أرشيف المقالات

دمشق دمشق يا أشعث - ملفات متنوعة

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
  دمشق دمشق دمشق..
ولو سئمت مني فأنا عنيد فيما يخص دمشق لدود، ومرت جمعة أخرى، وحيرت قلبي معك، وكلما قلت التوبة ، ترميني المقادير، وضقت بالأصوات العالية، والتطرف والإرهاب، والتوك توك شو من جانب واحد، وأنا أساسا ولله الحمد والمنة نادرا ما أتابع التلفزيونات - مع أنها صنعتي ولقمة عيشي - فقلت: لا بأس من بعض الدقائق حتى تفرغ سيدة البيت الأولى من (محشي) وعدتني به قبل شهر، وبدأت في إنجاز موعودها، بعد أن هددتها باللجوء للبلكونة واحتسابي معتصما بها وممسكا ببندقية ولدي الرش، ومتحرشا بالمجلس العسكري متمثلا في أي جندي يلبس الملابس العسكرية ومارا بالصدفة من الشارع، فقالت: ولما العنف والبلطجة؟ فقد استجبت لكل المطالب، وبقي عليك إثبات حسن النية والحمد قبل الأكل وبعده.

وما إن شرعنا في تناول الطعام، حتى كان التلفزيون يبث دماء على ملابس شاب تصرخ جواره سيدة في الخمسينيات، فأسرعت بارتداء النظارة لأتأكد هل المشهد يمثل عدوانا جديدا على غزة، وإذا بالفاجعة التي أضاعت معها طعم الأطباق وطردت كلب الجوع من معدتي التي تقلبت وارتبكت وتقلصت لما بلغها أن المشهد في دمشق، يا الله، ودمشق أين تكون؟ قلت: ترينها في شعرك المنساب نهر سوادِ في وجهك العربي، في الثغر الذي ما زال مختزنا شموس بلادي في طيب "جنات العريف" ومائها في الفل، في الريحان، في الكبادِ.

  دمشق وسأكررها على سمعك ولن أمل حتى لو أصابك الملل مني، فالوجيعة كبيرة، ومشكلتي أني قرأت في التاريخ عن دمشق، عن قلعة الدين ودرع العرب، عن آخر خطبة لهرقل تلك التي فيها تمنى لو غسل قدمين طاهرتين، قبل أن تدوس دولته أقدام تابعي خطو القدمين، وقبل أن تبدأ خطابات المثنى، وشرحبيل، وعمرو، وأبي عبيدة، قرأت بسيرتها عن أضابير الكتب، ومداد المخطوطات الذهبي، عن عصور ودول لو دققت النظر لرأيت صورة أقدامها الطاهرة مطبوعة فوق السحاب.
 
في مقالي هذا لم أقصد تحليلا ولا قراءة لحادث، فقط كنت أمام الصفحة البيضاء، وكانت الدماء تطيش بالصفحة، والتناسخ عقيدة أولئك العلويين اللئام، ولإثبات ما يعتقدون، راحت روح الأسد الهالك تملأ جسد الأسد الولد الـ "على طريق هلاك".
  قصدت الغناء نوحا، فاستعذت برب يرى الظلم ويقدر على الظالمين، أردت الغناء لسماء لا تهمل الأنين، وقلت يا قوم: لا تحسبوا رقصي بينكم طربا فالطير يرقص مذبوحا من الألمِ، ولا تحسبوا ما أكتب هذيانا ولا من موضوع يلم شعث المقال، بل هدفت لتذكيركم أن الشام مختلف، وأن سفاح سوريا مختلف، وأن الوضع مأساوي، ولو أنا غير أهل للدعاء فعسى أن يكون بينكم أشعث أغبر ذو طمرين، لو أقسم على الله لأبره.

فأمانة يا أيها الأشعث، أبلغ السماء مني الضعف واللا حول واللا قوة، وقل: يا رب انصر رجال دمشق وانتصر للحرائر حفيدات أمية وشبيهات تابعات بنت بنت النبي صلي الله عليه وسلم اللاوتي انتهكت أعراضهن، ونحن جلوس مشغولون بأنفسنا وبعيالنا، وبسفهاء بيننا يقولون: إن بشار هو رمز الممانعة، وأنا أقسم يمينا مغلظة لا شك عندي بها: أن ذلكم الممانع لا فرق بينه وبين نتنياهو، فكلاهما في الدم كلب يلغ.

17-07-2011م
[email protected]
 

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