شرح سنن أبي داود [469]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (من عرض عليه طيب فلا يرده...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في رد الطيب.

حدثنا الحسن بن علي وهارون بن عبد الله المعنى أن أبا عبد الرحمن المقرئ حدثهم عن سعيد بن أبي أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عرض عليه طيب فلا يرده فإنه طيب الريح خفيف المحمل) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب في رد الطيب. يعني: أنه لا ينبغي رده، ولكن هذا كما هو معلوم فيه تفصيل: فإذا كان هذا الطيب هدية لشخص موظف أو لشخص مسئول فإنه يجب عليه أن يرده؛ لأن هدايا العمال غلول، وأما إذا لم يكن شيئاً من هذا القبيل، وإنما هو شيء لا مجال فيه لأمر محذور فلا ينبغي للإنسان أن يرده؛ لأن الطيب في ذاته خفيف المحمل وريحه طيبة تنشرح لها النفوس وترتاح.

وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من عرض عليه طيب فلا يرده فإنه طيب الريح خفيف المحمل) يعني: وهذا فيه بيان وجه عدم رده، وذلك أنه ليس هناك كلفة على من يعطاه من حيث الحمل، وأيضاً هو شيء ريحه طيبة، وذلك مما ترتاح له النفوس ومما يدخل السرور.

تراجم رجال إسناد حديث (من عرض عليه طيب فلا يرده...)

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].

الحسن بن علي الحلواني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ وهارون بن عبد الله ].

هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ المعنى ].

يعني أن الطريقين متفقتان في المعنى وإن كان بينهما اختلاف في اللفظ.

[ أن أبا عبد الرحمن المقرئ ].

أبو عبد الرحمن المقرئ هو عبد الله بن يزيد المقرئ المكي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد بن أبي أيوب ].

سعيد بن أبي أيوب المصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبيد الله بن أبي جعفر ].

عبيد الله بن أبي جعفر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الأعرج ].

عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق فرضي الله عنه وأرضاه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في رد الطيب.

حدثنا الحسن بن علي وهارون بن عبد الله المعنى أن أبا عبد الرحمن المقرئ حدثهم عن سعيد بن أبي أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عرض عليه طيب فلا يرده فإنه طيب الريح خفيف المحمل) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب في رد الطيب. يعني: أنه لا ينبغي رده، ولكن هذا كما هو معلوم فيه تفصيل: فإذا كان هذا الطيب هدية لشخص موظف أو لشخص مسئول فإنه يجب عليه أن يرده؛ لأن هدايا العمال غلول، وأما إذا لم يكن شيئاً من هذا القبيل، وإنما هو شيء لا مجال فيه لأمر محذور فلا ينبغي للإنسان أن يرده؛ لأن الطيب في ذاته خفيف المحمل وريحه طيبة تنشرح لها النفوس وترتاح.

وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من عرض عليه طيب فلا يرده فإنه طيب الريح خفيف المحمل) يعني: وهذا فيه بيان وجه عدم رده، وذلك أنه ليس هناك كلفة على من يعطاه من حيث الحمل، وأيضاً هو شيء ريحه طيبة، وذلك مما ترتاح له النفوس ومما يدخل السرور.

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].

الحسن بن علي الحلواني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ وهارون بن عبد الله ].

هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ المعنى ].

يعني أن الطريقين متفقتان في المعنى وإن كان بينهما اختلاف في اللفظ.

[ أن أبا عبد الرحمن المقرئ ].

أبو عبد الرحمن المقرئ هو عبد الله بن يزيد المقرئ المكي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد بن أبي أيوب ].

سعيد بن أبي أيوب المصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبيد الله بن أبي جعفر ].

عبيد الله بن أبي جعفر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الأعرج ].

عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق فرضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث (إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا ريحها...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في المرأة تتطيب للخروج.

حدثنا مسدد حدثنا يحيى أخبرنا ثابت بن عمارة حدثني غنيم بن قيس عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا. قال قولاً شديداً) ].

أورد أبو داود باب ما جاء في المرأة تتطيب للخروج. أي: إذا اتخذت العطر والطيب لخروجها، وذلك لما يحصل بسبب ذلك من الفتنة للرجال بها وما يترتب على ذلك من المفاسد، فتطيبها في بيتها وتطيبها لزوجها أمر مطلوب، ولكن كونها تتطيب للخروج ثم تخرج وريح طيبها تفوح، فينظر الرجال إليها وتدعو الرجال إلى نفسها بتلك الرائحة فهذا لا يجوز ولا يسوغ، وهذا هو الذي منع وحرم وجاءت الأحاديث في الزجر عنه، ومن ذلك حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا).

