الهمة العالية - (5) معوقات الهمة العالية (مظاهر دنو الهمة 1)
مدة
قراءة المادة :
18 دقائق
.
دنو الهمة يأخذ مظاهر عديدة، وصورًا شتى، فمن ذلك ما يلي:1- دنو الهمة في طلب العلم:
فهناك من لا يطلب العلم أصلًا، ولا يسعى إلى نيل الضروري منه، مما لا يسعه الجهل به، مع قدرته على اكتسابه وتحصيله.
وهناك من يطلب العلم ويَجِدُّ في تحصليه، لا لإدراك فضيلته، ولا لأن يرفع به الجهل عن نفسه، ويزكيها به، ولا لينشره ويبثه بين الناس.
وإنما همه الأكبر، وقِبْلَةُ قلبه تلك الشهادة التي سوف ينالها، وتلك الوظيفة التي سيحصل عليها بعد ذلك، والتي يظن أنه بمجرد حصوله عليها سينال العز، ويضمن المستقبل، ويعيش عيشة السعادة والرغد!
وهناك من يطلبه؛ ليبز به الأقران، ويماري السفهاء، ويباهي العلماء، ويصرف وجوه الناس إليه.
قال العلامة محمد الخضر حسين: "لم يقضِ حق العلم، بل لم يدرِ شرف العلم ذلك الذي يطلبه؛ لينال به رزقًا، أو ينافس فيه قرينًا، حتى إذا أدرك وظيفة، أو أنس من نفسه الفوز على القرين أمسك عنانه ثانية، وتنحَّى عن الطلب جانبًا.
وإنما ترفع الأوطان رأسها، وتبرز في مظاهر عزتها بهمم أولئك الذين يقبلون على العلم بجد وثبات، ولا ينقطعون عنه إلا أن ينقطعوا عن الحياة" (رسائل الإصلاح: [1/84]).
ومن مظاهر دنو الهمة في هذا الشأن ما تجده عند بعض المنتسبين للعلم؛ فما أن يشدو في العلم، ويكتسب قليلًا منه إلا ويتطاول على مقام الراسخين في العلم، ويفوِّق سهامه نحو من سبقوه في الفضل والنبل، فما مكانه بين أولئك إلا كما قيل:إذا تلاقى الفيولُ وازدحمت *** فكيف حالُ البعوضِ في الوسطأما كبير الهمة فيريد أن يكون النفع بعلمه أشمل، ومما يدرك به هذا الغرضَ احترامُه لآراء أهل العلم.
ولا يعني احترامها أخذها بالقبول والتسليم على أي حال، وإنما يعني النظر إليها بتثبت، وعرضها على الميزان العلمي الصحيح، ثم الفصل فيها من غير تطاول عليها، ولا انحراف عن سبيل الأدب في تفنيدها.
ولهذا فالفطر السليمة، والنفوس الزاكية لا تجد من الإقبال على حديث من يستخفُّه الغرور بما عنده مثل ما تجد من الإقبال على حديث من أحسن الدرس أدبه، وهذًّب الأدب منطقه (انظر رسائل الإصلاح: [1/89]).
ومن مظاهر دنو الهمة في طلب العلم ما يقع بين بعض طلابه من تحاسد وتغاير، وتنافس غير شريف.
كل ذلك يذهب ببهجة العلم وبهائه، ويُكْسِفُ نوره وضياءه.
2- الكسل في الدعوة إلى الله:
وهذا من أعظم مظاهر دنو الهمة، فكم من المسلمين من يتوانى في الدعوة إلى الله مع أنه على درجة من العلم والبيان، تؤهله لنفع الناس، والتأثير فيهم، وإيصال الخير لهم.
وكم ممن يدعو إلى الله من تضعف نفسه، وتدنو همته، وينكص على عقبيه عند أدنى عقبةٍ تعترضه، إما من كلام الناس ولومهم، وإما من إعراضهم وقلة استجابتهم، أو غير ذلك مما لابد لمن يدعو إلى الله من مواجهته.
