نداءات الرحمن لأهل الإيمان 20


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا ما زلنا مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان.

وهذه النداءات بلغت تسعين نداء، إلا أن النداء الذي قبل التسعين مفتتحاً بنداء الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم والمقصود أمته، وهو قوله تعالى: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ [الطلاق:1]. وهو التاسع والثمانون. وما عداه فكله نداء موجه إلى أهل الإيمان من المؤمنين والمؤمنات، وهذه النداءات صدقوني أنها احتوت على كل متطلبات الأمة الإسلامية أفراداً وجماعات في الحرب والسلم والمال والاقتصاد والآداب والأخلاق والحلال والحرام والعبادات، فكل ما تتطلبه حياة المسلم قد حوتها هذه النداءات الإلهية؛ لأن منزلها عليم حكيم، و بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]. فلهذا أرغب كل من يسمع أن يجعل هذا الكتاب عند مخدته وعند رأسه، ولا ينام حتى يسمع نداء من نداءات مولاه، ويفهم مراد مولاه منه، ويعهد على نفسه ولها أن يعمل، وبذلك لا يبقى بيننا جاهل ولا جاهلة لا بالسياسة ولا بغيرها، وهذا لا يكلفنا شيئاً، فأهل البلاد يتعاونون على طبعه ويوزعونه مجاناً، وللأغنياء أرباب المال فرصة ذهبية لتطهير تلك الأموال وتنميتها، فيطبعون منه مئات الآلاف، ويوضع أيضاً في الفنادق، ويوضع في الغرفة التي ينزل فيها النزيل كتاب: نداءات الرحمن، ويترجم إلى لغات العالم، واتركهم يفهموا عن الله ويعرفوا الإسلام في كماله. هذه المقدمة.

وأذكركم بما حواه النداء الماضي يوم أمس، وهو قول ربنا جل ذكره: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19]. وسببه كما علمتم زادكم الله علماً: أن عادة سادت في الجاهلية قبل الإسلام، وهي أن الرجل إذا مات أبوه وخلف زوجة أو زوجات يرى وارثه أنه له الحق في تلك الزوجة، فإن شاء تزوجها هو؛ لأنها امرأة أبيه وليست أمه؛ وإن شاء زوجها غيره وأخذ المهر، وإن شاء قال: أنت محبوسة عندنا معضولة حتى تفدي نفسك، وأبوك أو أخوك يدفع المهر الذي دفعه والدي ويأخذك، فأبطل الله هذه العادة الجاهلية بهذا النداء، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19]. فأبطل هذه العادة، وتضمن النداء أنه لا يحل لمؤمن يؤمن بالله ولقائه أن يضايق امرأته ويسيء إليها حتى يضطرها إلى أن تطالب بالطلاق؛ ليأخذ فدية، وهذا يرتكبه أهل الجهل وعدم الأدب والبصيرة، فإذا كره من امرأته خلقاً من أخلاقها يأخذ في مضايقتها وحصارها والتشدد في ذلك، وحتى في الأكل والشرب، حتى تصرخ طلقني وخذ كذا وكذا، فهذا المال حرام أشد حرمة، وصاحبه فاسق أعظم فسق؛ فقد آذى مؤمنة وأخذ حقها بالباطل، ولا يصح والله لمؤمن أن يؤذي مؤمنة ولو بالصوت العالي المزعج، ولو بالنظرة الشزرة، وإن دماءنا وأموالنا وأعراضنا علينا حرام، فلا يعبث بك الشيطان يا عبد الرحمن! وتكره من امرأتك دمامة وجهها أو بعض سوء أخلاقها فتأخذ في مضايقتها والتشديد عليها حتى تفدي نفسها منك، فهذا لا يحل عندنا ولا يجوز، ولا يوجد في الإسلام أبداً، وإنما يفعله الجهال الذين ما عرفوا الله ولا عرفوا لقاءه.

