فهمنا الخاطئ للغفلة
مدة
قراءة المادة :
28 دقائق
.
فهمنا الخاطئ للغفلةيقول عزَّ من قائل: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179].
مقدمة:
مما دفعني للكتابة في هذا البحث أن المفهوم السائد لـ: "الغفلة" فيما يتعلق بالأخلاق والسلوك والعبادة، بل وفي كافة الجوانب الروحية - فيه الكثير من الهلامية، والتهاون، والمغالطات، على النقيض منها في عالم "المادة"، حيث يلفت النظر إلى أن الغفلة مرفوضة ومذمومة:
هنا لا أحد يرضى أن يقال عنه: مغفَّل، وهنا الإجماع منعقد على أن "القانون لا يحمي المغفَّلين"، وهنا قد تُكلِّف الغفلة المرءَ حياته (عندما يغفُلُ السائق عن الطريق؛ إذ يتحدث على جواله مثلاً).
وإذا أعدنا النظر بعَلاقتنا برب العباد أفرادًا وجماعات، وعلاقتنا بالكون الذي يضمنا وبقية الكائنات، وجدنا الأثر السلبي للتناقض المذكور بشكل عام، ولفهمنا الخاطئ للغفلة بشكل خاص:
إذ حينما فصلنا شؤون الروح والنفس وعلومها عن علوم وشؤون حياتنا المادية؛ من طب وفلك، واتصالات وصناعات، وبيع وشراء، وربح وخسارة، كانت النتيجة أننا ما أنجزنا في هذا ولا في ذاك، وكانت غفلتنا مركَّبة حين غفلنا عن أنَّهما بنيانان متلازمان ومتكاملان في الكينونة البشرية، بل هما مترافقان منسجمان في فطرتنا، والشرعة والمنهاج الذي ارتضاه الخالق لخلقه ليُحْسِنوا الحياة على أرضه وإعمارها.
ولقد عظَّم سبحانه وتعالى شأن الغفلة في جميع أحوال المسلمين حين شرع لنا صلاة الخوف - على سبيل المثال -، قال تعالى: ﴿ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ﴾ [النساء: 102]، وهذه الصلاة هي أنصع دليل على تلازم المَسارَينِ الروحي والمادي، وانسجامهما في حياة المسلم عمومًا، وبالنسبة للغفلة خصوصًا.
وتأمَّل كيف لا يغفل الجندي عن سلاحه، وفي ذلك موته لو غفل، وكذلك لا يغفل العاقل سليم الفطرة والقلب عن طاعة ربه، ولو غفل لمات قلبه وشقيت روحه.
والغريب أن الأمر واضحٌ وضوحَ الشمس في أسس ديننا ومصادره، وعلى رأسها القرآن الكريم والسنة المشرفة، ولكننا قد "نغفل" عنه، غفر الله لنا، وألهمنا تجديد علمنا، وتنشيط عملنا بذلك، والخلاص من جهلنا وتجاهلنا.
وأُنَبِّه قبل الانطلاق في البحث إلى وجود فرق بين المعنى اللغوي الذي قد يربط الغفلة مع السهو، وبين المعنى القرآني حيث الغفلة ليست سهوًا، وهي في معظم المواطن: إهمال الأحسن، والخطو أو الانزلاق إراديًّا نحو الأسوأ، وأجمع ما قاله علماء اللغة في صاحبها: "أغْفَلَ الشيءَ: ترَكَه على ذُكرٍ"، ولأننا لا نأبه لها تُنَبِّهُنا الكثير من الآيات إلى كونها تتعادل مع غيرها في الإضرار بالإنسان الغافل، انظر موقعها عند أولئك الذين استحقوا "الصرف عن آيات الله"، كيف جمعوا الرزايا على الروح والنفس! قال تعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 146][1]، فهم: تكبروا في الأرض بغير الحق، وأعرضوا عن الرشد إلى الغيِّ، وقبل كل ذلك كذبوا بآيات الله تعالى وكانوا عنها غافلين، والمدهش أنه سبحانه جعل الغفلة آخر الآية؛ لنتنبه إلى غرابة وأهمية جمعها مع التكذيب كمصدر لتلك الأمراض، بل الكوارث الفكرية والسلوكية، فالمتكبر قد يراجع نفسه، والضالُّ قد يعدل عن الغي إلى الرشد، والمكذب لكل آية قد يستغفر ويتوب، لولا الغفلة! لذلك أول خطوة في أي إصلاح للنفس هو طرد الغفلة.
