شرح سنن أبي داود [445]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته ولم يكن له مال غيرهم...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن أعتق عبيداً له لم يبلغهم الثلث.

حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته، ولم يكن له مال غيرهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال له قولاً شديداً، ثم دعاهم فجزأهم ثلاثة أجزاء، فأقرع بينهم، فأعتق اثنين وأربعة) ].

قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ فيمن أعتق عبيداً له لم يبلغهم الثلث ] أي: أنه أعتق عبيده ولم يكن ذلك العتق في حدود الثلث، وهذا إنما يكون في مرض الموت، فيكون حكمه حكم ما يكون بعد الموت، وأنه بمثابة وصية، فيعتبر ويقر منه ما كان في حدود الثلث، وما زاد على ذلك فإنه يبقى على ما كان عليه.

وقد أورد أبو داود حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: أن رجلاً أعتق في مرض موته ستة أعبد ليس له مال غيرهم، ومعنى هذا: أنه لو كان هؤلاء الستة يشكلون الثلث، وأن هناك شيئاً وراء هؤلاء الستة يعادل الثلثين؛ فإنه يمكن أن يعتبر ذلك، لكن ما دام أن هذا هو كل ماله وليس له مال سواه، فإنه يعتق منه في حدود الثلث.

فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له في ذلك قولاً شديداً ولامه؛ وذلك أنه تصرف تصرفاً يكون فيه حرمان الورثة وعدم إبقاء شيء لهم، ثم إنه جزأهم ثلاثة أجزاء، وأقرع بينهم، فالذين خرجت لهم القرعة -وهم اثنان من الستة- اعتبروا أحراراً، والأربعة الباقون اعتبرهم أرقاء؛ لأن ما زاد على الاثنين خارج عن الثلث، فيكون للورثة، وفي هذا دليل على اعتبار الوصية بالثلث، وقد جاء في ذلك الحديث الذي فيه: (الثلث والثلث كثير).

ويدل أيضاً على أن هذا العتق الذي حصل يجمع ولا يفرق بحيث يكون الستة كلهم مبعضون، فيكون ثلث كل واحد منهم قد عتق ويبقى الثلثان، وإنما جزأهم وأقرع بينهم، ومن خرجت له القرعة وهم اثنان من الستة فيعتقان والباقون يبقون على الرق.

تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته ولم يكن له مال غيرهم...)

قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ].

سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حماد بن زيد ].

حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أيوب ].

أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي قلابة ].

أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي المهلب الجرمي ].

أبو المهلب الجرمي هو عم أبي قلابة وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

عن عمران بن حصين أبو نجيد رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو كامل حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن مختار - حدثنا خالد عن أبي قلابة بإسناده ومعناه، ولم يقل: فقال له قولاً شديداً ].

أورد أبو داود حديث عمران بن حصين من طريق أخرى، وهو بمعنى الذي قبله، وليس فيه: أنه قال له قولاً شديداً، وأغلظ له الكلام لكونه تصرف هذا التصرف الذي فيه حرمان الورثة.

قوله: [ حدثنا أبو كامل ].

أبو كامل الجحدري فضيل بن حسين ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن المختار - ].

عبد العزيز بن المختار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن خالد ].

خالد بن مهران الحذاء ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي قلابة ].

مر ذكره.

[ بإسناده ومعناه ].

يعني: إسناده عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين أبي نجيد.

شرح حديث (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته...) من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا وهب بن بقية حدثنا خالد بن عبد الله -هو الطحان- عن خالد عن أبي قلابة عن أبي زيد رضي الله عنه: أن رجلاً من الأنصار بمعناه، وقال -يعني: النبي صلى الله عليه وسلم-: (لو شهدته قبل أن يدفن لم يدفن في مقابر المسلمين) ].

