البريد الأدبي
مدة
قراءة المادة :
7 دقائق
.
الأدب العربي الحديث
جاء في جريدة (النوفيل ليترير) الفرنسية ما يأتي:
كثيراً ما يقال ومازال يقال: إن تلك الصلة الوثيقة التي تجمع الشرق والغرب لا يجب إنقاذها مما هي سائرة إليه فحسب، بل يجيب تمكين أواصرها، وتوثيق عراها؛ وهذا بالطبع لا يتأنى إلا تبادل الأفكار وتناقل الآراء. فما الذي يعرفه الغربيون عن الأدب العربي الحديث؟.
وما الذي يعرفه الغربيون عن تلك النهضة الأدبية الحديثة التي يحمل لواءها شباب مصر، وتلك الباكورة الأدبية الطيبة التي تتزايد في ربوع النيل يوماً بعد يوم؟ ويسرنا أن نشكر جهود هؤلاء الكتاب الذين بذلوا ما في طاقاتهم في سبيل نشر هذه الآداب في ربوع الغرب، وفي طليعتهم الكاتب الفرنسي القدير موريك برن.
فهو لا ينفك يعمل منذ اثني عشر عاماً على أحكام الرابطة بين الفكرين الشرقي والغربي.
ولم يقتصر على ما بذله في سبيل ذلك من الجهود التي ترمي إلى تبادل الآداب والفنون، بل نرى له اليوم جولة أخرى في ميدان الترجمة اعتزم فيها أن ينقل أفكار أعلام الأدب العربي الحديث إلى اللغة الفرنسية، وقد بدأ جولته - بالاشتراك مع الأستاذ.
م.
خضري - بترجمة رواية توفيق الحكيم الرائعة (شهرزاد) وقد سئل موريك برن لماذا آثر تقديم توفيق الحكيم على غيره من كتاب العربية، فأجاب: - إن توفيق الحكيم - دون منازع - هو اقدر كتاب العربية في التأليف القصصي (الدرامي) وهو الكاتب المسرحي الأول في مصر.
ومن روائع مسرحياته رواية (أهل الكهف) التي قامت دار الأوبرا الملكية المصرية بتمثيلها في الشتاء الماضي ولا تقل (شهرزاد) عنها قوة ولا روعة فسئل: ألا يكتب توفيق الحكيم غير المسرحيات؟ فأجاب: - كلا.
إن له أيضاً باعاً طويلا في غير المسرحيات.
فهو اقدر كتاب العربية على تصوير الحياة المصرية خير تصوير.
.
ولست مبالغاً في ذلك؛ فعندما تقرءون روايته القادمة (عودة الروح) التي أوشكت على الفراغ من ترجمتها ستتثبتون من ذلك.
وهذه القصة تصور حال أسرة مصرية ثرية تصويراً يبعث على الإعجاب في نفس القارئ؛ وسترون في شخص بطلها (محسن) الشاب المصري الذي يمتلئ حماسة ويفيض قوة وفتوة، مما يجعلني اكرر لكم أن توفيق الحكيم اقدر كاتب مفتن في تصوير الحياة المصرية اصدق تصوير فسئل: ولكن لماذا اختار لها اسم (عودة الروح)؟ فأجاب: - لأن القصة تصور كيف انبعثت من جوانح مصر روح جديدة جعلتها تحطم أصفادها، وتكسر أغلالها.
فقصة (عودة الروح) هي قصة جهاد مصر ونضالها في سبيل استقلالها.
وأقول أخيراً إنه لن يمضي طويل من الزمن حتى نرى أدباء مصر الناهضة يتبوءون مكانهم اللائق من أدباء الغرب، فمن بواعث السرور أن نرى بينهم تلك النهضة الأدبية الموفقة التي تنتظم ربوع النيل محمد عاكف بك نعت الرسالة في عددها الأخير الشاعر الكبير محمد عاكف بك، ولما كنت من الذين عرفوا الفقيد شاعراً، واعجبوا به، وترجموا بعض آثاره إلى العربية، فأني اكتب هذه الكلمة الصغيرة للتعريف بالنواحي التي عرفتها من أدبه، تاركا للدكتور عزام صديقه ما وراء ذلك من تعمق واستقصاء سمعت بالفقيد بعد أن اصدر ديوانه (الظلال) وقد كان يترجم لي إلى النثر العربي، كان يترجمه صديقي الأستاذ محمد محمد توفيق وأول ما قرأت له مقدمة ديوانه الظلال، وهي قصيدة تشرف على العشرين بيتاً، عنوانها خسران، وفي نهايتها يقول: (وذلك نظمي بالعربية) وصدى تألميَ العميق يضيع في ...