بعض أسباب فهمنا الخاطئ للغفلة:
• الإيحاء بأن الغافل مرفوع عنه، لا يؤاخذ، وهذا لم يرد في أي نصٍّ - حسب علمي -، وما ورد: الخطأ والنسيان وما استكره المرء عليه، قال صلى الله عليه وسلم: ((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه))[2]؛ لأنه في الحالات الثلاث المذكورة إرادة الإنسان تكون معطلة، أو أنه في حالة جهل حقيقي، وحكمه أنَّ عليه تصحيح ما أتى به ناسيًا أو جاهلاً أو مكرَهًا، بعمل الصالحات وتجنب الآثام والمناهي، حال زوال السبب المعيق، وهو ينصاع لذلك مقبلاً راضيًا.
• القياس على الغفلة الفيزيولوجية: المتعلقة بوظائف الأعضاء، من سُبات مَرَضي أو نوم غير مرضي، وأضف إلى أنه قياس فاسد، فإنني لم أجد "الغفلة" ومشتقاتها في أسماء النوم الطبيعي وما يسبقه وما يليه[3]؛ ولا في الحالات المَرَضية المشابهة له، فأساتذتنا الذين وضعوا أسس الطب باللغة العربية - جزاهم الله خيرًا - لم يوردوا الغفلة فيما كتبوا ولا فيما ترجموا وعرَّبوا (هنالك سبات، وتحت سبات، وغشي، وإغماء، و...
إلخ).
• مقولات متوارثة ترسخ ذلك الفهم الخاطئ للغفلة، وأشهرها قولهم: أن "الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا"، والتي تبرّرُ في ضمائر عامة الناس "الغفلة"، وأقول: أخي، لا تصدقهم، انتبه قبل أن تموت، فالغفلة دمار كما سنرى، ولينتبه كل منا لتسلل الغفلة تحت أي ذريعة، فمن لا يُفِق إلا بعد الموت لا ينجيه الاحتجاج بذلك القول وأهله، بل قد يكبه في جهنم.
فما بالك بالغفلة الجماعية، حينما تنتشر عدوى الغفلة ويركن كل السكان أو معظمهم للمفاهيم الخاطئة السابقة، ويغيب الوازع الاجتماعي الأخلاقي، فلا يقاومها ولا يستنكرها أحد؟!
قال تعالى: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 1]، ومهما كانت المبررات، فهي لا تعذر أصحابها كما نحسب خطأ، فالقرى الغافلة مصيرها الهلاك، وفي هذه الآية الكريمة تصحيح هام؛ إذ قد تبدو الغفلة صفة منفعلة سلبية، وما ذلك إلا لأنها مخاتلة، بينما التنبيه القرآني يخبرنا أنها سمة فاعلة، حين قرنها بتصرُّف قبيح، هو "الإعراض" عن ذكر الله وشرعته وطاعته:
فالإعراض: هو إجراء فاعل إرادي عن وعي تام، وكأنه حركة معنوية (وقد أُفْرده ببحث؛ لأنه كذلك مما يستهان به خطأً، وهو من صفات الغافلين، ومرتبط بالكبر).