وما يسمى بالمخالعة أذن الله فيه، وهو أن المؤمنة تكره من زوجها خلقاً أو سلوكاً أو ترى أن بقاءها معه يؤذيها ويضرها، أو يؤذيه هو ويضره، والزوج لا يريد أبداً فراقها، وهي تخشى أن تسيء إليه أو تتضرر معه، فليس هناك بأس في أن تدفع هذا الضرر، فتعطيه ما أعطاها من مهر أو أكثر ويتركها، وتفعل المؤمنة هذا خشية أن تؤذي نفسها، وأن لا تطيق الضرر الذي يلحقها، وتخاف أن يتضرر أيضاً زوجها المؤمن وهي كارهة له، فتقول: خذ ما دفعت في مهري واتركني أذهب إلى أهلي. هذا هو شرع الله وقانونه العادل الرحيم، الذي لا يتنافى مع الفطر السليمة والأخلاق الرفيعة والآداب السامية، وهذا التشريع لا يقوى عليه بشر كائناً من كان، بل هذا تنزيل العزيز الحميد.

النداء اليوم هو [ النداء العشرون: في حرمة أكل أموال المؤمنين بالباطل، وحرمة قتل النفس بغير حق ] والمال والرجال بهما تقوم الدولة، فلهذا لا يصح أبداً أكل مال المؤمن بغير حق، كما لا يصح سفك دمه، بل إراقة قطرة من دمه بدون حق، ومما يخيف أن أحدنا يجتاز الصراط مع الناجين، ولما يقرب من باب الجنة يقال له: ارجع ولا تدخل، فيسأل: لم؟ فيقال: من أجل ملء كفه دماً أراقها ظلماً وعدواناً، وقد خلص من الصراط ونجا واجتازه وقارب باب الجنة، فيستدعى: ارجع فلان؛ لأنك أرقت دم مؤمن، وإن قل كما في كف الإنسان.

وهيا نتغنى بهذا النداء ونتلذذ بكلمات الرحمن عسى أن نحفظ هذا النداء؛ ليبقى نوراً في قلوبنا.

[ الآية (29) من سورة النساء: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29] ].

قرأنا الآيات والآن ندرسها، والجائزة هي ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وقد حرمها ملايين المسلمين قروناً عديدة بكيد أعدائهم، فقد قال: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

