لقاء الباب المفتوح [102]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإننا نفتتح هذا اللقاء الأسبوعي بعد الإجازة, وذلك يوم الخميس السادس والعشرين من شهر ربيع الآخر من عام (1416هـ).

ونظراً لأنه حان وقت الأسئلة وأنه لا يمكننا أن نتكلم على شيء من التفسير, فإننا نبدأ بالأسئلة الآن, ونسأل الله للجميع التوفيق.

السؤال: فضيلة الشيخ! ما رأيكم فيمن يصور الله سبحانه وتعالى في تجسيده في (كاريكاتير) يكون في المجلة أو في الجريدة؟

الجواب: رأينا أن هذا ضلال بين؛ لأن الله عز وجل أعظم وأجل من أن يصور في شيء فإنه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11] ومهما تخيل الإنسان من صورة فإنه لن يستطيع أن يصور الله عز وجل, وإذا علمنا أن هذا المصور قصد تنقص الرب عز وجل فإنه يكون كافراً مرتداً عن الإسلام, يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل, وقال بعض العلماء: إنه لا يحتاج إلى استتابة، ولكن هذا يرجع إلى نظر الحاكم الشرعي, فإن رأى أنه من المصلحة أن يستتيبه استتابة وإلا قتله فوراً.

ولا شك أن من صور الرب عز وجل بصورة كاريكاتير ساخراً به لا شك أنه مرتد، وأنه يجب قتله فوراً ولا يحتاج إلى استتابة؛ لأن مثل هذا من أخبث عباد الله.

السؤال: فضيلة الشيخ! جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه يكبر إذا صعد مشرفاً، ويسبح إذا نزل وادياً) وهل هذا التسبيح والتكبير خاص بالسفر, أم أنه يكبر ويسبح عند الصعود -مثلاً- في البيت إلى الدور الثاني والثالث, جزاكم الله خيراً؟

الجواب: كان النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره إذا علا صعداً كبر, وإذا نزل وادياً سبح, وذلك أن العالي على الشيء قد يتعاظم في نفسه, فيرى أنه كبير, فكان من المناسب أن يكبر الله عز وجل فيقول: الله أكبر, وأما إذا نزل فالنزول سفول فناسب أن يسبح الله عز وجل عند السفول, هذه هي المناسبة, ولم ترد السنة بأن يفعل ذلك في الحضر, والعبادات مبنية على التوقيف, فيقتصر فيها على ما ورد, وعلى هذا فإذا صعد الإنسان الدرجة في البيت فإنه لا يكبر, وإذا نزل منها فإنه لا يسبح, وإنما يختص هذا في الأسفار.

السؤال: امرأة اعتادت أن تصلي الفجر قبل طلوع الشمس بعشر دقائق -مثلاً- لكي تكسب نوماً أكثر, وأن الوقت ما زال قائماً, وقس على ذلك الأوقات الأخرى, ما رأي فضيلتكم في ذلك؟

الجواب: يحرم على الرجل وعلى المرأة أن يؤخر الصلاة حتى يضيق وقتها, لكن له رخصة بأن يؤخرها إلى أن يبقى بينه وبين خروج الوقت مقدار ما يتمكن به من الطهارة والصلاة كاملة, وأما تأخيرها حتى يضيق الوقت عنها فإن ذلك من كبائر الذنوب, لكن إذا كان لعذر فإنه يجب عليه فور زوال ذلك العذر أن يقيم الصلاة.

السؤال: فضيلة الشيخ! عندنا خزان ماء بال فيه طفل، وكذلك وجدنا فيه فأراً, فما رأيك؟

الجواب: الماء إذا سقطت فيه النجاسة من بول، أو عذرة، أو فأرة أو غيرها مما يكون نجساً، ولم يتغير لا طعمه ولا لونه ولا ريحه بالنجاسة، فهو طهور, لكن النجاسة ذات الجرم يجب إخراجها, مثل: لو كانت عذرة يجب أن تلف من الماء وتخرج, أو فأرة تخرج أيضاً.

السائل: الخزان كبير ما يتمكن من إخراجه؟

الشيخ: لابد, ينزل فيه من يعرف أن يسبح ويخرجها؛ لأنها لو بقيت لكان الماء يتأثر فيما بعد, بعد هذا ينزف الماء حتى لا يبقى فيه إلا قليل وتخرج.

السؤال: فضيلة الشيخ! من العادات المنتشرة بين بعض الناس أن هناك وليمة تقام بعد وليمة العرس بسبعة أيام يطلق عليها اسم (السابع) فهل لهذا أصل في الشرع؟

الجواب: الوليمة التي تقوم في العرس إنما هي الوليمة الأولى التي عند الدخول، أو ما يقارب ذلك, ويجوز أن تقام مرة أخرى ثانية, وأما الثالثة فمكروهة.

وعلى هذا فنقول: يقتصر على الوليمة الأولى, أما تقييدها في الأسبوع، وأن تحدث في اليوم السابع فهذا لا شك أنه بدعة لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه, فلا يلتفت إليه، ويجب أن تُقاطع؛ لأن البدع لا يجوز تشجيعها بأي حال من الأحوال.

السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم إقامة الوليمة بمناسبة سلامة الشخص من الحادث؟

الجواب: لا حرج على الإنسان إذا سلم من حادث أن يصنع طعاماً ويوزعه على الفقراء شكراً لله تعالى على هذه النعمة, ولهذا قال كعب بن مالك: (إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله).

