دور المؤسسات الدينية في الوقاية من المخدرات
مدة
قراءة المادة :
113 دقائق
.
دور المؤسسات الدينية في الوقاية من المخدراتالمقدمة
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجاً * قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً ﴾[1].
أما بعد:
فقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، ورسم له في إطار الشرائع السماوية أصولاً وقواعد تضمن له الحياة السوية، ودين الإسلام هو الدين الخاتم الذي اختاره الله لخلقه، ورضيه لهم، فقال سبحانه في كتابه الكريم ﴿ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ﴾[2].
وما من شك في أن الدين الذي رضيه الخالق - سبحانه - لنا يتميز بالدقة والشمول، ودستور هذا الدين هو كتاب الله الخالد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو نداء الله الأخير للإنسان في كل القرون والأزمنة، وكل البلاد والأمكنة، وليس محصورا بزمن معين، أو مكان أو شعب، وإنما هو للإنسان أيا كان وأيا كانت هويته أو جنسه، وقد اهتم الإسلام اهتمامًا بالغًا بهذا الإنسان، وأحاطه بالحفظ والرعاية، فكان من مقاصده العليا: حفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال، فأي أمر يؤدي إلى إتلاف واحد من هذه الضرورات الخمس، أو حتى إلى ضرره فهو محرم شرعًا، فالقاعدة الشرعية تقول (لا ضرر ولا ضرار)، وأرشد الإسلام هذا الإنسان إلى ما يحفظ عليه صحته فأحل له كل طيب وحرم عليه كل خبيث.
قال الله - تعالى - عن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾[3].
ثم حضه على المحافظة على هذه الصحة، وحذره الوقوع في التهلكة، وأمره بأن ينأى بنفسه عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
واهتمام الإسلام بصحة الفرد يعد أساسًا لاهتمامه بصحة الجماعة، فالفرد أساس المجتمع.
وإنك لتجد في الكتب السماوية الصحيحة جميعها نصوصاً عديدة لترسيخ مفاهيم الصحة والوقاية وأنماط الحياة القويمة، فضلاً عن ضوابط التمتع بالحرية وحقوق الإنسان.
وركز الإسلام على اهتمامه بصحة الطبقة الفاعلة في الأمة الإسلامية، ألا وهي طبقة الشباب، لأن الشباب هم أمل الأمة وعماد حضارتها وأثمن ثروتها، ومن ثم فان الاستثمار في مجال رعاية أبناء الأمة، والاهتمام بهم صحيًا وفكريا وثقافيا وحضاريا واجتماعيا وروحيا واقتصاديا، سوف ينتج كوادر متخصصة ومنتجة وفاعلة في المجال التنموي.
ومن الأوبئة التي ابتلي بها شباب الأمة الإسلامية وباء المخدرات، وهي الآفة الخطيرة القاتلة التي بدأت تستشري بين الشباب في الآونة الأخيرة في كافة المجتمعات بشكل لم يسبق له مثيل، حتى أصبحت خطراً يهدد هذه المجتمعات وتنذر بالانهيار.
والمخدرات تعد من السموم القاتلة، فقد ثبت من الأبحاث والدراسات العلمية أنها تشل إرادة الإنسان، وتذهب بعقله، وتحيله بها لأفتك الأمراض، وتدفعه إلى ارتكاب الموبقات.
وتبعاً لانتشار هذه المخدرات ازداد حجم التعاطي، وإن لم تتضافر جهود الأمة بأفرادها وهيئاتها ومؤسساتها - شعوبًا وحكومات - ستكون سببًا مباشرًا وسريعًا لتدمير كيانها وتقويض بنيانها.
ونظرًا لأن ما غلب على هذا العصر أن لهثت البشرية وراء الماديات ومترفات الحياة، وزخارف الدنيا وزينتها وابتعدت - نوعًا ما - عن دينها وأوامره ونواهيه - إلا من رحم ربي - وبالتالي همش دور المؤسسات المنتسبة للدين، والمنشود من ورائها الإصلاح للشباب والمجتمع، ونسي المسلمون هذا الدور - أو تناسوا - حكامًا و محكومين - فمن هذه الزاوية بكل ملابستها - ومن باب الغيرة على حال هذه المؤسسات، خاصة في مثل هذا الموضوع، طرأت فكرة التعبير بالقلم عما بداخل النفس، مع إحاطة القارئ علمًا بأن هذه المؤسسات ليست مقصودة لذاتها في البحث، وإنما فقط لمعالجة فكرة البحث وهدفه الأساس، وهو دور هذه المؤسسات في الوقاية من المخدرات، ومن هنا جاء الحديث عنها باختصار بما يوضح هذا الدور، واقتضت طريقة معالجة البحث أن يكون في مقدمة وتمهيد وأربعة مباحث وخاتمة.
أما المقدمة - التي نحن بصددها ففيها الباعث على فكرة البحث وطريقة تنظيمه، وأما التمهيد فجاء في ثلاثة محاور:
المحور الأول: في تعريف المخدرات (باختصار
والمحور الثاني: في حكم المخدرات في الإسلام.
والمحور الثالث: في بيان أهمية الوقاية في الإسلام.
ثم يأتي دور المبحث الأول: وهو عن المؤسسة الأولى في الإسلام: المسجد ودوره في الوقاية من المخدرات.
والمبحث الثاني: في دور الحسبة في الوقاية كذلك.
والمبحث الثالث: في دور مؤسسات التعليم الديني.
والمبحث الرابع: في دور المؤسسات الأخرى.
ثم خاتمة البحث وتشمل أهم النتائج والتوصيات.
الدراسات السابقة:
في الحقيقة لم أعثر فيما قرأت على شيء يعالج هذا الموضوع بهذه الطريقة، وإنما ما كتب سابقًا وله صلة بالموضوع، إما أن يتحدث عن مؤسسة من هذه المؤسسات ودورها في الإسلام - بوجه عام - وإما أن يتحدث عن الوقاية، حتى ما كتب عن الوقاية أكثره تقريبًا عبارة عن مقالات صحفية، أو موضوعات في مجلات دورية، أو على صفحات الشبكة العالمية للإنترنت، باستثناء القليل مما كتب في الوقاية، ومنها على سبيل المثال: (الوقاية الصحية على ضوء الكتاب والسنة) تأليف لؤلؤة بنت صالح بن حسين آل علي.
منهج البحث:
اعتمدت في هذا البحث أسلوب الاستقراء والجمع والترتيب، حيث قرأت عن الموضوع وجوانبه - قدر جهدي - وقمت بجمع بعض أقوال القدامى والمعاصرين في الجوانب التي لها صلة بالموضوع، ورتبت الأفكار لتكون مسلسلة موفية لجوانب الموضوع قدر الطاقة.
التمهيد
المحور الأول: تعريف المخدرات (drugs):
إن تعريف المخدرات أمر هام، في سبيل فهم طبيعة هذه المواد، وخصائصها والنتائج والآثار المترتبة على تعاطيها وإدمانها، وإن كان تعريفنا لها هنا ليس من صلب بحثنا، فهذا له أبحاثه المستقلة، ولذلك سيكون تعريفنا لها من باب الاستضاءة على موضوعنا الذي نتحدث فيه.
واسم المخدرات يطلق على مجموعة من المواد الكيميائية والنباتية أخذت تنتشر بين الناس في كثير من المجتمعات - وأكثرهم من الشباب - وبذلك ينتشر معها وابل من الأمراض الجسمية والنفسية.
والمخدرات لغة:
مشتقة من الخِدْر..
وهو ستر يُمد للجارية في ناحية البيت، والمخَدر والخَدَر: الظلمة، والخدرة: الظلمة الشديدة، والخدر: الكسل والفتور...
والخادر: الكسلان، والخَدرُ من الشراب والدواء: فتور وضعف يعتري الشارب...
والخدرة: ثقل الرجل.[4]
أما المخدرات اصطلاحاً:
فمن خلال قراءاتي لم أعثر على تعريف اتفق عليه العلماء والمتخصصون، بحيث يوضح مفهوم المواد المخدرة بوضوح، لكن وجدت عدة تعريفات اصطلاحية للمخدرات حسب تخصصات أصحابها على النحو التالي:
أولا: المفهوم العلمي للمخدرات: هي مادة كيميائية تسبب النوم والنعاس وغياب الوعي المصحوب بتسكين الألم.
لذلك لا تعتبر المنشطات ولا العقاقير المهلوسة وفق التعريف العلمي من المخدرات.
بينما يعتبر الخمر من المخدرات.[5]
ثانيًا: عند القانونيين: هي مجموعة من المواد التي تسبب الإدمان وترهق الجهاز العصبي، ويحظر تداولها أو زراعتها أو صنعها إلا لأغراض يحددها القانون، ولا تستعمل إلا بواسطة من يرخص له بذلك[6].
ثالثًا: التعريف الطبي: هي كل مادة ذات خواص معينة تؤثر على متعاطيها، وتجعله مدمنًا لا إراديًا عليها، سواء كانت نباتية أو كيميائية أو مركبة، باستثناء تعاطيها لغرض العلاج من بعض الأمراض - وحسب إشراف طبي - وتشكل ضررًا على المتعاطي، سواء كان هذا الضرر نفسيًا أو صحيًا أو اجتماعيًا[7].
كما أنها عرفت بتعريفات أخرى نذكر منها:
أنها: المادة التي يؤدي تعاطيها إلى حالة تخدير كلي أو جزئي، مع فقد الوعي أو دونه، وتعطي هذه المادة شعوراً كاذباً بالنشوة والسعادة، مع الهروب من عالم الواقع إلى عالم الخيال.
أو هي: كل مادة خام أو مستحضرة تحتوي على جواهر منبهة أو مسكنة، من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية والصناعية الموجهة أن تؤدي إلى حالة من التعود والإدمان عليها، مما يضر بالفرد والمجتمع جسمياً ونفسياً واجتماعياً.
أو هي: كل مادة تؤدي إلى افتقاد قدرة الإحساس لما يدور حول الشخص المتناول لهذه المادة، أو إلى النعاس، وأحياناً إلى النوم لاحتواء هذه المادة على جواهر مضعفة أو مسكنة أو منبهة، وإذا تعاطاها الشخص بغير استشارة الطبيب المختص أضرته جسمياً ونفسياً واجتماعيًا.
أما الُمفتّر لغة: من الفتور: وهو ما يكون منه حرارة في الجسد واللسان وفي الأطراف، مع الضعف والاسترخاء في الأطراف قوة وضعفاً، حسب حالة وقدرة الشخص الصحية.[8]
مما سبق يمكن تعريف المخدرات على أنها:
كل مادة نباتية طبيعية أو مستحضرة كيميائياً، مسكرة أو مفترة، من شأنها أن تزيل العقل جزئياً أو كلياً، تؤدي بعد تناولها إلى الإدمان، وتتسبب في الإضرار بالجهاز العصبي، فتضر الفرد والمجتمع، ويحظر تداولها أو زراعتها، أو صنعها إلا لأغراض يحددها القانون، وبما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية.
المحور الثاني
حكم المخدرات في الإسلام
ليس هناك من شك في أن الله - عز وجل - قد حرم الخمر بنص الكتاب والسنة وبإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وأدل آية على ذلك في القرآن الكريم قول الله - سبحانه -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ﴾[9] .
قال ابن الجوزي: قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ ﴾ في سبب نزولها أربعة أقوال.
أحدها: أن سعد بن أبي وقاص أتى نفرًا من المهاجرين والأنصار، فأكل عندهم، وشرب الخمر، قبل أن تحرم، فقال: المهاجرون خير من الأنصار، فأخذ رجل لحي جمل فضربه، فجدع أنفه، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فنزلت هذه الآية...
وقال سعيد بن جبير: صنع رجل من الأنصار صنيعًا، فدعا سعد بن أبي وقاص، فلما أخذت فيهم الخمرة افتخروا واستبوا، فقام الأنصاري إلى لحي بعير فضرب به رأس سعد، فإذا الدم على وجهه، فذهب سعد يشكو إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزل تحريم الخمر في قوله: ﴿ إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ ﴾ إلى قوله: ﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ .
والثاني: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: اللهم بين لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت التي في "البقرة" فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت التي في النساء ﴿ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ ﴾[10] فقال اللهم بين لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت هذه الآية[11].
والثالث: أن أناسًا من المسلمين شربوها، فقاتل بعضهم بعضًا، وتكلموا بما لا يرضاه الله من القول، فنزلت هذه الآية...
والرابع: أن قبيلتين من الأنصار شربوا، فلما ثملوا عبث بعضهم ببعض، فلما صحوا جعل الرجل يرى الأثر بوجهه وبرأسه وبلحيته، فيقول: صنع بي هذا أخي فلانٰ! والله لو كان بي رؤوفًا ما صنع بي هذا، حتى وقعت في قلوبهم الضغائن، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن، فنزلت هذه الآية[12].
وهنا يصل التشريع السماوي إلى قمته، حيث تم تحريم شرب الخمر تحريماً تاماً لا جدال فيه، وبمجرد نزول هذه الآية الكريمة، وسماع المسلمين لها، أريقت في شوارع المدينة المنورة كميات كبيرة جداً من الخمر كانوا يخزنونها في بيوتهم، وهم يهتفون ويهلَّلون فرحين بتلك النهاية التي أسعدتهم جميعاً.
هذا وتعتبر المجتمعات الصادقة في الوقت الحاضر خالية نسبيًا من مساوئ إدمان الخمر.
وهذا من نتائج الإيمان العميق الذي يتمسك به المسلم حيال أوامر القرآن.