أما الغفلة: فهي أن ينشغل قلب وعقل الإنسان البالغ الراشد - وهو بكامل وعيه - بشيء أو معتقد أو مبدأ، فينصرف بسببها كليًّا عن أشياء أخرى أو سلوكيات وأفعال هي الأولى والأصلح في 90% من الحالات أو أكثر، فالغفلة في الغالب الأعم مذمومة، ونادرًا جدًّا ما تحمد[4]، وقد تكون الغفلة حجة تُستغل لتبرير شيء عظيم ومصيري، ضرب الله تعالى عليها مثلاً: التحذير من اتخاذها حجة للانصراف - كفرًا وضلالاً - عن حقيقة الفطرة التي فطر عليها البشر أجمعين من عبادة الله تعالى وحده، مبيِّنًا أنه لا يفيدهم ادعاء الغفلة شيئًا؛ لأن الله تعالى أخذ عليهم عهدًا: وثيقة مسجلة، وشهادة مثبتة في الشيفرة الوراثية لكل منا، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172]، وقياسًا على تقسيم الأعراض والأمراض الجسمية لدرجات، فإن للغفلة - باعتبارها من أمراض النفس والروح - درجات ومراحل منها الخفيفة ومنها الشديدة، ومنها المحدودة ومنها المنتشرة، ومنها ما هو قبل الوحي والعلم، ومنها ما هو بعده، ، وإن الإصرار على ذاك الفهم الخاطئ رغم شواهد تصحيحه في القرآن الكريم والسيرة المشرفة هو من "التغافل عن حقيقة الغفلة"، ومثال قرآني عن درجة متقدمة من الغفلة (مثل سرطان متقدم!) يوضح المعنى الذي ذكرته:
استحباب الحياة الدنيا ليس خطأ ولا ذنبًا نُعاقَب عليه، ولكن عندما نغفل بسببه عن الآخرة، فانظر المحصِّلة:
قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [النحل: 107 - 109]، ولنا عودة لهذه الآية.
صفات الغفلة: التسلل والتراكم:
مبدأ الغفلة وسيطرتها: تبدأ الغفلة في القلب عند بعض الناس، وتنسل عند آخرين من خلال التبعيض في تطبيق الأحكام، وهو مطمئن من أن قلبه في مأمن للفصل المذكور بين المادي والمعنوي، وهي ربما تبدأ بالإكثار من الرخص الشرعية، ثم الفتاوى المشروطة، ثم الإبقاء على الفتوى بسقوط الشروط، كل ذلك وأحدنا يظن أن قلبه صاحٍ لم يغفل، ولا يكتشف ذلك إلا والغفلة التراكمية صارت رانًا، حمانا الله وإياكم.
وبعض أشكال هذا التسلل - وهي كثيرة على أرض الواقع -:
• الغفلة عن رقابة الله تعالى، ففي لحظات غياب عن أنه تعالى معي ويراقبني، تفلت الحماقة، ثم من كثرتها - لحظات الغياب - نصبح مكشوفين لغزو" الغفلة"، وكأني بها صارت لأكثرنا مجرد لحظات حضور، مقابل ساعات وأيام الغياب عن أنه سبحانه معنا في كل لحظة!
وفي هذا الزمن الصعب مسكين الإنسان، فرُوحه الظمآنة كيف تشبعها لحظات فقط من معية الله تعالى؟! بينما هو في أمسِّ الحاجة للاستزادة من الصلة بربه الرحمن، يدفع بها الغفلة وما هو أطغى؛ لينجو.
• الغفلة عن ذكر الله جلَّ شأنه: رحم الله جدتي، منذ وعيتُ وفي أذني دعاء لها تكرره: "يا رب، لا تجعلنا نغفل عن ذكرك"، ومن بدايات تلك الغفلة تحوُّل العبادات إلى روتين، لا سيما الصلوات، ثم إنها تفضي للتآلف مع الفساد، واليوم مع الأسف اعتاد كثير من الناس رائحة الفساد، وألفت عيونهم وأسماعهم المنكر والقبيح، وهذا مما يزيد الغفلة تمكنًا وانتشارًا، ويُبرز الحاجة إلى الوازع الاجتماعي الأخلاقي.
المبالغة في أي شيء حلال من حيث المبدأ، والأمثلة كثيرة:
منها الانغماس في العمل على حساب الزوجة - أو الزوج - والأولاد، والمقابل له من انغماس في جني المال لإرضاء الزوجة والأولاد، ولو اقترب من الحِمى يوشك أن يقع فيه، ومنها الانغماس في النشاطات الترويحية طلبًا للمتعة، حتى لو بدت حلالاً، ومنها الإنفاق ترفًا وسرفًا فيما يسمى النزعة الاستهلاكية.
وعمومًا: فإن المبالغة التي تجعلك تنغمس في أي شيء لدرجة أن تغفل عما سواه من غذاء الروح وصحة النفس، تسد عليك منافذ الأكسجين من الاتجاهات الأخرى، فيصيب الخلل المستقبلات من فؤاد وسمع وبصر (الآية التي افتتحنا بها)؛ لتتسع غفلتك وتتكرر وتتراكم، فلا تدرك ضررًا يتسلل إليك من هنا أو هناك، وقد ضعفتْ مناعتك الأخلاقية.
