقة
{وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا}
إنها فوارق ودرجات مختلفة ومتباعدة لا علاقة لها بفوارق الدنيا المادية
ولربما تفاضل نفس الشخصين المذكورين في المثال فكان ما بينهما في الآخرة أشد تفاوتا
لكن التفاضل عندئذ لن يكون بالمال وعلو الدرجات لن يكون بالثراء والمنصب والجاه
هنالك ليس ثمة تفاضل إلا بالعمل والتماس مرضاة الله