أرشيف المقالات

شرعة الإسلام نظام لكل عصر

مدة قراءة المادة : 16 دقائق .
للأستاذ علي الخفيف أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جاء الإسلام فكان مبيناً في عقائده، محكماً في دلائله، أسس على اليقين فتمت له قوته، ومثّل الفطرة فكان له بساطتها وصفاؤها وكان لهذا ديناً صالحاً للناس أجمعين، يسوي بينهم جميعاً، فإذا هم أمة واحدة، لها شرعة واحدة ورياسة واحدة.
على هذا الأساس شرعت مبادئه حتى تكون على الدوام أساساً لصلاح المجتمع الإنساني ولقد أطلق الإسلام العقول من قيود الأوهام، وزكى النفوس من دنس الأباطيل، فأبصرت ما في هذا الكون من آيات، فإذا المشرك مؤمن، والجاهل عالم، والضعيف قوي أما عقيدته التي جاء بها، فهي الفطرة خلصت لله سبحانه وتعالى، فاطرحت كل ما سواه، وقررت أنه هو الإله وحده، وهو الخالق وحده، له الأمر وإليه المصير ذلك التوحيد، وهذا الخلوص هو ما فطر عليه الناس، وما يجدونه عند مفزعهم، حين ينسون مشاغلهم، وما يحسونه من نفوسهم إذا صفت ورجعت إلى طبيعتها، خالصة مما حاق بها من نزعات شهوانية ورغبات مادية، وليس يسع الرجل الرشيد، وقد تبين له الأمر إلا أن يستجيب لتلك الدعوة، تكريماً لنفسه، وإطلاقاً لعقله، وتلبية لفطرته.
وإذن فعقائد الإسلام مستكنة في النفوس، لا يعوقها عن الظهور إلا ما غشى النفوس من أوهام موروثة، وغطى على القلوب من شهوات مشوبة، وأضعف الضمائر من عادات فاشية، وهي بذلك في غنى عن التعريف بصلاحها، وعن التدليل على عمومها.
وأما أخلاقه وفضائله، فقد جاءت صلاحاً للنفوس وحاملاً لها على الخير هذان الأمران هما: لب الإسلام وأساسه ودعامته التي قام عليها، وغايته التي يرمي إليها بما شرع بعد من وسائل وما أمر به من أعمال وما نهي عنه من محرمات.
عنى بهما الإسلام حين جاء فدعا محمد صلى الله وسلم الناس أول ما دعا إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأهاب بالوثنيين أن يتركوا أوثانهم، وبالمشبهين أن يتطهروا من تشبيههم، وبالطبعيين أن ينظروا بأبصارهم ويتدبروا بعقولهم، وبالمثلثين أن ينبذوا تثليثهم ويتذكروا في خلقهم.
جأر بهذا الدعوة كي يحرر الناس عقولهم ويخلصوا أنفسهم ويطهرو قلوبهم ويدينوا جميعاً لمن فطر السموات والأرض وما بينهما قام عليه الصلاة والسلام بهذه الدعوة فقرن بينها وبين دعوته إلى الأخلاق وعنايته ببيان آثارها وتفصيل حقائقها والموازنة بينها وبين ما شاع في الناس يومئذ من الطبائع الخبيثة والعادات السيئة لتتعاون الدعوتان على إصلاح النفوس لتتهيأ لما سيشرع من نظام يكون به علو كلمة الإسلام في الوجود، ونشر سلامه على العالم.
أقام على ذلك جاهداً لا يلويه عن غرضه قوة، ولا يرده عن غايته أذى.
إلى أن أمر بالهجرة إلى المدينة؛ فلما اطمأن إلى مقامه فيها، شرع للمؤمنين من الشرائع الاجتماعية ما تقوم عليه دولتهم وتتأسس به حكومتهم، وما يدفع عنهم العدوان، ويقيهم أسباب الانحلال تلك هي غاية الشرائع الإسلامية الاجتماعية والحكمة التي روعيت في فرضها؛ لم تفرض لتكون وسيلة من وسائل العبادة فحسب، ولكنها وضعت لتكون العلاج الذي يشفي النفوس من عللها، ويقي الجماعات من أمراضها لذلك امتدت وتشعبت حتى انتظمت جميع نواحي الحياة.