وذلك المثال عن النشاطات الترويحية من أشيع مفرداته اللهو على الفضاء الإلكتروني من نت وتلفزيون - ولعلنا نترك الحديث عن مساوئه الكثيرة لمقال آخر - فإن أقل ضرر له - وهو أنه يحرم المرء من الخروج إلى الفضاء الحقيقي حيث السماء والشمس والخضرة والماء - ما لبث أن تطور مع الغفلة إلى حالة مرضية عند الأطفال (نفسية وسلوكية)، سموها: اضطراب العوز لحياة الطبيعة: ( Nature deficit disorder ) (مثلما نشخص لديهم عوز الحديد وعوز فيتامين د والكلس...
وإلخ)[5]، ناهيك عن اختلاط ذلك اللهو بالمحرمات، حتى لو أخذت شكل اللَّمَم، فهي مع نمو نبات الغفلة السام ستتضخم ويعتادها المرء؛ كآلية التسمم البطيء (باستنشاق أول أكسيد الكربون مثلاً)، أو كسرطان الدرجة الثالثة الذي تأخر كشفه، وتلك الغفلة بعد أن تتمكن خُلْـسَةً في بؤرة صغيرة من النفس ما تلبث أن تتسع، مثل الضريبة التراكمية التي يجد المرء نفسه عاجزًا عن سدادها بعد حين، وذروتها (المنكوسة للقاع) الاطمئنان للحياة الدنيا التي تجعلك غافلاً عن آيات الله تعالى؛ تلاوة وتدبرًا وتطبيقًا عمليًّا، وعن لقائه، وهذه كلها مكتسبات للغافلين، تجر أصحابها بثقلها للنار، أجارنا الله، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يونس: 7، 8].
صفات الغافلين: وهي مرآة تعكس مكونات الغفلة: فبعد التسلل والتراكم، بماذا يتصف الذين "في غفلة"؟
أهم صفاتهم توجزها إيجازًا بديعًا الآيات الأولى من سورة الأنبياء، قال تعالى: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 1 - 3]؛ وهي:
• الإعراض (وكنا أشرنا لتلازم الإعراض مع الغفلة).
• استماع الذكر المنزَّل من الله تعالى وهم يلعبون.
• لَهْوُ القلب ﴿ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾، ليس لهو الجسم وحسب، بل لهو القلب، وهو أدهى وأمرُّ.
• إسرار النجوى بالباطل، بما يشبه التآمر على الذِّكر والسخرية بأهله، وهذا الإسرار يستعلن به عندما يضعف الإسلام والمسلمون، وهو دأبُ الظالمين الذين ينشرون الأكاذيب، ويعبثون بعقول الناس؛ لصدهم عن الحق والذكر كما في الآيات.
وصفات أخرى:
• منها التسلط على الأمم، واتباع "الجبت والطاغوت"، والكفر بالمعجزات والآيات، فالغفلة داء قديم من أمراض الأمم التي تحارب الله ورسله، وهي من أسباب هلاكها، وأشهرها في ذاكرة التاريخ فرعون وملؤه، قال تعالى فيهم: ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 136].
• ومنها ما ورد أو سيرد.
نتائج الغفلة: للغفلة نتائج خاصة بكل إنسان بما يتناسب مع شخصيته وظروفه، وفيما يلي بعض نتائجها العامة:
• عدم تقبل الله تعالى لدعائنا، والحرمان من الإجابة؛ فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((القلوب أوعية، وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل - أيها الناس - فسلوه وأنتم موقنون بالإجابة؛ فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل))؛ رواه أحمد، وإسناده حسن، وفي لفظٍ للتِّرمذي من حديث أبي هريرة: ((ادْعُوا الله وأنتم مُوقنون بالإِجابة، واعْلموا أنَّ الله لا يَستجيب دعاءً من قلبٍ غافل لاهٍ))، ولاحظ أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قرنهما: "الغفلة" و "اللهو"، كما ذكرنا أعلاه في صفات الغافلين، وهذه عقوبة عظيمة، فأينا يرضى ألا يُتقبل دعاؤه ولا يستجاب[6]؟! ولكنها على شدتها مثل جرس إنذار، تدعونا لنطرد الغفلة ولا نقع في الأعظم سوءًا، وهو:
• الطبع على القلب، قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [النحل: 108، 109]، في عالمنا المادي الذي يقيس كل شيء بالربح والخسارة، من الحماقة أن تكون ممن طُبع على جوارحه وحواسه، وكان وسمه: غافلاً، خاسرًا في الآخرة، ولات حين مناص!