أين هؤلاء من سير الأنبياء والمرسلين، ومن سير العلماء العاملين، والدعاة المخلصين؟
بل أين هم من أهل الباطل، ودعاة الضلالة الذين يجهدون ويألمون في نصر باطلهم، وهم لا غاية شريفة لهم يطلبونها؟
بل أين هم من عشاق المناصب، ومن ضحايا الغرام والغزل، ممن يضحي واحدهم بكل ما يملك في سبيل مطلوبه، غير مبالٍ بلوم اللائمين، وعذل العاذلين؟ فهذا أحدهم يقول[1]:عذل العواذل حول قلبي التائه *** وهوى الأحبة فيه من سودائهإلى أن يقول[2]:
أأحبه وأحبُّ فيه ملامة *** إن الملامة فيه من أعداءه
وكما قال الآخر[3]:
أجد الملامة في هواكِ لذيذةً *** حبًا لذكركِ فَلْيَلُمْنِي الُّلوَمُإن هذا -والله- لهو المصاب الجلل، والخطب الفادح أن تجد أنصار الحقيقة ودعاة الحق متخاذلين متضعضعين، يفتقدون روح الصبر والمصابرة، وخلق الجد والمثابرة!ويحهم أنسوا أنَّ حبَّ السلامةِ يزري بالكرام؟ أم غاب عنهم أنه لا يسلم أحدٌ من أذى الناس وحسدهم؟ليس يخلو المرء من ضد وإن *** حاول العزلة في رأس جبلأم تراهم زهدوا بما عند الله من عظيم الثواب، وأمنوا مما لديه من أليم العقاب؟
أم تناسوا وعد الله الصادق بأنَّ العاقبة للتقوى والمتقين؟ وبأن الله عزَّ وجلَّ يتولى من تولاه، وينصر من نصره، ويمده بألطافٍ من عنده، ويكون معه المعيَّةَ الخاصة المقتضية للنصرة والتأييد، والرعايةِ والتسديد؟
قال تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه من الآية:132].
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7].
وقال: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل:128].
3- التهرب من المسئولية:
فكثير من الناس يتهرب من المسؤولية، ويُلقي باللائمة والتبعة على غيره.
وهذا دليل على دنو الهمة، والرغبة في إيثار السلامة، والزهد بما عند الله من الأجر والمثوبة.
ومن مظاهر التهرب من المسؤولية ما يلي:
أ- التخاذل: وذلك بكثرة الاعتذارات، أو بالتماس المسوغات، أو بالاحتجاج بكثرة المشاغل، أو أنه لم يقتنع من جدوى ذلك العمل، وهكذا دواليك.
ب- التخذيل: وهو أشد مما قبله، فتجد من الناس من لا يقدم شيئًا يذكر، وليته يكتفي بذلك، إنما تجده مخذلًا لمن أراد العمل والبذل، وذلك بالإرجاف، والتخويف، والتحذير، فهذا وأمثاله لهم نصيب من قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} [النساء من الآية:37].
ج- التهوين: وذلك بتهوين الأمور أكثر من اللازم، فمن الناس من إذا طلب منه مشاركة في أي باب من أبواب الخير، كأن يعرض عليه قضية تستدعي الوقوف معها أو ضدها، أو أن يطلب منه ملاحظة أولاده، أو غير ذلك تجده يهون الأمر، ويقول: بأن هذا الأمر مبالغ فيه، وأنه لا يحتاج إلى كبير جهد، فلا داعي إذًا لعمل شيء تجاهه.
د- التهويل: وذلك بتعسير الأمور وتهويلها، وبادعاء أن التوصل لحل تلك المشكلة أمرٌ كبير، وأنه لا يمكننا التوصل إلى ذلك إلا بجهود جبارة ليست بإمكاننا ولا في وسعنا.
