شرح سنن أبي داود [510]


الحلقة مفرغة

شرح حديث ( الأصابع سواء عشر عشر من الإبل )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ديات الأعضاء.

حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا عبدة -يعني ابن سليمان - حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن غالب التمار عن حميد بن هلال عن مسروق بن أوس عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (الأصابع سواء عشر عشر من الإبل) ].

قوله: [ باب ديات الأعضاء ]

هذه الترجمة تتعلق بديات أعضاء الإنسان، أما الترجمة السابقة فتتعلق بدية الإنسان كاملاًً، سواء كان القتل عمداً أو شبه عمد أو خطأً، وهنا تتعلق بما يلزم لكل عضو، والذي تدل عليه الأحاديث أن ما كان مكوناً من شيئين فإن فيه دية كاملة، كالعينين وكاليدين وكالرجلين، كل هذه تكون فيها الدية كاملة، وما كان متعدداً كأصابع اليدين والرجلين وكذلك الأسنان فإن كل إصبع فيه عشر من الإبل سواء كان إصبع يد أو إصبع رجل، والأسنان كل سن فيه خمس من الإبل، سواء كان سناً أو ضرساً لا فرق بين سن وسن أو ضرس وضرس، كما أنه لا فرق بين إصبع وإصبع، كل إصبع عنه عشر من الإبل وكل سن عنه خمس من الإبل، فيكون في أصابع اليدين والرجلين ديتان، لأن كل إصبع من أصابع اليدين فيها عشر، وكل إصبع من أصابع الرجلين فيها عشر.

أورد أبو داود حديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأصابع سواء عشر عشر) يعني: كل إصبع فيه عشر، سواء كان من أصابع اليدين أو أصابع الرجلين، ولا يفرق بين إصبع له شأن وله أهمية أكثر من غيره وبين إصبع هو دون ذلك كالإبهام والخنصر، فإن الخنصر والإبهام سواء، مع أن فائدة الإبهام أعظم من فائدة الخنصر؛ لأن الإبهام يكون فيه ملاقات مع الأصابع وفيه الشد معها، بخلاف الخنصر الذي هو الإصبع الأخير فإن فائدته ليست كفائدة الإبهام، ومع ذلك جعلت سواء، وكذلك الأسنان فوائدها مختلفة، ومع ذلك جعلت سواء، كما أنه لا يفرق بين إنسان شريف وغير شريف ولا بين كبير وصغير، بل كلهم على حد سواء فيما يتعلق بالدية، فدية الرجل الكبير والصغير واحدة، ودية الرجل الشريف وغيره واحدة، فكذلك هذه الأشياء أيضاً لا يفرق فيها بين إصبع وإصبع وبين سن وسن.

تراجم رجال إسناد حديث ( الأصابع سواء عشر عشر من الإبل )

قوله: [ حدثنا إسحاق بن إسماعيل ].

هو إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، وهو ثقة، أخرج له أبو داود .

[ حدثنا عبدة -يعني ابن سليمان- ].

عبدة بن سليمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا سعيد بن أبي عروبة ].

سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن غالب التمار ].

هو غالب بن مهران التمار، وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن حميد بن هلال ].

حميد بن هلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مسروق بن أوس ].

مسروق بن أوس مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبي موسى ].

هو أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله تعالى عنه وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

حديث (الأصابع سواء .... ) من طرق أخرى، وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن غالب التمار عن مسروق بن أوس عن الأشعري عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (الأصابع سواء، قلت: عشر عشر؟ قال: نعم) ].

أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله: (الأصابع سواء) أي: أن كل واحد فيه عشر عشر.

قوله: [ حدثنا أبو الوليد ].

هو هشام بن عبد الملك، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا شعبة ].

هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن غالب التمار عن مسروق بن أوس عن الأشعري ].

وقد مر ذكرهم.

سقط حميد من هذه الطريق؛ بينما الطريق الأولى فيها حميد بين التمار وبين مسروق ، وقد أشار أبو داود إلى الاختلاف في الطرق وأن غالباً سمع من مسروق .

[ قال: أبو داود رواه محمد بن جعفر عن شعبة عن غالب قال: سمعت مسروق بن أوس ].

وهذه إشارة إلى طريق أخرى وفيها حذف الواسطة والتصريح بالسماع بين غالب وبين مسروق ، الذي جعل بينه وبينه في الطريق الأولى حميد بن هلال .

و محمد بن جعفر هو الملقب بـغندر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو كثير الرواية عن شعبة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ورواه إسماعيل قال: حدثني غالب التمار بإسناد أبي الوليد ].

إسماعيل بن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

قوله: [ ورواه حنظلة بن أبي صفية عن غالب بإسناد إسماعيل ].

حنظلة بن أبي صفية كأنه ليس له رواية عند أصحاب الكتب متصلة، ولهذا لم يترجم له في التقريب.

شرح حديث ( هذه وهذه سواء، يعني: الإبهام والخنصر )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى ح وحدثنا ابن معاذ حدثنا أبي ح وحدثنا نصر بن علي أخبرنا يزيد بن زريع كلهم عن شعبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (هذه وهذه سواء، يعني: الإبهام والخنصر) ].

أورد أبو داود حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (هذه وهذه سواء، يعني الإبهام والخنصر)، وإن كان بينهما تفاوت إلا أنه جعلهما على حد سواء، كما سوي بين الصغير والكبير، وبين الشريف والوضيع في الدية، فجعلت الأصابع التي بعضها أهم من بعض وأكثر فائدة من بعض سواء.

تراجم رجال إسناد حديث ( هذه وهذه سواء، يعني: الإبهام والخنصر )

قوله: [ حدثنا مسدد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا يحيى ].

هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ح وحدثنا ابن معاذ ].

هو عبيد الله بن معاذ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا أبي ].

هو معاذ بن معاذ العنبري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ح وحدثنا نصر بن علي ].

هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا يزيد بن زريع ].

يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ كلهم عن شعبة ].

يعني: الثلاثة الذين هم يحيى القطان ومعاذ بن معاذ ويزيد بن زريع رووا عن شعبة.

وشعبة مر ذكره.

[ عن قتادة ].

هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عكرمة ].

هو عكرمة مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عباس ].

هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث ( الأصابع سواء، والأسنان سواء: الثنية والضرس سواء هذه وهذه سواء )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عباس العنبري حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني شعبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (الأصابع سواء، والأسنان سواء، الثنية والضرس سواء، هذه وهذه سواء) ].

أورد أبو داود حديث ابن عباس من طريق أخرى قال: [ (الأصابع سواء والأسنان سواء) ] أي: لا فرق بين إصبع وإصبع، ولا فرق بين سن وسن.

قوله: [ (والثنية والضرس سواء) ] أي: الشيء البارز والخفي من الأسنان لا فرق بينها.

قوله: [ (وهذه وهذه سواء) ] يعني: إشارة إلى الخنصر والإبهام الذي مر في الطريق الأولى السابقة.

تراجم رجال إسناد حديث ( الأصابع سواء والأسنان سواء الثنية والضرس سواء هذه وهذه سواء )

قوله: [ حدثنا عباس العنبري ].

هو عباس بن عبد العظيم العنبري، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ].

عبد الصمد بن عبد الوارث، وهو صدوق ثبت في شعبة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني شعبة ].

شعبة مر ذكره.

[ عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس ].

قد مر ذكرهم.

حديث ( الأصابع سواء والأسنان سواء ...) من طرق أخرى، وتراجم رجال إسناده

[ قال أبو داود : ورواه النضر بن شميل عن شعبة بمعنى عبد الصمد ]

يعني: رواه النضر بن شميل عن شعبة بمعنى حديث عبد الصمد السابق.

قوله: [ النضر بن شميل ].