أما عن المخدرات الأخرى النباتية والكيماوية التي ظهرت حديثاً، فالشريعة الإسلامية تحرم تناولها بجميع أنواعها، سواء أكان التناول عن طريق الأكل أو الشرب أو التنقيط أو السعوط، أو الشم أو الحقن أو بأي طريق آخر، ذلك لأن المخدرات تعمل على إتلاف النفس والمال والعقل والدين، وكثيرًا ما تتلف العرض أيضًا، وهذه هي الضرورات الخمس التي أمر الإسلام بحفظها، وقد أجمع العلماء على تحريم المخدرات، ولم أقرأ ولم أسمع أن أحدًا أباح تناول شيء منها، قديمًا أو حديثًا، فهذا هو الإمام ابن تيمية يقول عن الأنواع التي كانت في زمانه منها:
هذه الحشيشة الملعونة - هي وآكلوها ومستحلوها - الموجبة لسخط الله تعالى، وسخط رسوله، وسخط عباده المؤمنين، المعرضة صاحبها لعقوبة الله، تشتمل على ضرر في دين المرء وعقله وطبعه، وتفسد الأمزجة حتى جعلت خلقًا كثيرًا مجانين، وتورث من مهانة آكلها ودناءة نفسه، وغير ذلك ما لا تورث الخمر، فيها من المفاسد ما ليس في الخمر، فهي بالتحريم أولى، وقد أجمع العلماء على أن المسكر منها حرام، ومن استحل ذلك وزعم أنه حلال فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتدًا، لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، وإن القليل منها حرام أيضًا، بالنصوص الدالة على تحريم الخمر، وتحريم كل مسكر[13].
وقال الإمام الصنعاني: إنه التحريم على ما أسكر من أي شيء، وإن لم يكن مشروبًا كالحشيشة[14].
وينقل الشيخ ابن عابدين آراء بعض العلماء فيقول: ونقل عن ابن حجر عن بعض العلماء: أن في أكل الحشيشة مائة وعشرون مضرة دينية ودنيوية، ويحرم أكل البنج والحشيشة، وهي من ورق القنب، والأفيون لأنه مفسد للعقل، ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة، لكن دون حرمة الخمر، وكذا تحرم جوزة الطيب لكن دون حرمة الحشيشة...
وأفتى مشايخ المذهبين الشافعية والحنفية بحرمة الحشيش وتأديب بائعه، حتى قالوا: من قال بحله فهو زنديق، وتحرم جوزة الطيب لأنها مسكرة، والمراد بالسكر هنا تغطية العقل، لا مع النشوة المطربة، لأنها من خصوصيات السكر المائع، فلا ينافي أنها تسمى مخدرة[15].
وعن الحد بتناولها قال ابن تيمية في الفتاوى: وعلى تناول القليل منها والكثير حد الشرب، ثمانون سوطًا أو أربعون، وقاعدة الشريعة: أن ما تشتهيه النفوس من المحرمات كالخمر والزنا ففيه الحد، وما لا تشتهيه كالميتة ففيه التعذير، والحشيشة مما يشتهيها آكلوها، ويمتنعون من تركها[16].
وقال الشيخ محمد الغزالي "من السخف تصور أن الشارع يحرم الخمور ويترك مواد أخرى أشد ضراوة وأعظم فتكا، وإذا كان أئمة الفقه الأقدمون لم يذكروا الحشيش والأفيون فلأن بيئاتهم لم تعرفه...، فلما ظهرت بعض المخدرات أيام ابن تيميه عدها لفوره من الخمور، وفى أيامنا هذه ظهرت عقاقير أخرى كالكوكايين والمارجوانا وغيرها، تغتال العقول، وتهلك المدمن وتستأصل إنسانيته فكيف تترك؟ وفي الحديث الشريف يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام)[17]
ويقول في حديث آخر: (إن من العنب خمراً، وإن من التمر خمراً، وأن من العسل خمراً، وأن من البر خمراً، وإن من الشعير خمراً، وأنهاكم عن كل مسكر ).[18]
وظاهر الحديث أنه يسوق نماذج، ثم يذكر القاعدة العامة، ونحن لا نهتم بالأسماء ولا بالمصادر، وإنما نهتم بالتشخيص العلمي للأشربة والعقاقير، فما ثبت تغيبه للعقل، أو ما أفقد المرء اتزانه الفكري، فهو محرم بيقين...إن القران الكريم دستور الإسلام ومصدر التشريع … فيقول الله تعالي: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ ﴾ [19] أي ائتمروا بأمره.
ويأمرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن كل مسكر حرام ومن هنا علينا أن نأتمر بأمره دون أي جدال أو تردد[20].
إن الخمر هي ما خامر العقل، وإن المخدرات هي ما يخامر العقل أيضاً وأنه - صلى الله عليه وسلم -، قد أعطي لولي الأمر الحق في تأديب مجتمعه، فيما يناسبه في حينه..
فجيل كان في عهد الخلفاء الراشدين يكفيه الجلد للتأديب، ولكن لن يكفى جيلا من بعده الجلد والسجن، وهكذا دواليك حتى ارتفعت العقوبة في بعض الدول إلى الإعدام"[21].
وغير ذلك الكثير مما ورد عن العلماء القدامى والمعاصرين في تحريم المخدرات بأنواعها، وقد اكتفيت بذكر القليل منها خشية الإطالة في أمر لا خلاف فيه.
المحور الثالث
أهمية الوقاية في الإسلام
معنى الوقاية:
الوقاية في اللغة: مأخوذة من الفعل (وقى)، ومعنى وقى ووقاه: صانه ووقاه ما يكره، ووقاه بالتشديد: حماه منه...
والوقاية والوقاء: كل ما وقيت به شيئًا[22].
والوقاية في الاصطلاح: حفظ الشيء عما يؤذيه ويضره[23].
إذن فوقاية الشباب من المخدرات بمعنى: حفظهم من هذه الآفة التي تؤذيهم وتضرهم، وحفظهم من مخاطرها وأضرارها.
وقد اهتم الإسلام بوقاية أفراده بوجه عام من كل ما يضرهم ويوقعهم في المهالك، فجميع التشريعات التي وردت في الإسلام هي في مضمونها وفي تأكيد الالتزام بها وقاية من الهلكة، وهذا بالطبع يلزم فريضة الوقاية، ويوجب الحذر والانتباه على الإنسان، كما يوجب عليه الابتعاد عن الذنوب والمعاصي والمخاطر التي تؤدي إلى الهلكة وتوجب إنزال العقوبة من الله سبحانه.
فأمر الوقاية وتدابيرها في الإسلام أمرٌ أصيل، ويندرج تحت عدة قواعد فقهية منها قاعدة (سد الذرائع) التي تقضي بإغلاق جميع السُبُل المؤدية إلى المحرم أو إلى الضرر، وقاعدة: (درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح)، وهكذا أخذ أمر الوقاية حقه من الاهتمام، كما أن التحذيرات التي حفلت بها كثير من الآيات القرآنية، والتي في حقيقتها لأفعال هي في الأصل مقدمة لأفعال محرمة، أليس الأمر بغض البصر عن المحرمات وقايةً من الوقوع فيها، أليس النهي عن خلوة الرجل بالمرأة وقايةً من وقوع كليهما في الفاحشة، أليس الأمر بأخذ الحذر من العدو - حتى في أثناء الصلاة - وقايةً من وقوع ضرره على المسلمين؟.
وإذا تأملنا تشريعاً مثل تشريع الصوم نجد الوقاية نصاً - في القرآن - يقول سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾[24].
إنَّ الصوم الذي لخصَّ الله حكمته في العبارة القرآنية المعجزة ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ هو أهم أبواب الوقاية بمعناها الشامل، فلن تتحقق التقوى إلا إذا كان الجوع ذا تأثيرٍ على الجسم والعقل والروح بحيث يسهُلُ توجُّه هذه القوى الأساسية إلى غايةٍ واحدة في جوٍ من الصَّفاء والطهارة، وهي غاية التقوى"[25].
ألم يأمر الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - من لم يستطع الباءة من الشباب ليتزوج بأن يصوم، وأخبر أنَّ الصوم يُعدُّ حماية له ووقاية؟ ألا يتعلق ذلك بموضوعنا؟.
فدين الإسلام هو دين الوقاية في كل أمور الحياة على اختلاف أنواعها وأشكالها، والوقاية حكمة من حكم تطبيق الحدود على المسلم عند ارتكابه لبعض الكبائر، والمتتبع لآي القرآن الكريم، وأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - يجد الكثير من التوجيهات الخاصة بوقاية الجسم لحفظ صحته، ومع ذلك أحل له الطيب من الطعام وأمره بالأكل والشرب مع عدم الإسراف، ونهى المؤمنين أن يحرموا الطيب على أنفسهم أو على غيرهم فقال تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ...
﴾[26].
وجاء في تفسير هذه الآية: قوله تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد ﴾ٍ كانت بنو عامر لا يأكلون في أيام حجهم من الطعام إلا قوتًا، ولا يأكلون دسمًا يعظمون بذلك حجمهم، فقال المسلمون: نحن أحق أن نفعل ذلك يا رسول الله؟ فأنزل الله - عز وجل - ﴿ وَكُلُوا ﴾ يعني اللحم والدسم ﴿ وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا ﴾ بتحريم ما أحل الله لكم من اللحم والدسم ﴿ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ ﴾ الذين يفعلون ذلك...
﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ ﴾ يعني لبس الثياب في الطواف ﴿ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ﴾ يعني اللحم والدسم في أيام الحج، وعن ابن عباس وقتادة ﴿ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ﴾ ما حرم أهل الجاهلية من البحائر والسوائب ﴿ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَةِ ﴾ فيه حذف تقديره هي للذين آمنوا وللمشركين في الحياة والدنيا، فإن أهل الشرك يشاركون المؤمنين في طيبات الدنيا، وهي في الآخرة خالصة للمؤمنين لاحظ للمشركين فيها، وقيل هي خالصة يوم القيامة من التنغيص والغم للمؤمنين، فإنها لهم في الدنيا مع التنغيص والغم...
﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ يعني الطواف عراة ﴿ مَا ظَهَرَ ﴾ طواف الرجال بالنهار ﴿ وَمَا بَطَنَ ﴾ طواف النساء بالليل وقيل هو الزنا سرا وعلانية...
قوله - عز وجل - ﴿ وَالإِثْمَ ﴾ يعني الذنب والمعصية، وقال الضحاك الذنب الذي لا حد فيه، قال الحسن: ﴿ الإثم ﴾: الخمر، قال الشاعر: شربت الإثم حتى ضل عقلي كذلك الإثم يذهب بالعقول والبغي الظلم والكبر.[27]
وورود هذه الآية الثالثة تلو آيات إباحة الطيبات مباشرة يدلنا على أنه كما أباح لنا كل طيب في الدنيا وجعله خالصًا لنا نحن المؤمنين - إن شاء الله - في الآخرة حرم الفواحش التي يتأتى منها الضرر لنا، وليس هذا فحسب ولكن تأكيدًا لذلك نهانا عن قربها مبالغة لنا في الوقاية من جميع الفواحش، مع وصفها بوصفين حتى لا تبقى فاحشة لم يتناولها النهي فقال - سبحانه - ﴿ وَلاَ تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾.[28] وفي تفسير هذه الفواحش أورد الإمام ابن الجوزي آراء المفسرين فقال: فيه خمسة اقوال: أحدها: أن الفواحش الزنا، وما ظهر منه الإعلان به، وما بطن الاستسرار به، قاله ابن عباس والحسن والسدي، والثاني: أن ما ظهر الخمر ونكاح المحرمات، وما بطن الزنا، قاله سعيد بن جبير ومجاهد، والثالث: أن ما ظهر الخمر، وما بطن الزنا، قاله الضحاك، والرابع: أنه عام في الفواحش، وظاهرها علانيتها، وباطنها سرها، قاله قتادة، والخامس: أن ما ظهر أفعال الجوارح، وما بطن اعتقاد القلوب.[29]
والفاحشة هي: ما عَظُمَ قُبْحُه من الأفعال والأقوال.[30]
على مر التاريخ والدين الإسلامي معروف بدوره الوقائي الذي يقوم به، ويبث في أهله السير عليه، وترتبط دوافعه الوقائية بالإيمان بالله، والإجراءات الوقائية إنما هي أوامر من عند الله الذي خلق الإنسان، ويعلم ما ينفعه وما يضره، وهذا الإيمان الذي كانت له قوته في الماضي لا بد من تقويته في الوقت الحاضر، بعد أن أدركنا حالياً الأخطار التي يمكن للبشرية أن تتعرض لها، لو لم تتمسك بأوامر الله بإيمان مطلق، ومجموعة القواعد الوقائية في الإسلام، سواء كانت وحيا يتلى أو وردت على لسان الذي لا ينطق عن الهوى، إنما هي نمط من التشريع والأحكام.
إنَّ أمر الوقاية في الإسلام أمرٌ يسيرٌ لايكلف شيئًا؛ لأنه يكون بالكفِّ والامتناع، وهو ليس كالبذل والعطاء، يكفي أن تمتنع عن الطعام أحياناً، وأن تمتنع عن مفارقة الفاحشة وعن مرافقة أصدقاء السوء وعن النظر إلى الأمور المثيرة أوالاستماع إليها، مع أن البدائل موجودة في ما خلق الله من النعم والخيرات.
وقد جاء في ظلال القرآن - في معرض الحديث عن آية من آيات الخمر: إن المدمن يشعر بالرغبة الشديدة لتعاطي ما أدمن عليه في أوقاته المحددة، والتي اعتاد أن يتناولها فيها، فإذا جاء وقتها ولم يستجب لندائها خفت حدة العادة، وبهذا يمكنه التغلب عليها، وهذا شيء مجرب لا يختلف فيه اثنان.[31]
هذا ولا يخفى أن هناك مقومات تساعد المسلم على تحقق الوقاية يأتي في طليعة هذه المقومات:
الإيمان بالله تعالى: فالإيمان بالله تعالى يبعد الإنسان عن اليأس والجزع، ويهون عليه المصائب.