فانقسمت إلى شرائع مالية تنمي المال وتقرر الحقوق وتقوم على تحقيق الاقتصاد، والى شرائع اجتماعية تبين للأسر حقوقها وتوثق الصلات بين أعضائها حتى تكون لبنة قوية في بناء الأمة، ثم تتجاوز الأسرة إلى شؤون العمل فتحض عليه وتنظمه، وإلى شؤون التربية والصحة وغيرها من الشؤون الاجتماعية فتضع لها الأسس وتبين لها الطرق إلى غاياتها؛ ثم إلى شرائع الزجر منعاً للعدوان؛ والى شرائع الحرب إعداداً للقوة وتحديداً للعلاقات بين المتقاتلين في الأموال، ومعاملة الأسارى، والتصرف في الغنائم؛ ثم إلى شرائع سياسية تنظم العلاقات الخارجية وتعين الإدارة الداخلية من حيث اتصال الحاكم بالمحكوم، وغير ذلك مما يؤسس عليه بناء الدولة، ويقوم عليه عمرانها هذه هي مناحي الإسلام في تشريعه وهي كما نرى جامعة لكل نواحي الحياة الاجتماعية الحاضرة؛ غير أن تشريعه فيها كان تشريعاً كليا يقرر المبادئ العامة ويضع الأسس الثابتة ويدع المجال للتفصيل والتطبيق ليتم له الخلود، ولم يكن له من مصدر إلا القرآن الحكيم وبيان الرسول الكريم.
أنزل القرآن بالأصول العامة وجاء بيان النبي ﷺ وسنته بالفروع التي تخرج منها أتى القرآن بالإجمال والعموم وتكفلت السنة بالبيان والتطبيق؛ فإذا قرأت للقرآن وتدبرت آياته وجدت في تشريعه عناية ببيان هذه الأصول العامة وحض الناس على المحافظة عليها.
فإن أردت المثال فارجع إلى قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم) وقوله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا.
وأحل الله البيع وحرم الربا)
.
(يمحق الله الربا ويربي الصدقات) وقوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة.
)
.
وقوله تعالى: (والجروح قصاص).
وقوله تعالى: (الرجال قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم).
وقوله تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة).
وقوله: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) وقوله: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً).
وقوله: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) هذه سنّة القرآن في التشريع لم تتخلف إلا في النزر اليسير.
استنها ليكون تشريعه نظاماً لجميع الأمم، وليبقى صالحاً على مرور الزمن.
فهو الشريعة العامة التي تمهد لتحقيق الجامعة الإنسانية وتهيئ العقول لتتجه وجهة واحدة في تبيين الحق وتقدير الجزاء ووضع المعاملات على أسس ثابتة، وإنماء الأموال بطرق خالية من الخداع، وتدبير الشؤون الاجتماعية على نمط يحقق المصلحة العامة؛ ثم هو يقارب بين الأمم المختلفة حتى تتعاون جميعا في العمل إلى خيرهم مجتمعين.
ذلك لأن الأحكام الجزئية والفصل في الحوادث المتجددة لا يستقر مع الزمن ولا يصلح لكل مكان، لأن الناس في تطور لا ينتهي إلى غاية، وفي تجدد ليس له نهاية فإذا رجعنا إلى ما شرعه الإسلام في الأموال من أصل وجدنا أنه أسس التعامل فيها على الرضا إذ يقول (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) ويقول (فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً) وإذن فليس علينا عند التفصيل إلا أن نرد كل عقد إليه على ألا يتعدى ذلك حقوقنا وألا نخرج به عن رشدنا، فإن تعدينا الحدود بالخديعة والغش فقد اقترفنا الإثم الكبير وأذنا الله ورسوله بالحرب يعجب كثير من الناس لتحريم الربا وقد زعموا أنه دعامة التجارة وعماد العمارة ومدعاة التعاون، وقد أصبح على أي افتراض ضرورة الزمن.
زعموا ذلك وكأنهم لا يسمعون بكاء صرعاه، ولا يبصرون مصارع قتلاه.
لئن قام عليه بيت فقد خربت به مئات البيوت، ولئن انفرج به يوما ما ضيق فكم ضيق على صاحبه السبل.
