خطب ومحاضرات
شرح سنن أبي داود [504]
الحلقة مفرغة
شرح حديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقت في الحمر حداً
حدثنا الحسن بن علي ومحمد بن المثنى وهذا حديثه قالا: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن محمد بن علي بن ركانة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقت في الخمر حداً). وقال ابن عباس : (شرب رجل فسكر فلقي يميل في الفج، فانطلق به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما حاذى بدار
قال أبو داود : هذا مما تفرد به أهل المدينة حديث الحسن بن علي هذا ].
ذكر الإمام أبو داود رحمه الله تعالى هذه الترجمة وهي: [ باب في الحد في الخمر ]، جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم التحديد في حد الخمر بأربعين، وجاء عن عمر رضي الله عنه بمشورة الصحابة أنه جعله ثمانين، وهو ما يعادل أخف وأسهل الحدود غير الخمر، وهو القذف الذي يكون الجلد فيه ثمانين، وقد جاء في بعض الأحاديث عدم التحديد، وإنما ذكر فيها جلد وضرب، وأن كلاً يضرب من جهته، وجاء في بعضها التحديد بأربعين وقد ذكر بعضها المصنف هنا، فقد جاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم جلد أربعين، وأبا بكر جلد أربعين، وعمر جلد أربعين ثم جعلها ثمانين، وعلى هذا فحد الخمر أربعون كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعض أهل العلم قال: حده ثمانون جلدة، وبعضهم قال: ما زاد على الأربعين إنما هو تعزير، ويرجع فيه إلى الإمام، ولا شك أن الذي ثبتت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام هو أربعون، فمن أخذ بذلك فقد أخذ بالسنة، ومن أخذ بالثمانين فقد أخذ بما جاء عن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو من الخلفاء الراشدين الهادين المهديين.
وقد أورد أبو داود حديث ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقت للخمر حداً) أي: أنه لم يوقت ولم يجعل لها حداً، وذكر أيضاً: أن رجلاً سكر وأنه رؤي يميل في الفج -أي: في الطريق- فعرف أنه سكران فهرب ودخل في بيت العباس والتزمه، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما فعل فقال: (أفعلها؟) فجعل يتبسم ويضحك ويقول: (أفعلها؟) ولم يأمر فيه بشيء، لكن الحديث في إسناده ابن جريج ، وقد روى بالعنعنة، ولو ثبت فإنه يكون محمولاً على أنه لم يحصل فيه ثبوت شيء لا بالاعتراف ولا بالشهادة، وإنما رؤي يتمايل فظن أنه شرب خمراً، وأنه لما دخل على العباس والتزمه معناه أنه: ملتجئ إليه وطالب تخليصه، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيه بشيء، ولكنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جلد في الخمر أربعين، كما جاء في حديث علي رضي الله عنه وأرضاه الذي ذكره أبو داود، وهو عند مسلم وغيره كما سيأتي.
تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقت في الخمر حداً)
هو الحسن بن علي الحلواني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ ومحمد بن المثنى ].
هو الزمن أبو موسى العنزي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وهذا حديثه قالا: حدثنا أبو عاصم ].
هو الضحاك بن مخلد النبيل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن علي بن ركانة ].
محمد بن علي بن ركانة صدوق، أخرج له أبو داود .
[ عن عكرمة ].
هو عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى ا لله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (أن رسول الله أتي برجل قد شرب فقال: اضربوه...)
أورد أبو داود حديث أبي هريرة : أن النبي عليه الصلاة والسلام أتي برجل قد شرب الخمر، فأمر بضربه فضربوه، فكان منهم الضارب بنعله، والضارب بسوطه، والضارب بثوبه، وبعد ذلك قال رجل من القوم: أخزاك الله، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان)، وهذا ليس فيه ذكر التحديد بأربعين، ولكنه جاء في بعض الأحاديث الأخرى التحديد بالأربعين.
تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله أتي برجل قد شرب فقال: اضربوه..)
قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو ضمرة ].
هو أنس بن عياض ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن الهاد ].
يزيد بن الهاد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن إبراهيم ].