أي أنها تطيبت ومرت بالناس من أجل أن يجدوا ريحها، وهذا معناه أنها متعمدة لذلك، وأنها تريد ذلك، فهي كذا وكذا.

وقوله: (وقال قولاً شديداً) هذا كناية عن الشيء الذي ذكر، وبيان هذا الذي أبهم وكني عنه بقوله: (كذا وكذا)، وجاء في بعض الروايات: (فإنها زانية)، وذلك أن هذا من دواعي الزنا وأسبابه وهذا بريد الزنا، والمقصود من قوله: (قال قولاً شديداً) أنه قال: (إنها زانية) كما جاء في بعض الروايات، وهذا يدل على خطورة هذا العمل، وفيه دليل على سد الذرائع؛ لأن هذا من سد الذرائع، فكون المرأة تتعطر هذا ذريعة إلى الفتنة بها، وإلى رغبة الرجال السفهاء بها بحيث يطمعون بها ويحاولون الوصول إليها؛ لأن مثل هذا العمل يمكن أن يستدل به على أنها فعلت ذلك لأنها ترغب أن تراود أو أن يتصل بها.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا ريحها...)

قوله: [ حدثنا مسدد ].

مسدد بن مسرهد البصري ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا يحيى ].

يحيى بن سعيد القطان البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا ثابت بن عمارة ].

ثابت بن عمارة صدوق فيه لين أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثني غنيم بن قيس ].

غنيم بن قيس أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي موسى ].

أبو موسى هو عبد الله بن قيس الأشعري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهور بكنيته وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (لا تقبل صلاة لامرأة تطيبت لهذا المسجد...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن عبيد مولى أبي رهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لقيته امرأة وجد منها ريح الطيب ينفح ولذيلها إعصار، فقال: يا أمة الجبار! جئت من المسجد؟ قالت: نعم. قال: وله تطيبت؟ قالت: نعم. قال: إني سمعت حبي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تقبل صلاة لامرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة).

قال أبو داود : الإعصار: غبار ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه لقيته امرأة وجد منها ريح الطيب ينفح. ولذيلها إعصار. يعني: يخرج من ذيلها غبار.

فقال: يا أمة الجبار! جئت من المسجد؟ قالت: نعم. قال: وله تطيبت؟ أي تطيبت لمجيئك للمسجد؟ فقالت: نعم. فقال: إني سمعت حبي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تقبل صلاة لامرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة).

وقوله: (حبي رسول الله) يعني: محبوبي؛ لأن الحب بمعنى المحبوب، ولهذا يقال لـأسامة بن زيد : حبه وابن جبه، يعني: محبوبه وابن محبوبه.

وقوله: (لا تقبل صلاة امرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع وتغتسل غسلها من الجنابة) يعني: أنها تزيل أثر ذلك الطيب الذي اتخذته لخروجها للمسجد حتى لا يبقى ذلك الأثر الذي اتخذ لأمر وهو لا يجوز ولا يسوغ.

وقوله: (قال أبو داود : الإعصار غبار). الإعصار: هو غبار يتصاعد من ذيلها وكأنها كانت مسرعة فكان يظهر ذلك الغبار من ذيلها الذي تجره وراءها، ومعروف أن النساء يرخين من ذيولهن حتى يغطين أرجلهن، فهذا الإعصار المقصود به أنه غبار يتصاعد من ذيلها وكأنها كانت مسرعة، فمن أجل ذلك حصل هذا الغبار الذي كان يتصاعد من ذيلها.

والحديث يدل على ما دل عليه الحديث السابق من عدم جواز تعطر المرأة للخروج وسواء كان للمسجد أو لغير المسجد، وذلك لما فيه من الفتنة للرجال في الطريق، وكون ذلك وسيلة إلى إقدام بعض السفهاء على التعرض لها، وتكون متسببة لذلك.

والحديث في إسناده ضعف؛ لأن فيه من هو متكلم فيه، ولو صح فإنه يحمل على أن ذلك عقوبة لها، بمعنى: أنها لا تثاب على تلك الصلاة التي صلتها وأنها تحرم أجرها وثوابها، وهي إنما جاءت من أجل أن تحصل الثواب فحصلت الإثم وفات عليها تحصيل الأجر على تلك الصلاة التي صلتها.

