أرشيف المقالات

المعدة

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
كغدة من الغدد ذات الإفراغ الداخلي للدكتور حيدر السمان لقد جلت الدراسات التي قام بها العلماء في مستهل القرن الأخير أهمية العدد الصماء وبينت تأثير مفرغاتها الداخلية على تنظيم وظائف الأعضاء وعلى التوازن المتقابل الموجود بينها كما أنهم ذكروا الأمراض التي تنجم عن فرط أو نقص هذه المفرغات والأدوية الغدية الحديثة التي كانت عجيبة بنتائجها. فقد ظهر أن لهذه الغدد إفراغات داخلية تصب رأسا في الدم تدعى (هرمونات لها تأثير منشط لوظائف حجرات الأعضاء، وقد قسمت هذه الغدد بالنسبة لإفراغاتها هذه إلى قسمين: القسم الأول: لها إفراغات داخلية فقط مثل: الغدة النخامية ثم الغدة الدرقية ثم غدة المحفظة فوق الكلية (الكظر والقسم الثاني: لها إفراغان داخلي وخارجي، مثل الكبد: والمبيض والخصية البانقراسي ولن أتعرض في بحثي لهذه الغدد لأن أمرها معروف لدى الجميع ولكني ذكرتها بالمناسبة للعلاقة الصميمة التي تربطها بمقالي.
إن الاكتشافات الحديثة قد أضافت لهذه الغدد الصماء عضوا آخر لم نكن ندري بأن له هذه الأهمية الغريزية قبل اليوم، فقد ظهر أن للمعدة إفراغاً داخلياً مستقلاً تمام الاستقلال عن إفراغها الخارجي لقد كانوا يعتقدون إلى عهد قريب أن لا ضير من الاستغناء عن المعدة استغناء تاما.
ولذلك فإنهم يشيدون بمنافع عمليات المعدة التي توصلوا بواسطتها لبتر المعدة وتفميم المري مع الاثنى عشري في بعض حوادث سرطانات المعدة لاعتقادهم بأن إفرازات البانقراسي والمعاء الرقيقة وخاصة إفرازات العضو الأخير كافية لسد النقص الناجم عن فقدان المعدة فقدانا تاما أو قسمياً فتؤثر على المواد الغذائية وتجعلها بحالة ملائمة للامتصاص. ولكن ظهر للعالم خطل هذا الرأي إذ توصل بتحرياته التي قام بها إلى أن المعدة موضعاً لحفظ الأطعمة فقط حتى يمكن لفن الجراحة أن يستأصل قسماً منها أو يزيلها جملة دون أي عارض ما، بل إن لها إفراغاً داخلياً مستقلاً تمام الاستقلال عن عصارتها الخارجية كالبانقراسي. إن الهرمون المضاد لفقر الدم - أو: هو الإفراغ الداخلي للمعدة الذي يؤثر على خاصة الكبد المولدة للدم فيزيد في عدد الكريات الحمراء ازدياداً كبيراً، فقد وجدوا نقصاً ظاهراً في عصارة المعدة عند من كانوا على عتبة الإصابة بفقر الدم. لقد بين أن عصارة المعدة عند الأشخاص الاعتياديين تكتسب عقب أكل اللحم قوة فعالة ضد فقر الدم تفوق بفائدتها فائدة تناول (خلاصات الكبد) ففي ناحية الكبد يظهر التأثير الفعال لهذه العصارة الداخلية، وإن أية آفة تصيب المعدة تؤثر تأثيراً سيئاً في الكبد وتكون سبباً إذا طال أمدها للإصابة بفقر الدم، إذ لوحظت حوادث فقر دم خبيثة عقب عمليات بتر المعدة الكاملة أو القسمية وعلى هذا الأساس فقد دخلت المعدة في مداواة فقر الدم وقد بذلت جهود جبارة لمعرفة ناحية الغشاء المخاطي المعدي الذي يتصف بهذه الخاصة الغريزية إذ أن على هذا التحديد تتوقف نتائج عمليات المعدة، وقد نجحوا في تحديد ذلك المكان وتبين لهم أن الغشاء المخاطي الموجود في جوار البواب له هذه الخاصية الحيوية الهامة وقد طبقت هذه النظرية في مداواة فقر الدم الناجم عن الأنزفة الدموية الغزيرة وفي مداواة فقر الدم التالي لآفات: السل، الملاريا، التهابات الكلية، التسممات، وفي حالات الضعف العام الناجم عن البؤس والفاقة، حسب طريقة الخاصة وذلك بأن تدخل لمعدة المريض بواسطة أنبوب من المطاط عصارة معدة شخص سليم عقب إطعامه (300) غرام من لحم البقر بساعة واحدة، ولكن بالنظر لصعوبة تطبيق هذه الطريقة في فن الممارسة، فقد استعيض عنها بطرق أخرى أسهل تناولاً، ولكنها أقل تأثيراً، فمنهم من أعطى معدة بعض الحيوانات الغضة، ومنهم من أعطى مسحوقها المجفف بمقدار (30) غراماً مقسمة على ثلاث مرات ممزوجة مع عصير البرتقال أو أي عصير كان قبل الطعام وقد استحدثت بعض المستحضرات الطبيعية السائلة مثل وكانت نتائجها جيدة جدا إن هذا الاكتشاف الخطير سيقلب جراحة المعدة رأساً على عقب، وستعود بلا شك عمليات (التفاقم المعدي المعوي - إلى سابق مجدها بعد أن أهملت زمناً ليس باليسير، وأوشك أن يقضي عليها نهائياً بعد تطور عمليات المعدة الأخير، ولكن لابد قبل ذلك من إدخال بعض التحسينات للتخلص من اختلاطات خطيرة وصمت بها كانت تجبر الجراحين على الاستغناء عنها يجب أن نفكر في النتائج البعيدة التي تسببها الأدوية المعدية قبل أن نطبقها على المرضى المعودين، فالأدوية المنقصة للإفرازات المعدية التي تعطي في بعض أمراض المعدة تؤثر في فعالية الكبد وتلجم خاصته المولدة للدم، فتكون سبباً للإصابة بالضعف العام وفقر الدم، وبالعكس فإن الأدوية المزيدة للإفرازات المعدية لا تنشط عمل المعدة الهضمي تجاه المواد الغذائية فقط، بل إنها تتعدى ذلك وتؤثر على الكبد فتزيد في خاصته المولدة للدم، فتزداد فعالية الجسم ومقاومته تجاه الجراثيم والأمراض يجب أن تطلق اليد في استعمال الأدوية المعدية، بل يقتضي استعمالها بدقة وانتباه وبمشورة الأطباء الأخصائيين. (دمشق) الدكتور حيدر السمان

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