ومن المقومات أيضًا: تقوى الله - عز وجل - فالتقوى تنير البصيرة وتجعل الإنسان قادرًا على التفريق بين الحق والباطل، قال تعالى: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ ﴾[32].
ومن المقومات كذلك: خشية الله - سبحانه - فخشية الله والخوف من عقابه تؤدي إلى طاعته - سبحانه - والبعد عن الشر والشهوات وتريح الضمير، وتؤدي بالإنسان إلى السلوك السليم، وتجعله عنصرًا صالحًا في الجماعة المسلمة.
المبحث الأول
المسجد ودوره في الوقاية من المخدرات
المسجد:
المسجِد بالكسر اسم لمكان السجود، والمسجَد بالفتح جبهة الرجل حيث يصيب السجود، وقال الزجاج: كل موضع يتعبد فيه فهو مسجد.[33]
والمسجد شرعاً: هو المكان الذي يلتقي فيه المسلمون يسجدون فيه ويركعون ويتعبدون فيه لله - عز وجل - المسجد في القرآن الكريم ورد ذكر المسجد في القرآن الكريم حوالي أربعًا وعشرين مرة، منها اثنتا عشرة مرة خاصة بالمسجد الحرام - وهذا يلفت النظر إلى عظمة المسجد الحرام - وقد ورد لفظ المسجد مفردًا ومجموعًا، وذلك حسب سياق الكلام ومقتضياته، ومن وروده مفردًا قول الله - عز وجل - ﴿ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ﴾[34] ومن ورود لفظ المسجد مجموعًا قول الله - سبحانه -: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئَكَ أَن يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ ﴾[35] .
المسجد في السنة المطهرة:
اهتمت السنة النبوية المطهرة بالمسجد قولاً وفعلا وتقريرًا فحث النبي - صلى الله عليه وسلم - على بناء المساجد والاهتمام بها، ورغب في ذلك مبينًا الأجر الجزيل لمن يبني المساجد ويطهرها ابتغاء وجه الله - عز وجل - فعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله، بنى الله له مثله في الجنة).[36]
كما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يستقر به المقام عندما نزل على كلثوم بن الهدم - وقيل على سعد بن خيثمة - في قب--اء حتى بدأ ببناء مسجد قباء، فأسس مسجد قباء وصلى فيه، وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة...
وعندما وصل إلى ق-لب المدين-ة ( يثرب - يوم ذاك ) كان أول عمل قام به هو إقامة المسجد النبوي، ففي المكان الذي بركت فيه ناقته أمر ببناء هذا المسجد، واشترى هذا المكان من غلامين كانا يملكانه، وساهم في بنائه بنفسه - صلى الله عليه وسلم -، فكان ينقل اللبن والحجارة ويقول: اللهم لاعيش إلا عيش الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة.[37]
وهذا يدل على المكانة العظيمة للمسجد في المجتمع المسلم.
دور المسجد ووظائفه في الإسلام:
المسجد المكان الذي يلتقي فيه المسلمون، ومنه ينطلقون منذ عهد الرسالة، فمسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو من أوائل المساجد التي أسست في الإسلام - كما بينا - كان صرحًا دينيًا نزل فيه الوحي وتلقت الأمة فيه علوم دينها ومنهج حياتها فخرجت من الظلمات إلى النور، ومن ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن التخلف إلى التحضر والصدارة، فكان مسجده - صلى الله عليه وسلم - منبع حياة هذه الأمة ومصدر هدايتها، وسيظل كذلك - إن شاء الله - إلى يوم القيامة، فيه تفقه الناس في أمور دينهم ودنياهم، وفيه تشربوا بمبادئ العدل ونظم الحكم الإسلامي.
في المسجد كان يكتب القرآن الكريم ويحفظ، وفيه يتعلم الصحابة والتابعون ترتيل الآيات، وفيه يتجرد الإنسان لمناجاة ربه وينصب لعبادته ومحاسبة نفسه، وفي المسجد تؤدى الصلوات الخمس والجمع.
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرف على حلقات العلم التي كانت تنتشر في أرجاء المسجد النبوي الشريف، حيث حدث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بمجلسين في مسجده، فقال (كلاهما على خير وأحدهما أفضل من الآخر، أما هؤلاء فيدعون الله ويرغبون إليه، فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وأما هؤلاء فيتعلمون الفقه والعلم ويعلمون الجاهل فهم أفضل، وإنما بعثت معلمًا ) قال: ثم جلس فيه.[38]
وظائف المسجد في المجتمع المسلم: للمسجد وظائف متعددة في المجتمع المسلم:
أولها وأهمها إقامة الصلاة، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، حيث يلتقي المسلمون خمس مرات في اليوم والليلة، بعد أن يسمعوا النداء إليها مذكراً بتوحيد الله ( الله أكبر....
أشهد أن لا إله إلا الله....
)، ومن على منبره تلقى الخطب المنبرية في كل ما يهم الأمة في دينها ودنياها، وفيه يجتمع أعلام الأمة من المسلمين أهل الحل والعقد، فالمسجد في الحقيقة مركز ديني اجتماعي.
والوظيفة الثانية للمسجد التربية الإسلامية ( الروحية والعقلية والسياسية والجسدية...
) ونشر العلم، وتعليم المسلمين ما ينفعهم في آخرتهم، ثم ما ينفعهم في معاشهم.
وعندما انطلق العلم من المسجد كان مباركاً خالصاً لله - عز وجل - ومن ثم نشأت الكتاتيب في المس-اجد، ثم تحولت إلى مدارس وجامعات[39].
فمن أهم رسالات المسجد أن يلتقي المؤمنون في رحابه خمس مرات في اليوم والليلة؛ ليعيشوا مع ربهم معزولين عن العالم في عبادة وذكر وتواص وتراحم، وتعاون، متماسكين كالجسد الواحد.
ويتعلم المسلم في المسجد الكثير، ومنه اتباع النظام والتعود عليه، عند تسوية الصفوف، القدم بالقدم، والكتف بالكتف، كما يتعلم التواضع، فالفقير بجوار الغني، كتف بكتف، وقد يكون الإمام أقل الناس مالاً، والمأموم أكثر منه ثراء.
وفي المسجد تعقد المؤتمرات لمناقشة أحوال الأمة وما يواجهها من مشكلات، وفيه تتخذ قرارات الش-ورى، وفيه يجتمع أهل الحل والعقد لرسم السياسة العليا للمجتمع، كما كان في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم.
ومن المسجد كان العلماء يسيرون الجيوش المسلمة للدفاع عن المسلمين، فهذا ابن تيمية والعز بن عبد السلام - يرحمهما اللهـ يقودون المسلمين لمواجهة التتار، وحتى أثناء الحملة الفرنسية على مصر كان علماء الأزهر يقودون المسلمين في مصر لمواجهة الفرنسيين، مثل عبد الله الشرقاوي، والإمام أحمد الدردير، وكان للأزهر دور كبير في ثورة (1919) ضد الإنجليز ووقفت الدوري-ات العسكرية الإنجليزية أمام الأزهر لتمنع العلماء والطلاب من المظاهرات[40].
وفي المسجد يبحث الفتيان والشباب عن الرفقة، لأنها تغذي حاجة نفسية ملحة عنده، وينتقي أقرانه من الفتيان المشابهين له في الطباع، ويختارهم ممن يكثر لقاؤه بهم، وأقران المسجد يلتقي بهم خمس مرات في اليوم والليلة، بالإضافة إلى درس تحفيظ القرآن، ومن خلال هذه المعايشة ين-تقي الفتى المواظب على المسجد أقرانه من رواد المسجد.
ولابد لجماعة المسجد ورواده أن يكونوا عونا لهؤلاء الشباب ومشجعين على اختيار الرفقة الصالحة، وعندما ينتمي الشاب إلى المسجد يكون انتماؤه إسلامياً، ويسد الطريق على رفقاء السوء، وعلى الجماعات الملحدة الخارجة، وعلى غيرهم ممن يخربون عقول الشباب ويبعدوهم عن عقيدتهم.
ووجود الشاب بذاته في المسجد له معنى كبير في صلته بالله وقربه من العبادة، فقراءة القرآن والتسبيح والتكبير هذا كله له أثر كبير، فالمسجد يعالج أي مشكلة من ناحية الدين، لأن العلاج من ناحية العقاب يعني العلاج بالقانون، أو حتى بوسائل الإعلام التي قد تكتفي ببيان الضرر الذي يترتب على الانحراف أو تعاطي المخدرات هذا كله لا يؤتي ثماره جيدًا، أو إن شئت فقل إن النتائج التي تتأتى منها غير كافية، أما النتائج التي تأتي عن طريق المسجد فهي أفضل بكثير، ومن هنا ندرك الفرق بين علاج المشكلات بعيدا عن المسجد وبين علاجها في المسجد وسط إخوانه المسلمين، إن العلاج في المسجد يكون علاجًا عن طريق إيقاظ العاطفة الدينية، وصلة الفرد بالله - عز وجل - وتحذيره من عقاب الله - سبحانه وتعالى - وهناك فرق كبير بين العلاج عن طريق الشرع الشريف والعلاج عن طريق القوانين الوضعية بكل صوره وفي جميع أشكاله، فالعلاج بالقانون الوضعي يحميه وينفذه فرد مخلوق، قد يضعف حينًا، وقد ينسى حينًا، وقد يتناسى وقد يجامل، لكن عن طريق الشرع لا يمكن للشاب أن يهرب من الله - عز وجل - لأننا نزرع في نفسه أن الله هو الرقيب العليم الخبير، وإذا نجا من عقاب الدنيا فإنه لن ينجو من عقاب الآخرة، ولنتأمل كيف استطاع الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن ينهض بجماعة قليلة رباها على الخوف من الله - عز وجل - فقادت الأرض وتحدت البشرية، وأقامت أعز وأقوى دولة عرفها التاريخ، ومن هنا ندرك كيف قضى الإسلام على كثير من المفاسد التي كانت قد استشرت في المجتمع الجاهلي، ومنها قضية الخمر وغيرها.
فحينما نزلت آية تحريم الخمر تلقوها ببشر وسرور هاتفين بقولهم: انتهينا يارب، وامتلأت طرقات المدينة بالخمور، إذن فالإسلام عندهم كان عقيدةً وخلقًا ودينًا ونظامًا.
ومن هذا المنطلق نهيب بأولي الأمر والقائمين على شؤون المساجد في الأقطار الإسلامية، أن يفسحوا المجال أمام أئمة المساجد والوعاظ، وغيرهم ممن يتولون أمور المساجد، أو من يقوموا على شؤونها؛ ليعملوا جهودهم ليعيدوا للمساجد دورها؛ حتى تعود صروحًا شامخةً؛ ليتجمع فيها الشباب ويتلقوا أطهر تربية، وذلك يكون من خلال أمور عديدة منها:
• إقامة الحلقات القرآنية فإن الشباب في هذا السن كالعجينة باليد يحتاجون إلى من يربيهم التربية الإسلامية المستقاة من الكتاب والسنة، وأهل الحلقات القرآنية هم أجدر من يقوم بذلك.
• استقطاب أحد المقرئين ممن يحملون القراءات، ومن أهل الخير والصلاح والتقى، ويكون مسكنه قريب من المسجد حتى يكون متواجدًا دومًا في المسجد، يقرئ الناس من الكبار والجامعيين.
• إقامة دار نسائية أو فتح دار نسائية مجاورة للمسجد،أو قريبة منه لكي تقتل المرأة الفراغ الذي تعيشه في بيتها، بما يعود عليها بالنفع في الدنيا والآخرة.
• يجعل الإمام أو الواعظ لقاءًا شهريًا مفتوحًا حتى يستقطب رواد المسجد، ولا مانع من أن يتودد للشباب، ويفسح لهم من صدره حتى يجتمعوا حوله، ويتقبلوا موعظته.
• لا مانع من إلقاء الكلمات والمواعظ المفيدة المختصرة عقب الصلوات أو بين الآذان والإقامة؛ لأن الناس قد تمل المحاضرات المطولة.
• يحاول الإمام أن يجعل في المسجد درسًا علميًا ثابتًا في فروع العلم المختلفة، من فقه وعقيدة وحديث وتفسير، فكثيرا ما يلتف الشباب حول مثل هذه الدروس التي تخصص لفرع معين من العلوم.
• توزع هدية شهرية، أو مجلة المسجد على المصلين في المسجد، بحيث تكون نافعة ومفيدة علميًا بما يطلع رواد المسجد على أحوال المسلمين، وأخبار الحي وقضايا الساعة.
• إقامة دورات للأئمة في المساجد الكبيرة (الجوامع) توافق المناسبات، فقبيل رمضان مثلاً تقام دوره عن الصيام والقيام وأحكامه لمدة ثلاثة أيام، وقبيل الحج كذلك، وقبيل الإجازات تقام دوره عن السفر وأحكامه، والتفرقة بين السفر المباح والمحرم.
• إقامة مسابقه خاصة بالمسجد لمريديه، كالمسابقات على احد الكتب ويشترك فيها من أراد، وتكون لها جوائز قيمة، وتكون المسابقة دوريه، ويراعى في ذلك المواسم.
• أن يكون في المسجد لجمع الزكوات والصدقات، فتستقبل وتصرف في مصارفها، أو يكون المسجد وأهله وسيطًا بين المتصدق وبين المؤسسات الخيرية، وكذلك في المواسم التي يكثر فيها إخراج الزكاة.
• القيام بزيارات للمستشفيات وللمرضى من أهل الحي؛ حتى يحصل بذلك الاتعاظ والاعتبار، وتذكر نعمة الله على الإنسان، وكيف أنه فضله على غيره من الناس بنعمة الصحة.