فليجتمع المسلمون أولياء الله في بيوت ربهم الطاهرة النقية بنسائهم وأطفالهم في وقت الفراغ، ما بين المغرب والعشاء وطول العام وعلى مدى الحياة، وليس هناك شيء يخيفهم أو يفقدونه أو يصيبهم، بل يصبحون علماء ربانيين، ولا يبق خيانة ولا فجور ولا باطل ولا منكر ولا شر ولا شيء؛ إذ هذه كلها ترحل مع الجهل، فإذا حل العلم محل الجهل انتفى كل شر وخبث وباطل، وانتفى أيضاً الفقر والذل والمهانة وكل أنواع الضعف والله العظيم، وإني لعلى علم بما أقول، ولما جلس أبو القاسم مع رجاله يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم أصبحت هذه الديار كأنها كواكب زهر في الملكوت الأعلى نساء ورجالاً، فسادوا وعزوا واستغنوا، وكملوا كمالاً والله ما اكتحلت عين الوجود بمثله، فتحول الصحابة وأولادهم وأحفادهم إلى أسمى الأمم وأشرفها وأكملها فقط بتعلم الكتاب والحكمة، وتزكية النفوس وتطهيرها، وليس هناك مانع من العودة إليهما، فالمسلمون لم يفقدوا الكتاب، ولم يسط عليهم العدو ويأخذ كتابهم حتى لا يتعلمون، بل الكتاب محفوظ في الصدور، ومكتوب في السطور، وقد تولى الله تعالى حفظه، والرسول مات حقيقة، ولكن سننه وآدابه وتعاليمه وأقضيته موجودة محفوظة كما يحفظ القرآن، وقد منعهم من ذلك الثالوث، المكون من ثلاث حيات وثعابين، وهم المجوس واليهود والنصارى، فهؤلاء ما إن طلعت أنوار الإسلام حتى تعانقوا، بعد أن أطفأ الإسلام نار المجوسية وأسقط عرش كسرى، وبخر أحلام اليهود، فقد نزلوا بهذه الديار ينتظرون النبوة الخاتمة لترتفع راياتهم معها، ويعيدوا مجد بني إسرائيل، وإذا بالإسلام يقول لهم: أسلموا وذوبوا في المسلمين، فإعادة مملكة ومجد بني إسرائيل انتهى، فادخلوا في رحمة الله، فقالوا: لن ندخل في الإسلام ولن نذوب أبداً، وسنضرب الإسلام، وكذلك النصارى وخاصة القسس لما رأوا أنوار الإسلام تتلألأ وتلوح في الشرق والغرب قالوا: يا ويلكم! هذا الإسلام لن يبقي لكم شرفاً ولا مجد ولا رزقاً، وتعاونوا، فتكون الثالوث، وحارب المسلمين وانهزم والله في كل المعارك والميادين، فلما أيس من الانتصار بالحسام والسيف قال: إذاً: نخطط لهم ونستطيع أن نصفي حسابهم بدون سلاح، وسأل عن سبب عز هؤلاء وكمالهم وسيادتهم فعرف أن سببها القرآن والسنة، لأن الله يقول في الكتاب: إنه روح، وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا [الشورى:52]. وهذه الأمة العربية كانت لاصقة بالأرض ميتة فحييت والله بروح القرآن، والكتاب نور، فمن أخذه وجعله أمامه كان كالذي أخذ شعلة من نور ومشى في الظلام؛ إذ قال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا [التغابن:8]. والنور الذي أنزل القرآن، وقال تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52]. فلما عرف العدو هذا أبعدنا عن القرآن والسنة، ووضع قاعدة للقرآن تسمعونها، وهي: أن القرآن تفسيره خطأ، وخطؤه كفر، فألجموا علماء الإسلام، فلا تقل: قال الله فإنك تكفر بذلك، فالقرآن تفسيره خطأ وإثم، وخطؤه كفر، ولن يقدم على الكفر أحد، والسنة تتلى للبركة، فقد عشنا في ديار كان يجتمع فيها بعض العلماء في محراب المسجد في رمضان ويقرءون صحيح البخاري للبركة، وإياك أن تقول: قال رسول الله، فهذا الحديث فيه الناسخ وفيه المنسوخ، وفيه الخاص وفيه العام كالقرآن، فاتركوا هذا فبأيديكم مؤلفات ومصنفات في الفقه المالكي والحنبلي والزيدي وغير ذلك، واتركوا الكتاب والسنة تسلموا، ومن ثم مزقونا وفرقونا وشتتونا، ووضعوا في المسجد أربعة محاريب، فكان الحنفي لا يصلي وراء غير الحنفي، فالمالكي غضبان عليه، والحنبلي ساخط والعياذ بالله! فضيعوا الإسلام والأخوة والإيمان، ومن ثم لما هبطنا من عليائنا مزقوا دولتنا وشتتوا شملنا، وأصبح المسلمون أعداء لبعضهم والله العظيم إلى الآن، ولو لم يكونوا أعداء لقالوا: الله أكبر بايعنا فلان ليقود العالم الإسلامي، لكننا لا نرضى بأن يحكمنا فلان، والسر هو أن القرآن ممنوع، فممنوع أن تقول: قال الله، أو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل اقرأ الحديث للبركة فقط، وأما أن تتعلم الحلال والحرام والآداب والأخلاق والسياسة وغير ذلك فلا، فعندك الكتاب الفلاني، فهبطنا وآية هبوطنا لأولي الأبصار أن سادتنا بريطانيا وغيرها، واحتلوا ممالك الهند بكاملها والشرق الأوسط منبع النور، وأسود المغرب أبطال شمال إفريقيا أذلوهم وأهانوهم، ولم يبق إلا هذه البقعة حفظها الله فقط، والعالم الإسلامي خضع لسلطان الكفر، فمنهم من حكم مائة وثلاثين سنة، ومنهم مائة سنة، ومنهم سبعين عاماً، وتولى فيها الكافر على المؤمن، والله يقول: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [النساء:141]. وهذا لأن كلمة المؤمنين أي: الصادقين في إيمانهم، و(أل) هنا للوصف الكامل التام وعراقته، فهو لم يقل: ولن يجعل الله للكافرين على مؤمنين سبيلاً، بل على المؤمنين بحق وصدق. فأصبحت السنة للبركة، ولا تقل: قال الرسول صلى الله عليه وسلم، وتحول التاريخ النبوي مولد، يجتمع فيه النساء والرجال يقرءون صفات ونعوت الرسول صلى الله عليه وسلم ويأكلون اللحم والبقلاوة وغير ذلك، هذا هو تاريخ محمد عليه الصلاة والسلام، والحمد لله أننا عرفنا الطريق بعد الضلال والتيهان، ومن أراد أن ينقذ أمته .. إخوانه .. أهله .. أسرته، فعليه أن يجمعهم في بيت ربهم، أو في بيته هو، ويدرس معهم قال الله وقال رسوله. هذا هو الطريق. ونداءات الرحمن كافية في هذا.

