شرح سنن أبي داود [558]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (بينما رسول الله جالس ومعه أصحابه وقع رجل بأبي بكر ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الانتصار.

حدثنا عيسى بن حماد أخبرنا الليث عن سعيد المقبري عن بشير بن المحرر عن سعيد بن المسيب أنه قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ومعه أصحابه وقع رجل بـأبي بكر رضي الله عنه فآذاه، فصمت عنه أبو بكر ، ثم آذاه الثانية، فصمت عنه أبو بكر ، ثم آذاه الثالثة فانتصر منه أبو بكر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انتصر أبو بكر ، فقال أبو بكر : أوجدت علي يا رسول الله؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نزل ملك من السماء يكذبه بما قال لك، فلما انتصرت وقع الشيطان، فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب في الانتصار، أي: الانتصار للنفس، والانتقام لها، هذا هو المقصود من الانتصار في هذه الترجمة.

وأما الانتصار للحق فهذا أمر محمود؛ لأنه ليس للنفس وإنما هو لله، والترجمة إنما هي في الانتصار للنفس الذي هو الانتقام، ومن المعلوم أن الإنسان عندما يحصل له أذى أو أي شيء، فله أن يجازي بمثل ما جوزي به، ولا يزيد، ولكن صبره هو المطلوب، وهو الأولى والأفضل، وهو المرغب فيه، كما قال الله عز وجل: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [النحل:126]، فقوله: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ أي: عقوبة ليس فيها زيادة، ولكن هناك شيء أحسن من المعاقبة بالمثل والانتصار للنفس، وهو الصفح والتجاوز، ولهذا قال: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ .

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: أنه كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فسبه شخص، وتكلم عليه، فسكت ولم يرد عليه، ثم تكلم ولم يرد عليه، ثم تكلم الثالثة فأجابه أبو بكر وانتصر لنفسه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من مجلسه، فقال أبو بكر: أوجدت علي؟! يعني: أغضبت علي؟ فقال: (نزل ملك من السماء يكذبه بما قال لك، فلما انتصرت وقع الشيطان)؛ لأن الشيطان يريد أن يحصل الخصام والمنازعة، وكل واحد يتكلم على الآخر، ومن المعلوم أن السكوت فيه السلامة، وإذا حصل الرد فقد يكون بأكثر، وقد يكون بالمثل، ولكنه يترتب على ذلك أن يزيد ذلك الذي تكلم أولاً؛ لأنه يريد أن يفتح له الباب في أن يتكلم عليه، ومعلوم أن ذلك سائغ، ولكن تركه في حق من هو من أهل الكمال مثل أبي بكر الصديق رضي الله عنه أولى، فهذا الذي جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم معناه: أنه كان أولى به أن يصفح، وأن يبقى على سكوته، وعلى عدم انتصاره لنفسه، وذلك أكمل له؛ لأنه إذا اقتص حصل له أن أخذ حقه، ولكنه إذا سكت فإنه يحصل الأجر والثواب، ولهذا قال تعالى: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ .

والحاصل: أن الإنسان يجوز أن يرد بالمثل، ولكن الترك والصفح والتجاوز أولى وأفضل، لأنه يحصل به الأجر، ويكون ذلك دافعاً وحافزاً للذي تكلم أن يندم، وأن يحصل منه تغير الحال إلى ما هو أحسن، كما قال الله عز وجل: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:34-35].

تراجم رجال إسناد حديث (بينما رسول الله جالس ومعه أصحابه وقع رجل بأبي بكر ...)

قوله: [ حدثنا عيسى بن حماد ].

عيسى بن حماد هو الملقب بـزغبة، وهو مصري ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.

[ أخبرنا الليث ].

هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد المقبري ].

سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن بشير بن المحرر ].

بشير بن المحرر مقبول، أخرج له أبو داود.

[ عن سعيد بن المسيب ].

سعيد بن المسيب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

وهذا الحديث مرسل؛ لأنه يتحدث عن شيء حصل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبحضرته، وهو لم يدرك ذلك العصر، فهو مرسل.

شرح حديث (أن رجلاً كان يسب أبا بكر ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا سفيان عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رجلاً كان يسب أبا بكر ..) وساق نحوه ].

أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى متصلة، وذكر الصحابي الذي روي عنه هذا الحديث وهو أبو هريرة ، ويضيف ذلك إلى حكاية ما جرى بين يدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقال: (نحوه)، أي: نحو ذلك الكلام المتقدم، وبهذا تكون هذه الطريق المتصلة متفقة مع الطريق المرسلة، فيكون الحديث مقبولاً بذلك.

تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً كان يسب أبا بكر ...)

قوله: [ حدثنا عبد الأعلى بن حماد ]

عبد الأعلى بن حماد لا بأس به، وهي بمعنى: صدوق، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

[ حدثنا سفيان ].

