شرح سنن أبي داود [431]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (غزوت مع رسول الله ست أو سبع غزوات فكنا نأكله معه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل الجراد.

حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا شعبة عن أبي يعفور قال: (سمعت ابن أبي أوفى رضي الله عنهما وسألته عن الجراد فقال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ست أو سبع غزوات فكنا نأكله معه)].

يقول المصنف رحمه الله: [ باب في أكل الجراد ]، والجراد هو من الحيوانات التي تحل ميتتها، كما جاء في الحديث: (أحلت لنا ميتتان ودمان: أما الميتتان فهما السمك، والجراد) والجراد من الحيوانات التي لا دم فيها، وجاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في حل أكل الجراد وإباحته، ومنها: حديث عبد الله بن أبي أوفى الذي أورده المصنف هنا أنه قال: [ (غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست أو سبع غزوات فكنا نأكل الجراد معه) ] صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على إباحته وعلى حله .

تراجم رجال إسناد حديث (غزوت مع رسول الله ست أو سبع غزوات فكنا نأكله معه)

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر النمري ].

حفص بن عمر النمري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا شعبة عن أبي يعفور ].

شعبة مر ذكره، وأبو يعفور هو وقدان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ سمعت ابن أبي أوفى ].

هو عبد الله بن أبي أوفى وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

وهذا من أعلى الأسانيد عند أبي داود ؛ لأنه رباعي.

شرح حديث (سئل النبي عن الجراد فقال أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن الفرج البغدادي حدثنا ابن الزبرقان حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان رضي الله عنه قال: (سئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الجراد، فقال: أكثر جنود الله، لا آكله، ولا أحرمه) ].

أورد أبو داود هذا الحديث عن سلمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الجراد: [ (أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه) ] ، وقد عرفنا أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حله وإباحته، وأن الصحابة أكلوه مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوات كثيرة، كما مر في الحديث السابق خلال ست غزوات أو سبع غزوات وهم يأكلون الجراد معه صلى الله عليه وسلم.

قوله: (أكثر جنود الله) يحمل على أنه أكثر جند الله في الأرض؛ لأن الملائكة هم الكثرة الكاثرة الذين لا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى، قال عز وجل: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31] فهم خلق كثير، وقد جاء في الأحاديث ما يدل على كثرتهم، كقوله صلى الله عليه وسلم: (أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع قدم إلا وفيها ملك راكع أو ساجد لله عز وجل)، وكذلك الحديث الذي فيه: (البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة، ومن دخله لا يدخله مرة أخرى) وكل إنسان معه قرين من الجن وقرين من الملائكة.

وما ذكر في هذا الحديث أنه لا يحله ولا يحرمه غريب، فقد ثبت عنه أنه حلال وأنه غير محرم، وهذا الحديث فيه اختلاف في رفعه وإرساله كما سيذكره المصنف.

تراجم رجال إسناد حديث (سئل النبي عن الجراد فقال أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه)

قوله: [ حدثنا محمد بن الفرج البغدادي ].

محمد بن الفرج البغدادي صدوق، أخرج له الإمام مسلم وأبو داود .

[ حدثنا ابن الزبرقان ].

هو محمد بن الزبرقان وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا سليمان التيمي ].

هو سليمان بن طرخان التيمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي عثمان النهدي ].

هو عبد الرحمن بن مل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سلمان ].

هو سلمان الفارسي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ قال أبو داود : رواه المعتمر عن أبيه عن أبي عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر سلمان رضي الله عنه ].

يعني: أنه مرسل، وهذا من رواية المعتمر عن أبيه الذي هو سليمان بن طرخان ، والمعتمر بن سليمان بن طرخان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

طريق أخرى لحديث (سئل النبي عن الجراد فقال أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه) وترجمة رجال الإسناد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي وعلي بن عبد الله قالا: حدثنا زكريا بن يحيى بن عمارة عن أبي العوام الجزار عن أبي عثمان النهدي عن سلمان رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل فقال مثله، فقال: أكثر جند الله) قال علي : اسمه فائد يعني: أبا العوام .

قال أبو داود : رواه حماد بن سلمة عن أبي العوام عن أبي عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر سلمان ].

أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيها ذكر سلمان وعدم ذكره كالطريقتين السابقتين.

قوله: [ حدثنا نصر بن علي ].

هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ وعلي بن عبد الله ].

هو علي بن عبد الله المديني وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة في التفسير.

[ حدثنا زكريا بن يحيى بن عمارة ].

زكريا بن يحيى بن عمارة صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبي العوام الجزار ].

أبو العوام الجزار اسمه فائد وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبي عثمان النهدي عن سلمان ].

قد مر ذكرهما.

[ قال أبو داود : رواه حماد بن سلمة عن أبي العوام ].

حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

حال حديث (سئل النبي عن الجراد فقال أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه)

هذا الحديث ضعيف؛ لأنه جاء مرسلاً ومتصلاً، والذين أرسلوه فيهم المعتمر بن سليمان عن أبيه، وذاك الذي شاركه في الرواية عن سليمان بن طرخان هو محمد بن الزبرقان وهو صدوق يهم، ثم هو مخالف للحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم من حديث ابن أبي أوفى.

والجراد ميتتها حلال، وهي أنواع، وكل أنواعها حلال، لكن من الجراد ما هو جيد ومنها ما هو غير جيد، وكله حلال.

أما الجواب عن كون الجراد من جند الله وعذب الله بها أقواماً، فكيف يحل لنا أن نأكلها وهي من جنود الله فأولاً الحديث لم يصح، ثم أيضاً كونه من جند الله فجنود الله أمم مختلفة الجراد وغير الجراد، وإنما جاء الإشارة إلى أن الجراد أكثر جند الله، وإلا فجنود الله عز وجل لا يحصيهم إلا الله عز وجل على مختلف أنواعهم وأصنافهم، وكما عرفنا الحديث غير ثابت، وكونه يعذب به بعض الأمم لا ينافي حله، هذا لو ثبت الحديث .