هو محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
شرح حديث (أن رسول الله أتي برجل قد شرب فقال اضربوه...) من طريق أخرى
أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله أو نحوه، وقال فيه: (بكتوه) أي: أنبوه بدون سب وشتم، فجعلوا يقولون له: ما اتقيت الله، ما استحييت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك قال: (قولوا: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه).
قوله: [ (وبعضهم يزيد الكلمة ونحوها) ].
أي: في الدعاء له، وهذا فيه ورود اللوم ولكن بدون سب؛ لأن قولهم له: ما اتقيت الله، أي: مما حصل منك، فهذا تأنيب وتبكيت، ولكن ليس فيه سب ولا دعاء عليه، بل في آخر ذلك أمر بالدعاء له.
تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله أتي برجل قد شرب فقال اضربوه...) من طريق أخرى
محمد بن داود بن أبي ناجية الإسكندراني ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني يحيى بن أيوب ].
يحيى بن أيوب صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وحيوة بن شريح ].
هو حيوة بن شريح المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وابن لهيعة ].
ابن لهيعة صدوق اختلط، وحديثه أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
وهو هنا مقرون باثنين من الثقات، وأيضاً الراوي عنه عبد الله بن وهب ، وحتى لو لم يكن معه قرين أو قرناء فإن رواية عبد الله بن وهب مما سمع منه قبل الاختلاط، والعبادلة الأربعة: عبد الله بن وهب وعبد الله بن يزيد المكي وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن مسلمة القعنبي .
شرح حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين...)
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي فيه: أنهم جلدوا بالجريد والنعال في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر أربعين، وأن عمر رضي الله عنه لما حصل الريف وحصلت الخيرات، وكثرت الثمرات، استسهل بعض الناس صنع الخمر واستعمالها، فاستشار الصحابة رضي الله عنهم في الإتيان بعقوبة تردع عن هذا العمل، فرأوا أن الذي يحصل به المقصود ثمانون وهي المماثلة لحد القذف الذي هو أقل الحدود؛ لأن الزنا فيه مائة جلدة، والسرقة فيها قطع اليد، وأخفها حد القذف الذي هو ثمانون، فعند ذلك رأى عمر رضي الله عنه ومن معه من الصحابة ذلك، وكان فيهم علي وعبد الرحمن بن عوف ، فصار يجلد ثمانين رضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين.
تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين...)
هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا هشام ].
هو هشام الدستوائي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا مسدد ].
هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
هشام مر ذكره، وقتادة هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
مرسل قتادة أن النبي جلد بالجريد والنعال أربعين
أورد أبو داود الحديث ولكنه مرسل؛ لأنه من رواية قتادة ولم يذكر فيه أنساً ، وفيه أنه جلد بالجريد والنعال أربعين.
قوله: [ رواه ابن أبي عروبة ].
هو سعيد بن أبي عروبة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
قتادة مر ذكره.
شرح حديث (ضرب بجريدتين نحو الأربعين)
ذكر طريقاً أخرى وهي عن شعبة بن الحجاج الوسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. عن قتادة عن أنس (أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب بجريدتين نحو الأربعين) وليس فيه ذكر التحديد بالأربعين، وفيه ذكر الجريدتين، ومعنى ذلك أنه ضرب بكل واحدة قريباً من نصف هذا العدد، وفي الثانية مثلها، فصار مجموع ذلك قريباً من الأربعين، بمعنى: ضرب عشرين بجريدة، وعشرين بجريدة أو قريباً من ذلك، فيكون نحواً من أربعين.
شرح حديث علي (جلد النبي أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنة...)
أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قصة جلد الوليد بن عقبة وقد شهد عليه حمران مولى عثمان أنه رآه شرب الخمر، وشهد رجل آخر أنه رآه يتقيؤها، ومعلوم أنه لم يتقيأها إلا لكونه شربها؛ لأن من تقيأ شيئاً فهو قد شربه، فـعثمان رضي الله عنه أقام عليه الحد، وأسند إلى علي القيام بهذه المهمة، أي: أنه هو المنفذ، ويعين من يرى ليباشر الجلد، فأمر الحسن بأن يجلد فقال: ول حارها من تولى قارها، أي: أن من تولى الشيء السهل هو الذي يتولى الشيء الصعب، والمقصود من ذلك: من تولى قار الخلافة هو الذي يتولى حارها، فالذي يحصل السهولة واليسر والمال هو الذي يكلف بمثل هذه الأعمال، فصرف علي رضي الله عنه النظر عنه وأمر عبد الله بن جعفر أن يجلده، فباشر جلده، فجعل يجلده وعلي يعد حتى وصل إلى أربعين فقال له: أمسك، ثم قال: جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إلي، أي: هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه سنة عمر رضي الله عنه، قال: وكل سنة، أي: وكل ذلك حق، ولكن هذا أحب إلي؛ لأنه هو الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمر رضي الله عنه اجتهد في شيء رأى فيه المصلحة بردع الناس؛ لكونهم تتابعوا على شرب الخمر وكثر فيهم الشرب، فأراد أن تكون هناك عقوبة تردعهم وتمنعهم من الوقوع في ذلك الذي أقدموا عليه.
تراجم رجال إسناد حديث علي (جلد النبي أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنة...)
مسدد مر ذكره، وموسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قالا: حدثنا عبد العزيز بن المختار ].
عبد العزيز بن المختار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الله الداناج ].
عبد الله الداناج ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثني حضين بن المنذر ].
هو حضين بن المنذر أبو ساسان ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن علي ].
هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة رضي الله عنه أرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (جلد رسول الله في الخمر وأبو بكر أربعين، وكملها عمر ثمانين...) وتراجم رجال الإسناد
أي: أوصلها إلى ثمانين، كأدنى الحدود الذي هو حد القذف، وقال: (وكل سنة) فمن أخذ بهذا فقد أخذ بسنة، ومن أخذ بهذا فقد أخذ بسنة.
قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن أبي عروبة عن الداناج عن حضين بن المنذر عن علي ].
قد مر ذكرهم جميعاً.
تفسير الأصمعي لقول الحسن (ول حارها من تولى قارها)
ذكر هذا الأثر عن الأصمعي في تفسيره: (ول حارها من تولى قارها) أي: ول شديدها من تولى هينها.
والقار قيل: هو البارد وهو مقابل الحار، والقر: هو البرد، والمقصود أنه يتولى الشديد من تولى اللين.
ويقال في أيام النحر: يوم العيد يوم النحر، ويوم الحادي عشر: يوم القر، الذي هو الاستقرار، وهذا ليس من المعنى الذي نحن فيه.
[ قوله: وقال الأصمعي ].
هو: عبد الملك بن قريب ، وهو صدوق سني، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن.
وقوله: (سني) سبق أن مر بنا ذكر الأصمعي ، وعرفنا أن الحافظ ابن حجر في
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الحد في الخمر.
حدثنا الحسن بن علي ومحمد بن المثنى وهذا حديثه قالا: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن محمد بن علي بن ركانة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقت في الخمر حداً). وقال ابن عباس : (شرب رجل فسكر فلقي يميل في الفج، فانطلق به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما حاذى بدار
قال أبو داود : هذا مما تفرد به أهل المدينة حديث الحسن بن علي هذا ].
ذكر الإمام أبو داود رحمه الله تعالى هذه الترجمة وهي: [ باب في الحد في الخمر ]، جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم التحديد في حد الخمر بأربعين، وجاء عن عمر رضي الله عنه بمشورة الصحابة أنه جعله ثمانين، وهو ما يعادل أخف وأسهل الحدود غير الخمر، وهو القذف الذي يكون الجلد فيه ثمانين، وقد جاء في بعض الأحاديث عدم التحديد، وإنما ذكر فيها جلد وضرب، وأن كلاً يضرب من جهته، وجاء في بعضها التحديد بأربعين وقد ذكر بعضها المصنف هنا، فقد جاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم جلد أربعين، وأبا بكر جلد أربعين، وعمر جلد أربعين ثم جعلها ثمانين، وعلى هذا فحد الخمر أربعون كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعض أهل العلم قال: حده ثمانون جلدة، وبعضهم قال: ما زاد على الأربعين إنما هو تعزير، ويرجع فيه إلى الإمام، ولا شك أن الذي ثبتت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام هو أربعون، فمن أخذ بذلك فقد أخذ بالسنة، ومن أخذ بالثمانين فقد أخذ بما جاء عن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو من الخلفاء الراشدين الهادين المهديين.