والحقيقة -كما قيل- تضيع بين التهوين والتهويل.
هـ- التواضع الكاذب: فتجد من الناس من أعطاه الله علمًا لا يحرص على نشره، أو من رزقه الله مالًا لا ينفقه في وجوه الخير، أو تجده قادرًا على تغيير منكر ما لا يسعى في تغييره.وليست المشكلة في تهربه وتنصله فحسب، وإنما تجد الواحد من هؤلاء يتذرع بالتواضع الكاذب، ويقول: الله المستعان، أنا لست أهلًا لذلك، وربما قال[4]:وقد قيل البلادُ إذا اقْشَعَرَّتْ *** وصوَّحَ نَبْتُها رُعِيَ الهشيمُ
وربما قال:
متى تصل العطاشُ إلى ارتواءٍ *** إذا استقتِ البحارُ من الركايالا شك أن التواضع خلق جميل رائع، وذلك إذا كان في موضعه، وعمل الإنسان ما في وسعه.
ولكن المصيبة العظمى والطعنة النجلاء ألا يقدم المرء شيئًا يذكر، بحجة التواضع، ومع ذلك فهو يحتقر كل من يعمل، ويرى أنهم ليسوا أهلًا لشيء من المكرمات، ولسان حاله وربما مقاله يقول: إن هذه الأعمال لا يصلح لها غيري، ومع ذلك فلن أقوم بها!
4- البخل:
فالبخل يقوم على مبالغة الرجل في الخوف من الفقر، وينشأ عن هذه الطبيعة طبيعة الحرص على جمع المال، وقد يشتد به الخوف، حتى يمسك عن الإنفاق في وجوه الخير.
وقد يمسك الرجل يده عن الإنفاق في وجوه الخير، ويطلقها في اتباع الشهوات، فيجمع بين رذيلتي البخل والإسراف (انظر: الهداية الإسلامية لمحمد الخضر حسين، ص: [84]).
فالبخل دليل على سقوط الهمة، وهو مخل بالدين والمروءة، وهو مما يجلب لصاحبه الشقاء في العاجلة والآجلة.
والبخيل بعيد من الله، بعيد من خلق الله، بعيد من الجنة، قريب من النار.
والبخل ضيق الصدر، ممنوع من الانشراح، ضيق العطن، صغير النفس، قليل الفرح، كثير الهم والغم، لا يكاد تقضى له حاجة، ولا يعان على مطلوب (انظر: الوابل الصيب من الكلم الطيب؛ لابن القيم، ص: [51])
فتجد من الناس من يبخل بفضل ماله مع أن له من المال ما يكفيه وذريته آلاف السنين لو عاشوها!
ومن صور البخل -أيضًا- البخل في الجاه، والبخل في العلم، والبخل في بذل النصح.
5- المنة وتعداد الأيادي:
فمن الناس من إذا أعطى عطيةً، أو بذل نصيحةً، أو قدم معروفًا - أتبعه بالمن والأذى، والإدلال على من أُحسن إليه، وتذكيره بتعداد الأيادي عليه.
والمنة خلق ساقط، وعمل مرذول، قد نهى الله -تبارك وتعالى- عنه بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى} [البقرة من الآية:264].
وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم»، قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: «المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» (رواه مسلم: [106]).
قال رجل لبنيه: "إذا اتخذتم عند رجل يدًا فانسوها" (عيون الأخبار: [4/177]).
وقالوا: "المنة تهدم الصنيعة" (عيون الأخبار: [4/177]).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "لا يتم المعروف إلا بثلاث: بتعجيله، وتصغيره، وستره، فإذا عجله هنأه، وإذا صغره عظمه، وإذا ستره تممه" (عيون الأخبار: [4/177]).وقال الشاعر[5]:
أفسدت بالمن ما أسديت من حسن *** ليس الكريم إذا أسدى بمنان
وقال الشافعي[6]:
منن الرجال على القلوب *** أشدُّ من وقع الأسنة
وقال البارودي[7]:
تحمَّلْتُ خوفَ المنِّ كلَّ رَزِيئةٍ *** وحملُ رزايا الدهرِ أحلة من المنومع أن تعداد الأيادي ليس من صفات الكرام إلا أنه يحسن ويسوغ في حال المعاتبة والاعتذار.