وماذا فعل الربا بأهل الأسر الكريمة منا؟ ألا نرى أن الدين قد طغى على رأس المال بسبب تراكم فوائده حتى صار أضعافاً مضاعفة على الرغم من أداء ما كان بقي بأكثره إن لم يزد على أصله، وأنهم قد أصبحوا على شفا هاوية الإفلاس المدمر؟ إذا تقدم صاحب المال به لاستثماره وإنمائه فليس له إلا أن يضع نفسه منه حيث يكون إذا اتجر فيه فربح أو عمل فخسر، وفي هاتين الحالتين له ربحه وعليه خسارته، وليس له عن هذا مفر فتلك طبيعة السعي وسنة التجارة، وإذا كان هذا مآله وهو الحريص على ماله الطامع في ربحه فلم يطلب من غيره وقد قام مقامه فيه أن تكون الأسعار في قبضته فلا يتجر إلا ربح، ولا يطلب إلا ظفر، حتى لا يرضى منه أبداً إلا بالربح المقدر أو الثواب المعجل؟ أليس ذلك بالطمع المرذول والتحكم الظالم؟ وكذلك الحال في طريق الحكم وإدارة أمور الدولة، جعل الأساس فيه المشورة فقال (وشاورهم في الأمر) فنفى الاستبداد بأنواعه وقضى عليه بأشكاله، وأقام أمر الناس على الشورى، وجعل لهم بعد ذلك الخيرة في نوع الحكم الشورى الذي يلائمهم ويتفق مع ثقافتهم ويتصل ونشأتهم، ويتدرج مع نموهم ملكياً كان أو جمهورياً بمجلس واحد أو بمجلسين ذلك لأنه لا يوجد نظام معين للحكومة صالح على الإطلاق، إذ الصلاحية وصف عرضي معناه التناسب بين نوع الحكم وحال الأمة التي اتخذته نظاماً لسلطانها وفي شرائع القتال سن القواعد الكفيلة بمنعه، والمخففة لويلاته إذا وقع، والداعية إلى السلم إذا أمكن، فقال (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا) وقال: (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) وقال: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) وقال: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين) وقال: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) والحرب إذا كانت للدفاع ومنع الظلم وخلت من العدوان والبغي ولم تتجاوز في أهوالها ما اقتضته الضرورة وانتهت عند حد الدفاع كف البغي، كانت صيانة للسلم وضرورة يتطلبها الوجود، من تركها هلك أما أساس الروابط بين المسلمين فهي الأخوة.
إنما المؤمنون أخوة.
وبينهم وبين غيرهم البر والإقساط، لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين.
وذلك كفيل بتوثيق العلاقات بين الأمم وتأكيد المودة بينهم ما لم يبغ بعضهم على بعض طمعاً في مال أو علواً في الأرض أو تحكما في العقائد.
هذا إلى ما شرعه من القواعد في إصلاح حال اليتامى وإدارة أموال السفهاء، وما فرضه من الحقوق في أموال الأغنياء للفقراء، وما جاء به من الأوامر حاضاً على التعلم والعمل والسعي في الأرض، والمحافظة على الأجسام حتى تتعاون الأمة في إصلاح أمورها والمحافظة على أموالها، والقضاء على الأمية فيها، والقضاء على البطالة، وحتى لا تجد مبادئ الاشتراكية المتطرفة السبيل إلى نفوس أفرادها، ولا الأوتقراطية القاسية الوسيلة إلى المقام فيها هذه سنة القرآن في تشريعه في جميع نواحي الحياة شخصية واجتماعية، سياسية ومالية، إدارية وقضائية، لم تتجاوز القواعد العامة إلى التفاصيل التي تتطور بتطور الأمم، وتتجدد بتجدد الحوادث، وتختلف باختلاف البيئات، ولذا بقيت مبادئه سليمة، تناسب كل الأمم، فيتسنى لها أن تتخذها أساساً في تشريعها حسب ما تقتضيه بيئتها ومصالحها. كانت هذه طريقته، إلا في مسائل معدودة عمد فيها إلى نوع من التفصيل والتطبيق، لأن مصلحة الناس في ذكره ومفسدتهم في تركه، فإنه وإن ترك أمر تقدير العقوبة إلى أولي الأمر لابتنائه على ما يحيط بالجاني من ظروف، وما يتصل به من أسباب، وما له من ثقافة وتربية، استثنى من الجرائم خمساً لما فيها من الاعتداء البالغ على الدين والنفس والمال والعرض، وهي السعي في الأرض بالفساد والقتل والزنا والسرقة والقذف، جعل لكل منها جزاء يمكن أولاً أن يتخذ معياراً في تقدير العقوبة على الجملة مع مراعاة قوله تعالى: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) فبين جزاء الأول في قوله تعالى (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، أو ينفوا من الأرض، ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم، إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم) وجزاء الثانية في قوله: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى: الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) وجزاء الثالثة في قوله: (الزانية والزاني، فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة، ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) وجزاء الرابعة في قوله (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله) وجزاء الخامسة في قوله (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة) فهذه عقوبات دائمة تتناسب في شدتها وصرامتها مع عظم آثار جرائمها حتى تكون مانعة من العود مصلحة للنفس، ومن كبير القول وصفها بأنها عقوبات لا تتفق مع هذا الزمن أو لا تتلاءم مع حال هذه الأمة وما وصلت إليه من ثقافة وحضارة وتمدين، لأن حضارتها أو ثقافتها إذا جنبتها هذه الجرائم فقد تجنبت، كذلك جزاءها، وإن اقترفتها كان جزاؤها العلاج الواقي من تكرارها.