فلو تمت مثل هذه الأمور في المساجد - بنية خالصة - لحفظ الشباب - بإذن الله - من ارتياد الأماكن المشبوهة التي تعود عليهم بالضرر أكثر مما تعود عليهم بالنفع، فنحفظ عليهم أوقاتهم، ونجعلهم يستمتعون بها في حدود المباح والمفيد في ضوء شريعة ديننا الحنيف، وحينئذ تكون المساجد عونًا للآباء في التربية والتقويم.
وحبذا لو أخلص أولوا الأمر والقائمون على شؤون المساجد في إعداد الأئمة وتدريبهم تدريبًا كاملاً، على المواد التي يستخدمها الدعاة والأئمة في علاج القضايا والمشكلات، خاصة مثل هذه القضايا الشائكة - وقضية المخدرات بالذات - فليس كل داعية يستطيع أن يكون مؤثرًا، بل لابد أن يكون مدربًا ومعدًا ليس من ناحية الوسيلة الحديثة التي يستطيع أن يقدم بها المادة فحسب، بل من جهة التبليغ أيضًا، وطريقة الإلقاء والنصح، وكيف يبلغ هذه الدعوة إلى الشباب، وحبذا لو كان هناك إعداد مادة للدعاة وأئمة المساجد، وتدريبهم عليها تدريبًا متواصلاً، فيعي وسائل الدعوة والإقناع الحديثة والمزودة بوسائل إيضاح علمية، فتتكون لديه المعلومات الكافية عن المخدرات، وأسباب تعاطيها، والأضرار المترتبة عليها؛ حتى يخاطب الناس على قدر عقولهم، فلا بد أن يكون لدى الداعية شيء من هذا الواقع، كما أن القضية لا تترك للداعية وحده؛ بل لابد أن يكون بجانبه مجموعات خبرة، ومجموعات عمل بالتنسيق مع بقية التخصصات الأخرى من قبل وزارات الأوقاف وإداراتها، وبرنامج طويل يمكن لهذه المجموعات أن تقوم بهذا الدور.
الخلاصة:
وخلاصة القول أن المسجد أول واهم مؤسسة دينية في الإسلام، يشهد لهذا عملياً مبادرة الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - إلى بناء المسجد فور وصوله إلى المدينة، وأهمية المسجد تكمن في أمور كثيرة في طليعتها أداء الجمع والجماعات كل يوم خمس مرات، يلتقي المسلمون ويتفقد كل منهم حال الآخر، كما أن أهميته ليست لإقامة الصلاة فحسب، بل لأمور أخرى مهمة لا تتحقق إلا من خلال المسجد، ومنها: حلقات قراءة القرآن الكريم، وحلقات الذكر والاعتكاف.
وإقامة الحلق العلمية في المسجد والالتقاء بالمفتين، والاستماع والوعظ، والتشاور، وتلك الدروس العلمية وما فيها من وعظ أو خطب ونصائح، لها أثرها البالغ في إيجاد الوقاية التامة من الانحراف نحو الجريمة، فالمساجد فيها المنابر وكراسي الوعظ التي ينبغي أن تستغل لبيان موقف الإسلام من تعاطي المخدرات وبيان مضارها.
كما أن المساجد فيها الرقابة غير المباشرة من خلال إمامه، فهو النذير المبكر للمجتمع عن وجود سوء وشر قادم، إما قرناء سوء، أو ظهور بوادر إدمان شخص، عن طريق استشارة الإمام وشكوى بعض الأحوال إليه، واستفتائه في بعض القضايا، ودور الإمام دور الناصح الموجه أو المبلغ للأسرة وأولي الأمر؛ لاتخاذ الإجراء المناسب لوقاية أبنائهم وذويهم.
وفي المسجد أيضاً تتحقق الألفة ويتحقق الود الاجتماعي؛ لكون المسجد ميداناً للتعارف والتآخي والتآلف والتعاون والتناصح، وذلك من خلال تكرار اللقاء اليومي خمس مرات، فمن يرتاد المسجد ينمو ويرتقي وازعه الديني ويتلقى فيه التعليم الذي يبين له ضرر المخدرات.
فالمسجد له ثماره التي لا تنتجها مؤسسة أخرى، خاصة إذا أتيحت الفرص للأئمة والوعاظ؛ لمحاربة الفساد ومعالجة المشكلات التي تتفاقم في المجتمعات الإسلامية.
المبحث الثاني
دور الحسبة في الوقاية من المخدرات
تعريف الحسبة:
الحسبة لغة: بكسر الحاء اسم من الاحتساب، والاحتساب من الحسب، وكلمة الاحتساب لها عدة معان منها:
طلب الأجر، والاختبار، والإنكار، الاكتفاء، التدبير الحسبة" لفظا، مصدر يعني احتساب الأجر على الله.وأصل اللفظ: حسْب بمعنى الكفاية، وقيل إن الحسبة: هي القيام على الشيء بإصلاحه وتربيته.[41]
الحسبة اصطلاحا: أمر بالمعروف إذا ظهر تركه، ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله.[42]
والحسبة والاحتساب: اسم يتناول كل عمل صالح يقوم به صاحبه ابتغاء وجه الله، ثم أصبح اصطلاحًا يطلق على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من حيث إنه عمل إصلاحي، وفعل يقوم به صاحبه احتسابا وإيمانا لا يبتغي عليه من أحد جزاءً ولا شكورًا.[43]
مشروعية الحسبة:
الحسبة مشروعة في الإسلام لقول الإمام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: وإذا كان جماع الدين وجميع الولايات هو أمر ونهي، فالأمر الذي بعث الله به رسوله هو الأمر بالمعروف، والنهي الذي بعثه به هو النهي عن المنكر، وهذا نعت النبي والمؤمنين، كما قال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾.[44]
ومما يدل على مشروعية الحسبة مايلي:
1- أن الله تعالى أمر بها ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ﴾[45].
قال الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية:
أمرهم الله بتتميم هذه الحالة أي حالة الشكر لله تعالى، والتمسك بحبله المذكورين في الآية السابقة - والسبب الأقوى الذي يتمكنون به من إقامة دينهم، بأن يتصدى منهم طائفة يحصل فيها الكفاية ﴿ يدعون إلى الخير ﴾ وهو الدين أصوله وفروعه وشرائعه ﴿ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ ﴾ وهو ماعرف حسنه شرعًا وعقلاً ﴿ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ ﴾ وهو ما عرف قبحه شرعًا وعقلاً ﴿ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ﴾ المدركون لكل مطلوب، الناجون من كل مرهوب، ويدخل في هذه الطائفة أهل العلم والتعليم، والمتصدون للخطابة ووعظ الناس عمومًا وخصوصًا، والمحتسبون الذين يقومون بإلزام الناس بإقامة الصلوات، وإيتاء الزكاة، والقيام بشرائع الدين، وينهونهم عن المنكرات، فكل من دعا الناس إلى خير على وجه العموم، أو على وجه الخصوص، أو قام بنصيحة عامة أو خاصة، فإنه داخل في هذه الآية الكريمة.[46]
2- أنه كان واجبا على الأمم الماضية كما قال تعالى: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾[47].
3- القيام بالحسبة من أوصاف سيد المرسلين قال الله - تعالى - عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - ﴿ ..
يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾[48].
4- القيام بالحسبة من صفات المؤمنين قال تعالى: ﴿ التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ ﴾[49]
5- أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما تتم به خيرية هذه الأمة قال تعالى ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ..الآية ﴾[50]
وقد جاء في تفسير هذه الآية: هذا تفضيل من الله لهذه الأمة بهذه الأسباب التي تميزوا بها، وفاقوا بها سائر الأمم، وأنهم خير الناس للناس نصحًا، ومحبة للخير ودعوة وتعليمًا وإرشادًا، وأمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر، وجمعًا بين تكميل الخلق والسعي في منافعهم بحسب الإمكان، وبين تكميل النفس بالإيمان بالله والقيام بحقوق الإيمان.[51]
6- قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)[52]
إلى غير ذلك مما يدل على مشروعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويبين المكانة العظيمة للحسبة في الإسلام.[53]
حكم الحسبة: للعلماء قولان في حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
القول الأول:
أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين، ومن الأدلة على هذا قوله تعالى: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[54].
ووجه الدلالة أن (مِنْ) هنا بيانية، فتكون دلالتها تشمل الأمة جميعاً، كقوله تعالى: ﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ ﴾[55].
يقول ابن تيمية - رحمه الله - بعد أن قرر أن الأمر الذي بعث الله به رسوله هو الأمر بالمعروف والنهي الذي بعثه به هو النهي عن المنكر..
وهذا واجب على كل مسلم قادر، وهو فرض على الكفاية، ويصير فرض عين على القادر الذي لم يقم به غيره.
والقدرة هو السلطان والولاية، فذووا السلطان أقدر من غيرهم، وعليهم من الوجوب ما ليس على غيرهم، فإن مناط الوجوب هو القدرة، فيجب على كل إنسان بحسب قدرته قال تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ﴾[56]
فيجب على كل مسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، كل على قدر علمه وقدرته، فمن كان علمه أكثر ستكون دائرة احتسابه أوسع، ومن كان علمه أقل سيكون نطاق احتسابه أضيق، ومن كان قادرا على الحسبة باليد فباليد، ومن لم يستطع إلا باللسان فباللسان، ومن لم يستطع إلا بالقلب فبالقلب، وهذا الأخير هو المستطاع لكل مسلم، ولا يجوز لمسلم التخلي عن هذه الدرجة من الاحتساب.
[57]
القول الثاني:
وهو الذي اختاره كثير من الفقهاء أنه فرض كفاية، واستدلوا بالآية المتقدمة وقالوا: إن (مِن) في الآية تبعيضية، فتفيد أن هذا الواجب خاص ببعض الأمة وليس بجميعها.
قال الإمام الشوكاني في تفسير الآية: و"من" في قوله "منكم" للتبعيض، وقيل لبيان الجنس، ورجح الأول بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفايات، يختص بأهل العلم الذين يعرفون كون ما يأمرون به معروفًًا وما ينهون عنه منكرًا.[58]
وقال القرطبي: الأول أصح - أي كون "من" في الآية للتبعيض - فإنه يدل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على الكفاية.[59]
والذي يظهر أنه يمكن الجمع بين القولين إذا جعلنا القول الأول منصرفاً إلى الإنكار بصوره كافة ومنها الإنكار بالقلب؛ وهذا ممكن تحققه من الجميع كلٌ بحسب قدرته واستطاعته، كما ورد في حديث أبي سعيد المتقدم، والقول الثاني ينصرف إلى معنى الاحتساب باليد واللسان الذي لايمكن إلا لبعض الناس ممن تتوفر فيهم شروط معينة، وهو منصرف كذلك إلى ولاية الحسبة، كولاية إسلامية شرعية مقصودها تحقيق هذه الشعيرة، وعلى هذا فهي بلا ريب من فروض الكفايات التي يجب على دولة الإسلام القيام بها في الجملة، ولايتصور تفرغ جميع الناس للقيام بها وإلا تعطلت ولايات الدولة الأخرى، وتعطلت مصالح الناس وسبل معاشهم؛ وهذا ممنوع.
يقول تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾[60]
وخلاصة القول في ذلك: أن إنكار المنكر واجب عيني بحسب الاستطاعة لا يعذر أحد بتركه، وأضعف الإيمان أن يكون بالقلب، أما ولاية الحسبة فهي فرض كفاية، وهي من واجبات الدولة المسلمة.
أهمية الحسبة والآثار المترتبة على الاحتساب:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرةٌ عظيمة من شعائر الإسلام ، بسببه نالت هذه الأمة خيريَّتها ، وبه تميزت عن سائر الأمم ، قال الله تعالى: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ﴾[61]
وهو حصنٌ حصين من المحن ، ودرعٌ يقي من الشُّرور والفتن ، وأمانٌ تحفظ به حرمات المسلمين ، به تظهر شعائر الدين وتعلو أحكامه ، ويعز أهل الإيمان ويذل أهل الشرك والطغيان، وبه تتميز السنة من البدعة ، ويعُرف الحلال من الحرام ، ويدرك الناس أمور دينهم ، والمباح والمكروه في الأحكام، وتنشأ النَّاشئة على المعروف وتألفه ، وتأنف من المنكر وتتجنبه.
وللحسبة أهمية كبرى، وهي شعيرة لا يمكن الاستغناء عنها، وأهميتها تكمن في عدة أمور:
أولاً: أنها وسيلة للمحافظة على الضرورات الخمس (الدين، النفس، العقل، النسل، المال ) والتي لابد منها في مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة،وفي الآخرة: فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين...ويجمعها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ترجع إلى حفظ الجميع من جانب العدم.[62]
ثانياً: أنها وسيلة للنجاة من عذاب الدنيا والآخرة، الذي توعد الله به من قعد عنه وأهمله، قال الله تعالى: ﴿ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾[63].
يقول الشيخ سيد قطب في الظلال: وبهذا تعلم أن دعاة الإصلاح المناهضين للطغيان والظلم والفساد هم صمام الأمان للأمم والشعوب، وهذا يبرز قيمة كفاح المكافحين للخير والصلاح الواقفين للظلم والفساد، إنهم لا يؤدون واجبهم لربهم ولدينهم فحسب، إنما هم يحولون بهذا دون أممهم وغضب الله واستحقاق النكال والضياع[64].
ويقول الله تعالى: ﴿ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ﴾[65].
وعن حذيفة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه فتدعونه فلا يستجاب لكم)[66].
ثالثاً: أنها سبب للنصر والتمكين:
قال تعالى: ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾[67].