قال ابن حزم: "حالان يحسن فيهما ما يقبح في غيرهما، وهما المعاتبة، والاعتذار، فإنه يحسن فيهما تعديد الأيادي، وذكر الإحسان، وذلك غاية القبح في ما عدا هاتين الحالتين" (الأخلاق والسير لابن حزم، ص: [78]).
6- التكاسل في أداء العبادات:
وهذا مظهر من مظاهر دنو الهمة، فتجد من الناس من يؤدي الصلاة بتثاقل، وتباطؤ، وقلة رغبة.
وهذا وصف المنافقين الذين لا يقومون إلى الصلاة إلا وهم كسالى، بخلاف المؤمنين الصادقين، فإنهم يقومون إلى الصلاة بهمة ونشاط ورغبة، ولذلك وصفهم الله عز وجل بأنهم يقومون إلى التهجد في الليل، أو إلى صلاة الفجر تتجافى جنوبهم عن المضاجع.
وهذا آية على مصارعة همتهم لحاجة أجسادهم إلى الراحة والنوم (الأخلاق الإسلامية لعبد الرحمن حبنكة الميداني: [2/478]).
ويدخل في هذا المظهر التكاسل عن قيام الليل، وصلاة الوتر، وأداء السنن، والرواتب، وبخاصة إذا فاتت، فقلَّ من يقضيها.
ومن ذلك الغفلة عن قراءة القرآن، وعن ذكر الله عز وجل وعن التوبة والاستغفار، والإنابة إلى الله تبارك وتعالى.
ومن ذلك الغفلة عن أعمال القلوب من حب، وإخبات، وتوكل، ونحو ذلك.
ومن ذلك أيضًا التواني عن الإنفاق في سبيل الله، فمن الناس من يدفع في سبيل الفساد، والإفساد ولا يبالي، وإذا طُلب منه الإنفاق في سبيل الله قدم رجلًا وأخر رجلًا، وأخذ يضرب أخماسًا لأسداس، وبدأ يقدم الأعذار تلو الأعذار.
7- التكلُّف والتصنُّع:
فمن الناس من لا يثبت على حال، ولا يهدأ له بال، بسبب تكلفة وتصنعه، وتشبعه بما ليس فيه، وادعائه ما ليس عنده.
فتارةً يجتذبه سمت الصالحين فيتزيا بزيهم، ويظهر بمظهرهم.
وتارةً يستهويه تيار الترف، فيلبس الثياب الفاخرة، ويكلف بالعناية بمظهره وهندامه.
وتارةً يعجبه عالِم من العلماء فيتقمص شخصيته، وتارة يعجبه مطرب أو لاعب فيميل إليه، ويحاكيه في تصرفاته، وتارة يعجبه الأدب والصمت فيكون كذلك، وتارة تروقه الشرة والعدوانية فيلبس لبوسها وهكذا، فما أسرع تغيره، وما أكثر تصنعه.
وهذا العمل مناف للحزم وعلو الهمة، فالعاقل لا يتصنّع ولا يتكلّف، ولا يتشبع بما ليس فيه.
والمسلم لا ينبغي أن يكون كريشة في فلاة يقلبها المجتمع ظهرًا لبطن إذا استحسن أمرًا استحسنه معه، وإذا استقبح أمرًا استقبحه معه.
قال تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص:86].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "نُهينا عن التكلُّف" (رواه البخاري: [7193]).
وليس معنى ذلك ألا يسعى المرء إلى تكميل نفسه، والارتقاء بهمته، والاقتداء بمن هو أعلى منه، وإنما المقصود أن يثبت الإنسان على مبدئه الحق، وألا يكثر التنقل والتقلب.