وهذا الحديث من طريق أبي زيد أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عمرو بن أخطب، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذا الذي عمل هذا العمل: (لو شهدته قبل أن يدفن ما دفنته في مقابر المسلمين)، وهذا من إغلاظ القول في حقه، وفي الطريق الأولى قال: (فقال له قولاً شديداً)، وكأن هذا تفسير للإغلاظ الذي جاء مجملاً في الرواية السابقة في كونه قال له قولاً شديداً.

وهذا فيه بيان سوء فعله وأنه فعل قبيح، لكن لا يكون كافراً بذلك، وإنما هو جائر وغير عادل وغير محسن إلى ورثته، ولا يكون كافراً؛ لأن كل من لم يكن من أهل الشرك والكفر بالله عز وجل فهو من أهل الذنوب والمعاصي، وأهل الذنوب والمعاصي أمرهم إلى الله عز وجل، لكن هذا فيه تغليظ القول في حقه، وبيان أن عمله قبيح وسيئ.

تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته...) من طريق ثالثة

قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ].

وهب بن بقية الواسطي ، ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا خالد بن عبد الله هو الطحان ].

خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن خالد عن أبي قلابة عن أبي زيد ].

خالد وأبو قلابة مر ذكرهما، وأبو زيد هو عمرو بن أخطب، وهو صحابي، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

شرح حديث (أن رجلاً أعتق ستة أعبد موته...) من طريق رابعة، وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق وأيوب عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته، ولم يكن له مال غيرهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرقّ أربعة) ].

أورد أبو داود حديث عمران بن حصين من طريق أخرى، وهو مثل الطريق الأولى.

قوله: [ حدثنا مسدد ].

مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق ].

يحيى بن عتيق ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ وأيوب ].

أيوب مر ذكره.

[ عن محمد بن سيرين ].

محمد بن سيرين البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمران بن حصين ].

عمران بن حصين مر ذكره.

يلاحظ أنه في حديث أبي زيد قال: (لو شهدته قبل أن يدفن)، ومعنى ذلك: أنه مات ودفن، بينما في الأحاديث الأخرى المتقدمة أنه قال له قولاً شديداً، ويجمع بينهما بأنه أغلظ عليه القول، ولما علم بموته وأنه دفن في مقابر المسلمين قال فيه هذا القول.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن أعتق عبيداً له لم يبلغهم الثلث.

حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته، ولم يكن له مال غيرهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال له قولاً شديداً، ثم دعاهم فجزأهم ثلاثة أجزاء، فأقرع بينهم، فأعتق اثنين وأربعة) ].

قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ فيمن أعتق عبيداً له لم يبلغهم الثلث ] أي: أنه أعتق عبيده ولم يكن ذلك العتق في حدود الثلث، وهذا إنما يكون في مرض الموت، فيكون حكمه حكم ما يكون بعد الموت، وأنه بمثابة وصية، فيعتبر ويقر منه ما كان في حدود الثلث، وما زاد على ذلك فإنه يبقى على ما كان عليه.

وقد أورد أبو داود حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: أن رجلاً أعتق في مرض موته ستة أعبد ليس له مال غيرهم، ومعنى هذا: أنه لو كان هؤلاء الستة يشكلون الثلث، وأن هناك شيئاً وراء هؤلاء الستة يعادل الثلثين؛ فإنه يمكن أن يعتبر ذلك، لكن ما دام أن هذا هو كل ماله وليس له مال سواه، فإنه يعتق منه في حدود الثلث.

فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له في ذلك قولاً شديداً ولامه؛ وذلك أنه تصرف تصرفاً يكون فيه حرمان الورثة وعدم إبقاء شيء لهم، ثم إنه جزأهم ثلاثة أجزاء، وأقرع بينهم، فالذين خرجت لهم القرعة -وهم اثنان من الستة- اعتبروا أحراراً، والأربعة الباقون اعتبرهم أرقاء؛ لأن ما زاد على الاثنين خارج عن الثلث، فيكون للورثة، وفي هذا دليل على اعتبار الوصية بالثلث، وقد جاء في ذلك الحديث الذي فيه: (الثلث والثلث كثير).