وأما أن يصنع طعام ويدعى إليه الأحباب والأقارب والجيران فهذا ليس بقربة، ولكنه ليس ببدعة؛ لأنه لا يتخذ على أنه عبادة، ولكنه من باب الفرح، فلا بأس به.

السؤال: فضيلة الشيخ! عندنا بعض الشباب يحبون طلب العلم في بلاد النوبة ؛ في أقصى جنوب القاهرة ، فنصيحتك لهم بأي كتب يبدءون في الفقه أو العقيدة أو الحديث, وخاصة أنه لا يوجد معلم؟

الجواب: الحقيقة أنه إذا لم يوجد معلم في بلد ما فإن المسألة خطيرة؛ لأن مراجعة الإنسان لوحده وهو لم يسبق له طلب علم قد يفهم الكتاب خطأً, فيعتمد على فهمه, فَيَضلّ ويُضِل, فلابد من التعلم على عالم, سواء تعلم مع العالم مباشرة، أو بواسطة كتبه الواضحة البينة، أو أشرطته, أما أن يمسك العامي الكتاب ثم يذهب ليخبر به: الحكم كذا والحكم كذا.. فهذا خطأ, ولكن لعل أحداً منهم يقدم إلى البلاد العربية والإسلامية يتعلم في الجامعات ثم يرجع إلى قومه فينذرهم, كما قال الله تعالى: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ [التوبة:122] وكذلك الجن صرف الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم نفراً منهم يستمعون القرآن, قال تعالى: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ [الأحقاف:29] فحسن لهؤلاء أن ينبعث منهم أحد تقوم به الكفاية ليتعلم على العلماء في البلاد الإسلامية, ثم يرجع إلى قومه فينذرهم.

السؤال: بعض المحلات التجارية تعلن عمولة أو نسبة أو هدية -مثلاً- لمن يشتري منهم كمية من البضاعة, فبعض العمال وهو يعمل دهاناً, فيقول: هو عندما يتفق مع صاحب العمارة ويذهب إلى هذا المكان المتجر يعطى هذه العمولة, فيسأل: هل له أن يأخذ هذه العمولة، أم يتفق مع صاحب العمارة ويكون بينهما؟

الجواب: حرام على العامل إذا كان صاحب التجارة ينزل من التجارة إذا أخذ منه كمية كبيرة, أن يأخذ هذه النسبة لنفسه, ويقيد على صاحب العمارة بالسعر الأول, يعني: هذا ظلم، نعم لو أنه استأذن من صاحب العمارة وقال: إنهم يبيعونه بـ(10)، وأنه مع الكمية الكبيرة ينزلون إلى (9)، وأرجو أن يكون الريال الزائد لي, فإذا سمح فلا بأس, وإلا فإن التنزيل يكون لصاحب العمارة.

السائل: أحياناً تكون في شكل آلة يعمل بها مثل: فرشاة..؟

الشيخ: المهم -على كل حال- كل شيء زائد لا يحل.

السؤال: سمعت بعض طلبة العلم يقول: كل عبادة مؤقتة بوقت فيسن أداؤها في أول وقتها, فهل هذه القاعدة صحيحة؟

الجواب: هذه ليست على إطلاقها, إنما فعلها في أول الوقت أفضل إن لم يورد الشرع بسنية التأخير، فمثلاً صلاة العشاء الأفضل أن تؤخر إلا إذا شق على الناس, فالأصل أن الإنسان كلما بادر في العبادة فهو أفضل؛ لعموم قوله تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ [آل عمران:133]، وقال تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [البقرة:148]، وقال تعالى: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ [الحديد:21] إلا ما ورد الشرع بتأخيره فإنه يؤخر.

السؤال: فضيلة الشيخ! بعض الناس يحتج بقول الله سبحانه وتعالى: قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ [هود:91] في عدم العذر بالجهل, فهل لهم حجة في هذه الآية؟

الجواب: يجب أن تعلم أن القاعدة الشرعية الإيمانية أن الإنسان يحمل المتشابه من النصوص على المحكم منها, والنصوص المحكمة كلها تدل على أن الإنسان معذور بالجهل, وما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء:15]، وقال تعالى: رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء:165]، وقال تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ [التوبة:115] والآيات في هذا كثيرة, ولو نعذر بالجهل ما احتجنا إلى الرسل.

وهذه الآية التي قلت: (مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ) لم يقولوا: ما نفقه ما تقول, قالوا: (كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ), ثم هم قد يكونوا صادقين في قولهم: (ما نفقه) وقد يكونون كاذبين، لكنهم معاندين, فالآية الآن: ليس فيها دليل على أنهم لا يفقهون كل ما يقول, بل لا يفقهون كثيراً مما يقول. والثاني: أنهم يكونون معاندين وليسوا صادقين في قولهم: (ما نفقه)، وعلى هذا فلا يجوز أن يعارض الآيات الصريحة بمثل هذه الآية المحتملة.

السائل: لقد جاءت الرسل ولا يوجد رسول آخر بعد ذلك، فنحن مكلفون فقط -أي: نسمعهم الآية- فإذا سمعوا الآية قامت الحجة عليهم..

الجواب: أرأيت لو قرأت القرآن كله من أوله إلى آخره عند رجل لا يعرف العربية أيفهم؟ لا. ولهذا قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم:4].