قال الشوكاني: وفيه إيجاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على من مكنه الله في الأرض، وأقدره على القيام بذلك.[68]
رابعاً: أنها علامة فارقة بين المؤمنين والمنافقين كما قال سبحانه: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر ﴾[69].
وقال عن المنافقين: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوف ﴾[70].
فقد وصف سبحانه المؤمنين بهذه الصفة ووصف المنافقين بضدها، قال القرطبي: فجعل الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرقاً بين المؤمنين والمنافقين، فدلَّ على أن أخص أوصاف المؤمن: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورأسها الدعاء إلى الإسلام والقتال عليه.[71]
خامساً: أنها سبب الخيرية لهذه الأمة:
قال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾[72].
سادساً: أنها من أسباب الرحمة:
قال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾[73].
سابعاً: أداء الفرض وسقوط التبعة:
ومما يدل لذلك رواية النسائي لحديث أبي سعيد - رضي الله عنه - ولفظها: (من رأى منكراً فغيره بيده فقد برئ ، ومن لم يستطع أن يغيره بيده فغيره بلسانه فقد برئ ، ومن لم يغيره بلسانه فغيره بقلبه فقد برئ ، وذلك أضعف الإيمان)[74] .
ثامنًا: أن القائمين بها هم أهل الفلاح:
قال تبارك وتعالى: ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[75].
كما أنه يثبت معاني الخير والصلاح في الأمة، ويزيل عوامل الشر والفساد من حياتها، وينشىء الجو الصالح الذي تنمو فيه الآداب والفضائل، وتختفي فيه المنكرات والرذائل، ويحرس آداب الأمة وفضائلها وأخلاقها حقوقها، ويجعل لها شخصيةً وسلطانًا وقوةً، و يبعث الإحساس بمعنى الأخوة والتكافل والتعاون على البر والتقوى، واهتمام المسلمين ببعضهم البعض.[76]
دور إيجابي للحسبة في مكافحة المخدرات جهاز الحسبة في الإسلام عمله أن يأمر بالمعروف ويحث عليه، وينهي عن المنكر، ويحذر منه، فيحارب الفساد بكافة أشكاله، ومن الأعمال التي يفترض أن يقوم بها محاربة المخدرات استعمالاً وترويجاً، وعندما يقوم جهاز الحسبة بمحاربة المخدرات استعمالاً أو ترويجًا فإن عملها لا يكون متعمدًا في هذا المجال تحديدًا - أي مجال مكافحة المخدرات - بل يأتي ضمن قضايا محاربة المنكر والفساد.
"وتؤكد وثائق مؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة، ومعاملة المذنبين المنشورة في جنيف عام 1975م بأن المجتمع السعودي والى وقت قريب لم يكن يعرف من المخدرات سوى القات، وساهم في دخول المخدرات إلى المنطقة في الآونة الأخيرة الثورة التكنولوجية في أنظمة المواصلات والاتصالات التي أزالت الكثير من الحواجز الطبيعية بين الدول.
وسنوضح فيما يلي جداول إحصائية أوردها الباحث نايف المرواني في كتابه الإدمان والمدمنون والذي هو في الأصل رسالة ماجستير[77] والتي استقي بياناتها أصلا من كتب وزارة الداخلية الإحصائية، وإحصائيات الإدارة العامة لمكافحة المخدرات.
ويبين الجدول كميات المخدرات المضبوطة، وعدد القضايا المقبوض، وعدد المتهمين فيها خلال الفترة من عام ( 1400 هـ ) إلي ( 1409 هـ ).
وهذه الجداول توضح وبجلاء حجم المشكلة محليًا
جدول رقم (1)
يبين كمية المخدرات (المقدرة بالوزن) المضبوطة
خلال الفترة (1400 – 1409) بالمملكة العربية السعودية
موزعة حسب نوع المخدر
نوع المخدر
السنة
حشيش
أفيون
كوكائين / هيروين
قات
1400 هـ
523
2.3
.................
2501
1401 هـ
383
3.6
................
2293
1402 هـ
1118
3.5
................
3978
1403 هـ
1009
12.5
................
4002
1404 هـ
1082
5
9.346
4898
1405 هـ
1169
15
16
6984
1406 هـ
2403.156
26.134
25
22384.637
1407 هـ
4710.847
6.285
36.473
20602.767
1408 هـ
2656.077
4.968
63.331
20387.284
1409 هـ
3131.787
4.497
194.563
12749.92
المصدر: كتاب الإدمان والمدمنون عن وزارة الداخلية، الكتاب الإحصائي العاشر،1414هـ، الكتاب الإحصائي الثاني عشر،1406هـ، والكتاب الإحصائي الرابع عشر، 1408هـ وزارة الداخلية،الإدارة العامة لمكافحة المخدرات،الكتاب الإحصائي السنوي،1408/ 1409هـ
جدول رقم (2)
يبين كمية المخدرات ( المقدرة بالحبة ) المضبوطة
خلال الفترة ( 1400 – 1409 ) بالمملكة العربية السعودية
موزعة حسب نوع المخدر
نوع المخدر
السنة
مندركس
امفيتامين
سيكونال
كبتاجون
أخرى
1400 هـ
...........
394651
1215101
3512107
...........
1401 هـ
...........
117088
110173
3011212
...........
1402 هـ
3605
31948
1319285
3093490
...........
1403 هـ
1037
13426
1108063
3048678
...........
1404 هـ
987
12205
1718565
3422011
5162649
1405 هـ
1895
20280
4540182
3491361
8064048
1406 هـ
25
13230
1032803
9274591
1322947
1407 هـ
832
16354
378347
4404540
13573
1408 هـ
...........
1994
822018
2920235
11301
1409 هـ
...........
184
2701055
31362685
10693
المصدر: كتاب الإدمان والمدمنون عن وزارة الداخلية، الكتاب الإحصائي الثامن، 1402هـ، الكتاب الإحصائي الحادي عشر، 1405هـ، الكتاب الإحصائي الثاني عشر، 1406هـ، والكتاب الإحصائي الثالث عشر، 1407هـ.
وزارة الداخلية،الإدارة العامة لمكافحة المخدرات،الكتاب الإحصائي السنوي،1408/ 1409هـ
جدول رقم (3)
يبين قضايا المخدرات المضبوطة وعدد المتهمين فيها
بالمملكة العربية السعودية خلال الفترة ( 1400 – 1409 )
السنة
قضايا
المتهمين
سعوديين
غير سعوديين
1400 هـ
1634
2080
1765
1137
1401 هـ
2403
3730
2312
1418
1402 هـ
3492
5680
3635
2045
1403 هـ
3232
5613
3214
2399
1404 هـ
3562
5971
4033
1938
1405 هـ
3822
5612
3790
1822
1406 هـ
4279
6046
3980
2066
1407 هـ
4527
6589
4423
2166
1408 هـ
3737
60303
4095
1938
1409 هـ
3039
5457
3449
2008
المصدر: كتاب الإدمان والمدمنون عن وزارة الداخلية، الكتاب الإحصائي الثامن، 1402هـ، الكتاب الإحصائي الحادي عشر، 1405هـ،
والكتاب الإحصائي الرابع عشر، 1408هـ وزارة الداخلية،الإدارة العامة لمكافحة المخدرات،الكتاب الإحصائي السنوي،1408/ 140[78]
الخلاصة:
وثمت كلمة أخيرة نختم بها موضوع الحسبة فنقول:
الحسبة أو (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) مؤسسة دينية لها أهميتها في المجتمع المسلم، تثبت معاني الخير وتحث عليها، وتزيل عوامل الشر وأسبابه من حياتها، وتخفي المنكرات والرذائل من المجتمع المسلم، وهي عمل مميز اختص به هذا الدين الإسلامي، وواقعنا اليوم شاهد بهذا الدور الكبير الذي تؤديه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في القليل من البلدان الإسلامية التي تفعل هذه المؤسسة، ومنها - على سبيل المثال - المملكة العربية السعودية -، فكثير من قضايا المخدرات سواء ترويجاً أو استعمالا تم كشفها عن طريق الهيئات، فإن لهذا الدور أثره أيضاً على من يرغب في الاقتراب من هذا المنكر ترويجاً، أو استعمالا خشية أن يقع في أيدي أحد أفراد الهيئة فينال العقاب، وبالتالي ضعفت نسبة من يبحث عن المخدر خوفاً من نشاط المحتسبين وجهودهم في هذه البلدان القليلة، فليت أولي الأمر في الأقطار الإسلامية يعيدون لهذه المؤسسة مكانتها الحقيقية، ويوفرون لها الأجواء الخصبة؛ لتؤدي مهامها على أتم وجه في محاربة الشر وطرقه، حتى تحتفظ الأمة بثرواتها المادية والبشرية، تؤدي بها حقوق ربها، وتغيظ بها عدوها.
المبحث الثالث
دور مؤسسات التعليم الديني
بادئ ذي بدء لابد أن نلفت النظر إلى أن مؤسسات التعليم الديني موضعها في المؤسسات التربوية، فهي حقًا في طليعة المؤسسات التربوية وهذا لاشك فيه، لكنا ذكرناها هنا من باب أنها مؤسسات تعنى بغرس المبادئ والقيم الدينية وتقوم الشباب، وتساعد المؤسسات الدينية الأصيلة، بل قد يقوِّم فيها الشاب أكثر من غيرها، فالمعلم وأستاذ الجامعة لا يخفى على أحد ما لهما من أثر في تحويل مسار الشباب، خاصة إذا توفرت في هذا الأستاذ معاني القدوة الحقيقية ظاهرًا وباطنًا، ويتأكد ذلك حينما نتدبر فيما آل إليه حال الأمة وكثرة وسائل الفتن فيها.
ونعني بمؤسسات التعليم الديني: الجامعات التي تهتم بدراسة العلوم الدينية والعربية، ويتأكد الكلام على الجامعات الإسلامية منها، فهي مسئولة أكثر من غيرها عن الشباب المسلم والحفاظ على صحته ومستقبله، كما نعني المعاهد الدينية والعلمية، تلك المعاهد ودور العلم التي تنتسب إلى الاهتمام بدراسة الدين الإسلامي وعلومه، أمثال المعاهد الأزهرية التي تتبع الأزهر الشريف بجمهورية مصر العربية، وما يسير على منوالها في الأقطار الإسلامية الأخرى، والمعاهد العلمية ومدارس تحفيظ القرآن الكريم التي تتبع وزارة التربية والتعليم بالمملكة العربية السعودية ودولة اليمن، وما يسير على منوالها في الأقطار الإسلامية الأخرى، وليس معنى هذا أن دور العلم التي ذكرناها، فقط هي صاحبة الدور في الوقاية، وغيرها ليس عليه دور! أو لا يقع عليه عبء كلا، بل العبء يقع على جميع دور العلم في الأقطار الإسلامية من معاهد ومدارس وجامعات، على اختلاف مناحيها واتجاهاتها فكل دور العلم منوطة بالمسؤولية عن الحفاظ على شبابها ومنتسبيها، بل وعلى شباب الأمة بوجه عام، لكنا نخص بالذكر دور العلم الإسلامية؛ لأن الدور آكد عليها من غيرها باعتبار أنها تعد من المؤسسات الإسلامية.
وبما أن آفة المخدرات أصبحت من أخطر الآفات التي تفتك بالفرد والمجتمع، وخاصة الشباب لكونهم عماد الأمة؛ لذلك هم المستهدفون في المجتمع، والطالب الجامعي مستهدف أكثر من سواه بهذه الآفة، وللقضاء على هذه الآفة واقتلاعها من جذورها، يجب على المجتمع بأسره التعاون في سبيل القضاء عليها وتوعية الشباب بأخطار هذه السموم، ومن الواجب توجيه الإرشاد والنصح له ممن يمتلكون النصح ومن هم في موقع المسؤولية.
إذن فما دور الجامعة ذاتها في مجال مكافحة المخدرات؟ وهل هناك دور على المدارس والمعاهد أيضًا ؟
أقول: نعم إن دور العلم بأسرها، عليها دور كبير في وقاية المجتمع عامة، وشباب المدارس والجامعات خاصة من المخدرات.
وهذا الدور ليس فقط على المدرس أو الأستاذ الجامعي أو المدير، إنما الدور موزع على كل من هو داخل الحرم الجامعي، فالأستاذ عليه دور، والمدير أو عميد الكلية عليه دور، والإداري عليه دور، والمراسل أو العامل عليه دور، والطالب نفسه عليه دور، حقيق أنه قد تتفاوت الأدوار لكن لا يعفى أي من هؤلاء من المسؤولية.
ومن هنا كان من الضروري أن تضطلع المؤسسات التربوية بوجه عام بدور أكبر في الرقابة والتعاون مع الأسرة والمسجد والمحتسبين - إن وجدوا - والمبادرة بحل مشكلات الطلاب أولاً بأول، وأن تعيد إلى الأذهان ذلك النمط من العلاقة الأبوية بين المعلم وطلابه، تلك العلاقة المبنية على الثقة والحب والقدوة.
إذن فالجميع دوره أن ينشئ مع الطالب علاقة أبوية مبنية على تبادل الثقة والحب والمودة.
ثم إن العميد أو المدير دوره أن يهيئ الجو المناسب لأداء كل فرد دوره، والحث على إحياء دور الأنشطة الطلابية، وتفعيل دور الاتحادات الطلابية، والنظر في أمور الرعاية الصحية، والاهتمام بجانب الندوات والمؤتمرات، ومتابعتها حتى تؤتي ثمارها، وهكذا كل دور هو له فيه نصيب، فهو مثل الأب الحاني على أولاده، وهو الذي يحرك الجميع كما أن الأب عينه تكون على جميع أولاده، من باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (ألا كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده، وهي مسؤولة عنهم)[79].
