كيف تكون مجالسنا إسلامية؟ [2]


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أيها الإخوة! تكلمنا في الأسبوع الماضي عن أنواع المجالس التي يجلس فيها الناس، وتكلمنا أيضاً عن أهمية هذه المجالس وأنها مرآة المجتمع، وأن أفكار الناس وتصوراتهم وآراءهم تطرح في مجالسهم في الغالب، وأن المجالس لها تأثير كبير على عقول الناس، وأن ما يحدث في المجلس ينعكس على داخل الأسرة بشكل مباشر أو غير مباشر، وأن المجلس -أيها الإخوة- فرصة خير لمن أراد الله تعالى به خيراً، ومن أراد الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً، وهو فرصة للازدياد من الشر والسيئات، والوقوع في حبائل الشيطان لمن أغواه عدو الله إبليس وجعله من جنده وأعوانه.

مجالس دنيوية بحتة

ولذلك -أيها الإخوة- ذكرنا في المرة الماضية أن غالب مجالس الناس: إما أن تكون حديثاً دنيوياً بحتاً من أول المجلس إلى آخره ليس فيه ذكر لله تعالى، ولا تسمع فيه آية ولا حديثاً واحداً، وذكرنا بأن هذه المجالس مذمومة، وأن رسول الله عليه الصلاة والسلام وصف أهلها الذين لا يذكرون الله تعالى فيها أبداً، ولا يصلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم يتفرقون على مثل جيفة الحمار.

مجالس منكرات ومعاصٍ

والنوع الثاني من المجالس في الغالب مجالس السوء والمعصية التي تمتلئ غيبة وبهتاناً في عباد الله تعالى، وتمتلئ استهزاءً وسخرية بآيات الله وأحكامه وشرعه، وهي كذلك -أيها الإخوة- تمتلئ بالملهيات التي تشغل عن ذكر الله، فمنهم من يقعد يلعب بالورق أو بالألعاب الأخرى حتى يطلع الفجر، أو ينام قبل الفجر بقليل، أو يسهر سهراً طويلاً يضر بحضوره في صلاة الفجر، فتفوته هذه الصلاة بالكلية، لا يصليها في بيته فضلاً عن أن يصليها مع الجماعة في المسجد.

وكذلك -أيها الإخوة- فإنك ترى في المجالس من الاشتغال بأحاديث المنكر والاشتغال بالملهيات عن ذكر الله أمراً فظيعاً، أمراً لا تكاد تحتمله عقول المسلمين ولا فطرهم الصافية، إنك ترى الناس كثيراً ما يشتغلون بأحاديث الرياضة، والملهيات، وأخبار الكرة، ويوالون عليها ويعادون فيها، ويتقسم الناس أحزاباً وشيعاً بفعل انقسامهم بحسب ميولهم الرياضية ونحوها.

ونحن أيها الإخوة نعلم جميعاً بأن الإسلام حث على تقوية البدن وعلى الاشتغال بما يفيده، ولكن منع أيما منع من الالتهاء بها حتى تكون هم الإنسان الشاغل، وحتى تكون معاداة الناس وموالاتهم على مثل هذه الأشياء التي لا يرضاها الله عز وجل.

وبالجملة: فإن مجالس الناس في هذه الأيام لا يرضى الله عنها لما امتلأت به من أنواع المنكرات والفواحش.

ونريد أن نوضح في هذا المقام كيف نجعل من مجالسنا مجالس إسلامية يرضى الله تعالى عنها وعن أهلها، ويثيب الله تعالى القاعدين عليها درجات.

ولذلك -أيها الإخوة- ذكرنا في المرة الماضية أن غالب مجالس الناس: إما أن تكون حديثاً دنيوياً بحتاً من أول المجلس إلى آخره ليس فيه ذكر لله تعالى، ولا تسمع فيه آية ولا حديثاً واحداً، وذكرنا بأن هذه المجالس مذمومة، وأن رسول الله عليه الصلاة والسلام وصف أهلها الذين لا يذكرون الله تعالى فيها أبداً، ولا يصلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم يتفرقون على مثل جيفة الحمار.

