أرشيف المقالات

اختيار الأساليب والوسائل المناسبة في الدعوة

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
اختيار الأساليب والوسائل المناسبة في الدعوة

إذا أرادت الداعية أن تشدّ أسماع الطالبات وتؤثر في سلوكهنّ؛ فعليها اختيار الأساليب والوسائل المناسبة الصالحة للطالبات على اختلاف ثقافتهنّ وميولهنّ.
 
فالدعوة لن تنجح طالما كان أسلوبها صالحًا لفئة محدودة منهنّ دون الأخرى، وهذه سمة مهمة من مقومات المنهج الدعوي الذي يراد سلوكه مع جمهرة مختلطة من الناس، كمجتمع الطالبات في المدرسة، حيث تتباين الخلفيات الثقافية بين الطالبات بشكل كبير.
 
وتحقق الوسائل والأساليب صلاحيتها للفئات المتنوعة في المدرسة بمراعاة جانب الطالبات، ومثال ذلك: تخير الأسلوب الأمثل المناسب لدعوة الأفراد أو الجماعات، فالدعوة الفردية لها من الوسائل والأساليب ما يختلف عن الدعوة الجماعية، ذلك (أن طريق كل أمر ما يناسبه، قال تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾ [1]، فالدعوة إلى الله، وإلى سبيله، يشمل تعليم الجاهلين، ووعظ الغافلين، ويشمل النصيحة الخاصة لآحاد الناس وأفرادهم، في الأمور الدينية والدنيوية، فإذا سلك الداعي فيها طريق الحكمة، كان أقرب وأرجى لحصول مقصوده، ولهذا ينبغي تعليم كل أحد ما هو أنفع له، وبعبارة أو دلالة أقرب إلى ذهنه وفهمه...
ومن الحكمة تعليم العوام وإرشادهم أن يُعَلّموا ما يحتاجونه بألفاظ وعبارات مناسبة لأذهانهم، قريبة من أفهامهم...
وكذلك ينبغي لأهل العلم في مجالسهم مع الناس - العامة والخاصة - أن يحدثوا الناس بما يناسب الحال عند المناسبات من المسائل العلمية...
ومما يعين المعلم والمذكر معرفة طبائع الناس وأخلاقهم والوسائل التي يؤتون من جهتها)
[2].
 
ومما يعين على تحقيق مناسبة الوسائل والأساليب للطالبات:
1- مراعاة المستوى العقلي والإيماني عندهنّ، فقد تكون الطالبة جاهلة بالحكم الشرعي، لكنها في نفس الوقت غير مجادلة ولا متكبرة، إنما لديها استعداد تام للمعرفة والإيمان، وقد تكون عارفة بالحكم لكنها معرفة مشوّهة محرفة، أو تكون عارفة به، ولكنها لا تُطبقه إما خوفا أو جهلا أو اتباعا للهوى، إلى غير ذلك مما يستلزم من الداعية اختيار الأسلوب الأمثل والأنسب لدعوة كل واحدة منهنّ، فتعمد إلى الأساليب الفكرية المزيلة للشبهات، أو الأساليب العاطفية المثيرة للأحاسيس الموقظة للوجدان والشعور في نفوس الطالبات، إلى غير ذلك من الأساليب، مراعية في كل ذلك الفروق الفردية بينهنّ، وتفاوتهنّ في مستوى الذكاء والقدرات العقلية.
 
2- مراعاة ميول المدعوات ومواهبهنّ ودوافعهنّ الفطرية، من خلال اختيار الداعية الأسلوب والوسيلة الملبية والمشبعة لهنّ، لأن تأثر الطالبات يختلف باختلاف هذه الأمور، فمنهنّ من تميل إلى الأسلوب القصصي، ومنهنّ من لا تستجيب لأسلوب الترغيب، ولا يثمر معها إلا الترهيب، وبعض المدعوات يشتقن إلى المحاضرة العامة، وهناك من ترجح فائدة الدرس على غيره، فعلى الداعية أن يكون هدفها هو إيصال رسالة الإسلام إلى المدعوات، بصورة مؤثرة، بأي أسلوب أو وسيلة كانت، حتى يحدث أسرع أثر ممكن فيهنّ وأعمقه وأكبره[3].



[1] سورة النحل: جزء من آية 125.


[2] باختصار: الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة :الشيخ عبد الرحمن السعدي ص 88-89.


[3] ينظر: من صفات الداعية مراعاة أحوال المخاطبين: د.
فضل إلهي ص 176-177، وأسس التربية الإسلامية: د.عبد الحميد الزنتاني ص 484-486.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١