سبب نداء الله في كتابه لعباده المؤمنين

هيا مع [ الشرح ] لهذا النداء، يقول الشارح غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين: [ هل تذكر أيها القارئ ] لهذا الكتاب وهذه النداءات! إنها نداءات ربك إليك إن كنت تؤمن بالله رباً وإلهاً، وقد تقدم هذا المعنى [ أن المراد بالمؤمنين الذين نادهم الله عز وجل هم الذين آمنوا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً. وأنهم بإيمانهم أهل لأن يكلفوا وينهضوا بالتكاليف ] وأما بدون إيمان فلا يستطيعون، والشخص عندما يضعف إيمانه لا يستطيع فقط أن يقول كلمة خير، ولا يستطيع أن يغير منكر في بيته بين امرأته وأولاده، وإذا انعدم الإيمان تنعدم الحياة، فهو ناداهم لكمال إيمانهم؛ ولأجل أن يكلفهم فينهضون بالتكاليف؛ لأنهم أحياء عقلاء يعون ويفهمون، فهو لا يناديهم ليلعب معهم، تعالى الله عن اللهو واللعب. ولو كان الآن شخص مقطوع اليدين عند السارية فلن تقل له: قم أصلح المسجد، أو لف الوسادة؛ لأنه ليس عنده يدين، ولو كان ميتاً على سرير الموت فلن تقول له: قم توضأ يا عبد الله! وصل، والله عز وجل لما يحيي العبد بروح الإيمان يكلفه، وأما وهو ميت فلا يكلفه، ودائماً نقول: برهنة هذه أهل الذمة في دولة الإسلام ما يكلفون والله لا بصلاة ولا صيام ولا جهاد ولا زكاة؛ لأنهم أموات، والميت لا يكلف. إذاً: فالحياة بالإيمان، فمن آمن حيي، فكلفه ينهض، وها أنتم مكلفون فنهضتم، فلم يأكل اليوم أو يشرب أحد منكم؛ لأنكم مؤمنون بالله وقد أمركم، ولو كنتم فسقة والله ما صمتم. وهذه أمور واضحة كالشمس.

قال: [ فيفعلون منها ما يفعل، ويتركون منها ما يترك؛ وذلك لكمال حياتهم ].