8- الإغراق في المظهرية الجوفاء:
ومن مظاهر ذلك الإغراق ما يلي:
أ- المظهرية في الأفراح: وذلك من خلال الإسراف في الولائم، ومن خلال إفراط النساء في التجمل، والتأنق، ولبس الشهرة، وتقليد الكافرات.
ومن خلال رقصهن أيضًا فتقوم الواحدة متكسرة تهز غطفيها أمام الحضور، فإن كان رقصها رائقًا أصابها عين في أغلب الحالات.
وإن كان شائنًا سلقها الحضور بألسنة حداد داخل الحفل وخارجه.
ب- المظهرية في المراكب: فتجد من الناس من يتظاهر بالتجارة، فيشتري أفخر المراكب، حتى يشار إليه بالبنان، ويعد من جملة التجار مع أنه قد استدان قيمة تلك المركبة، وربما لا تجد في جيبه قيمة وقودها!
ج- المظهرية في المدارس: وذلك من خلال العناية الزائدة الخارجة عن طورها بالأمورة المظهرية، فتجد في بعض المدارس أن الاهتمام كله أو جله منصب على الأمور الشكلية، من ملصقات، ودفتر تحضير، وعناية بنسبة النجاح وغير ذلك.
وهذا لا يعني عدم أهمية هذه الأمور، وإنما ينبغي أن توضع في إطارها الصحيح، وأن يكون الاهتمام منصبًا على تربية الطلاب علميًا، وخلقيًا، وسلوكيًا، إذ هم محور العملية التعليمية[8].
9- الاشتغال بما لا يعني، والانصراف عما يعني:
فمن مظاهر دنو الهمة أن يشتغل الإنسان بما لا يعنيه، وأن يترك ما يعنيه.
وهذا العمل فضول يضيع به الإنسان وقته، الذي هو حياته ورأس ماله.
وهذا مما يدل على دنو الهمة، ونقص العقل، وغلبة الهوى.
وحينما يعجز الإنسان عن ملء وقت فراغه بما يعينه، ويفيده في دنياه، وأخراه، فإنه سيملأه بما لا يعنيه، ولا يفيده في دنياه ولا في أخراه.
واشتغال الإنسان بما لا يعنيه لهو أو شبهه، بل إنه لا يقف عند كونه مضيعة للوقت بما لا ينفع فحسب، بل ربما زاد على ذلك فكان ضررًا على صاحبه في جسمه، أو عقله، أو دينه، أو عِرضه، أو نفسه.
ومن مظاهر اشتغال الإنسان بما لا يعنيه أن يغتاب أخاه المؤمن، بغية تهديم مكانته بين الناس، ومن ذلك السعي بين الناس بالنميمة والإفساد.
ومن ذلك أن يشغل نفسه بالقيل والقال، وكثرة السؤال، والإغراق بالمراء والجدال (انظر: الأخلاق الإسلامية: [2/556]، وانظر: أخطاء في أدب المحادثة والمجالسة للكاتب).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
[1]- (ديوان المتنبي بشرح العكبري: [1/1]).
[2]- (ديوان المتنبي بشرح العكبري: [1/4]).
[3]- (البيت لأبي الشيص، انظر الزهرة لأبي بكر محمد بن داود الأصبهاني: [1/60]، تحقيق: د.
إبراهيم السامرائي).
[4]- (خاص الخاص؛ للثعالبي، تحقيق: مأمون الجنان، ص: [38]).
[5]- (عيون الأخبار: [4/177]).
[6]- (ديوان الشافعي؛ تحقيق: خفاجي، ص: [135]).
[7]- (ديوان البارودي، ص: [549]).
[8]- (انظر: تفصيل الحديث عن المظهرية في كتاب المظهرية الجوفاء وأثرها في دمار الأمة للشيخ حسين العوايشة).