• الغفلة والظلم: مر بنا أن الظلم قد يكون من صفات الغافلين، ومن الأمثلة التي قرأتها قول أحدهم: "قد يظلمُ أحدنا عبدًا من عباد الله، ولا يُلقي لفعله بالاً، لا طغيانًا ولكن غفلةً، فيدعو المظلوم على ظالمه، ويأخذه الله بظلمه، تقفل في وجهه الأبواب، وتشتدُّ عليه الصعاب، يدق باب الله، ويتبرأ من كلِّ ذنب، ولا يخطر في باله أن ظلمه قاعدٌ له"، وهو كلام قد يفهم منه إعذار الغافل، وما أريد تأكيده هنا أن الغفلة لا تبرر الظلم، وهي - كما تؤكد النصوص القرآنية التي أوردنا بعضها - ليست أهون من الطغيان (والطغيان هو تجاوز الحد إثمًا وإساءةً)، بل إن الغافل عن أوامر الله تعالى ونواهيه ظالمٌ، وأول من يظلم نفسُه، قال تعالى: ﴿ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 97]، وكأنهم يعترفون أن الترجمة العملية للغفلة هي الظلم.
• الضلال: وهو نقيض الاهتداء، ولو دعي الغافل بعد الطبع على قلبه للهدى، فإنه: لا يعقل، لا يبصر، لا يسمع، فكيف يهتدي؟! وهذه أسوأ نتائج الغفلة؛ لأنها من أبواب جهنم، كما تجد في تلك الآية التي افتتحنا بها: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179]، آية ترعبني حقًّا، تجعلني أسعى في طرد الغفلة عن نفسي وعمن حولي.
علاج وطرد الغفلة: الوعد الحق، إذ يقترب، ماذا أنتم فاعلون؟!
الغفلة ليست عذرًا، رغم أنها متكأ الكفار يوم اقتراب الوعد الحق، كما مر في (الأنبياء 97)، والغفلة على أنها مذمومة، ومصير الغافلين مشؤوم في معظم الآيات القرآنية، إلا أنها ليست مرضًا عضالاً، بل البرء منها ممكن بإذن الله، لا سيما في التشخيص المبكر.
ولأنه بضدها تعرف الأشياء، فلِمَنْ برَّر الغفلة عن الحق وكلام الله تعالى ورسوله بادِّعاء السهو والانشغال، هذا الاقتراح: أن يكون إيجابيًّا، فيتحرى مواطن الضوء والنور، أن يتحرك فيفتح النوافذ والأبواب، ودخول الهواء النظيف سيجعله يكتشف مصدر الرائحة العفنة.
أن يكون إيجابيًّا أكثر، ويستخدم عدسة مكبرة أو مجهرًا إذا لم يتبين (فيسعى ويجهد في البحث عن الحق ومكمن الغفلة التي تغشيه في فؤاده، وطرق التغلب على تلك الغفلة بكشف مواقعها فيطردها، أو أسبابها فيتجنبها؛ كالهوى، والأنا، ورفقة الغافلين، وأبواق الصدِّ عما يرضي الله تعالى)، وكل إنسان يجب أن يجهد بطريقة تناسبه ويقدِّم لنفسه، فلا يوجد علاج واحد للجميع، وفيما يلي:
بعض التدابير العامة لطرد الغفلة:
• وأولها وأهمها ذكر الله تعالى: بأشكاله المختلفة؛ ومنها: الصلاة، والدعاء، والاستغفار، وعلى رأسها العيش مع القرآن الكريم قولاً وعملاً، قال تعالى لرسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [يوسف: 3]، وكأن الآية الكريمة تقول لنا: قبل الوحي والتنزيل هناك ما يُغفَل عنه، ولكن بعد الوحي ما عاد لمحتجٍّ حُجة، وبالتالي استحضار ما يترتب على مداومة الذكر من أن الله معك، هنا يستحيل أن تغفل، لا سيما وأنت ترى مصير الغافلين، وهي علاقة تبادلية: غفلة صرف عن الذكر، فذكر الله تعالى يطرد الغفلة، بينما الغفلة تصرفك عن ذكر الله تعالى.