نهي المؤمنين عن أكل أموالهم بينهم بالباطل

قال: [ فهاهو ذا تعالى قد ناداهم بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [النساء:29] ] ونحن نقول: لبيك اللهم لبيك، وقد ناداهم [ لينهاهم عن أكل أموالهم بينهم بالباطل أي: بدون حق ] فنادانا لهذا الغرض السامي، ألا يأكل أحدنا مال أخيه بالباطل أبداً، ولو أذن لنا في أكل أموالنا لتحاربنا وتقاتلنا، ولم تبق أمة ولا جماعة؛ لأن كل من قدر على أن يأخذ أخذ، ولن تبقى أمة. وهذا الحق [ كالإرث ] فالإنسان إذا مات أخوه ولا وارث له يرث ماله ويأخذه كله، وإذا ماتت زوجته ولا ولد لها يأخذ نصف مالها، وإذا مات الزوج ولم يترك ولداً تأخذ المرأة ربع ماله، والذي أحق هذا الحق الله جل جلاله [ أو التجارة ] كأن تشتري العباءة بألف وتبيعها بخمسين ألفاً، ولا يقول أحد: أكلت مال أخيك الأول [ أو العمل ] كأن يشتغل عنده ويأخذ أجرة عمله بحق [ أو الصدقة على مستحقيها؛ لفقره أو مسكنته ] فإذا تصدق عليك مؤمن وأنت محتاج من أهل الصدقة، فقد أخذتها بحق لا بباطل [ أو لوجوبها كالنفقة على الزوجة والولد والوالدين ] فالزوجة تأكل وتحمد الله، فقد أكلت مال زوجها، ولكن بإذن الله، فأكلته بحق وليس بالباطل، وأولادك يأكلون ويشربون مالك بحق وليس بباطل، فقد أعطاهم الله عز وجل [ وهو معنى قوله تعالى: لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [النساء:29]، أي: بدون حق يقتضي الأكل؛ وعبر بالأكل لأن الغالب في الأموال يؤكل بها ] والدينار والدرهم لا يؤكلان في ذاتهما، ولكن بهما تؤكل البقلاوة والحلوى [ وإلا فكل مال أخذ بغير حق حرام، سواء أكل به وشرب، أو بني به وسكن، أو ركب به ولبس أو فرش ] فكله مال، ويعتبر أكلاً [ واستثنى الله تعالى مال التجارة فقال: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29] ] فاستثناها بقوله: إِلَّا فهذه أداة استثناء، مثل قولنا: كل كذا إلا كذا لا تأكل، وهذه أداة الاستثناء، وحتى العامي يفهم الاستثناء، وحلف فلان واستثنى، أي قال: إلا أن يشاء الله [ فإن التاجر قد يشتري الشاة من صاحبه بعشرة برضاه، ويبيعها بعشرين ] ولا يقول: أكل مني عشرة دنانير أو دراهم أبداً [ أو يشتري الدار بمائة ألف، وقد يبيعها بمائة وخمسين ألفاً ] له مرة ثانية، ولا يقال: أخذ ماله بدون حق [ فلا يقولن قائل: قد أكل مال فلان أخيه؛ لأنه باعه الشاة بعشرة فكيف يبيعها بعشرين وقد أخذ عشرة بغير حق؟ والجواب: أن الله تعالى قد أباح ربح التجارة بقوله: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29]. نعم، لو اشترى منه ما اشترى بدون رضاه، فلا يحل له ذلك الربح ولو قل ] أبداً، ولو كانت كربع دينار، فلو اشترى منه شاة وباعها بدون رضاه فلا يحل أبداً؛ لأن الله قال: عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29].

[ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ) ] فلو قلت لي: بعني السيارة، فبعتها لك بعشرين ألفاً، ثم وأنا وأنت ما زلنا واقفين ندمت ورجعت فلا حق لك في أخذها؛ لأننا ما زلنا في المجلس [ بأن يرد أحدهما البضاعة لمن ابتاعها منه، أو يتفرقا من المجلس فيذهب كل ] منهما [ إلى سبيله، فحينئذ قد تم البيع، وأصبح للمشتري أن يبيع بما شاء، وما ضر البائع إن اشتراها بعشرة وباعها بعشرين؛ لهذه الآية الكريمة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29].

ولنعلم أن إباحة ربح التجارة مشروط بشرط التراضي بين البائع والمشتري؛ لقول رسول صلى الله عليه وسلم: (إنما البيع) ] الحق الناجز [ ( عن تراض ) ] بين البائع والمشتري، فإذا كان أحدهما غير راض بطل البيع [ فإن لم يحصل تراض بينهما فالبيع باطل، ومن أخذ تجارة بغير رضا صاحبه فربحه باطل وحرام، وعليه أن يرده إلى صاحب البضاعة التي أخذها بدون رضا بائعها.