والنوع الثاني من المجالس في الغالب مجالس السوء والمعصية التي تمتلئ غيبة وبهتاناً في عباد الله تعالى، وتمتلئ استهزاءً وسخرية بآيات الله وأحكامه وشرعه، وهي كذلك -أيها الإخوة- تمتلئ بالملهيات التي تشغل عن ذكر الله، فمنهم من يقعد يلعب بالورق أو بالألعاب الأخرى حتى يطلع الفجر، أو ينام قبل الفجر بقليل، أو يسهر سهراً طويلاً يضر بحضوره في صلاة الفجر، فتفوته هذه الصلاة بالكلية، لا يصليها في بيته فضلاً عن أن يصليها مع الجماعة في المسجد.

وكذلك -أيها الإخوة- فإنك ترى في المجالس من الاشتغال بأحاديث المنكر والاشتغال بالملهيات عن ذكر الله أمراً فظيعاً، أمراً لا تكاد تحتمله عقول المسلمين ولا فطرهم الصافية، إنك ترى الناس كثيراً ما يشتغلون بأحاديث الرياضة، والملهيات، وأخبار الكرة، ويوالون عليها ويعادون فيها، ويتقسم الناس أحزاباً وشيعاً بفعل انقسامهم بحسب ميولهم الرياضية ونحوها.

ونحن أيها الإخوة نعلم جميعاً بأن الإسلام حث على تقوية البدن وعلى الاشتغال بما يفيده، ولكن منع أيما منع من الالتهاء بها حتى تكون هم الإنسان الشاغل، وحتى تكون معاداة الناس وموالاتهم على مثل هذه الأشياء التي لا يرضاها الله عز وجل.

وبالجملة: فإن مجالس الناس في هذه الأيام لا يرضى الله عنها لما امتلأت به من أنواع المنكرات والفواحش.

ونريد أن نوضح في هذا المقام كيف نجعل من مجالسنا مجالس إسلامية يرضى الله تعالى عنها وعن أهلها، ويثيب الله تعالى القاعدين عليها درجات.

لا بد يا إخواني! بادئ ذي بدء لا بد لكل واحد فينا يجلس في مجلس، أو يدعو الناس إلى مجلسه، أو يجيب دعوة الناس أن ينظر في حال من يجالس، إن انتقاء الجليس من الأمور الأساسية المهمة، ولذلك أخبر الله تعالى بأن رجلاً من أهل النار قد وقع في سوء العذاب بسبب قرينه: يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً [الفرقان:27-28] لماذا؟ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً [الفرقان:29] لا نريد أن نأتي يوم القيامة -أيها الإخوة- ويتحسر الواحد منا، ويقول يوم لا تنفع الحسرة والندامة: يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً [الفرقان:27-28] يا ليتني ابتعدت عنه ونبذته، يا ليتني لم أقترب منه ولم أجلس معه لحظة واحدة، لقد كان سبباً في ضلالي وفي وقوعي في حبائل الشيطان، لقد كان يزين لي المنكر ويحثني عليه ويجعلني شريكاً معه في الإثم وعبادة الطاغوت.

ومدح الله رجلاً من أهل الجنة، وأخبر أن سبب نجاته أنه تخلص من حبائل صديقه وجليسه وخليله الفاسق أو الكافر في اللحظات الأخيرة، فقال الله تعالى حاكياً عن رجل من أهل الجنة قعد يبحث عن جليسه وصديقه الذي كان يخاللـه في فترة من الدنيا، فوجده في النهاية: فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ [الصافات:55] اطلع هذا الرجل من الجنة فرأى صاحبه في سواء الجحيم؛ في وسط جهنم: قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ [الصافات:56] لترديني معك فيها: وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ [الصافات:57] في هذا الحساب والعذاب.