وقد ذكرنا فيما مضى أنه لا يلزم من كون الصلاة لا تقبل أن الذي وصف بأن صلاته لا تقبل يعيدها، فهو قد أدى الصلاة، وإنما هذا فيه بيان أن هذا فيه حرمانه من الثواب بسبب هذا الذنب الذي ارتكبه واقترفه.

تراجم رجال إسناد حديث (لا تقبل صلاة لامرأة تطيبت لهذا المسجد...)

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

محمد بن كثير العبدي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا سفيان ].

سفيان هو الثوري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عاصم بن عبيد الله ].

عاصم بن عبيد الله العمري ضعيف أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد وأصحاب السنن.

[ عن عبيد مولى أبي رهم ].

عبيد مولى أبي رهم مقبول أخرج له أبو داود .

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة رضي الله عنه قد مر ذكره.

إزالة الطيب بدون الغسل إذا أمكن

وإذا كان الطيب له مكان معين محصور فأزيل من ذلك المكان فإنه يحصل المقصود، ولكن إذا كان منتشراً ولا يتأتى زواله إلا بالاغتسال فالغسل.

حكم الإنكار على المرأة المتعطرة في الطريق

وهذا الحديث يدل على أن من شم في طريقه رائحة عطر من امرأة له أن ينكر عليها مثلما أنكر عليها أبو هريرة رضي الله عنه فيقول: إن خروج المرأة متطيبة لا يجوز.

عدم اختصاص المسجد النبوي بعدم التعطر من المرأة

وقوله: (لهذا المسجد)، لا أدري هل يقصد المسجد النبوي؛ لكن الذي يبدو أنه يشمل كل المساجد وأن كون المرأة تخرج وتتطيب من أجل الذهاب إلى المسجد لا يجوز، سواء كان المسجد النبوي أو غيره.

ومعلوم أن أبا هريرة سكن المدينة وكان مقيماً في المدينة، فيحتمل أن يكون المقصود بقوله: (لهذا المسجد) مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن الحكم ليس خاصاً به؛ لأن خروج النساء للمساجد متعطرات متطيبات مثله في الحكم.

وأبو هريرة رضي الله عنه كان من المقيمين في المدينة، ومن أسباب كثرة حديثه مع أنه إنما أسلم عام خيبر أنه كان مقيماً في المدينة، والناس كانوا يقصدون المدينة ويلتقون بالصحابة الذين هم فيها فيأخذون عنهم ويتلقون عنهم، فهذا من أسباب كثرة حديثه؛ لأن كثرة حديثه لها أسباب، منها إقامته في المدينة، ومنها طول حياته وأنه عاش حتى احتاج الناس إليه.

شرح حديث (إيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي وسعيد بن منصور قالا: حدثنا عبد الله بن محمد أبو علقمة قال: حدثني يزيد بن خصيفة عن بسر بن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهدن معنا العشاء. قال ابن نفيل : عشاء الآخرة) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة أصابت بخوراً) يعني: أنها تطيبت بالبخور، والبخور هو الدخان الذي يتصاعد بوضع العود الذي فيه الطيب على الجمر، هذا هو البخور، فتكون رائحته موجودة فيها وقوله: (فلا تشهد معنا العشاء) أي: عشاء الآخرة، وليس المقصود من ذلك خصوص صلاة العشاء بل الصلوات كلها يكون الأمر فيها كذلك، وإنما خص العشاء لأن النساء كان من عادتهن أنهن يذهبن لمثل هذه الصلاة، ولأن صلاة العشاء في الليل، فتكون الفتنة فيها أشد وإلا فإن المنع هو للذهاب إلى المسجد مطلقاً سواء كان الفرض عشاءً أو غير عشاء.

تراجم رجال إسناد حديث (إيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء)

قوله: [حدثنا النفيلي ].

عبد الله بن محمد النفيلي ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ وسعيد بن منصور ].

سعيد بن منصور ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قالا: حدثنا عبد الله بن محمد أبو علقمة ].

عبد الله بن محمد أبو علقمة صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثني يزيد بن خصيفة ].

يزيد بن خصيفة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن بسر بن سعيد ].

بسر بن سعيد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة قد مر ذكره.