أجواء إيمانية تستوجب الترسيخ الدائم
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
أجواء إيمانية تستوجب الترسيخ الدائمجميل أن يؤدِّي الصائم عبادة فريضة الصيام باجتهاد يتناغم مع جو نفحات هذا الشهر الفضيل؛ فيحرص ليس فقط على الانقطاع عن الطعام والشراب، بل على ترك بذيء الكلام، وهجر الفسوق، وترك الانخراط في جدل عقيم في أمور لا تُسمن ولا تُغني من جوع؛ تمشيًا مع التوجيه النبوي الكريم: (فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب).
ويذهب إلى أبعد من ذلك بأن يعتمد منهجًا قويمًا شاملًا في السلوك، يتجسد في الاستقامة المطلقة لله في العبادة، على مقتضى مراد الله تعالى من قوله: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ﴾ [هود: 112]، واعتماده ذلك الأمر الرباني البليغ منهجَ عملٍ دائم في سلوكه اليومي طول حياته!
ونلاحظ أن هِمَّة التدين عند بعض المسلمين، تتصاعد بشكلٍ غير مألوف في شهر رمضان المبارك، في حين نجدها تتخامد في غير رمضان من شهور السنة، فغالبًا ما نرى المساجد في شهر رمضان مكتظة بالمصلين؛ حيث يحرص الكل على حضور الصلاة جماعةً في المسجد في الأوقات الخمسة، كما نراهم يؤدون صلاة التراويح جماعة أيضًا، كما نجد البعض يكثر من تلاوة القرآن الكريم، والحرص على ختمِه أكثر من مرة خلال شهر رمضان، إضافة إلى الاهتمام بحضور الدروس الدينية، والحرص على سماع المواعظ، ومتابعة حلقات التفقه في الدين، وغيرها من مجالات العبادة، ولا شك أن ذلك الاهتمام الجاد بأمور العبادة في شهر رمضان المبارك، هو مظهرٌ من مظاهر النفحات الإيمانية في الذات المسلمة التي تتفاعل مع الأجواء الروحية لهذا الشهر الكريم بتكثيف العبادة على نحو استثنائي.
وما دامت العبادة في منهجية الدين القيم تقوم على قاعدة الديمومة في الأداء، استنادًا إلى قول الله تعالى: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]، فلا ريب أن المطلوب من المسلم النظر من جديد في ظاهرة التعبد الموسمي التي باتت سمة واضحة لنمط تعبُّد الكثير من المسلمين في وقتنا الحاضر، وأن يحرص على اعتماد نهج العبادة الدائمة بشعائرها المعروفة، وترسيخه في حياته اليومية دون انقطاع، وبالشكل الذي يقرِّبه زُلفى من الفوز برضوان الله تعالى والظفر بمغفرته.