ودور الإداري أن يكون عين على الطلاب، وعلى كل ما يجلب النفع لهم، ميسرًا لهم أمورهم غير معسر، فهو أخ لهم وإن لم تلده أمهم، ميسرًا أمور الندوات وما يعود منها من نفع على الطلاب، محركًا ومفعلاً لدور النشرات والملصقات.
وبالطبع دور الأستاذ أكبر من كل ذلك، ففوق أنه معلم ومرب هو أخ أكبر لهذا الطالب، أو هو والد له، وهو طبيب يعالج ما يظهر له فيه من كسور وقصور، وهو مهندس يشكله ويجمله، وهو مع كل هذا صاحب وصديق، فهل يليق أن واحدًا من هؤلاء يهمل في أداء مهمته ؟
ومن هذه الأوصاف يتضح دور الأستاذ بجلاء، فهو حريص على ما ينفعه ينصح بتودد وإخلاص، ويرشد بلين، ويحذر برفق، ويجلب من المادة العلمية ما يفيد وما يجدي، ويؤكد على ما هو أشد نفعًا، ويبعد ويحذر مما فيه الضرر والهلكة.
فينبغي من الجميع في حقل الجامعة التأكيد على مراعاة غرس القيم الإسلامية في نفوس الشباب من الطلاب والطالبات، عن طريق حثهم على أداء الشعائر الدينية، وبث التقوى في نفوس الطلاب، وتحويلهم إلى أشخاص حريصين على تعلم الدين، والإقبال على أداء شعائر الدين بجانب خلق القيم الدينية المتصلة بالأخلاق الاجتماعية،.وتستخدم في سبيل ذلك أساليب الإقناع وتقديم المساعدات، ومحاولة خلق الشعور الديني والحوافز الدينية الذاتية.
فالتهذيب الديني سبيل إلى التهذيب الأخلاقي، فالأخلاق الدينية والأخلاق الاجتماعية يكمل كل منهما الآخر، بل إن تأثير التهذيب الديني أبقى في النفوس، وهذا يستلزم إعادة الأنشطة الدينية وتفعيلها، وتذليل الصعاب لها داخل المدارس والجامعات، واهتمام الإدارات بالمصلى المدرسي، والمسجد الجامعي، وتشجيع جماعة النشاط الديني، وإمدادها بالدعم الملائم لأهمية دورها عن الأنشطة الأخرى، فلا يليق أبدا أن تغدق الإدارات على الأنشطة الفنية والرياضية وغيرها، وتضيّق على النشاط الديني، أو تحرمه نهائيًا، بل وتضيّق على كل من يتفوّه بالمطالبة بإحياء النشاط الديني بحجج واهية، بل إن الأدهى من ذلك أن يضيّق على من يحيون دور المسجد، ليس فقط في مرحلتهم الجامعية، بل يمتد ذلك التضييق لسنوات طوال حتى بعد تخرجهم من الجامعة، وهذا يؤثر بالسلب على كل من يفكر في إحياء النشاط الديني، أو الاهتمام بالمسجد أو الدعوة إلى حضور صلاة الجماعة، والذي يثير العجب أن كل من يتحدث عن طرق الوقاية من الجرائم - أيا كانت وأيا كان نوعها - يصدر حديثه بضرورة الاهتمام بإحياء الوازع الديني لدى الشباب، فهل يتصور ذلك ؟ كيف نقوي الوازع الديني لديهم بهذا التضييق؟
كما أنه من دور الأستاذ مراقبة الطلاب مراقبة دقيقة؛ حتى يتسنى من خلال ذلك معالجة ما قد يبدو من أحدهم من ممارسات أخلاقية شاذة، قد يكون منها تزويد زملائهم ببعض أنواع المخدرات، أو الدعوات إلى التبرج أو ما إلى ذلك من المفاسد، و من دوره التنسيق مع أسر الطلاب لمعرفة ما يعوق التحصيل الدراسي من قبل الطلاب، أو لمحاولة إصلاح ما قد تستشفه الأسرة أو المدرسة أو الجامعة من اعوجاج، وتكثيف الحملات في الجامعات للقضاء على شرور المخدرات بين الوسط الطلابي.
وبالجملة فدور الأستاذ أكبر من أن تبينه عبارات أو جمل.
ولا يخفى أن الجميع مشتركون في دور واحد وهو إصلاح الذات لكونهم قدوة، ثم فتح القنوات بينهم وبين الطلاب، وإرساء روح المودة والإخاء، والتحذير من المفاسد بالقول اللين والكلم الطيب، وعدم السكوت على ما يستشري من اعوجاج وفساد داخل الحرم الجامعي، بحجة أنها ليست مسؤوليتي، أو أنه صار رجلاً، أو أنه لم يرب في بيته، أو حتى لا يغضب مني، فهذه كلها حجج واهية لا تعفي من المسؤولية، فالله سائله عنه لأن هذا الطالب من رعيته، والله سائل كل راع عما استرعاه، حتى لو لم يكن من رعيته فالله سائله عن هذا المنكر غيره أم لا ؟ فليفطن كل منا إلى دوره، ويظل دائمًا مشغول به، إن فعلنا ذلك أخذنا بأيدي شبابنا إلى بر الأمان وجنبناهم هذه الأضرار وتلك المهالك، وأدينا مهمتنا، وصرنا بحق من خير أمة أخرجت للناس، وأدخلنا الغيظ على عدونا حيث قطعنا الطريق على مأرب عظيم من مآربه.
وعليهم جميعًا في دور العلم أن يفطنوا إلى أنه من الأسباب التي تؤدي إلى تعاطي المخدرات بين شباب الجامعات، التقليد والمحاكاة والمجاملات، فتقليد الأصدقاء ومجاراتهم والرغبة في الانتماء إليهم،والظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة التي قد يعيشها الكثير منهم، والبحث عن طريق لنسيان المشكلات الشخصية، ومحاولة التغلب على الاكتئاب، كل هذه من أسباب تعاطي المخدرات، خاصة في مثل أوقات الاختبارات التي قد يلجأ بعض الطلاب إلى استخدامها؛ ظناً منهم بأنها تساعدهم على المذاكرة مع جهل بعضهم بما تسببه من أضرار على الفرد، والبعض الآخر يلجأ إلى تعاطيها في أوقات الترفيه والرحلات والفراغ في الخلوات فيما بينهم.
فعلى أولي الأمر في المدارس والجامعات الفطنة إلى ذلك والتذكير لبعضهم البعض بذلك، ومحاولة التقرب للطلاب والاستماع إلى همومهم مشكلاتهم، مع تفعيل دور الأخصائيين الاجتماعيين، وحبذا لو كان هناك تنسيق بين الجهات الأمنية وإدارات التربية والتعليم وإدارات الكليات لوضع برامج تشمل عمل جداول للمدارس والجامعات لإلقاء محاضرات من قبل ضباط متخصصين بالإضافة إلى بعض الأطباء النفسيين، ولقاءات مع بعض التائبين والناقهين لشرح التجارب المرة التي مروا بها.
وليت المحاضرات تشمل توزيع النشرات التوعوية عن الآثار الضارة للمخدرات، ويراعى في تلك المحاضرات أن تكون على فترات حسب مواعيد المحاضرات الأصلية للطلاب في الجامعات، والنشرات يتم توزيعها على مدار العام والمشاركة في المعارض والمهرجانات، مثل معارض المنتجات الوطنية وغيرها، إضافة إلى نشاط القسم النسائي في الإدارات الذي يعمل على إلقاء المحاضرات وتوزيع النشرات على مدارس البنات والجامعات.
وجاء في: المشروع القومي لمكافحة الإدمان "مصر خالية من الإدمان عام 2020م" الإرشادات التالية:
• أهمية تدريب المدرِّسين والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين على الاكتشاف المبكر للتعاطي، وأساليب التعامل مع المتعاطين وأسرهم.
• تشجيع الأفكار الابتكارية ورعاية الطلاب داخل الأسر الجامعية، من خلال نشاطات مفيدة في جميع المجالات.
• الاهتمام بدور اتحادات الطلاب وتشجيعهم، وإشراكهم في جميع القرارات وتنمية انتمائهم لأوطانهم.
• إنشاء إدارات متخصصة للتوعية بوزارة التربية والتعليم، وكذلك بالجامعات، وذلك لضمان استمرارية مبادرات التوعية، مع توافر الدعم المادي والإداري لهذه الإدارة.
• الإعداد الثقافي للمعلم داخل كليات التربية، وتأهيله وتدريبه بصورة مستمرة على منهجيات الوقاية والتوعية.
• تمكين وتفعيل مجالس الآباء في المدارس والمعاهد، والاتحادات الطلابية من القيام بأدوارهم ومسؤولياتهم.
• إنشاء مراكز للنصح والإصغاء والمشورة للطلاب، بجوار الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين داخل المدارس والجامعات.
• تأهيل وتفعيل دور الطبيب المدرسي والجامعي في برامج الوقاية من الإدمان.
• إنشاء الجماعات الطلابية داخل المدارس والجامعات، وتدريبها لتلعب دوراً إيجابياً في توعية الأقران.
• التواصل بين المدارس والجامعات ومؤسسات المجتمع المحلي، كالأندية الرياضية والمراكز الثقافية والمراكز الصحية والمستشفيات وغيرها، بما يكفل تنسيق الجهود لجميع هذه المؤسسات..
• تضمين مناهج التعليم موضوعات تستهدف التوعية بمضار التدخين والإدمان والاكتشاف المبكر.
• زيادة دعم خدمات الرعاية الاجتماعية المدرسية والجامعية.[80]
إن المدرسة والجامعة جزء من الحياة الاجتماعية، ولذلك يجب أن تشتمل المناهج الدراسية على كل أحداث المجتمع خاصة ما يعود عليهم بالنفع أو الضرر، ومنها جرائم المخدرات، ولا يجوز أن نجعلهم بمعزل عن مثل هذه المشكلات حتى يدركوا حجمها وخطورتها.
وعلى أعضاء هيئة التدريس، وهيئات تدريس الدراسات الإسلامية - بوجه خاص - تقع مسئولية توعية الطلاب والطالبات بخطورة المخدرات سواء بقاعات الدراسة، أو بمساجد الجامعة عن طريق المحاضرات أو الخواطر الدينية، أو عن طريق البرامج الدينية والثقافية وغير ذلك، من أن لآخر في المناسبات من حفلات أو ندوات أو رحلات.
فليت أعضاء هيئة التدريس يكلفون الطلاب والطالبات بين الحين والآخر بإجراء البحوث بشأن مكافحة المخدرات، مع تزويدهم المعلومات الضرورية في هذا الصدد، وخاصة الإحصائيات السنوية؛ والدراسات العالمية؛ لتعريفهم بخطورة المشكلة، والأضرار الناجمة عنها، وتجمع هذه البحوث والقوانين واللوائح والمنشورات والبحوث العالمية - إن أمكن - وتوضع في مكان بارز في مكتبات الكليات، مع ضرورة إرشاد أساتذة التربية وعلم النفس ومواد قاعات البحث إلى الاطلاع الدوري على هذا الركن من المكتبات، والتعرف على كل جديد فيه؛ لتظل خطورة المخدرات وأضرارها في فكر الطلاب والطالبات دائمة ومستمرة.
وأخيراً، فإن الجامعات والمعاهد العليا والمعاهد العلمية والإسلامية مطالبة الآن ببذل أقصى الجهود، وتكاتف الإدارات وأعضاء هيئات التدريس، وإدارات الشباب ورعاية الطلاب، وتسخير جميع الإمكانات من أجل التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، في إطار عمل جامعي وإسلامي مشترك لدرء أخطارها وآثارها المدمرة، وحماية ثرواتنا البشرية حاضراً ومستقبلاً، وذلك بإيجاد مخطط جامعي تربوي تشريعي يستمد من الإسلام بعقيدته وشريعته وأخلاقه، ويستفيد من إيضاح لكل فرد دوره، ومن الفرص المتاحة للتعاون الجماعي، ومن تقدم الأبحاث العلمية وتطورها في مجال مكافحة المخدرات والوقاية من أضرارها.
المبحث الرابع
دور المؤسسات الأخرى
ولا يخفى على القارئ أن هناك مؤسسات دينية أخرى، فمسمى المؤسسات الدينية لا يقتصر على مجرد المؤسسات التي ذكرناها، وإنما هناك مؤسسات منزلتها في الإسلام لا تقل عن المؤسسات التي ذكرت، وبالتالي فلا بد أن يكون لها دور قد لا يقل عن دور المؤسسات التي ذكرناها، لكننا بدأنا بالمؤسسات التي بدأنا بها، وأفردنا لها مكانًا ومساحة لما لها من شهرة عند المسلمين والتحامهم بها:
ومن هذه المؤسسات على سبيل الإجمال: وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية في الأقطار الإسلامية والعربية، ومجامع البحوث الإسلامية، ومجامع الفقه الإسلامي، ومجامع اللغة العربية، والجمعيات الخيرية الإسلامية وغيرها.
هذه المؤسسات لا يخفى دورها، فلها أن تخرج النشرات والدوريات بين الحين والآخر، ولها أن تذكر الفتاوى في وسائل الإعلام الصالحة لذلك بين الفينة والأخرى، ولا مانع من أن تعقد الندوات والمؤتمرات التي تعالج فيها أضرار هذه الآفة القبيحة، مدعمة هذه النشرات والفتاوى بالأحكام الشرعية على ضوء مقتضيات العصر، مع توضيح الآثار والأضرار الناجمة عن هذه الآفة، ولا مانع من توزيع ونشر وإرسال هذه النشرات والفتاوى إلى المدارس والجامعات، وأماكن تجمع الشباب - مراكز الشباب - موسعة لندواتها ومؤتمراتها بتوجيه الدعوات للشباب وأماكن تجمعهم.
