من أحكام المسلم الجديد
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
من أحكام المسلم الجديدللمسلِم الجديد أحكامُه المقرَّرة في كتب الفقه، والدُّعاةُ إلى الله أحوجُ ما يكونون إلى فِقه أحكامِه، فلا يُوجِبون عليه ما هو سُنَّة، أو العكس، فمِن ذلك التطهُّر والنظافة عندَ إسلامه، وقد ورَدَ الأمر بالاغتِسال عندَ دخول الإسلام، واختلف الفقهاءُ في وجوب الغُسْل على الكافر إذا أَسلَم.
قال ابن قدامة: "الكافِر إذا أسلمَ وَجَب عليه الغُسْل، سواء كان أصليًّا أو مرتدًا، اغتسل قبلَ إسلامه أو لم يغتسلْ، وُجِد منه في زمنَ كفره ما يوجب الغُسْل أو لم يوجد، وهذا مذهبُ مالك، وأبي ثَوْر، وابن المنذر، وقال أبو بكر: يُستحبُّ الغسْل، وليس بواجب، إلا أن يكونَ قد وُجِد منه جنابةٌ زمنَ كفره، فعليه الغُسْل إذا أَسلَم، سواء كان قدِ اغتسل زمنَ كفْره، أو لم يَغتسِل، وهذا مذهب الشافعي، ولم يُوجب عليه أبو حنيفة الغُسْل بحال؛ لأنَّ العدد الكثير، والجمَّ الغفير أَسلَموا، فلو أُمِرَ كلُّ مَن أَسلَم بالغُسْل، لنُقِل نقلًا مُتواترًا أو ظاهرًا؛ ولأنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لَمَّا بَعَث معاذًا رضي الله عنه لم يذكرْ له الغُسل، ولو كان واجبًا، لأمرَهم به؛ لأنَّه أول واجبات الإسلام.
والقائلون بوجوب الغُسْل استنَدُوا في ذلك إلى حديث قيس بن عاصم رضي الله عنه؛ أنَّه لَمَّا أَسْلم أمَرَه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يغتسل بماء وسِدر، والأصل في الأمر الوجوب، وفي "المسند": أنَّ ثمامة بن أثال رضي الله عنه أسلم، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ((اذهبوا به إلى حائطِ بني فلان، فمُرُوه فليغتسِل)).
وقال ابن القيم: "وأصحُّ الأقوال: وجوبه على مَن أجْنب حال كُفره، ومَن لم يُجْنِب".
وأوجبه القرطبي في "تفسيره"، وقال الشوكاني: "والظاهر الوجوب؛ لأنَّ أمْرَ البعض قد وقع به التبليغ، ودعوَى عدم الأمر لمن عدَاهم لا يَصلُح متمسكًا؛ لأنَّ غاية ما فيها عدَم العِلم، وهو ليس علمًا بالعدم".
وهذا الخلاف القويُّ بيْن العلماء في وجوب الغسل يدعو القائمين على دعوة المسلمين الجُدُد أن يُولُوهُ عنايتَهم، لا سيَّما أنَّه لا يشقُّ على المسلم.
ومن المسائل المتعلقة بالمسلم الجديد: الخِتَان، وقد قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لرجلٍ أَسلَم: ((ألْقِ عنك شعرَ الكُفر واخْتَتِنْ)).
قال في "المغني": "وإنْ أَسلَم رجلٌ كبير، فخاف على نفسه الختان، سقط عنه"؛ ولذلك فلا ضَيْرَ على المسلِم الجديد إذا كان كبيرًا، أن يدَعَ الخِتان إذا كان يشقُّ عليه؛ لأنَّ مصلحةَ إسلامه أعظمُ مِن مصلحة خِتانِه، ولا شيءَ عليه في هذا التَّرْك.
قال العلماء: "فإنْ تَرَكه - أي: الختان - بَعْد أن كَبِرتْ سِنُّه، فلا شيءَ عليه"، ثم إنَّ على الداعية ألَّا يَستَعجلَ في ذلك، فكثيرٌ ممَّن دخلوا في الإسلام، وامتنعوا مِن الختان، اختتنوا بعدَ أن ثبتوا على الإسلام، وتشرَّبتْ نفوسُهم تعاليمَه وآدابه، ولا ينبغي أن تكونَ هذه المسألة ممَّا يشغل الداعيةَ؛ إذ قد يَصْرف الختانُ بعضَ المدعوِّين عن الإسلام.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة ما نصُّه: "يَنبغي للدعاة إلى الله سبحانه الإغضاءُ عن الكلام في الخِتان عندَ دعوة الكفَّار إلى الإسلام، إذا كان ذلك يُنفِّرهم عن الدخول في الإسلام، فإنَّ الإسلام والعبادة تصحُّ مِن غير المختون، وبعدَما يستقرُّ الإسلام في قلْبه يشعر بمشروعية الختان، ويُروى للأسف في ذلك طرائفُ عن بعض الدُّعاة، قد يصحُّ شيءٌ منها، مِن إلْزام المسلم الجديد بالختان قبلَ الشهادتين، وكأنَّه ينبغي على المسلِم الجديد أن يُعلن إسلامَه في غُرْفة العمليات!