فلنذكر هذا أيها المؤمنون ]!

من صور أكل أموال المؤمنين بينهم بالباطل

قال: [ ولنعلم أن أكل أموال المؤمنين بالباطل له صور، منها: أولاً: السرقة: إذ حرم الله السرقة وحكم بقطع يد السارق ] فإن بلغت القيمة ربع دينار ذهباً فقد سرق المؤمن أخاه وأكل الحرام [ ثانياً: الربا: فمن أعطى أخاه قرضاً فلا يحل له أن يأخذ منه زائداً عن قرضه ولو كان درهماً واحداً ] فلو أقرضته مليوناً لم يحل له أن يرد إليك مليون وريال، فهذا ممنوع [ ثالثاً: الغش: كأن يبيعه سلعة فاسدة وهو لا يدري فسادها؛ لأنه مستور ] أو مغطى [ أو خفي، وقد حدث مرة ] هنا [ في المدينة أن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم سوق المدينة ] المبارك [ فوجد صبرة- كيساً- فيها طعام ] قمح أو دقيق أو شعير [ فأدخل يده في وسطها، فوجد فيها بللاً ] من الماء [ فعاب على البائع، وقال له: ( لم لا تجعل المبتل منها ظاهراً حتى يعلمه المشتري يا فلان! ) ] ثم قال له: [ ( إن من غشنا فليس منا ) ] أبداً، فلا نقبله ولا ينتسب إلينا، ثم قال ما هو أعظم من هذا، فقال: [ ( المكر والخداع في النار ) ] أي: أصحابهما. والمكر هو أن تريه الخير وأنت تريد له الشر، أو أن تريه ما هو في صالحه، وأنت تعمل ما هو ضده، وفي إفساده، والخداع ليس بعيداً من المكر [ رابعاً: القمار: فكل مال من القمار حرام؛ لأنه بغير حق ] والقمار أنواع، ومنها الشطرنج والكيرم، وكل أنواع القمار حرام، وأندية القمار في أوروبا موجودة [ خامساً: أكل العربون: وهو أن يعطي المشتري لصاحب السلعة بعضاً ] من النقود [ ويقول له: إن أتممت الثمن أخذت البضاعة، وإن لم آتك فالبضاعة لك، وما دفعته أيضاً هو لك ] هذا هو بيع العربون، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع العربون. وهذه الصورة واضحة، مثل أن تشتري منه بضاعة، وتقول: اسمح لي، خذ ألف ريال حتى آتيك بالباقي، فإن أتيتك بالباقي أخذت البضاعة، وإذا لم آت وعجزت فلك العربون. فهذا لا يجوز، فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربون، وهو أن يدفع بعض الثمن ويقول: إذا أكملتها أخذت السلعة وإلا فالمال لك [ فأكل هذا العربون حرام؛ لأنه بغير حق ].