في رمضان الفائت قرأ الشيخ المعيقلي - أثابه الله - في الحرم نهاية الآية: 205 من الأعراف: "ولا تكن من الجاهلين"، ثم صححها: ﴿ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 205]، سبحان الله! فنبهني من شرودي وأنا أصغي له، وتأملت الآية، قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 205]، فالتقصير في ذكر الله ربنا ومولانا وقد فطرنا عليه، هو غفلةٌ، وليس جهلاً، سبحان الله!
وقالت لي نفسي: بلى، أما شعرتِ أنَّ التقصير بالذكر في جميع أشكاله، على كل أحوالنا وأوقاتنا، في نفسك، تضرعًا وخيفة ودون الجهر من القول، بالغدو والآصال، هو غفلة وأي غفلة؟! رحماك ربي.
والغفلة جفاف وجفاء، بينما اللسان الذاكر هو رطب بذكر الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله)) صحيح؛ (رواه الترمذي، وابن ماجه، وأحمد)، كما أن من العلماء من جعل العمل بما يرضي الله تعالى من أشكال الذكر العملي.
وللاستغفار - سواء كان قائمًا بذاته، أو كأحد أشكال الذكر - أهميته الخاصة في طرد الغفلة، قال ابن القيم في الوابل الصيب: "وصدأ القلب بأمرين: بالغفلة والذنب، وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذكر"، كما أن تقصيرنا في الاستغفار هو إما لغفلة أو لغرور، بل هنالك من يستثقل الاستغفار، رغم الذنب يغفلُ عنه! سبحان الله! غفرانك ربنا من الغفلة صغيرها وكبيرها (وللغفلة درجات ومراحل كما قلنا).
• وفي تدبير الغفلة إجراءات وقائية: مثل الإقلال من اللهو ولو كان حلالاً، وتجنب معاشرة الغافلين بشكل وثيق، ولا أقول أن نقاطعهم إن كانوا أرحامًا أو كنا قادرين على مساعدتهم في طردها، وبالمقابل فإن مما يطرد الغفلة، أو يقي من تسللها: ملازمة المستقيمين، والاقتداء بهم وبالصالحين.
• التخلص من الغرور عمومًا، والغرور بالعلم خصوصًا، قال تعالى: ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ [الروم: 7]، سواء كان علمًا دينيًّا أو دنيويًّا، واليوم العلوم الدنيوية تسد الآفاق، تطور غير مسبوق، يقابله غفلة خانقة على المستوى الروحي والأخلاقي، وأصبح الكسب المادي هدفًا من وراء معظم الدراسات والبحوث العلمية وصناعات الأدوية واللقاحات والمواد المخبرية، والتي تشهد صراعات تنافسية، لا نجانب واقع نسبة كبيرة منها إن قلنا: إنها غير شريفة، لنطامن من غرورنا ولو بالعلم، فبدعة العصر الغرور بالعلم، ولنحاول أن نتذكر أن نتواضع لهذه الحقيقة، وهي: ألاَّ نغفل عن أنه ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 76]، وأنه سبحانه ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾ [الأنعام: 18] عز وجلَّ.
ورأس تلك التدابير لطرد الغفلة ومناطها:
تذكر الموت والحساب وعدم الغفلة عن الآزفة:
ما أكثر الذين يقولون بوجود الله تعالى، يدْعُونه يقينًا، يطلبون منه بإلحاح، يُصلُّون ويصومون، ويقفون عند اللقاء الأخير بين يديه سبحانه، لا تشي أعمالهم أنهم يؤمنون بهذا اليوم، والمؤلم حال المتسكعين المتشبثين بدنيانا، يتسكعون بالتدرج في المعاصي، مستسلمين لتسلل "الغفلة"، ثم تراكمها، وكثر تستغرقهم الدنيا تحت هذا الران الثقيل، فيبعِّضون الدين.