أما عن الدور الحقيقي الذي يمكن أن تقوم به هذه المؤسسات، حيال وقاية الشباب من المخدرات بوجه عام فهو كالتالي:
• تقوية الوازع الديني و غرس القيم الدينية لدى الشباب، وحثهم على مراقبة الله تعالى، ولعل قضية تحريم الخمر واستجابة الصحابة مع وجود الخمر بين أيديهم، نموذج فريد في ذلك يمكن أن يتخذ نبراساً لعلاج هذه القضية، فالتمسك بالقيم الدينية وبيان موقف الشريعة الإسلامية من تعاطي المخدرات، من أهم الجوانب التي يمكن أن تساعد في تقليص حجم هذه المشكلة.
• تنبيه الأسر من قبل هذه المؤسسات دومًا أن لها دورًا مهمًا في تربية الأولاد وتنشئتهم تنشئة صالحة، مع التعاون المستمر مع المدرسة لإنشاء جيل إسلامي قوي.
• العمل على توجيه طاقات الشباب واستثمار أوقات الفراغ، ويكون ذلك من الأسرة والجامعة بالتعاون بين الجامعات والجمعيات الشبابية والمؤسسات الإسلامية الواعية، التي تعنى بالشباب وتملأ وقت فراغهم بكل نافع ومفيد، لتتأتى النتيجة المرجوة والمثمرة، كما أن لمراكز النشاط خلال العام الدراسي، والإجازات الصيفية دوراً فعالاً في استثمار أوقات الفراغ عند الطلاب بالطرق المدروسة بما يعود عليهم بالنفع ويحميهم من الانزلاق في طريق الهلاك.
• مخاطبة أولي الأمر وحثهم على إتاحة المجال للدعاة والمشايخ وأهل العلم والمربين والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين؛ للوصول إلى الشباب، لتوجيههم وحثهم على العودة إلى الدين الحنيف.
• إن للتعليم دوراً في وقاية الشباب من تعاطي المخدرات، فحبذا لو طالبت هذه المؤسسات وزارات التعليم والتعليم العالي وساعدت على ذلك - كل حسب جهده وطريقته - بإدخال معلومات تعرف بها هذه الآفة، وتتعلق بالأضرار الصحية والاجتماعية والاقتصادية لإدمان المخدرات، ويمكن إدخال هذه المعلومات في إعداد المواد الدراسية المختلفة، كل مادة حسب مايتفق ومنظومة دراستها وسياق منهجها.
• عمل هذه المؤسسات على إعداد الشباب جسميًا وفكريًا ونفسيًا، وغرس الاعتماد على الذات بدلاً من الاعتماد على الآخرين، مع أهمية اكتشاف القدرات والاستعدادات والميول، واكتساب خبرات عامة في الحياة، وذلك عن طريق من يلتحم من الشباب بهذه المؤسسات، كما يكون ذلك أيضًا عن طريق توعية رب الأسرة، والأساتذة والمعلمين.
• تعميق مبدأ الحوار المفتوح مع المراهقين والشباب، في قضايا العصر التي تمسهم، وخصوصًا هذه القضايا التي تفسد عليهم حياتهم، إذا لم ينتبهوا لها من بداية الطريق.
وهناك الكثير من الجهود التي تستطيع أن تقوم بها هذه المؤسسات - غير ما ذكرنا - والتي قد لا يتسع المقام لذكرها، وقد لا تسعفني ذاكرتي بها، ولما لقلة الخبرة لديّ بكل أعمال هذه المؤسسات، وكما يقال: كلّ أدري بحاله، أو أهل مكة أدري بشعابها، وحينما يعمل المسلم، وتتوفر لديه النية الخالصة لإنقاذ شباب الأمة الإسلامية، أو رفعة شأن هؤلاء الشباب فالله - عز وجل - يفتح له من أبواب الفكر الكثير والكثير، ويكلل جهده وعمله بالتوفيق والصواب والقبول والسداد، من باب قول الله - عز وجل - ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾[81]
وإن كان ما يقلق الكثيرين من الغيورين على دينهم في هذا الزمان؛ هو كثرة الكلام مع قلة الأفعال، فهذا هو الداء الذي بدأ يستشري في الكثير من أبناء الأمة، أن يفرق بين الكلام والعمل، وهو داء وباله خطير وعاقبته وخيمة على مستقبل هذه الأمة، نسأل الله أن يعيذنا منه وأن يجنبنا ويلاته.
الخاتمة
ونهاية المطاف في هذا الموضوع ظهرت لنا نتائج عديدة أهمها:
أولاً: تعرف المخدرات على أنها:
كل مادة نباتية طبيعية أو مستحضرة كيميائياً، مسكرة أو مفترة، من شأنها أن تزيل العقل جزئياً أو كلياً، تؤدي بعد تناولها إلى الإدمان، وتتسبب في الإضرار بالجهاز العصبي، فتضر الفرد والمجتمع، ويحظر تداولها أو زراعتها، أو صنعها إلا لأغراض يحددها القانون، وبما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية.
ثانيًا: تحرّم الشريعة الإسلامية المخدرات بجميع أنواعها، تجارة وتعاطيًا، سواء أكان التعاطي عن طريق الأكل أو الشرب أو التنقيط أو السعوط، أو الشم أو الحقن أو بأي طريق آخر، لأنها تتلف النفس والمال والعقل والدين.
ثالثًا: دين الإسلام هو دين الوقاية في كل أمور الحياة، يتضح ذلك من بيانه للحكمة في كثير التشريعات، كما أنه كثيرًا ما يأمر المسلم بالوقاية للنفس والروح من الأشياء التي تتسبب له في الهلاك.
رابعًا: للمسجد دور مهم في الوقاية من المخدرات، فعلاوة على أنه تؤدى فيه الجمع والجماعات، يلتقي فيه الشباب وآبائهم لحضور حلقات القرآن والذكر، وحضور العلم والتشاور والالتقاء بالوعاظ والأئمة، وفي هذا كله إلفة للمسجد وتحذير ورقابة ووقاية.
حال إفساح المجال للأئمة والوعاظ، مع إعدادهم الإعداد الكامل مسبقًا.
خامسًا: الحسبة لها أهميتها في إزالة الشر وأسبابه، وإخفاء المنكرات والرذائل من المجتمع المسلم، ومن خلالها يتم كشف كثير من قضايا المخدرات ترويجاً أو استعمالاً.
سادسًا: إن مؤسسات التعليم الديني لها دور كبير، يتأتى من خلال إصلاح نظام التعليم في المدارس الجامعات وفقًا لمبادئ الإسلام، وتقوية الوازع الديني في نفوس الشباب، والتعاون بين المؤسسات التربوية والتعليمية وغيرها من المؤسسات الأخرى، وكافة الأجهزة التي تعمل في مجال مكافحة المخدرات، وتبادل الخبرات فيما بينها، وإنشاء مكاتب إرشادية للطلاب، وتفعيل دور الأسر ورعاية الشباب.
سابعًا: لوزارات الأوقاف ومجامع البحوث والمجامع الإسلامية والجمعيات الخيرية دور في الوقاية يتبلور في إخراج النشرات والفتاوى، وعقد المؤتمرات التي تبين أضرار ومخاطر هذه الآفة، وترشد وتعظ وتوجه، وتحث فئات المجتمع كل على دوره؛ حتى تقرع الأصوات الآذان وتؤتي ثمارها.
التوصيات:
على أننا قدر جهدنا البسيط، نأمل في بعض التوصيات، علها تكون نبراس هدى وهي:
• ضرورة المطالبة بتفعيل دور المسجد والحسبة في الأقطار الإسلامية؛ ليؤديا مهمتهما في وقاية شباب المسلمين.
• الرقابة الجامعية والمدرسية، للوقاية من الانزلاق في مخاطر المخدرات، عن طريق متابعة الطلاب والطالبات في المدارس والجامعات.
• تكثيف الندوات والدورات عن مخاطر هذه الآفة المدمرة، والإرشاد إلى طرق الوقاية منها، وإقامة معارض طبية متنقلة في أماكن تجمعات الشباب - ومنها المدارس والجامعات - توضح بالحقائق والصور، وغيرها من وسائل الإيضاح المختلفة، والعوامل الناشئة عن تعاطي المسكرات والمخدرات والدخان مع ضرورة مشاركة الطلاب أنفسهم في كل ذلك.
• توعية أعضاء هيئات التدريس، وموظفي مراكز رعاية الشباب، وإدارات شؤون الطلاب بالجامعات، بالعلامات والأعراض الأولية لتعاطي المواد المخدرة؛ حتى يتسنى لهم الإبلاغ عن مثل هذه الحالات وتحويلها للعلاج في مراحلها الأولى قبل استفحال الحالة.
• حظر التدخين داخل أسوار المدارس الثانوية والجامعات، والأماكن التي يرتادها الشباب بصفة عامة.
• ضرورة تضمين مناهج التعليم، في المراحل المختلفة - وخاصة المرحلة الجامعية - عرض البراهين الإسلامية على حرمة المسكرات والدخان، وبيان الحكمة من تحريمها، وشرح أضرارها، التي تفسد الشباب، وكشف مؤامرات الأعداء لهدم الشباب الإسلامي.
هذا فإن أحسنت فمن الله وأسأله الإخلاص
وإن أسأت فمن تقصيري، وأستغفر الله من ذلك.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المصادر والمراجع
• القرآن الكريم.
مصادر أصلية:
(1) إبراهيم: محمد يسري، الحياة الاجتماعية للمدمن، ط، دار المطبوعات الجديدة، الإسكندرية، ط1، 1991م
(2) أحمد: أحمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني 164-241هـ في مسنده - ط/ مؤسسة قرطبة- مصر
(3) البخاري محمد بن إسماعيل أبو عبد الله الجعفي 194-256هـ في الجامع الصحيح، - ط/ دار ابن كثير- اليمامة - بيروت،ط/ ثالثة 1407هـ1987م - تحقيق د: مصطفى البغا.
(4) ابن تيمية: أحمد بن عبدالحليم في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ت728هـ ط/ دار العربية للطباعة والنشر والتوزيع / بيروت / لبنان
(5) ابن حجر الفكر في مصطلح أهل الأثر، مع تعليقات مختارة،ط/ مصطفى البابي الحلبي وأولاده - مصر ط/ ثانية / 1369هـ ت 1950م
(6) ابن عابدين: محمد بن عمر الشهير بابن عابدين ت 1252هـ في: رد المحتار على الدر المختار، حاشية ابن عابدين، ط/ دار الطباعة المصرية / بولاق / مصر - ط/ 1271هـ
(7) ابن ماجة: محمد بن يزيد أبو عبد الله القزويني في سننه 207-275هـ ط/ دار الفكر، بيروت - تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي
(8) ابن منظور: جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الإفريقي في لسان العرب 630 - 711هـ ط/ بولاق - الدار المصرية للتأليف والترجمة.
(9) الأصفهاني: الراغب في: المفردات في غريب القرآن، ط/ عيسى البابي الحلبي/ مصر
(10) إلهي د.فضل في: الحسبة تعريفها ومشروعيتها ووجوبها
(11) البغوي: أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء الشافعي ت 516هـ في تفسير البغوي (معالم التنزيل)، تحقيق خالد عبدالرحمن العك ومروان سوار ط/ دار المعرفة - بيروت - لبنان ط/ خامسة 1423هـ 2002م
(12) الترمذي محمد بن عيسى أبو عيسى السلمي 209-279هـ في سننه - ط/ دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرون.
(13) الجوزي: عبدالرحمن بن علي بن محمد 508- 597هـ في: زاد المسير في علم التفسير،ط/ المكتب الإسلامي - بيروت ط/ ثالثة 1404هـ
(14) الدارقطني علي بن عمر أبو الحسين البغدادي 306-385هـ في سننه - ط/ دار المعرفة- بيروت 1386هـ1966م تحقيق السيد عبدالله هاشم يماني المدني.
(15) الدارمي: عبد الله بن عبد الرحمن أبو محمد الدارمي181-255هـ في سننه، ط/ دار الكتاب العربي، بيروت ط/ أولى 1407هـ تحقيق: فواز أحمد زمرلي، وخالد السبع العلمي
(16) دهيش عبد اللطيف.
في: الكتاتيب في الحرمين الشريفين وما حولها - ط/ مكتبة النهضة الحديثة/ مكة المكرمة/ ط/ أولى/ 1406هـ
(17) الدويبي: عبد السلام، الوعي الأمني.
ط1،مطبعة العدل، طرابلس ليبيا ط/ 1990م
(18) السبت: خالد بن عثمان في: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصوله وضوابطه وآدابه
(19) السعدي: عبد الرحمن بن ناصر 1307-1376هـ في: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ط/ دار ابن الجوزي - السعودية ط/ أولى 1415هـ 1994م
(20) قطب: سيد، في ظلال القرآن، ط/ دار الشروق ط/ ثالثة، ط/ دار إحياء التراث العربي، بيروت - ط/ ثالثة
(21) الشاطبي: إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي (أبي إسحاق)ت 790هـ في: الموافقات في أصول الشريعة، عناية وضبط/ الشيخ إبراهيم رمضان ط/ دار المعرفة/ بيروت/ لبنان - ط/ رابعة1420هـ 1999م
(22) الشوكاني: محمد بن علي بن محمد 1173- 1250هـ في: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، ط/ دار الكتاب العربي - بيروت.
لبنان - ط/ ثانية 1422هـ 2001م
(23) الصنعاني: محمد بن إسماعيل الأمير اليمني 1059 - 1182 هـ في سبل السلام شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام، ويليه متن نخبة عبد الستار: عبد المعز في: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ط/
(24) عويس د.