سفيان هو ابن عيينة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عجلان ].

هو محمد بن عجلان المدني، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن سعيد بن أبي سعيد ].

سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ] .

هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق، فرضي الله عنه وأرضاه.

[ قال أبو داود: وكذلك رواه صفوان بن عيسى عن ابن عجلان كما قال سفيان ].

أورد أبو داود للحديث طريقاً أخرى معلقة، وهي مثل الطريق الثانية التي فيها رواية ابن عجلان.

وقوله: [ رواه صفوان بن عيسى ].

صفوان بن عيسى ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

حكم الانتصار للنفس

أبو بكر رضي الله عنه لم يحصل منه الانتصار من أول وهلة، مع أنه سائغ له وجائز، والقرآن جاء بجواز ذلك، ولكن الإنسان إذا تكلم عليه شخص وكان ساكتاً فهل يجيب الملك عنه؟ وهل يكون ذلك لكل أحد كما كان لـأبي بكر؛ أم أنه لـأبي بكر فقط؟ الله تعالى أعلم.

شرح حديث عائشة (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندنا زينب بنت جحش ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي ح وحدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا معاذ بن معاذ المعنى واحد قال: حدثنا ابن عون قال: كنت أسأل عن الانتصار: وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ [الشورى:41] فحدثني علي بن زيد بن جدعان عن أم محمد امرأة أبيه قال ابن عون: وزعموا أنها كانت تدخل على أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قالت أم المؤمنين: (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندنا زينب بنت جحش رضي الله عنها، فجعل يصنع شيئاً بيده، فقلت بيده حتى فطنته لها، فأمسك، وأقبلت زينب تقحم لـعائشة رضي الله عنهما، فنهاها، فأبت أن تنتهي، فقال لـعائشة: سبيها؛ فسبتها، فغلبتها، فانطلقت زينب إلى علي رضي الله عنه فقالت: إن عائشة رضي الله عنها وقعت بكم، وفعلت، فجاءت فاطمة رضي الله عنها فقال لها: إنها حبة أبيك ورب الكعبة! فانصرفت، فقالت لهم: إني قلت له كذا وكذا، فقال لي كذا وكذا، قال: وجاء علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه في ذلك). ]

أورد أبو داود حديثاً ضعيفاً في هذا الموضوع، وهو موضوع الانتصار للنفس، وذلك أن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت زينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم صنع بيده شيئاً، فصنعت عائشة بيده تنبهه أو تذكره، فكف، وكانت زينب رضي الله عنها تقحم، أي: تعرض لشتمها؛ لأنه كان في نفسها شيء على عائشة ، فسبتها أو تكلمت فيها، فقال: سبيها، فتكلمت عليها وسبتها، فذهبت زينب إلى فاطمة رضي الله تعالى عنها، وقالت: إن عائشة تكلمت فيكم، أي: أهل البيت.

قيل: إن المقصود من ذلك: أن زينب أمها أميمة بنت عبد المطلب، وهي هاشمية عمة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولما تكلمت فيها معناه: أنها تكلمت في امرأة تنتمي إلى بني هاشم من جهة أمها، هذا هو المقصود من قولها: (تكلمت فيكم)، فجاءت فاطمة فقال لها: (إنها حبة أبيك) ، الحب بمعنى: المحبوب، والحبة بمعنى: المحبوبة، فـزيد بن حارثة وابنه أسامة كل منهما حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعائشة حبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: أنها محبوبته، ثم إنها رجعت وجاء علي رضي الله عنه.

والمقصود من ذلك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشدها في هذا الحديث إلى أن تنتصر لنفسها، ولكن الحديث غير ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ وذلك لأن فيه رجلاً ضعيفاً وهو علي بن زيد بن جدعان، وأيضاً في الحديث امرأة أبيه، وهي لا تعرف مجهولة، فالحديث فيه علتان: هذا الضعيف، وهذه المجهولة، وعلى هذا فهو غير ثابت عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الانتصار.

حدثنا عيسى بن حماد أخبرنا الليث عن سعيد المقبري عن بشير بن المحرر عن سعيد بن المسيب أنه قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ومعه أصحابه وقع رجل بـأبي بكر رضي الله عنه فآذاه، فصمت عنه أبو بكر ، ثم آذاه الثانية، فصمت عنه أبو بكر ، ثم آذاه الثالثة فانتصر منه أبو بكر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انتصر أبو بكر ، فقال أبو بكر : أوجدت علي يا رسول الله؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نزل ملك من السماء يكذبه بما قال لك، فلما انتصرت وقع الشيطان، فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب في الانتصار، أي: الانتصار للنفس، والانتقام لها، هذا هو المقصود من الانتصار في هذه الترجمة.