حكم قتل النفس

قال: [ وقوله تعالى في هذا النداء: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ [النساء:29] فإنه نص قطعي في تحريم قتل المؤمن أخاه صغيراً ] كان [ أو كبيراً، سليماً أو مريضاً ] بلا جدال [ وكذا قتل المؤمن نفسه بأي وسيلة ] أو واسطة [ ولو بأن يمتنع من الماء أو الطعام حتى يموت ] كالإضراب الذي يعرفه المستغربون، وهذا يحتج به السياسيون، فيقال: فلان أضرب عن الطعام في السجن، ونقول: صم أفضل وأفطر مع المغرب، وتوسل إلى الله بالصيام. فالإضراب بدعة منكرة أخذناها عن الكافرين وجعلناها شعارنا، فأنت تبكي أمك وليس الحاكم، فأقول: صوموا وتقربوا إلى الله بالصيام، وقولوا لهم: إننا صائمون، فنتوسل إلى الله بصيامنا لينتقم لنا منكم، أو ليخلصنا من أيديكم فترتفع كلمة الحق. فليس هناك فرق بين أن يقتل العبد المؤمن نفسه أو يقتله غيره [ فضلاً عن أن يشرب سماً أو يلقي بنفسه في بئر أو من رأس جبل أو بناء عال ] فكل ذلك قتل للنفس باشرها صاحبها [ كذلك قتل النفس التي حرم الله قتلها في هذه الآية وفي غيرها من الآيات القرآنية بقوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ [الأنعام:151] ] والحق الذي يبيح قتل النفس الزنا، فالمحصن إذا زنا أو المحصنة يرجمان، وهذا قتل بحق، والقاتل ظلماً وعدواناً يقتل، وهذا حق، والمرتد عن الإسلام يقتل؛ لأنه ارتد وهدم الإسلام، وكذلك الذمي إذا نقض عهودنا فإنه يقتل، والمحارب سواء كان يهودياً أو نصرانياً يقتل؛ لأنه حمل السلاح ضدنا، وأما إذا كان غير محارب فلا يحل قتله أبداً. والساحر يقتل حيث بان سحره، ولكن ليس معنى هذا: أن القاتل يقتله أي أحد، وأنك تقتل الساحر، وإنما يرفع أمره إلى الحاكم المسلم، وهو الذي يحكم بقتله وينفذ، والزاني يقتل، ولو وجد أحدنا رجلاً مع امرأته لم يجز له قتله أبداً. وإنما يفارق امرأته أو يلاعنها ويبعدها عن ساحته، وأما أن يقتل فلا حق له، والذي يقيم هذا الحد هو إمام المسلمين، وإلا فكل من قتل إنساناً لقال: وجدته مع زوجتي، وهذه هي الفوضى بعينها، فالقتل والقصاص لا بد فيهما من القضاء الشرعي، وإن لم يوجد حاكم يقيم الحدود، فحينئذ نرجع إلى الله عز وجل حتى يفتح علينا بحاكم يقيم الحدود. وإذا وجد رجلاً مع زوجته فلا يتركه، ولا يكن ديوثاً، فإذا عرف أنه سطا واعتدى فيضربه ويؤدبه ولا يقتله، وإذا كانت هي التي خاللته وصاحبته فيبعدها من بيته ويطردها إلى يوم القيامة، ويبقى بيته طاهراً.

وأقول ما قاله أهل هذه الملة: إن الحدود يقيمها إمام المسلمين؛ حتى لا تسود الخيانة وينتشر الباطل والفوضى في أمة الإسلام، فيصبح كل واحد يكيد، ويقول: وجدته. وقد قال الصحابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن قتله قتلتموه). وبكى كما بكى إخوانه، والرسول صلى الله عليه وسلم ما أقره، ولا قال له: لا بأس اقتل.

وقد قدمنا في الأسبوع الماضي أن شخصاً قال: ساحر أخذ مني مبالغ من المال، ورضيت وسجلت على نفسي ذلك، فقلت له: إذا كنت عندنا في المملكة تحت راية لا إله إلا الله فتعال للقضاء، فسوف يأتون به، وترى ما يصدر ضده، وإن لم تكن هنا في المملكة فقدم للقاضي، فإن أعطاك حقك فبها، وإلا اصبر، فقد سحره وأملى عليه: أن لفلان علي مبالغ كذا وكذا، وقد انتشر السحر بين المسلمين، مع أن السحر حرام، والساحر يقتل حيث بان سحره، لأننا بعدنا من ساحة الله، وملأنا المقاهي والملاهي والملاعب، فعمنا الجهل وأصبحنا لا نعرف الإسلام، فلا نلومكم، فعودوا إلى بيوت الله، واطلبوا العلم تكملوا.