عبد الحليم في: الرعاية الصحية في الإسلام، ط1/ 1989م.
من مطبوعات صحيفة الشرق الأوسط: الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، جدة.
(25) الغزالي: الشيخ محمد في: نحو تفسير موضوعي لسور القرآن الكريم، ط/ دار الشروق، ط/ ثالثة 1417هـ1997م
(26) القرطبي: محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح أبو عبدالله ت671هـ في: الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد عبدالعليم البريوني ط/ دار الشعب بالقاهرة ط/ ثانية 1372هـ
(27) الماوردي في: الأحكام السلطانية والولايات الدينية، ط/ مكتبة أولاد محمد علي صبيح، القاهرة ط 1979م
(28) المباركفوري: صفي الرحمن في: الرحيق المختوم، ط/ مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت / لبنان د ت
(29) مسلم: مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري206- 261هـ في صحيحه - ط/ دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
(30) المناوي: محمد عبدالرؤوف 1952-1031هـ في: التوقيف على مهمات التعاريف، تحقيق: محمد رضوان الداية، ط/ دار الفكر المعاصر، ودار الفكر - بيروت، ودمشق.
ط/ أولى 1410هـ
(31) النسائي أحمد بن شعيب أبو عبدالرحمن النسائي215-303هـ في سننه(المجتبى)، ط/ مكتبة المطبوعات الإسلامية، حلب ط/ ثانية 1406هـ1986م تحقيق عبدالفتاح أبوغدة
صحف ومجلات:
(1) مجلة أكتوبر المصرية عدد(1238)، 16-7-2000،
(2) مجلة: دعوة الحق، العدد 14 جمادى الأولى1402هـ،علي محمد مختار في: دور المسجد في الإسلام
(3) صحيفة: دنيا الوطن (صحيفة الكترونية يومية فلسطينية) في مقال بعنوان: ظاهرة تعاطي المخدرات بقلم: نسرين محمد جميل الخالدي عدد الأربعاء 25مايو 2005 على موقع:
WWW.ALWATANVOICE.COM
(4) مواقع على الشبكة العالمية للإنترنت:
• مقال بعنوان: الدور الوقائي للدين بمجلة النفس المطمئنة، على موقع: www.elazayem.com
• موقع المنشاوي للدراسات و البحوث 2003-2004 2003-2004 www.minshawi.com
• موقع www.aymannoor.com المشروع القومي لمكافحة الإدمان - مصر خالية من الإدمان عام 2020م (بتصرف).
[1] الكهف 3،2،1
[2] المائدة من الآية 3
[3] البقرة من الآية 157
[4] ابن منظور: جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الإفريقي في لسان العرب 630 - 711هـ ط/ بولاق - الدار المصرية للتأليف والترجمة، مادة: "خدر" باب الخاء
[5] مجلة أكتوبر، ع(1238)، 16-7-2000، ص58
[6] محمد يسري إبراهيم، الحياة الاجتماعية للمدمن، ص23، دار المطبوعات الجديدة، الإسكندرية، ط1، 1991م
[7] عبد السلام الدويبي، الوعي الأمني/ ص45.
ط1، مطبعة العدل، طرابلس- ليبيا ط/ 1990م
[8] صحيفة: دنيا الوطن (صحيفة الكترونية يومية فلسطينية) في مقال بعنوان: ظاهرة تعاطي المخدرات بقلم: نسرين محمد جميل الخالدي عدد الأربعاء 25مايو 2005 على موقع:
WWW.ALWATANVOICE.COM
[9] المائدة 91،90
[10] النساء: 43
[11] أخرجه أبو داود: سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي202-275هـ في: سننه، كتاب الأشربة، باب في تحريم الخمر 3/ 325، ط/ دار الفكر- تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، والترمذي محمد بن عيسى أبو عيسى السلمي 209-279هـ في سننه - ط/ دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرون، في التفسير، باب تفسير سورة المائدة 11/ 177
[12] الجوزي: عبدالرحمن بن علي بن محمد 508- 597هـ في: زاد المسير في علم التفسير2/ 416ط/ المكتب الإسلامي - بيروت ط/ ثالثة 1404هـ
[13] ابن تيمية: أحمد بن عبدالحليم في مجموع فتاوى شيخ الإسلام 34/ 213 ت728هـ ط/ دار العربية للطباعة والنشر والتوزيع / بيروت / لبنان
[14] الصنعاني: محمد بن إسماعيل الأمير اليمني 1059 - 1182 هـ في سبل السلام شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام 4/ 35 ويليه متن نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر، مع تعليقات مختارة لابن حجر ط/ مصطفى البابي الحلبي وأولاده - مصر ط/ ثانية / 1369هـ ت 1950م
[15] ابن عابدين: محمد بن عمر الشهير بابن عابدين ت 1252هـ في: رد المحتار على الدر المختار، حاشية ابن عابدين 5/ 195 بتصرف واختصار ط/ دار الطباعة المصرية / بولاق / مصر - ط/ 1271هـ
[16] مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 34/ 214،212
[17] الحديث أخرجه الإمام مسلم: مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري206- 261هـ في صحيحه باب بيان أن كل مسكر خمر وكل خمر حرام برقم 2003 - 3/ 1587 - ط/ دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، والإمام أحمد: أحمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني 164-241هـ في مسنده: مسند عبد الله بن عمر حديث رقم 5820- 2/ 104 - ط/ مؤسسة قرطبة- مصر
[18] الحديث أخرجه الدارقطني علي بن عمر أبو الحسين البغدادي 306-385هـ في سننه برقم41- 4/ 253 - ط/ دار المعرفة- بيروت 1386هـ1966م تحقيق السيد عبدالله هاشم يماني المدني.
[19] الحشر من الآية7
[20] الغزالي: الشيخ محمد في: نحو تفسير موضوعي لسور القرآن الكريم ص- 185 ط/ دار الشروق، ط/ ثالثة 1417هـ1997م
[21] الشبكة العالمية للإنترنت، مقال بعنوان: الدور الوقائي للدين بمجلة النفس المطمئنة، على موقع: www.elazayem.com
[22] لسان العرب: مادة وقى 15/ 402،401
[23] المناوي: محمد عبدالرؤوف 1952-1031هـ في: التوقيف على مهمات التعاريف 1/ 703 تحقيق: محمد رضوان الداية، ط/ دار الفكر المعاصر، ودار الفكر - بيروت، ودمشق.
ط/ أولى 1410هـ
[24] البقرة183
[25] د.
عبد الحليم عويس في: الرعاية الصحية في الإسلام، ص: 96، ط1/ 1989م.
من مطبوعات صحيفة الشرق الأوسط: الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، جدة.
[26] الأعراف32،31، وجزء الآية 33
[27] البغوي: أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء الشافعي ت 516هـ في تفسير البغوي (معالم التنزيل) 2/ 158،157 تحقيق خالد عبدالرحمن العك ومروان سوار ط/ دار المعرفة - بيروت - لبنان ط/ خامسة 1423هـ 2002م
[28] الأنعام من الآية151
[29] زاد المسير في علم التفسير 3/ 148
[30] الأصفهاني: الراغب في: المفردات في غريب القرآن كتاب الفاء مادة (فحش) 2/ 373 ط/ عيسى البابي الحلبي/ مصر
[31] سيد قطب: في ظلال القرآن 2/ 169 ط/ دار إحياء التراث العربي، بيروت - ط/ ثالثة
[32] الأنفال: 29
[33] لسان العرب مادة: سجد باب السين، والقاموس المحيط مادة: س ج د فصل السين
[34] الأعراف من الآية29
[35] التوبة18
[36] الحديث رواه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة برقم 439- 1/ 172مسلم في صحيحه،كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل بناء المساجد والحث عليها برقم533- 4/ 2287
[37] المباركفوري: صفي الرحمن المباركفوري في: الرحيق المختوم ص172، 184ط/ مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت / لبنان د ت
[38] رواه ابن ماجة: محمد بن يزيد أبو عبد الله القزويني 207-275هـ ط/ دار الفكر، بيروت - تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي في سننه برقم229 - 1/ 83، والدارمي: عبد الله بن عبد الرحمن أبو محمد الدارمي181-255هـ في سننه برقم 349 -1/ 111 ط/ دار الكتاب العربي، بيروت ط/ أولى 1407هـ تحقيق: فواز أحمد زمرلي، وخالد السبع العلمي، والحديث ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة.
[39] عبد اللطيف بن دهيش.
في: الكتاتيب في الحرمين الشريفين وما حولها ص 15- ط/ مكتبة النهضة الحديثة/ مكة المكرمة/ ط/ أولى/ 1406هـ
[40] علي محمد مختار في: دور المسجد في الإسلام - مجلة: دعوة الحق، ص48، 78 بتصرف، العدد 14 جمادى الأولى1402هـ
[41] ابن منظور في لسان العرب: مادة: حسب باب الحاء، المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني 1/ 116 كتاب الحاء
[42] الماوردي في: الأحكام السلطانية والولايات الدينية ص172 ط/ مكتبة أولاد محمد علي صبيح، القاهرة ط 1979م
[43] عبد المعز عبد الستار في: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،ص 28ط/
[44] التوبة71، وانظر: ابن تيمية في: الحسبة في الإسلام ص6
[45] آل عمران104
[46] السعدي: عبدالرحمن بن ناصر 1307-1376هـ في: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/ 229 ط/ دار ابن الجوزي - السعودية ط/ أولى 1415هـ 1994م
[47] المائدة78، 79
[48] الأعراف157
[49] التوبة 112
[50] آل عمران 110
[51] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان1/ 231
[52] الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان برقم 49- 1/ 69، والإمام أحمد في مسنده، باب تفاضل أهل الإيمان، مسند أبي سعيد الخدري، برقم11165- 3/ 20، والنسائي أحمد بن شعيب أبو عبدالرحمن النسائي215-303هـ في سننه(المجتبى) كتاب الإيمان وشرائعه باب تفاضل أهل الإيمان، برقم 5008- 8/ 111ط/ مكتبة المطبوعات الإسلامية، حلب ط/ ثانية 1406هـ1986م تحقيق عبدالفتاح أبوغدة
[53] د.فضل إلهي في: الحسبة تعريفها ومشروعيتها ووجوبها ص21 وما بعدها
[54] آل عمران: 104
[55] الحج: من الآية30
[56] التغابن من الآية16، وانظر: ابن تيمية في: الحسبة في الإسلام ص6
[57] د.
فضل إلهي في: الحسبة تعريفها ومشروعيتها ووجوبها، ص 80
[58] الشوكاني: محمد بن علي بن محمد 1173- 1250هـ في: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير1/ 362ط/ دار الكتاب العربي - بيروت.
لبنان - ط/ ثانية 1422هـ 2001م
[59] القرطبي: محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح أبو عبدالله ت671هـ في: الجامع لأحكام القرآن 4/ 165 تحقيق: أحمد عبدالعليم البريوني ط/ دار الشعب بالقاهرة ط/ ثانية 1372هـ.
[60] التوبة: 122
[61] آل عمران: 110
[62] الشاطبي: إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي (أبي إسحاق)ت 790هـ في: الموافقات في أصول الشريعة 2/ 326،325 عناية وضبط/ الشيخ إبراهيم رمضان ط/ دار المعرفة/ بيروت/ لبنان - ط/ رابعة1420هـ 1999م
[63] هود117,116
[64] سيد قطب في: في ظلال القرآن 3/ 1933 ط/ دارالشروق ط/ ثالثة
[65] الأعراف: 165
[66] الحديث أخرجه الترمذي في صحيحه باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، برقم2169 - 4/ 468وقال عنه هذا حديث حسن، كما أخرجه أحمد في مسنده برقم23349-5/ 388 مسند حذيفة بن اليمان
[67] الحج: 40-41
[68] فتح القدير مج- 2 ص- 190
[69] التوبة: من الآية71
[70] التوبة: من الآية67
[71] القرطبي: محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح القرطبي أبو عبدالله ت671هـ في: الجامع لأحكام القرآن 4/ 47 تحقيق: أحمد عبدالعليم البريوني ط/ دار الشعب بالقاهرة ط/ ثانية 1372هـ
[72] آل عمران: من الآية110
[73] التوبة: 71
[74] الحديث أخرجه النسائي في سننه (المجتبى) باب: تفاضل أهل الإيمان برقم 5009- 8/ 112، والبيهقي في السنن الكبرى، ذكر شعب الإيمان، برقم 11740- 6/ 532
[75] آل عمران: 104
[76] عبد المعز عبد الستار في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص 12
[77] حاولت البحث عن هذا الكتاب، واتصلت وراسلت بعض المكتبات، لكن دون جدوى لعدم وفرته في المكتبات المعروفة لدي في المملكة العربية السعودية.
[78] الشبكة العالمية للإنترنت - موقع المنشاوي للدراسات والبحوث 2003-2004.
2004www.minshawi.com
[79] الحديث أخرجه البخاري محمد بن إسماعيل أبو عبد الله الجعفي 194-256هـ في صحيح الجامع، باب: المرأة راعية في بيت زوجها برقم 6719- 6/ 2611- ط/ دار ابن كثير- اليمامة - بيروت،ط/ ثالثة 1407هـ1987م - تحقيق د: مصطفى البغا، والترمذي محمد بن عيسى أبو عيسى السلمي 209-279هـ في سننه باب: ماجاء في الإمام برقم 1705-4/ 208 - ط/ دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرون، والإمام أحمد في مسنده، نافع عن ابن عمر برقم4495-2/ 5
[80] الشبكة العالمية للإنترنت موقع www.aymannoor.com المشروع القومي لمكافحة الإدمان - مصر خالية من الإدمان عام 2020م (بتصرف)
[81] البقرة من الآية282