وأما الانتصار للحق فهذا أمر محمود؛ لأنه ليس للنفس وإنما هو لله، والترجمة إنما هي في الانتصار للنفس الذي هو الانتقام، ومن المعلوم أن الإنسان عندما يحصل له أذى أو أي شيء، فله أن يجازي بمثل ما جوزي به، ولا يزيد، ولكن صبره هو المطلوب، وهو الأولى والأفضل، وهو المرغب فيه، كما قال الله عز وجل: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [النحل:126]، فقوله: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ أي: عقوبة ليس فيها زيادة، ولكن هناك شيء أحسن من المعاقبة بالمثل والانتصار للنفس، وهو الصفح والتجاوز، ولهذا قال: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ .

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: أنه كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فسبه شخص، وتكلم عليه، فسكت ولم يرد عليه، ثم تكلم ولم يرد عليه، ثم تكلم الثالثة فأجابه أبو بكر وانتصر لنفسه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من مجلسه، فقال أبو بكر: أوجدت علي؟! يعني: أغضبت علي؟ فقال: (نزل ملك من السماء يكذبه بما قال لك، فلما انتصرت وقع الشيطان)؛ لأن الشيطان يريد أن يحصل الخصام والمنازعة، وكل واحد يتكلم على الآخر، ومن المعلوم أن السكوت فيه السلامة، وإذا حصل الرد فقد يكون بأكثر، وقد يكون بالمثل، ولكنه يترتب على ذلك أن يزيد ذلك الذي تكلم أولاً؛ لأنه يريد أن يفتح له الباب في أن يتكلم عليه، ومعلوم أن ذلك سائغ، ولكن تركه في حق من هو من أهل الكمال مثل أبي بكر الصديق رضي الله عنه أولى، فهذا الذي جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم معناه: أنه كان أولى به أن يصفح، وأن يبقى على سكوته، وعلى عدم انتصاره لنفسه، وذلك أكمل له؛ لأنه إذا اقتص حصل له أن أخذ حقه، ولكنه إذا سكت فإنه يحصل الأجر والثواب، ولهذا قال تعالى: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ .

والحاصل: أن الإنسان يجوز أن يرد بالمثل، ولكن الترك والصفح والتجاوز أولى وأفضل، لأنه يحصل به الأجر، ويكون ذلك دافعاً وحافزاً للذي تكلم أن يندم، وأن يحصل منه تغير الحال إلى ما هو أحسن، كما قال الله عز وجل: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:34-35].

قوله: [ حدثنا عيسى بن حماد ].

عيسى بن حماد هو الملقب بـزغبة، وهو مصري ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.

[ أخبرنا الليث ].

هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد المقبري ].

سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن بشير بن المحرر ].

بشير بن المحرر مقبول، أخرج له أبو داود.

[ عن سعيد بن المسيب ].

سعيد بن المسيب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

وهذا الحديث مرسل؛ لأنه يتحدث عن شيء حصل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبحضرته، وهو لم يدرك ذلك العصر، فهو مرسل.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا سفيان عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رجلاً كان يسب أبا بكر ..) وساق نحوه ].

أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى متصلة، وذكر الصحابي الذي روي عنه هذا الحديث وهو أبو هريرة ، ويضيف ذلك إلى حكاية ما جرى بين يدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقال: (نحوه)، أي: نحو ذلك الكلام المتقدم، وبهذا تكون هذه الطريق المتصلة متفقة مع الطريق المرسلة، فيكون الحديث مقبولاً بذلك.

قوله: [ حدثنا عبد الأعلى بن حماد ]

عبد الأعلى بن حماد لا بأس به، وهي بمعنى: صدوق، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

[ حدثنا سفيان ].

سفيان هو ابن عيينة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عجلان ].

هو محمد بن عجلان المدني، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن سعيد بن أبي سعيد ].

سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ] .

هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق، فرضي الله عنه وأرضاه.

[ قال أبو داود: وكذلك رواه صفوان بن عيسى عن ابن عجلان كما قال سفيان ].

أورد أبو داود للحديث طريقاً أخرى معلقة، وهي مثل الطريق الثانية التي فيها رواية ابن عجلان.

وقوله: [ رواه صفوان بن عيسى ].

صفوان بن عيسى ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

أبو بكر رضي الله عنه لم يحصل منه الانتصار من أول وهلة، مع أنه سائغ له وجائز، والقرآن جاء بجواز ذلك، ولكن الإنسان إذا تكلم عليه شخص وكان ساكتاً فهل يجيب الملك عنه؟ وهل يكون ذلك لكل أحد كما كان لـأبي بكر؛ أم أنه لـأبي بكر فقط؟ الله تعالى أعلم.