لنتخيل أننا بوجهنا هذا وجوارحنا وكامل جسمنا سنقف بين يدي الدَّيَّان، ولنطرد الغفلة التي تجعلنا لا نرى قبح هذه الأدران والأوزار المادية والمعنوية، فننبذها قبل فوات الأوان، قال تعالى: ﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ [ق: 19 - 22]، ولنستيقن في آخر الزمان الذي نشعر باقترابه أنَّ عدم الغفلة عن اليوم الآخر هو طوق النجاة، وهو الأمن إذ يفزعون.
وفي الختام: لنكن مع الله تعالى، ولا نغفل عن أن الغفلة دمار، ولا ننتظر الموت حتى نفيق كما دأبوا على إخبارنا أن الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا، ولا نستسلم للصعوبات ونحن ندفع الغفلة عنا.
ولكل أخ غافل:
اصحُ، أرجوك، انتبه من غفلتك قبل الموت؛ حتى تنتقي مكانك؛ لأن من لا يفيق إلا بعده لن يفيده أن يكون "بصره حديدًا" آنذاك، وسيجلس في أي مقعد في الحافلة إلى القيامة، وربما قذف به في أحد وديان جهنَّم إن قادته غفلته الأرضية إلى سبيل الغي وجمع غفلة إلى استكبار حين استعلى عن الحق والرشد، وغفل عن آيات الله وقدرته عليه، كما قال تعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 146]، رحماك ربي، ولا إله إلا أنت.
[1] قال الإمام الشعراوي في تفسيرها: "الغفلة معناها: زحزحة الشيء عن بال الواجب أَلاَّ يزحزح عنه، فكان الواجب أنْ يتذكره ولا يغفل عنه، والغفلة غير النسيان؛ لأن الغفلة أنْ تهمل مسألة كان يجب ألاَّ تُهمَل وألاَّ تغيب عن بالك، أما النسيان، فخارج عن إرادتك"؛ تفسير الشعراوي، الأعراف 146، بينما قال أهل اللغة: إن الغفلة سهو يعتري الإنسان من قلة التيقظ والتحفظ، ثم قالوا: إن النسيان إما عن غفلة وإما عن قصد؛ لذلك وجب التنبه لدقَّة المعنى القرآني في الغفلة، فمثلاً قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 5]، ولم يقل غافلون، ومما قاله الشوكاني فيها: "الغفلة ذهاب الشيء عنك؛ لانشغالك بغيره".
[2] المحلى لابن حزم 5/193، خلاصة حكم المحدث: صحيح، وفي لفظ: ((إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))؛ رواه ابن ماجه والبيهقي.
[3] ومن ذلك قولهم: إن مراحل النوم: النعاس - الوسن - الترنيق - الكرى - الإغفاء - التهويم - والرقاد، وكلمة غفل بمعنى نام ببعض العاميات، صحيحها: غفا يغفو وهي "غفوة"، ومعناها النوم الخفيف، وليست "غفلة".
[4] والحقيقة أنني وجدتها كذلك في آية واحدة في القرآن الكريم، قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 23]، وقرأت في تفسيرها: "سليمات الصدور، فهو من الغفلة عن الشر".
[5] مثلما يصاب الطفل بعوز الكالسيوم وعوز الحديد ونسارع لعلاجه، فهو هنا يصاب باضطرابات نفسية واجتماعية بسبب ذلك العوز لحياة الطبيعة: [Nature deficit disorder] والذي تم تصنيفه عام (2005 م)، ومن صفاته أن الأطفال الذين يمضون وقتًا أطول مع الميديا الإلكترونية من الذي يمضونه خارج الأبواب والجدران، يعانون من حجم ضخم من المشاكل السلوكية، ناهيك عن أمراض أخرى، فقد تبين أن كل ساعة يقضيها الطفل قبل سن المدرسة في مشاهدة التلفزيون تزيد خطر إصابته بمشكلات الانتباه بنسبة ( 10%)، وهذا يفسر إنقاص تلك البرامج والأفلام المقدرة على التعلم كما بينت عدة دراسات في أعمار مختلفة.
[6] عن تقبل الدعاء: أدب الكلمة وقوة البرهان منشور على الألوكة.