شرح سنن أبي داود [463]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (لا تركبوا الخز ولا النمار)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في جلود النمور والسباع.

حدثنا هناد بن السري عن وكيع عن أبي المعتمر عن ابن سيرين عن معاوية رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تركبوا الخزّ ولا النمار).

قال: وكان معاوية رضي الله عنه لا يتهم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال لنا أبو سعيد: قال لنا أبو داود : أبو المعتمر اسمه يزيد بن طهمانكان ينزل الحيرة ].

قوله: [ باب في جلود النمور والسباع ] يعني: هل تستعمل أو لا تستعمل؟ وقد أورد الحديث الدال على أنها لا تستعمل.

والنمور: جمع نمر، وهو نوع من السباع، وعطف السباع على النمور من عطف العام على الخاص؛ لأن النمور من السباع، والسباع أعم من النمور، ولعله جاء ذكر النمور؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث التنصيص عليها، وإلا فإن الحكم شامل لها ولغيرها من السباع.

وقد قيل: إن تحريم ذلك لأنه من فعل الأعاجم.

ومنهم من قال: لأن فيه سرفاً وخيلاء وكبرياء.

ومنهم من قال: لأن ميتة مذكاها كميتتها، وهو لا يحله الدباغ، فيكون استعماله غير جائز، ولا تحصل له الطهارة، فإذاً: لا يجوز استعماله.

وقد أورد أبو داود حديث معاوية رضي الله عنه [ (لا تركبوا الخز) ].

الخزّ: نوع من الحرير، والمقصود بذلك: أنه لا يكون فراشاً فلا يركب عليه ولا يجلس عليه، ولا يكون على الرحل، أو على السرج وقد كان الناس في الجاهلية يفترشون الحرير ويركب الإنسان على البعير وهو عليه وطاء، وتسمى المياثر، وهي التي تتخذ على الرحل فوق البعير، أو على السرج فوق الفرس.

[ (ولا النمار) ] يعني: جلود النمار، فلا يركب ولا يجلس على جلودها، ولا تتخذ وطاءً على السرج أو على الرحل، هذا هو المقصود بالنهي.

[ قال: وكان معاوية لا يتهم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ].

المقصود من ذلك تأكيد صدقه، وليس معنى ذلك رفع احتمال اتهامه، وإنما المقصود بذلك تأكيد الصدق؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحتاجون إلى توثيق أحد، يكفيهم ثناء الله عز وجل وثناء رسوله صلى الله عليه وسلم عليهم، فهم لا يحتاجون إلى تعديل المعدلين وتوثيق الموثقين بعد أن حصل لهم الثناء من الله في كتابه ومن رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، وهذا من جنس ما جاء عن ابن مسعود: (حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق) ومعنى ذلك: أنه تأكيد لصدقه لا أن ذلك رفع لاحتمال أو لتوهم أو ما إلى ذلك.

أما قائل: (وكان معاوية لا يتم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) فهو ابن سيرين وقوله هذا يحتمل أنه رد على من يطعن في معاوية رضي الله عنه، ويحتمل أنه إنما أراد بذلك تأكيد الأمر، كما ذكرنا.

والنهي في الحديث: (لا تركبوا الخزّ ولا النمار)، يشمل النساء والرجال على حد سواء لبساً وافتراشاً.

[ قال لنا أبو سعيد، قال لنا أبو داود : أبو المعتمر اسمه : يزيد بن طهمان: كان ينزل الحيرة ] .

هذا توضيح لهذا الذي ذُكر بكنيته، فبُيّن اسمه: وأنه يزيد بن طهمان.

والقائل هنا هو أبو سعيد أحد الرواة عن أبي داود .

تراجم رجال إسناد حديث (لا تركبوا الخز ولا النمار)

قوله: [ حدثنا هناد بن السري ].

هناد بن السري أبو السري ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن وكيع ].

عن وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي المعتمر

].

هو يزيد بن طهمان، ثقة أخرج له أبو داود وابن ماجة .

[ عن ابن سيرين ].

هو محمد بن سيرين ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن معاوية ].

معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو داود حدثنا عمران عن قتادة عن زرارة عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة قال عليه السلام: (لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر) وهذا يدل على أنه لا يجوز استعمال جلود النمار كما دل عليه الحديث السابق، ومعنى قوله: (رفقة) أنه قد يستعمل على الرحل، وأنه يستعمل وطاء، فبين صلى الله عليه وسلم أن هذا من أسباب ابتعاد الملائكة عمن يكون كذلك، وهو دال على تحريمه، وأنه لا يجوز استعماله.

تراجم رجال إسناد حديث (لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر)

قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ].

محمد بن بشار الملقب: بندار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا أبو داود ].

هو سليمان بن داود الطيالسي ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا عمران].

هو ابن داور صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.

[ عن قتادة عن زرارة ].

قتادة بن دعامة مر ذكره.

و زرارة هو: ابن أوفى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.

شرح حديث المقدام بن معد يكرب أنه قال لمعاوية (.. فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي حدثنا بقية عن بحير عن خالد قال: وفد المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه وعمرو بن الأسود ورجل من بني أسد من أهل قنسرين إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، فقال معاوية للمقدام : أعلمت أن الحسن بن علي رضي الله عنهما توفي؟ فرجّع المقدام ، فقال له رجل: أتراها مصيبة؟ قال له: ولم لا أراها مصيبة وقد وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فقال: (هذا مني وحسين من علي)، فقال الأسدي: جمرة أطفأها الله عز وجل، فقال المقدام : أما أنا فلا أبرح اليوم حتى أغيظك وأسمعك ما تكره، ثم قال: يا معاوية ! إن أنا صدقت فصدقني وإن أنا كذبت فكذبني، قال: أفعل، قال: فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الذهب؟ قال: نعم، قال: فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن لبس الحرير؟ قال: نعم، قال: فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها؟ قال: نعم، قال: فوالله! لقد رأيت هذا كله في بيتك يا معاوية ! فقال معاوية : قد علمت أني لن أنجو منك يا مقدام ! قال خالد : فأمر له معاوية بما لم يأمر لصاحبيه، وفرض لابنه في المائتين، ففرقها المقدام في أصحابه قال: ولم يعط الأسدي أحداً شيئًا مما أخذ، فبلغ ذلك معاوية ، فقال: أما المقدام فرجل كريم بسط يده، وأما الأسدي فرجل حسن الإمساك لشيئه ].

أورد أبو داود حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله تعالى عنه: أنه جاء إلى معاوية يعني في زمن خلافته وافداً عليه ومعه اثنان هما عمرو بن الأسود ورجل من بني أسد.

فقال معاوية للمقدام : [ أعلمت أن الحسن بن علي رضي الله عنهما قد توفي؟! فرجّع المقدام ] يعني أتى بالاسترجاع، وهو قول: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ عند المصيبة كما قال تعالى: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:156]، هذا هو الترجيع الذي جاء في الحديث.

قوله: [ قال له رجل: أتراها مصيبة؟ ] يعني: أنك استرجعت، والاسترجاع إنما هو للمصائب! قال: (وكيف لا أراها وقد وضعه النبي صلى الله عليه وسلم في حجره، وقال: هذا مني وحسين من علي) يعني: إنه شبيهٌ بي، وحسين شبيه بـعلي.

[ وقال الأسدي: جمرة أطفأها الله ].

يقصد هنا أن الحسن جمرة أطفأها الله.

وهذا كلام سيئ في حق الحسن رضي الله تعالى عنه وأرضاه، بل هي مصيبة كبيرة وعظيمة، وهذا الذي قاله ذلك الأسدي كلام قبيح سيئ.

[ فقال المقدام : أما أنا فلا أبرح اليوم حتى أغيظك وأسمعك ما تكره ].

يعني بعدما حصل في هذا المجلس ما حصل، قال: أنا لا أبرح حتى أغيظك وأسمعك ما تكره -يخاطب معاوية رضي الله عنه- ثم سأله قال: (أنشدك بالله! هل تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرم الذهب؟ قال: نعم، قال: أنشدك بالله! هل تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير؟ قال: نعم، قال: أنشدك بالله! هل تعلم أن الرسول نهى عن لبس جلود السباع، والركوب عليها؟ فقال: نعم، قال: فوالله لقد رأيت هذا كله في بيتك يا معاوية!).

يعني: في بعض حاشيته وبعض من هو من أهل بيته، ومعلوم أن معاوية رضي الله عنه لا يقر هذا ولا يرضاه، وقد يكون غافلاً عنه، وقد يكون علمه ونهى عنه، ويحمل ما جاء عن الصحابة من قبيل هذا على أحسن المحامل من باب إحسان الظن بهم.

[ فقال معاوية : قد علمت أني لن أنجو منك يا مقدام ! ].

يعني: من كلامك، ومن نيلك مني.

[ قال خالد : فأمر له معاوية بما لم يأمر لصاحبيه ].

خالد هو خالد بن معدان الذي روى عن المقدام ، وفي عون المعبود أنه خالد بن الوليد ، وهذا غير واضح؛ لأن الكلام يدل سياقه على أن خالداً هو الذي روى عن المقدام .

[ فأمر له معاوية بما لم يأمر لصاحبيه ].

أي: اللذين معه الأسدي، وعمرو بن الأسود .

[ وفرض لابنه في المائتين ].

أي: ابن المقدام في المائتين، أو في المئين يعني: من العطاء الكثير، الذي هو في المئين، أو مائتين، أو مقداراً يتجاوز المائة.

[ ففرقها المقدام في أصحابه ].

أي: هذا العطاء الذي أعطيه، فرقه في أصحابه.

[ ولم يعط الأسدي أحداً شيئاً مما أخذ ].

ذلك الذي قال: جمرة أطفأها الله، لم يعط أحداً شيئاً مما أعطاه معاوية .

[ فبلغ ذلك معاوية ، فقال: أما المقدام فرجل كريم بسط يده ].

أي أنه بلغ معاوية الذي حصل من توزيع المقدام ما أعطي من مالٍ، فقال: أما المقدام فكريم بسط يده، يعني: في البذل والعطاء والإحسان، وأما الأسدي فرجل حسن الإمساك لشيئه، يعني: أنه أمسك ما أعطاه معاوية ولم يبذل ماله كله كما حصل من المقدام رضي الله عنه.

محل الشاهد هو الجملة الثالثة من الجمل التي قالها. المقدام : (أنشدك الله! هل تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوب جلود السباع والجلوس عليها؟) وهذا فيه لفظ السباع، وهو أعم من النمر؛ لأنه يشمل النمور وغير النمور.

تراجم رجال إسناد حديث المقدام بن معد يكرب أنه قال لمعاوية (.. فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها)

قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي].

عمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي صدوق، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن بقية ].

بقية بن الوليد صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن بحير ].

بحير بن سعد ، ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.

[ عن خالد ].

خالد بن معدان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

و[ المقدام بن معد يكرب ].

رضي الله عنه صحابي، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن.

[ ومعاوية ].

معاوية رضي الله عنه، أمير المؤمنين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

والإسناد فيه بقية ، وهو مدلس، لكن أظن أنه ذكر في عون المعبود أنه صرح بالتحديث كما في المسند، والألباني صححه.

شرح حديث (نهى عن جلود السباع)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد بن مسرهد أن يحيى بن سعيد وإسماعيل بن إبراهيم حدثاهم المعنى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه رضي الله عنه: (سأن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن جلود السباع) ].

أورد حديث أسامة بن عمير والد أبي المليح : (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع)، يعني: عن استعمالها لبساً وافتراشاً وركوباً.

وهذا فيه التعبير بالسباع كالذي قبله، فهو أعم من جلود النمور.

تراجم رجال إسناد حديث نهى عن جلود السباع)

قوله: [ حدثنا مسدد بن مسرهد أن يحيى بن سعيد ].

يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ وإسماعيل بن إبراهيم ].

إسماعيل بن إبراهيم ابن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد بن أبي عروبة ].

سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن قتادة ].

قتادة ، مر ذكره.

[ عن أبي المليح بن أسامة ].

أبو المليح بن أسامة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

وهو صحابي أخرج له أصحاب السنن.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في جلود النمور والسباع.

حدثنا هناد بن السري عن وكيع عن أبي المعتمر عن ابن سيرين عن معاوية رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تركبوا الخزّ ولا النمار).

قال: وكان معاوية رضي الله عنه لا يتهم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال لنا أبو سعيد: قال لنا أبو داود : أبو المعتمر اسمه يزيد بن طهمانكان ينزل الحيرة ].

قوله: [ باب في جلود النمور والسباع ] يعني: هل تستعمل أو لا تستعمل؟ وقد أورد الحديث الدال على أنها لا تستعمل.

والنمور: جمع نمر، وهو نوع من السباع، وعطف السباع على النمور من عطف العام على الخاص؛ لأن النمور من السباع، والسباع أعم من النمور، ولعله جاء ذكر النمور؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث التنصيص عليها، وإلا فإن الحكم شامل لها ولغيرها من السباع.

وقد قيل: إن تحريم ذلك لأنه من فعل الأعاجم.

ومنهم من قال: لأن فيه سرفاً وخيلاء وكبرياء.

ومنهم من قال: لأن ميتة مذكاها كميتتها، وهو لا يحله الدباغ، فيكون استعماله غير جائز، ولا تحصل له الطهارة، فإذاً: لا يجوز استعماله.

وقد أورد أبو داود حديث معاوية رضي الله عنه [ (لا تركبوا الخز) ].

الخزّ: نوع من الحرير، والمقصود بذلك: أنه لا يكون فراشاً فلا يركب عليه ولا يجلس عليه، ولا يكون على الرحل، أو على السرج وقد كان الناس في الجاهلية يفترشون الحرير ويركب الإنسان على البعير وهو عليه وطاء، وتسمى المياثر، وهي التي تتخذ على الرحل فوق البعير، أو على السرج فوق الفرس.

[ (ولا النمار) ] يعني: جلود النمار، فلا يركب ولا يجلس على جلودها، ولا تتخذ وطاءً على السرج أو على الرحل، هذا هو المقصود بالنهي.

[ قال: وكان معاوية لا يتهم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ].

المقصود من ذلك تأكيد صدقه، وليس معنى ذلك رفع احتمال اتهامه، وإنما المقصود بذلك تأكيد الصدق؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحتاجون إلى توثيق أحد، يكفيهم ثناء الله عز وجل وثناء رسوله صلى الله عليه وسلم عليهم، فهم لا يحتاجون إلى تعديل المعدلين وتوثيق الموثقين بعد أن حصل لهم الثناء من الله في كتابه ومن رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، وهذا من جنس ما جاء عن ابن مسعود: (حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق) ومعنى ذلك: أنه تأكيد لصدقه لا أن ذلك رفع لاحتمال أو لتوهم أو ما إلى ذلك.

أما قائل: (وكان معاوية لا يتم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) فهو ابن سيرين وقوله هذا يحتمل أنه رد على من يطعن في معاوية رضي الله عنه، ويحتمل أنه إنما أراد بذلك تأكيد الأمر، كما ذكرنا.

والنهي في الحديث: (لا تركبوا الخزّ ولا النمار)، يشمل النساء والرجال على حد سواء لبساً وافتراشاً.

[ قال لنا أبو سعيد، قال لنا أبو داود : أبو المعتمر اسمه : يزيد بن طهمان: كان ينزل الحيرة ] .

هذا توضيح لهذا الذي ذُكر بكنيته، فبُيّن اسمه: وأنه يزيد بن طهمان.

والقائل هنا هو أبو سعيد أحد الرواة عن أبي داود .