تحريم النبي لأكل أموال المؤمنين وقتلهم في حجة الوداع

قال: [ وقد أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم تحريم أكل أموال المؤمنين وقتلهم في أعظم مشهد، إنه يوم عرفة، إذ جاء في خطبته الطويلة الشاملة قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا ) ] ولا أحد يبيح دم المؤمن، وأموال الناس أخذوها بالاشتراكية، فإذا كان للإنسان بستاناً أخرجوه منه وأمموه، فذاق العرب من الاشتراكية آلاماً، ومع هذا فهم إلى الآن لا يلعنونها، بل وطردوهم من بيوتهم ومتاجرهم وأموالهم بحجة أن هذا مال الشعب، ثم ماتت الاشتراكية، كما انتهت جدتها الشيوعية، ولم يبق إلا الحق فقط، وكل الباطل زال، وكيف يصادر مال المؤمن؟ وبأي حق يؤخذ بستانه أو مصنعه أو بيته؟ والعلماء سكتوا، وما تكلم أحد، ونحن تكلمنا فأبغضونا وحاربونا ومنعونا من دخول ديارهم، والحمد لله انتصر الحق، فكانت الشيوعية والاشتراكية باطل ذهب وتبخر، فلا يجوز أن يؤخذ مال المؤمن بدون رضاه، ولو كان فلساً واحداً [ ثم قال ] صلى الله عليه وسلم: [ ( اللهم اشهد، فقد بلغت ) ] فشهد الله، وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام أيها المؤمنون! فكيف يزني الرجل بامرأة أخيه؟ أو يأخذ مال أخيه؟ أو يسب ويشتم أخاه؟

عظم جريمة قتل النفس

قال: [ ولنعلم أيها المؤمنون! أن جريمة قتل النفس لا تفوقها جريمة سوى الكفر والشرك، ودونهما جريمة الزنا، والعياذ بالله تعالى ] وهذا هو قوله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ [الفرقان:68]. فهذه الثلاث بهذا الترتيب: الشرك، قتل النفس، الزنا، أو تبدأ من أسفل: الزنا، وفوقه قتل النفس، وفوقه الشرك، فهو أعظم الذنوب.

حكم الانتحار

قال: [ وأخيراً: إن جريمة الانتحار الشائعة في ديار الكفار قد ظهرت أيضاً في بلاد المسلمين ] ونحن نسمع بهذا، فنسمع أن فلانة انتحرت؛ لأنهم ما زوجوها، وفلان كذا [ فلنذكر وعيداً لأصحابها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح، إذ قال فداه أبي وأمي ونفسي والعالم أجمع قال: ( من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة ) ] فمن قتل نفسه بسكين أو سم أو تفجير قنبلة أو رمى نفسه من أعلى المنزل أو من الجبل أو أي شيء عذب به يوم القيامة [ وقال صلى الله عليه وسلم: ( من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها بطنه يوم القيامة في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ). وقال صلى الله عليه وسلم: ( ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً أبداً ) ] والسم مأخوذ من الأفعى أو العقرب، يجمعونه ويأكلونه، أو يحولونه إلى مادة سائلة ويشربونه [ وقال صلى الله عليه وسلم: ( ومن تردى من جبل ) ] أي: من علو، والآن هناك المباني، فيرمي نفسه من العمارة أو من الشرفة [ ( فقتل نفسه فهو مترد في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) ] وعذابه هكذا دائماً، فهو يهوي من أعلى إلى أسفل فيتمزق [ ألا فلنستعذ بالله ] أي: نتحصن به جل وعز [ من أكل أموال المؤمنين، ومن قتل أنفسهم ] وإراقة دمائهم [ فإن الله كان بنا رحيماً، لذا حرم ما حرم علينا ] والآن دماء المسلمين مباحة، فتتكون عصابة تطالب بالحكم الإسلامي، ويأخذون في القتل والتشريد، ووصولهم إلى الحكم بهذا الطريق من أبعد البعيد، وأمحل المحال، فالحكم الإسلامي يتحقق بأن ترفع الأمة يديها: الله أكبر! بايعنا فلاناً، وأقلنا فلاناً، هذا هو الطريق. وإذا كانت أمة تعبد الأهواء والشياطين والدنيا، وقد غمرها الجهل، وضلت الحياة بكاملها، وأنت تقوم بينهم وتقول: الآن نقاتل حتى نقيم الدولة الإسلامية فهذه أحلام. وأولاً: أوجد المؤمنين والمؤمنات، فلو أن أهل الإقليم قالوا: الله أكبر! لا نريد إلا الله، فلن يقاومهم أحد [ وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين ].