لقاء الباب المفتوح [231]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا اللقاء هو اللقاء الحادي والثلاثون بعد المائتين من اللقاءات التي تعرف باسم لقاء الباب المفتوح، وتتم كل يوم خميس من كل أسبوع، وهذا الخميس هو الثامن من شهر محرم عام (1421هـ).

نبتدئ هذا اللقاء بالكلام بما ييسره الله عز وجل على سورة المجادلة ويقال: المُجَادَلَة، والمُجَادِلَة: على أنها اسم فاعل، والمُجَادَلَة: على أنه مصدر جادل يجادل مجادلة.

تفسير قوله تعالى: (قد سمع الله قول التي تجادلك ...)

يقول الله عز وجل بعد ذكر البسملة -والبسملة تقدم الكلام عليها كثيراً- يقول عز وجل: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ [المجادلة:1] (قد) هنا للتحقيق والتوكيد سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ [المجادلة:1] وهي امرأة أتت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، تشكو زوجها، أنه بعدما كبر سنه وسنها ظاهر منها، وقال لها: أنت عليَّ كظهر أمي، وهذا هو الظهار، وكان الظهار في الجاهلية يعني: الطلاق البائن الذي لا تحل به المرأة، وتكون حراماً عليه أبداً، هذه المرأة جاءت تشتكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعد هذا السن والأولاد والتعب مع هذا الزوج يظاهر منها، فبين الله عز وجل أنه قد سمع قولها، وقوله: تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [المجادلة:1] أي: في شأن زوجها، حين قال: أنتِ عليَّ كظهر أمي.

وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ [المجادلة:1] أي: ترفع الشكوى إلى الله عز وجل؛ ليقضي حاجتها تبارك وتعالى، فنزل الوحي في الحال على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأفتاه الله في ذلك، ثم أكد هذا السمع بقوله: وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا [المجادلة:1] أي: تراجعكما، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يراجعها ويأمرها أن تصبر وأن تنظر حتى يأتي الله بأمره.

وفي هذه الآية: دليل على سعة سمع الله عز وجل، وأنه يسمع كل شيء، قالت عائشة رضي الله عنها: [الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات] وفي حديث آخر: [تبارك الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تجادله في زوجها وإني في الحجرة ويخفى عليَّ بعض حديثها] فحمدت الله عز وجل على كمال صفاته، حيث يسمع الله فوق العرش فوق سبع سماوات حديث هذه المرأة وعائشة في الحجرة لا تسمع. وفي هذا التحذير من قول الإنسان ما لا يرضي ربه عز وجل، وأنه مهما أخفى القول فإن الله تعالى يسمعه، قال الله تعالى في آية أخرى: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف:80] يعني نسمع (سرهم) ما أخفوه في نفوسهم (ونجواهم) ما تناجوا به. ولكن الصحيح: أن قوله: (سرهم) يعني: ما تسار به الرجلان، والنجوى: ما كان حديثاً بين القوم، لأن قوله نسمع لا ينطبق على السر الذي في القلب، إذا كان إلى جنبك ثم كلمته سراً لا يسمى نجوى، وإذا تكلمت في المجلس بكلام مرتفع فإنه يسمى نجوى.

قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [المجادلة:1] يسمع كل شيء، ويرى كل شيء عز وجل، فإياك أن تسمع ربك ما لا يرضى، وإياك أن تري ربك بأفعالك ما لا يرضى، كل شيء معلوم عند الله عز وجل.

لكن إذا قال الإنسان: أنتِ عليَّ كظهر أختي هل يكون كقوله: كظهر أمي؟

الجواب: نعم يكون؛ لأنه لا فرق، وأما ذكر الآيات من ظاهر من أمه فهذا بناءً على أنه الغالب، أن الإنسان يظاهر بأمه، لكن لو قال: أنت عليَّ كظهر عمتي، فالحكم كذلك، والضابط في هذا: أن يشبه زوجته بمن تحرم عليه تحريماً مؤبداً.

فالأم أو البنت أو الأخت أو العمة أو الخالة أو بنت الأخ أو بنت الأخت الحكم فيهن واحد، ولو شبهها بغير الظهر بأن قال: أنت عليَّ مثل رأس أمي أو مثل فرج أمي فهل الحكم واحد؟ الجواب: نعم الحكم واحد، هو كالظهر، لكن ذكر الظهر بناءً على الغالب المعروف في ذلك الوقت.

تفسير قوله تعالى: (الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم ...)

ثم قال الله عز وجل: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ [المجادلة:2] بين الله عز وجل كذب هؤلاء فقال: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ الخبر: مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ أي: لسن أمهاتهم، من الأم؟ التي ولدتك إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ فكيف يجعل هذه المرأة المحللة له، التي يجوز أن يجامعها أمه التي لا يمكن أن تحل له بأي حال من الأحوال، هل هذا حق وصدق أم لا؟

الجواب؟ لا، ولهذا قال: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً (منكراً من القول) لأنه حرام، (وزوراً) لأنه كذب، فليست أمه، وفي هذا دليل واضح على تحريم الظهار، وأنه من المنكرات ومن الزور، ولا يحل لإنسان أن يظاهر من امرأته، فإن حرَّم امرأته بلا ظهار بأن قال لها: أنت عليَّ حرام، فهل هو ظهار، أو طلاق، أو يمين؟ في هذا خلاف بين العلماء رحمهم الله، والصحيح أنه يمين، فإذا قال الرجل لزوجته: أنت عليَّ حرام فهو يمين لدخولها في عموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [التحريم:1-2] وبين الله عز وجل أن تحريم الحلال يمين قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ فتحريم الحلال يمين لا فرق فيه بين الزوجة وغيره، قد يقول قائل: إن التحريم إذا قال لزوجته: أنت عليَّ حرام مثل أنت علي كظهر أمي؟

والجواب: أن هذا خطأ؛ لأنه إذا قال: أنت عليَّ كظهر أمي فقد شبه أحلَّ شيء له في الاستمتاع بأحرم شيء عليه، ثم إن فيه استخفافاً بالشريعة أن يشبه هذا بهذا، ثم إنه قد يكون فيه أيضاً استهانة بالأم أن يجعل الزوجة مثلها، فعلى كل حال الفرق بين العبارتين واضح، والحكم الشرعي بينهما في الفرق بينهما واضح، فقد جعل الظهار له حكم، وجعل الله التحريم له حكم آخر، فهذا القول هو الراجح: أن تحريم الزوجة كتحريم غيرها يمين، فهو كما لو قال: حرام عليَّ أن ألبس هذا الثوب. ثم لبسه نقول: عليك كفارة يمين. فإن قال لزوجته: أنت عليَّ حرام. ثم جامعها نقول: عليه كفارة يمين ولا فرق.

ثم قال عز وجل: وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ [المجادلة:2] (عفو) عن التقصير في الواجبات (غفور) عن فعل المحرمات، وما أوسع عفو الله عز وجل، وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ [فاطر:45].

تفسير قوله تعالى: (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا ...)

ثم بين الله حكم الظهار الحكم الذي يسميه الأصوليون الحكم الوضعي بمعنى: ماذا نعمل إذا حصل الظهار؟ فقال عز وجل: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً [المجادلة:3-4] الآن كم خصلة ذكر الله عز وجل؟ ثلاثاً: تحرير رقبة، وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستين مسكيناً. هذه كفارة الظهار إذا عاد الإنسان لما قال، ومعنى عودته لما قال: أن يعود لامرأته التي جعلها كظهر أمه بأن يعزم على أن يجامعها، فنقول: قبل أن تجامع كفر.

أولاً: تحرير رقبة ومعنى التحرير: تخليصها من الرق، يعني: يكون عند الإنسان عبداً مملوكاً فيعتقه، أو يشتريه من السوق ويعتقه، فإن لم يجد ثمن الرقبة أو لم توجد الرقبة، كمثل هذا العصر الآن فإنه لا يوجد فيما نعلم رقيق.

فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ أي: فعليه صيام شهرين متتابعين لا يفطر بينهما إلا لعذر شرعي، الشهران هل هما ستون يوماً، أو هما هلالان؟ الجواب: الثاني، أي: هلالان، فلو قدر أن الشهر الأول ناقص والثاني ناقص، ستكون الأيام ثمانية وخمسين يوماً، ولا حرج؛ لأن الله لم يقل ستين يوماً، قال: (شهرين متتابعين) وقوله: (متتابعين) يعني: يجب ألا يفطر بينهما إلا لعذر، كالسفر والمرض، فإن لم يتابع بأن أفطر يوماً في أثناء الشهرين بدون عذر فعليه أن يستأنف؛ لأن الله اشترط أن يكون الشهران متتابعين، فلابد أن يستأنف.

مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا أي: من قبل أن يجامع أحدهما الآخر، فيبقى صابراً عن امرأته مدة شهرين، هذا إن شرع في الصوم مباشرة، أما إذا تأخر ربما يتأخر -مثلاً- شهر ثم يصوم، فيبقى عن أهله ثلاثة أشهر.

ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ [ أي: تزجرون به عن هذا القول المحرم المنكر.

فمن لم يستطع أن يصوم شهرين متتابعين، إما لمرض وإما لشدة شبق يعني: شهوة للجماع وما أشبه ذلك فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً أي: فعليه أن يطعم ستين مسكيناً، وهل يطعم ستين مسكيناً قبل أن يجامع، أو له أن يجامع قبل أن يطعم؟ في الرقبة قال: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا وفي الصيام قال: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا وفي الإطعام لم يذكر الله هذا الشرط: (من قبل أن يتماسا) فظاهر الآية الكريمة: أنه يجوز أن يرجع إلى زوجته ويجامعها قبل أن يطعم، ولكن أهل العلم يقولون: إن الإطعام كغيره، لا يرجع إلى زوجته حتى يطعم، وقالوا: إذا كان الله تعالى أوجب أن تكون الكفارة قبل الجماع في العتق وهذا قد يتأخر ربما يبقى الإنسان يبحث عن رقبة شهراً أو شهرين أو أكثر، في الصيام وهو شهران يبقى لا يجامع زوجته حتى يصوم، فما بالك بالإطعام؟ الإطعام يمكن أن يطعم خلال نصف ساعة أليس كذلك؟ يقولون: فإذا كان العتق والصيام يجب أن يتقدم الرجوع فالإطعام من باب أولى، ولكن كيف يطعم ستين مسكيناً؟

إطعامهم على وجهين: الوجه الأول: أن يصنع غداءً أو عشاءً ويدعو ستين مسكيناً، فإن لم يتسع المكان للستين دعا عشرة اليوم وعشرة آخرين من الغد وعشرة آخرين من الغد حتى يكمل ستين مسكيناً، غداء أو عشاء، فإن لم يصنع غداء أو عشاء فليطعم كل مسكين كيلو من الرز ومعه لحم، يعني: يأخذ أكياساً من (النايلون) ويجعل فيها كيلو من الرز ومعه لحم، لحم قليل يكفيه لوحده، ويوزعه على ستين مسكيناً، وبذلك تتم الكفارة.

لكن إذا كان الإنسان لا يستطيع حتى الإطعام، فهل نقول: لا تقرب زوجتك حتى تقدر على الإطعام أو الصيام أو إعتاق الرقبة؟ نقول: قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] وعلى هذا فيأتي أهله ولا حرج عليه. فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ أي: أوجبنا ذلك ليتحقق لكم الإيمان، فإنه كلما كان الإنسان ممتثلاً لأمر الله مع المشقة، ازداد إيمانه ورغبته فيما عند الله.

لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ يعني: محمد صلى الله عليه وسلم وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ختم الآيات بهذه الجملة، كأنه يقول: استعدوا للعذاب الأليم إن لم تؤمنوا بالله ورسوله فتؤدوا ما أوجب الله عليكم من الكفارة.

يقول الله عز وجل بعد ذكر البسملة -والبسملة تقدم الكلام عليها كثيراً- يقول عز وجل: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ [المجادلة:1] (قد) هنا للتحقيق والتوكيد سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ [المجادلة:1] وهي امرأة أتت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، تشكو زوجها، أنه بعدما كبر سنه وسنها ظاهر منها، وقال لها: أنت عليَّ كظهر أمي، وهذا هو الظهار، وكان الظهار في الجاهلية يعني: الطلاق البائن الذي لا تحل به المرأة، وتكون حراماً عليه أبداً، هذه المرأة جاءت تشتكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعد هذا السن والأولاد والتعب مع هذا الزوج يظاهر منها، فبين الله عز وجل أنه قد سمع قولها، وقوله: تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [المجادلة:1] أي: في شأن زوجها، حين قال: أنتِ عليَّ كظهر أمي.

وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ [المجادلة:1] أي: ترفع الشكوى إلى الله عز وجل؛ ليقضي حاجتها تبارك وتعالى، فنزل الوحي في الحال على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأفتاه الله في ذلك، ثم أكد هذا السمع بقوله: وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا [المجادلة:1] أي: تراجعكما، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يراجعها ويأمرها أن تصبر وأن تنظر حتى يأتي الله بأمره.

وفي هذه الآية: دليل على سعة سمع الله عز وجل، وأنه يسمع كل شيء، قالت عائشة رضي الله عنها: [الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات] وفي حديث آخر: [تبارك الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تجادله في زوجها وإني في الحجرة ويخفى عليَّ بعض حديثها] فحمدت الله عز وجل على كمال صفاته، حيث يسمع الله فوق العرش فوق سبع سماوات حديث هذه المرأة وعائشة في الحجرة لا تسمع. وفي هذا التحذير من قول الإنسان ما لا يرضي ربه عز وجل، وأنه مهما أخفى القول فإن الله تعالى يسمعه، قال الله تعالى في آية أخرى: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف:80] يعني نسمع (سرهم) ما أخفوه في نفوسهم (ونجواهم) ما تناجوا به. ولكن الصحيح: أن قوله: (سرهم) يعني: ما تسار به الرجلان، والنجوى: ما كان حديثاً بين القوم، لأن قوله نسمع لا ينطبق على السر الذي في القلب، إذا كان إلى جنبك ثم كلمته سراً لا يسمى نجوى، وإذا تكلمت في المجلس بكلام مرتفع فإنه يسمى نجوى.

قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [المجادلة:1] يسمع كل شيء، ويرى كل شيء عز وجل، فإياك أن تسمع ربك ما لا يرضى، وإياك أن تري ربك بأفعالك ما لا يرضى، كل شيء معلوم عند الله عز وجل.

لكن إذا قال الإنسان: أنتِ عليَّ كظهر أختي هل يكون كقوله: كظهر أمي؟

الجواب: نعم يكون؛ لأنه لا فرق، وأما ذكر الآيات من ظاهر من أمه فهذا بناءً على أنه الغالب، أن الإنسان يظاهر بأمه، لكن لو قال: أنت عليَّ كظهر عمتي، فالحكم كذلك، والضابط في هذا: أن يشبه زوجته بمن تحرم عليه تحريماً مؤبداً.

فالأم أو البنت أو الأخت أو العمة أو الخالة أو بنت الأخ أو بنت الأخت الحكم فيهن واحد، ولو شبهها بغير الظهر بأن قال: أنت عليَّ مثل رأس أمي أو مثل فرج أمي فهل الحكم واحد؟ الجواب: نعم الحكم واحد، هو كالظهر، لكن ذكر الظهر بناءً على الغالب المعروف في ذلك الوقت.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
لقاء الباب المفتوح [63] 3395 استماع
لقاء الباب المفتوح [146] 3350 استماع
لقاء الباب المفتوح [85] 3315 استماع
لقاء الباب المفتوح [132] 3293 استماع
لقاء الباب المفتوح [8] 3275 استماع
لقاء الباب المفتوح [13] 3259 استماع
لقاء الباب المفتوح [127] 3116 استماع
لقاء الباب المفتوح [172] 3090 استماع
لقاء الباب المفتوح [150] 3037 استماع
لقاء الباب المفتوح [47] 3033 استماع