تجويف هذى القبة الزرقاءِ وكذاك خسراني الذي أودعته ...
في شعري المتأجج الوضاء لهفي عليه يئن أنا خافتاً ...
وكأنه ما خط من لأوائي! ولست اذكر هذه القصيدة بتمامها، ولم أعثر عليها في أوراقي، ووددت ووجدتها فنشرتها على الناس فإنها تفيض بإسلامية الرجل، وحبه للجامعة الإسلامية التي يتمناها، وفي ذلك يقول: .
.
وغايتي ...
أن يستعيد نفوذه الإسلامُ والصوفية العميقة هي الطابع الذي يغلب في شعره، قرأت منها قصيدة عنوانها (الوحدة) اشتغل الآن بنقلها نظماً إلى العربية، وقد بلغ الذروة العليا في تصوير الإحساس، وقد استهلها بقوله: من منذ آبادً وآباد وإي ...
ماني لنورك ظامئ لم ينهل! وله منها قصيدة نظمها وهو منحدر إلى الحجاز حاجاً، وأبدع فيها أيما ابداع، ولعلها خير ما قيل في هذا على الإطلاق وفي شعره موسيقى تتملك عليك مشاعرك، وقد أعجبتني قصيدة له سمعتها بالتركية فافتتنتبها وترجمتها إلى العربية نظماً وعنوانها على قبر شهيد؛ وهاهي ذي: خليليَّ إن الأولى يبذلو ...
ن نفوسهمُ فدية للوطن مسجّون تحت سجوف السما ...
ء، يحيط بهم دمهم كالكفن ومثل أولئك عاشوا وماتوا ...
وهانوا.
وأوطانهم لم تهن.
ولا يسكنون الثرى بل لهم ...
غوادً برحمته رائحه ولا يطلبون إلى عابر ...
قراءة شيء سوى الفاتحه وقد اعجب رحمه الله بالترجمة لما رآها وشكر لي الدقة التي راعيتها فيها.
رحم الله الفقيد، وعوض الأدب عنه خيراً ووفق إخوانه وأصدقاءه أن يترجموا لنا عربياً حتى نستمتع بأدبه وقوته العوضي الوكيل وحي القلم للرافعي أصدرت لجنة التأليف والترجمة والنشر في هذا الأسبوع الجزء الأول والثاني من كتاب (وحي القلم).
والأستاذ الرافعي من أفذاذ الألسنة البيانية في الأدب العربي كله قديمه وحديثه، وقد استقام قلمه على طريقة من البيان انفرد بها فعرفت به وعرف بها.
وهذا الكتاب قد اجتمعت فيه روح الرافعي الفلسفية وروحه البيانية، وتعاونا على بناء الفن العربي بناءً جديداً فيه من الروعة والمتانة والتسامي والجمال كل بديع.
وكل أديب عربي يحتفل بهذا الكتاب احتفالاً خاصاً لأنه قطعة من النفس العربية المتصلة بالماضي والحاضر والمستقبل، ويهتز له لأنه تعبير فني دقيق عن المعاني الغامضة التي لبثت قروناً لا تجد من يبن عنها إبانة الرافعي محاضرة عن حاجتنا إلى الفن يلقي الأستاذ محمود تيمور برابطة موظفي الحكومة شارع عماد الدين رقم 187 بعمارات الخديوي حرف (أ) محاضرة عن حاجتنا إلى الفن.
وذلك في يوم الخميس 21 يناير سنة 1937 في تمام الساعة السادسة مساء.
وتطلب التذاكر من دار الرابطة أو من المحاضر بشارع الأمير حسين رقم 6 بالزمالك بالقاهرة