النضر بن شميل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال أبو داود : حدثناه الدارمي عن النضر بن شميل ] والدارمي يحتمل شخصين أحدهما: أحمد بن سعيد الدارمي والثاني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي الذي هو صاحب المسند، ويقال له: سنن الدارمي ، وهو من الكتب التي تعددت فيها الثلاثيات؛ لأن فيه عدداً من الثلاثيات، ولهذا بعض أهل العلم يجعله الكتاب السادس بدل سنن ابن ماجة وبعضهم يجعل الموطأ.

فإذاً: الكتب الخمسة متفق عليها، وأما السادس ففيه ثلاثة أقوال: منهم من يجعله ابن ماجة، ومنهم من يجعله سنن الدارمي ، ومنهم من يجعله موطأ مالك ، ولكن الذي اشتهر مع هذه الكتب وألفت فيه المؤلفات، سواء كان ذلك في الأطراف أو في الرجال سنن ابن ماجة ، وذلك لكثرة زوائده عن الكتب الستة، والتي أخرجها البوصيري في كتاب سماه (مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة ) وزوائده على الخمسة تبلغ ألفاً وثلاثمائة حديث، وهذه الزوائد فيها الصحيح وفيها الضعيف.

وكلا هذين الرجلين يروي عن النضر ، لأن في ترجمة النضر في تهذيب الكمال يروي عنه أحمد بن سعيد ويروي عنه عبد الله بن عبد الرحمن وكل منهما ثقة، وهما من الطبقة الحادية عشرة.

وأحمد بن سعيد الدارمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

حديث (الأسنان سواء والأصابع سواء) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع حدثنا على بن الحسن أخبرنا أبو حمزة عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الأسنان سواء والأصابع سواء) ].

أورد أبو داود حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأسنان سواء والأصابع سواء) وهو مثل ما تقدم، لا فرق بين سن وسن ولا بين إصبع وإصبع، لا في يد ولا في رجل.

قوله: [ حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع ]

محمد بن حاتم بن بزيع ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا علي بن الحسن ].

هو علي بن الحسن بن شقيق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا أبو حمزة ].

هو أبو حمزة السكري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، واسمه محمد بن ميمون ، ويقال له: السكري نسبة إلى حلاوة منطقه، وليس كما يتبادر إلى الذهن أنه يبيع السكر أو أنه يصنع السكر؛ ولكن لكون منطقه حلواً وكان فصيح اللسان.

مثل خالد الحذاء الذي سبق أن مر بنا فهو ما كان حذاءً يبيع الأحذية ولا يصنع الأحذية، ولكنه كان يجالس الحذائين فنسب إليهم، ومثل يزيد بن صهيب الفقير فإنه قد يفهم منه أنه كان فقيراً وليس كذلك وإنما كان يشكو فقر ظهره فقيل له: الفقير، فهذه كلها من النسبة إلى غير ما يتبادر إلى الذهن.

[ عن يزيد النحوي ].

هو يزيد بن أبي سعيد النحوي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.

[ عن عكرمة عن ابن عباس ].

عكرمة وابن عباس قد مر ذكرهما.

شرح حديث (جعل رسول الله أصابع اليدين والرجلين سواء)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان حدثنا أبو تميلة عن يسار المعلم عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: (جعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصابع اليدين والرجلين سواء) ].

وهذا حديث ابن عباس من طريق أخرى وفيه التفصيل والتنصيص على أصابع الرجلين واليدين وأنها كلها سواء، يعني: كل إصبع فيه عشر، ومجموع الأصابع في الرجلين واليدين فيها ديتان: مائة من الإبل في أصابع اليدين، ومائة من الإبل في أصابع الرجلين.

تراجم رجال إسناد حديث (جعل رسول الله أصابع اليدين والرجلين سواء)

قوله: [ حدثنا عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان ].

عبد الله بن عمر محمد بن أبان صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا أبو تميلة ].

أبو تميلة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، واسمه يحيى بن واضح .

[ عن يسار المعلم ].

يسار المعلم أخرج له أبو داود .

[ عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس ].

قد مر ذكر الثلاثة.

شرح حديث ( أن النبي قال في خطبته وهو مسند ظهره إلى الكعبة: في الأصابع عشر عشر )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام حدثنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في خطبته وهو مسند ظهره إلى الكعبة: في الأصابع عشر عشر) ].

أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما (أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في خطبته وهو مسند ظهره إلى الكعبة: في الأصابع عشر عشر).

يعني: في كل إصبع عشر عشر، وهذا يشمل اليدين والرجلين.

قوله: [ (قال في خطبته وهو مسند ظهره إلى الكعبة) ].

هذا يدلنا على أن إسناد الظهر إلى الكعبة ليس فيه عدم احترام لها، ومعلوم أن الخطيب يستقبل الناس ويستدبر الكعبة، وكذلك إذا صلى الإمام وهو بجوار الكعبة فسلَّم فإنه ينصرف إلى الناس ويقابلهم بوجهه وتكون الكعبة وراءه.

تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي قال في خطبته وهو مسند ظهره إلى الكعبة: في الأصابع عشر عشر)

قوله: [ حدثنا هدبة بن خالد ].

هدبة بن خالد ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود .

البخاري وأبو داود جاء ذكره عندهم بلفظ هدبة ، وأما مسلم فأحياناً يذكره بلفظ هدبة وأحياناً بلفظ هداب ، وهدبة اسم وهداب لقب، واللقب مأخوذ من الاسم، مثل عبد الله وعباد وعبد الله وعبدان وعبد الرحمن ودحيم وهكذا.

[ حدثنا همام ].

هو همام بن يحيى العوذي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حسين المعلم ].

حسين المعلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ إسحاق بن إسماعيل حدثنا عبدة -يعني ابن سليمان - حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن غالب التمار عن حميد بن هلال عن مسروق بن أوس عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (الأصابع سواء عشر عشر من الإبل) ].

قوله: [ باب ديات الأعضاء ]

هذه الترجمة تتعلق بديات أعضاء الإنسان، أما الترجمة السابقة فتتعلق بدية الإنسان كاملاًً، سواء كان القتل عمداً أو شبه عمد أو خطأً، وهنا تتعلق بما يلزم لكل عضو، والذي تدل عليه الأحاديث أن ما كان مكوناً من شيئين فإن فيه دية كاملة، كالعينين وكاليدين وكالرجلين، كل هذه تكون فيها الدية كاملة، وما كان متعدداً كأصابع اليدين والرجلين وكذلك الأسنان فإن كل إصبع فيه عشر من الإبل سواء كان إصبع يد أو إصبع رجل، والأسنان كل سن فيه خمس من الإبل، سواء كان سناً أو ضرساً لا فرق بين سن وسن أو ضرس وضرس، كما أنه لا فرق بين إصبع وإصبع، كل إصبع عنه عشر من الإبل وكل سن عنه خمس من الإبل، فيكون في أصابع اليدين والرجلين ديتان، لأن كل إصبع من أصابع اليدين فيها عشر، وكل إصبع من أصابع الرجلين فيها عشر.

أورد أبو داود حديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأصابع سواء عشر عشر) يعني: كل إصبع فيه عشر، سواء كان من أصابع اليدين أو أصابع الرجلين، ولا يفرق بين إصبع له شأن وله أهمية أكثر من غيره وبين إصبع هو دون ذلك كالإبهام والخنصر، فإن الخنصر والإبهام سواء، مع أن فائدة الإبهام أعظم من فائدة الخنصر؛ لأن الإبهام يكون فيه ملاقات مع الأصابع وفيه الشد معها، بخلاف الخنصر الذي هو الإصبع الأخير فإن فائدته ليست كفائدة الإبهام، ومع ذلك جعلت سواء، وكذلك الأسنان فوائدها مختلفة، ومع ذلك جعلت سواء، كما أنه لا يفرق بين إنسان شريف وغير شريف ولا بين كبير وصغير، بل كلهم على حد سواء فيما يتعلق بالدية، فدية الرجل الكبير والصغير واحدة، ودية الرجل الشريف وغيره واحدة، فكذلك هذه الأشياء أيضاً لا يفرق فيها بين إصبع وإصبع وبين سن وسن.