ويدل أيضاً على أن هذا العتق الذي حصل يجمع ولا يفرق بحيث يكون الستة كلهم مبعضون، فيكون ثلث كل واحد منهم قد عتق ويبقى الثلثان، وإنما جزأهم وأقرع بينهم، ومن خرجت له القرعة وهم اثنان من الستة فيعتقان والباقون يبقون على الرق.

قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ].

سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حماد بن زيد ].

حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أيوب ].

أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي قلابة ].

أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي المهلب الجرمي ].

أبو المهلب الجرمي هو عم أبي قلابة وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

عن عمران بن حصين أبو نجيد رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو كامل حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن مختار - حدثنا خالد عن أبي قلابة بإسناده ومعناه، ولم يقل: فقال له قولاً شديداً ].

أورد أبو داود حديث عمران بن حصين من طريق أخرى، وهو بمعنى الذي قبله، وليس فيه: أنه قال له قولاً شديداً، وأغلظ له الكلام لكونه تصرف هذا التصرف الذي فيه حرمان الورثة.

قوله: [ حدثنا أبو كامل ].

أبو كامل الجحدري فضيل بن حسين ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن المختار - ].

عبد العزيز بن المختار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن خالد ].

خالد بن مهران الحذاء ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي قلابة ].

مر ذكره.

[ بإسناده ومعناه ].

يعني: إسناده عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين أبي نجيد.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا وهب بن بقية حدثنا خالد بن عبد الله -هو الطحان- عن خالد عن أبي قلابة عن أبي زيد رضي الله عنه: أن رجلاً من الأنصار بمعناه، وقال -يعني: النبي صلى الله عليه وسلم-: (لو شهدته قبل أن يدفن لم يدفن في مقابر المسلمين) ].

وهذا الحديث من طريق أبي زيد أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عمرو بن أخطب، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذا الذي عمل هذا العمل: (لو شهدته قبل أن يدفن ما دفنته في مقابر المسلمين)، وهذا من إغلاظ القول في حقه، وفي الطريق الأولى قال: (فقال له قولاً شديداً)، وكأن هذا تفسير للإغلاظ الذي جاء مجملاً في الرواية السابقة في كونه قال له قولاً شديداً.

وهذا فيه بيان سوء فعله وأنه فعل قبيح، لكن لا يكون كافراً بذلك، وإنما هو جائر وغير عادل وغير محسن إلى ورثته، ولا يكون كافراً؛ لأن كل من لم يكن من أهل الشرك والكفر بالله عز وجل فهو من أهل الذنوب والمعاصي، وأهل الذنوب والمعاصي أمرهم إلى الله عز وجل، لكن هذا فيه تغليظ القول في حقه، وبيان أن عمله قبيح وسيئ.

قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ].

وهب بن بقية الواسطي ، ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا خالد بن عبد الله هو الطحان ].

خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن خالد عن أبي قلابة عن أبي زيد ].

خالد وأبو قلابة مر ذكرهما، وأبو زيد هو عمرو بن أخطب، وهو صحابي، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق وأيوب عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته، ولم يكن له مال غيرهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرقّ أربعة) ].

أورد أبو داود حديث عمران بن حصين من طريق أخرى، وهو مثل الطريق الأولى.

قوله: [ حدثنا مسدد ].

مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق ].

يحيى بن عتيق ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ وأيوب ].

أيوب مر ذكره.

[ عن محمد بن سيرين ].

محمد بن سيرين البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمران بن حصين ].

عمران بن حصين مر ذكره.

يلاحظ أنه في حديث أبي زيد قال: (لو شهدته قبل أن يدفن)، ومعنى ذلك: أنه مات ودفن، بينما في الأحاديث الأخرى المتقدمة أنه قال له قولاً شديداً، ويجمع بينهما بأنه أغلظ عليه القول، ولما علم بموته وأنه دفن في مقابر المسلمين قال فيه هذا القول.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2888 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2838 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2832 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2729 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2699 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2689 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2676 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2653 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2644 استماع