لقاء الباب المفتوح [86]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء السادس والثمانون من اللقاءات التي يعبر عنها باللقاء المفتوح، يتم هذا في يوم الخميس الخامس عشر من شهر شوال من هذا العام، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا اللقاء وما سبقه وما يلحقه إن شاء الله لقاء مباركاً نافعاً، وأبشركم ولله الحمد أن الله نفع به إذ يسر من يفرغ الأشرطة ويطبعها وينشرها في عباد الله، فنسأل الله أن يجزي الجميع خيراً، ويرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.

بعد شهر رمضان وبعد أن أدى المسلمون ما أدوا فيه من عبادة الله قد يلحق بعض الناس الفتور عن الأعمال الصالحة؛ لأن الشيطان يتربص بعباد الله الدوائر ويقعد لهم بكل صراط، وقد أقسم أن يأتي بني آدم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم وقال: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف:16] ولكن العاقل إذا تبصر واعتبر علم أنه لا انقطاع للعمل الصالح إلا بالموت، لقول الله تعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله) فلا ينقطع العمل إلا بالموت، ولهذا ينبغي لنا أن نغتنم فرص العمر ما دام الله تعالى قد أعطانا صحة وفراغاً، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (خذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك).

الصوم بعد رمضان

إذا انقضى شهر الصيام فلا يعني ذلك أن التعبد لله تعالى بالصيام قد انقضى، بل الصيام لا يزال مشروعاً في كل وقت، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً) وهذا يلزم أن يكون الإنسان صائماً نصف الدهر بل أكثر لأنه سيمر به رمضان يصومه شهراً كاملاً، إذاً.. فالصيام والحمد لله لا يزال عبادة مشروعة، وهناك أيام معينة يسن صيامها منها: يوم الإثنين ويوم الخميس، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل عن صيام يوم الإثنين؟ فقال: (ذاك يوم ولدت فيه، وبعثت فيه، أو أنزل علي فيه) وكان يصوم يوم الإثنين والخميس فقيل له في ذلك، فقال: (هما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله تعالى؛ فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم).

ومما يسن صومه أيضاً: أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر من أوله، أو وسطه، أو آخره، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، ولا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره، لكن الأفضل أن تكون في أيام البيض الثلاثة: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر.

وكذلك يسن صيام تسع ذي الحجة لأنه: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر)، وصيام الأيام الصالحة، ويتأكد ذلك في يوم عرفة لغير الحجاج، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: (أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية والباقية).

ومما يسن صومه أيضاً: يوم عاشوراء، ويصوم قبله يوماً أو بعده يوماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء ورغب فيه وقال: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبلها) ولما قدم إلى المدينة ووجد اليهود يصومونه فسألهم عن ذلك فقالوا: إنه يومٌ نجىّ الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه، فنحن نصومه شكراً لله، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: (نحن أولى بموسى منكم) فصامه وأمر الناس بصيامه.

والمهم أن التعبد لله تعالى بالصوم لا يزال مشروعاً والحمد لله، فلنحرص على الصيام حتى ننال أجره، فإنه جاء في الحديث الصحيح أن الله تعالى قال: (كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها، إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به).

القيام بعد رمضان

أما القيام فما زال أيضاً مشروعاً، فإنه يسن القيام كل ليلة، والأفضل أن يكون بعد منتصف الليل إلى الثلث، ثم ينام السدس لأن هذا هو قيام داود، وهو أفضل القيام: أن تنام نصف الليل الأول، ثم تقوم الثلث، ثم تنام السدس إلى أن يطلع الفجر. وذلك لأن هذا قيامٌ يشمل الراحة، راحة البدن في أول الليل، وراحة البدن في آخر الليل، مع إدراك النزول الإلهي الذي يكون في الثلث الآخر من الليل، فإن ربنا جل وعلا ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: (من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) ولهذا يجد الإنسان لذة عظيمة في الصلاة في هذا الوقت، ومناجاة الله تعالى، حتى إنه يبقى طعمها في قلبه لا يزول أبداً، إلا أن يشاء الله.

فالقيام إذاً مشروع في كل وقت، لا تقل: انقضى رمضان فلا قيام، بل إن القيام في كل وقت وفي كل ليلة إلا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن تخص ليلة الجمعة بقيام، أو يومها بصيام، فقال: (لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام ولا يومها بصيام) ولهذا يكره أن يصوم الإنسان يوم الجمعة مفرداً له إلا لسبب، مثل أن يوافق يوم الجمعة يوم عرفة، أو يوم عاشوراء، أو يكون عليه قضاء من رمضان لا يتمكن من قضائه إلا في يوم الجمعة، فيصومه من أجل القضاء لا من أجل أنه يوم الجمعة؛ فهذا لا بأس به.