وقد ترك بعض الأمم عقوبة القتل وما لبث أن عاد إليها، وكذلك أهملت العقوبات الأخرى فانتشر الزنا وعمت السرقة وفحش القول، ولا منجاة إلا باتباع ما سنه القرآن في جزائها، وليس يوزن الجزاء بموافقته الهوى وائتلافه مع الميل وإنما يوزن بما يفيد من أثر في الردع ونتيجة في الإصلاح وكذلك فعل في تشريع الميراث فعين لكل وارث حظه مما ترك مورثه، لأن المال كان ولازال مثار الفتن، ومصدر البغضاء والإحن، ومنشأ الخصومة والفرقة، والاتفاق على توزيعه بين الورثة عسير، ورده إلى مقاييس معقولة وموازين مسلمة غير ممكن، فكان لابد من أن يجنب الورثة ما يجلب عليهم الشقاء ويشيع فيهم الخلاف وذلك بأن يقسم بينهم الحكيم العادل القسمة المرضية المبنية على كمال الحكمة والمحققة لتمام العدل وسكون النفس ورضا الغير اقترن التشريع القرآني بالتشريع النبوي وهو المعروف بالسنة فكان الثاني للأول مبيناً لإجماله مطبقاً لقواعده، وليس كل ما يؤثر عن النبي ﷺ من التشريع، لأنه عليه السلام بشر من الناس له مثل ما لهم من الأمور العادية والمهام البشرية فما يؤثر عنه في هذا المحيط لا يعد من التشريع ولا يتخذ أساساً لأمر ونهي، ولكل إنسان عادته البشرية يتبع فيها قومه وسلفه ويتأثر فيها ببيئته؛ أما غير ذلك مما يتصل بالتشريع للناس وإلزامهم باتباعه فهو السنة المتبعة.
غير أن مهمة الرسول ﷺ في هذه الدائرة كانت مكونة من عملين: الأول بيان التشريع القرآني، والثاني تطبيقه على الحوادث الواقعة والمسائل المتجددة، فأما البيان فهو متمم للقرآن ولتشريعه وهو لهذا أصل من أصول التشريع الإسلامي واجب اتباعه، وعلى الناس مراعاته.
وأما التطبيق على الحوادث بالفصل في الخصومات وفض النزاعات في المشكلات، فذلك يبني على ما لكل حادثة من ظرف، وما لابسها من ملابسات، وما أحاط بها من عوامل مما لا يعيه إلا المتصدي لحلها الذي أقام نفسه لحل إشكالها، فإذا نقل الحكم فيها صعب على ناقله أن يستوعب جميع دواعيه، فذكر منها ما تنبه له ووعاه وما حفظه وأحصاه وما استقر في ذاكرته فلم ينسه، ومن هذا أتى اختلاف الرواة عندما يرون حادثة واحدة، فكان ذلك سبباً في اختلاف الآراء وتعدد المذاهب وتنوع العمل.
ومن هذا يتبين أن التشريع النبوي لم يخرج في أغراضه وحكمته عن التشريع القرآني بل الغرض فيهما واحد والحكمة واحدة والغاية واحدة، وهي أن تتهيأ للناس حياة صالحة يستمتعون فيها جميعاً بحرياتهم وتتوافر لهم فيها حقوقهم، ويعتمدون فيها على عقولهم وأفكارهم وتنتهي بهم إلى مجتمع مؤسس على الإخاء والتعاون يقوم على النشاط الفكري ويعتمد على العمل المنتج الاجتماعي ولا يهمل الشأن الفردي. علي الخفيف

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