وقد أورد أبو داود حديث ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقت للخمر حداً) أي: أنه لم يوقت ولم يجعل لها حداً، وذكر أيضاً: أن رجلاً سكر وأنه رؤي يميل في الفج -أي: في الطريق- فعرف أنه سكران فهرب ودخل في بيت العباس والتزمه، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما فعل فقال: (أفعلها؟) فجعل يتبسم ويضحك ويقول: (أفعلها؟) ولم يأمر فيه بشيء، لكن الحديث في إسناده ابن جريج ، وقد روى بالعنعنة، ولو ثبت فإنه يكون محمولاً على أنه لم يحصل فيه ثبوت شيء لا بالاعتراف ولا بالشهادة، وإنما رؤي يتمايل فظن أنه شرب خمراً، وأنه لما دخل على العباس والتزمه معناه أنه: ملتجئ إليه وطالب تخليصه، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيه بشيء، ولكنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جلد في الخمر أربعين، كما جاء في حديث علي رضي الله عنه وأرضاه الذي ذكره أبو داود، وهو عند مسلم وغيره كما سيأتي.
قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].
هو الحسن بن علي الحلواني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ ومحمد بن المثنى ].
هو الزمن أبو موسى العنزي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وهذا حديثه قالا: حدثنا أبو عاصم ].
هو الضحاك بن مخلد النبيل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن علي بن ركانة ].
محمد بن علي بن ركانة صدوق، أخرج له أبو داود .
[ عن عكرمة ].
هو عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى ا لله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو ضمرة عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب فقال: اضربوه، قال
أورد أبو داود حديث أبي هريرة : أن النبي عليه الصلاة والسلام أتي برجل قد شرب الخمر، فأمر بضربه فضربوه، فكان منهم الضارب بنعله، والضارب بسوطه، والضارب بثوبه، وبعد ذلك قال رجل من القوم: أخزاك الله، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان)، وهذا ليس فيه ذكر التحديد بأربعين، ولكنه جاء في بعض الأحاديث الأخرى التحديد بالأربعين.
قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ].
قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو ضمرة ].
هو أنس بن عياض ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن الهاد ].
يزيد بن الهاد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن إبراهيم ].
هو محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن داود بن أبي ناجية الإسكندراني حدثنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب وحيوة بن شريح وابن لهيعة عن ابن الهاد بإسناده ومعناه، قال فيه بعد الضرب: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (بكتوه، فأقبلوا عليه يقولون: ما اتقيت الله! ما خشيت الله! وما استحييت من رسول الله صلى الله عليه وسلم! ثم أرسلوه، وقال في آخره: ولكن قولوا: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، وبعضهم يزيد الكلمة ونحوها) ].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله أو نحوه، وقال فيه: (بكتوه) أي: أنبوه بدون سب وشتم، فجعلوا يقولون له: ما اتقيت الله، ما استحييت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك قال: (قولوا: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه).
قوله: [ (وبعضهم يزيد الكلمة ونحوها) ].
أي: في الدعاء له، وهذا فيه ورود اللوم ولكن بدون سب؛ لأن قولهم له: ما اتقيت الله، أي: مما حصل منك، فهذا تأنيب وتبكيت، ولكن ليس فيه سب ولا دعاء عليه، بل في آخر ذلك أمر بالدعاء له.
استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح سنن أبي داود [139] | 2890 استماع |
شرح سنن أبي داود [462] | 2842 استماع |
شرح سنن أبي داود [106] | 2835 استماع |
شرح سنن أبي داود [032] | 2731 استماع |
شرح سنن أبي داود [482] | 2702 استماع |
شرح سنن أبي داود [529] | 2693 استماع |
شرح سنن أبي داود [555] | 2686 استماع |
شرح سنن أبي داود [177] | 2679 استماع |
شرح سنن أبي داود [097] | 2654 استماع |
شرح سنن أبي داود [273] | 2650 استماع |