الصدقة بعد رمضان

الصدقة مشروعة في كل وقت، وكل وقت تتقرب فيه إلى الله تعالى بالصدقة فإنك مأجور، غير مبتدع، ولا نشرع في دين الله ما ليس منه، بل إن إنفاقك اليومي على أهلك وعلى نفسك صدقة، كما ثبت ذلك عن رسول صلى الله عليه وسلم، إذاً فالمسلمون ولله الحمد يفعلون جميع ما يفعلون في شهر رمضان فلا ينبغي لهم أن يستحسنوا وأن يقولوا انتهى وقت العمل؛ فإن هذا من وساوس الشيطان وتثبيطه عن الخير.

نسأل الله تعالى أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.

إذا انقضى شهر الصيام فلا يعني ذلك أن التعبد لله تعالى بالصيام قد انقضى، بل الصيام لا يزال مشروعاً في كل وقت، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً) وهذا يلزم أن يكون الإنسان صائماً نصف الدهر بل أكثر لأنه سيمر به رمضان يصومه شهراً كاملاً، إذاً.. فالصيام والحمد لله لا يزال عبادة مشروعة، وهناك أيام معينة يسن صيامها منها: يوم الإثنين ويوم الخميس، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل عن صيام يوم الإثنين؟ فقال: (ذاك يوم ولدت فيه، وبعثت فيه، أو أنزل علي فيه) وكان يصوم يوم الإثنين والخميس فقيل له في ذلك، فقال: (هما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله تعالى؛ فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم).

ومما يسن صومه أيضاً: أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر من أوله، أو وسطه، أو آخره، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، ولا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره، لكن الأفضل أن تكون في أيام البيض الثلاثة: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر.

وكذلك يسن صيام تسع ذي الحجة لأنه: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر)، وصيام الأيام الصالحة، ويتأكد ذلك في يوم عرفة لغير الحجاج، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: (أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية والباقية).

ومما يسن صومه أيضاً: يوم عاشوراء، ويصوم قبله يوماً أو بعده يوماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء ورغب فيه وقال: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبلها) ولما قدم إلى المدينة ووجد اليهود يصومونه فسألهم عن ذلك فقالوا: إنه يومٌ نجىّ الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه، فنحن نصومه شكراً لله، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: (نحن أولى بموسى منكم) فصامه وأمر الناس بصيامه.

والمهم أن التعبد لله تعالى بالصوم لا يزال مشروعاً والحمد لله، فلنحرص على الصيام حتى ننال أجره، فإنه جاء في الحديث الصحيح أن الله تعالى قال: (كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها، إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به).

أما القيام فما زال أيضاً مشروعاً، فإنه يسن القيام كل ليلة، والأفضل أن يكون بعد منتصف الليل إلى الثلث، ثم ينام السدس لأن هذا هو قيام داود، وهو أفضل القيام: أن تنام نصف الليل الأول، ثم تقوم الثلث، ثم تنام السدس إلى أن يطلع الفجر. وذلك لأن هذا قيامٌ يشمل الراحة، راحة البدن في أول الليل، وراحة البدن في آخر الليل، مع إدراك النزول الإلهي الذي يكون في الثلث الآخر من الليل، فإن ربنا جل وعلا ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: (من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) ولهذا يجد الإنسان لذة عظيمة في الصلاة في هذا الوقت، ومناجاة الله تعالى، حتى إنه يبقى طعمها في قلبه لا يزول أبداً، إلا أن يشاء الله.

فالقيام إذاً مشروع في كل وقت، لا تقل: انقضى رمضان فلا قيام، بل إن القيام في كل وقت وفي كل ليلة إلا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن تخص ليلة الجمعة بقيام، أو يومها بصيام، فقال: (لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام ولا يومها بصيام) ولهذا يكره أن يصوم الإنسان يوم الجمعة مفرداً له إلا لسبب، مثل أن يوافق يوم الجمعة يوم عرفة، أو يوم عاشوراء، أو يكون عليه قضاء من رمضان لا يتمكن من قضائه إلا في يوم الجمعة، فيصومه من أجل القضاء لا من أجل أنه يوم الجمعة؛ فهذا لا بأس به.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
لقاء الباب المفتوح [63] 3395 استماع
لقاء الباب المفتوح [146] 3350 استماع
لقاء الباب المفتوح [85] 3315 استماع
لقاء الباب المفتوح [132] 3293 استماع
لقاء الباب المفتوح [8] 3275 استماع
لقاء الباب المفتوح [13] 3259 استماع
لقاء الباب المفتوح [127] 3116 استماع
لقاء الباب المفتوح [172] 3090 استماع
لقاء الباب المفتوح [150] 3037 استماع
لقاء الباب المفتوح [47] 3032 استماع