أيها الإخوة! إن الجليس له خطورة كبيرة على جليسه وتأثير بالغ، وبعض الناس قد أعطاهم الله قدرة في الإقناع وقدرة في الجذب، فقد يجذبك معه إلى سوء الضلالة والعياذ بالله، ويستطيع أن يتفنن في إغوائك وأن يضلك عن سبيل الله ومنهج الله، إن أناساً يستطيعون أن يجذبوا نفوس الناس، ويسحروا عقولهم ليردوهم في نار جهنم، إن هناك شياطين من الإنس كما أن هناك شياطين من الجن، قل لي من تجالس؛ أقول لك من أنت.

إذاً، كان الجليس عنوان جليسه، هذه هي النقطة الأولى، والشيء الثاني الذي يجعلنا على أن يكون جلساؤنا من أهل الخير والصلاح: حال السلف رحمهم الله تعالى عندما كانوا يبحثون عن جلساء الخير، وهذه القصة التي رواها الإمام البخاري رحمه الله تبين هذا المقصود:

عن علقمة ؛ وكان من كبار التابعين وأجلائهم، قال: قدمت الشام فصليت ركعتين في المسجد ثم قلت -انظروا أيها الإخوة كيف كان السلف يدعون الله، وبماذا كانوا يدعون الله، ثم قلت -بعد أن فرغ من تحية المسجد-: اللهم يسر لي جليساً صالحاً. هذا كان دعاؤه، يذهب إلى المسجد إلى مظنة وجود الجلساء الصالحين، أين تجد الجلساء الصالحين؟ في الأسواق؟ في الدكاكين؟ في الشوارع وفي الطرقات؟ كلا. إنك تجدهم في المجالس، إنك تجدهم في المساجد أولاً، فلتكن نقطة الابتداء من المسجد.

ثم قلت: اللهم يسر لي جليساً صالحاً، فأتيت قوماً من الناس -جالسين في المسجد- فجلست إليهم، فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلى جنبي، قلت من هذا؟ قالوا: أبو الدرداء الصحابي الجليل صاحب الرسول صلى الله عليه وسلم أبو الدرداء ، فقلت -يقول علقمة - فقلت: إني دعوت الله أن ييسر لي جليساً صالحاً، فيسرك لي .. إلى آخر الحديث.

كانوا يدعون الله بشروط الدعاء المستجاب؛ فيستجيب الله لهم في الحال وييسر لهم جلساءً صالحين، فهذا الرجل التابعي رزقه الله بصحابي جليل ليجلس إليه ويستمع منه ماذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ويقول.

الجليس -أيها الإخوة- له صفات كثيرة وله حقوق. قال سعيد بن العاص رحمه الله تعالى: لجليسي عليَّ ثلاث خصال: إذا دنا رحبت به، وإذا جلس وسعت له، وإذا حدث أقبلت عليه.

لنا جلساء ما تمل حديثهم     ألباء مؤملون غيباً ومشهدا

يفيدوننا من علمهم علم ما مضى     وعقلاً وتأديباً ورأياً مسددا

بلا فتنة تخشى ولا سوء عشرة     ولا نتقي منهم لساناً ولا يدا

هذه صفات جلساء الصلاح والتقوى. وفقنا الله وإياكم لأن نجلس معهم وأن نجدهم ونتأدب معهم بآداب رسول الله عليه الصلاة والسلام.


استمع المزيد من الشيخ محمد صالح المنجد - عنوان الحلقة اسٌتمع
كيف تقرأ كتاباً؟ 3160 استماع
كيف تتعامل مع والديك 2886 استماع
كيف نتحمس لطلب العلم 2726 استماع
كيف نحب النبي صلى الله عليه وسلم 2725 استماع
كيف نتعامل مع الناس [2]؟ 2678 استماع
كيف يخدم هذا الدين 2669 استماع
كيف تكون مجالسنا إسلامية؟ [3] 2592 استماع
كيف نتعامل مع أخطاء الناس؟ 2561 استماع
كيف تروض نفسك؟ 2406 استماع
كيف تزكي أموالك 2303 استماع