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل الجراد.

حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا شعبة عن أبي يعفور قال: (سمعت ابن أبي أوفى رضي الله عنهما وسألته عن الجراد فقال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ست أو سبع غزوات فكنا نأكله معه)].

يقول المصنف رحمه الله: [ باب في أكل الجراد ]، والجراد هو من الحيوانات التي تحل ميتتها، كما جاء في الحديث: (أحلت لنا ميتتان ودمان: أما الميتتان فهما السمك، والجراد) والجراد من الحيوانات التي لا دم فيها، وجاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في حل أكل الجراد وإباحته، ومنها: حديث عبد الله بن أبي أوفى الذي أورده المصنف هنا أنه قال: [ (غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست أو سبع غزوات فكنا نأكل الجراد معه) ] صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على إباحته وعلى حله .

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر النمري ].

حفص بن عمر النمري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا شعبة عن أبي يعفور ].

شعبة مر ذكره، وأبو يعفور هو وقدان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ سمعت ابن أبي أوفى ].

هو عبد الله بن أبي أوفى وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

وهذا من أعلى الأسانيد عند أبي داود ؛ لأنه رباعي.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن الفرج البغدادي حدثنا ابن الزبرقان حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان رضي الله عنه قال: (سئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الجراد، فقال: أكثر جنود الله، لا آكله، ولا أحرمه) ].

أورد أبو داود هذا الحديث عن سلمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الجراد: [ (أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه) ] ، وقد عرفنا أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حله وإباحته، وأن الصحابة أكلوه مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوات كثيرة، كما مر في الحديث السابق خلال ست غزوات أو سبع غزوات وهم يأكلون الجراد معه صلى الله عليه وسلم.

قوله: (أكثر جنود الله) يحمل على أنه أكثر جند الله في الأرض؛ لأن الملائكة هم الكثرة الكاثرة الذين لا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى، قال عز وجل: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31] فهم خلق كثير، وقد جاء في الأحاديث ما يدل على كثرتهم، كقوله صلى الله عليه وسلم: (أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع قدم إلا وفيها ملك راكع أو ساجد لله عز وجل)، وكذلك الحديث الذي فيه: (البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة، ومن دخله لا يدخله مرة أخرى) وكل إنسان معه قرين من الجن وقرين من الملائكة.

وما ذكر في هذا الحديث أنه لا يحله ولا يحرمه غريب، فقد ثبت عنه أنه حلال وأنه غير محرم، وهذا الحديث فيه اختلاف في رفعه وإرساله كما سيذكره المصنف.

قوله: [ حدثنا محمد بن الفرج البغدادي ].

محمد بن الفرج البغدادي صدوق، أخرج له الإمام مسلم وأبو داود .

[ حدثنا ابن الزبرقان ].

هو محمد بن الزبرقان وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا سليمان التيمي ].

هو سليمان بن طرخان التيمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي عثمان النهدي ].

هو عبد الرحمن بن مل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سلمان ].

هو سلمان الفارسي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ قال أبو داود : رواه المعتمر عن أبيه عن أبي عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر سلمان رضي الله عنه ].

يعني: أنه مرسل، وهذا من رواية المعتمر عن أبيه الذي هو سليمان بن طرخان ، والمعتمر بن سليمان بن طرخان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي وعلي بن عبد الله قالا: حدثنا زكريا بن يحيى بن عمارة عن أبي العوام الجزار عن أبي عثمان النهدي عن سلمان رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل فقال مثله، فقال: أكثر جند الله) قال علي : اسمه فائد يعني: أبا العوام .

قال أبو داود : رواه حماد بن سلمة عن أبي العوام عن أبي عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر سلمان ].

أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيها ذكر سلمان وعدم ذكره كالطريقتين السابقتين.

قوله: [ حدثنا نصر بن علي ].

هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ وعلي بن عبد الله ].

هو علي بن عبد الله المديني وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة في التفسير.

[ حدثنا زكريا بن يحيى بن عمارة ].

زكريا بن يحيى بن عمارة صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبي العوام الجزار ].

أبو العوام الجزار اسمه فائد وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبي عثمان النهدي عن سلمان ].

قد مر ذكرهما.

[ قال أبو داود : رواه حماد بن سلمة عن أبي العوام ].

حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

هذا الحديث ضعيف؛ لأنه جاء مرسلاً ومتصلاً، والذين أرسلوه فيهم المعتمر بن سليمان عن أبيه، وذاك الذي شاركه في الرواية عن سليمان بن طرخان هو محمد بن الزبرقان وهو صدوق يهم، ثم هو مخالف للحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم من حديث ابن أبي أوفى.

والجراد ميتتها حلال، وهي أنواع، وكل أنواعها حلال، لكن من الجراد ما هو جيد ومنها ما هو غير جيد، وكله حلال.

أما الجواب عن كون الجراد من جند الله وعذب الله بها أقواماً، فكيف يحل لنا أن نأكلها وهي من جنود الله فأولاً الحديث لم يصح، ثم أيضاً كونه من جند الله فجنود الله أمم مختلفة الجراد وغير الجراد، وإنما جاء الإشارة إلى أن الجراد أكثر جند الله، وإلا فجنود الله عز وجل لا يحصيهم إلا الله عز وجل على مختلف أنواعهم وأصنافهم، وكما عرفنا الحديث غير ثابت، وكونه يعذب به بعض الأمم لا ينافي حله، هذا لو ثبت الحديث .