شرح سنن أبي داود [424]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الضيافة.

حدثنا القعنبي عن مالك عن سعيد المقبري عن أبي شريح الكعبي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يومه وليلته، الضيافة ثلاثة أيام وما بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب ما جاء في الضيافة ]، والضيافة هي حق الضيف الذي ينزل بالإنسان ضيفاً عليه، فإن عليه له حقاً وهو أن يكرمه ويتحفه في أول ليلة، بأن يقدم له شيئاً يتحفه به، يعني: ليس مطابقاً لعادته التي كان قد اعتادها، وفي اليومين الباقيين يقدم له طعامه المعتاد من غير أن يتكلف له، وما بعد ذلك يكون صدقة وليس من قبيل الضيافة؛ لأن الضيافة ثلاثة أيام، وفي المرة الأولى يكون فيها شيء من الإتحاف، بأن يكون هناك شيء فيه إظهار الإكرام له، وفي اليومين الآخرين يأتي بما تيسر له كالمعتاد من غير أن يتكلف له، وبعد ذلك يكون صدقة، ولا يحل للإنسان الذي يأتي أن يثقل على من كان ضيفاً عنده بعد ثلاثة أيام؛ لأن ذكر الصدقة يدل على أنه لا ينبغي للإنسان الذي أغناه الله عن الصدقة أن يتعرض لها، ثم أيضاً كونه يبقى عنده في ذلك إحراج له ومشقة عليه، ولا يليق بالمسلم أن يفعل ذلك مع أخيه.

أورد أبو داود حديث أبي شريح الكعبي الخزاعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) ].

إكرام الضيف من محاسن هذه الشريعة، ومن الأخلاق الكريمة الإحسان إلى الضيف وإكرامه، ولهذا جاء الحث على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: [ (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) ] وهذا من باب الترغيب.

وذكر اليوم الآخر مع الإيمان بالله فيه التنبيه إلى يوم الجزاء والحساب، وفي باب الترغيب يكون حثاً على العمل الصالح، وفي باب الترهيب يكون تحذيراً من العمل السيئ، وهذا حث على العمل الصالح؛ لأنه في باب الترغيب.

قوله: (جائزته يومه وليلته) الجائزة هي الإتحاف الذي يتحفه به ويكرمه به ويتكلف له في ذلك اليوم وتلك الليلة، واليومان الباقيان يطعمه من أكله ومن طعامه المعتاد.

قوله: (الضيافة ثلاثة أيام) يعني: ثلاثة أيام داخلة مع الأول.

تراجم رجال إسناد حديث (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ...)

قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن سعيد المقبري ].

هو سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي شريح الكعبي ].

أبو شريح الكعبي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح أثر مالك في قوله (جائزته يوم وليلة) وترجمة رجال الإسناد

[ قال أبو داود : قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد: أخبركم أشهب قال: وسئل مالك عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (جائزته يوم وليلة) قال: يكرمه ويتحفه ويحفظه يوماً وليلة، وثلاثة أيام ضيافة ].

أورد أبو داود الأثر عن مالك الذي فيه معنى الجائزة، وهو أنه يتحفه بشيء غير طعامه المعتاد، وبعد ذلك يقدم له طعامه المعتاد ويشاركه فيه الضيف في حدود ثلاثة أيام مع يوم الجائزة، ومن العلماء من قال: إن يوم الجائزة زائداً على الثلاثة الأيام، ولكن الذي يظهر أن الضيافة هي ثلاثة أيام، المرة الأولى فيها إتحاف، والمرتان الأخريان فيهما إحسان وإكرام، وليس فيهما تكلف، وإنما يضيفه بطعامه المعتاد.

[ قال أبو داود : قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد ].

الحارث بن مسكين ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ أخبركم أشهب ].

هو أشهب بن عبد العزيز ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ قال: وسئل مالك عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وجائزته يوم وليلة) ].

مالك تقدم ذكره.

شرح حديث (الضيافة ثلاثة أيام فما سوى ذلك فهو صدقة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ومحمد بن محبوب قالا: حدثنا حماد عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الضيافة ثلاثة أيام، فما سوى ذلك فهو صدقة) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (الضيافة ثلاثة أيام، وما سوى ذلك فهو صدقة) ] وهذا مطابق لما تقدم، وفيه توضيح بأن الذي مر في الحديث السابق من ذكر الجائزة وذكر الضيافة أنه مجموع الثلاثة، وأن الجائزة داخلة في الثلاثة؛ لأنه قال: [ (الضيافة ثلاثة أيام، وما سوى ذلك فهو صدقة) ] يعني: ما زاد عن الثلاثة الأيام فهو صدقة.

تراجم رجال إسناد حديث (الضيافة ثلاثة أيام فما سوى ذلك فهو صدقة)

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ومحمد بن محبوب ].

محمد بن محبوب ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا حماد ].

هو حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عاصم ].

هو عاصم بن أبي النجود بهدلة ، اسم أبيه بهدلة وكنيته أبو النجود وهو صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ورواية البخاري عنه مقرونة.

[ عن أبي صالح ].

هو ذكوان السمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة مر ذكره.

شرح حديث (ليلة الضيف حق على كل مسلم فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد وخلف بن هشام قالا: حدثنا أبو عوانة عن منصور عن عامر عن أبي كريمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ليلة الضيف حق على كل مسلم، فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين، إن شاء اقتضى وإن شاء ترك) ].

أورد أبو داود حديث المقدام بن معد يكرب أبي كريمة رضي الله عنه قال: [ (ليلة الضيف حق على كل مسلم) ].

يعني: كل مسلم ينزل ببابه أو ينزل بفنائه ويستضيفه فهو حق عليه.

قوله: (فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين إن شاء اقتضى وإن شاء ترك).

يعني: الضيف الذي أصبح بفناء إنسان وعند بابه ولم يكرمه فهو عليه دين، إن شاء سعى إلى تحصيل هذا الحق الذي له، وإن شاء ترك هذا الحق الذي له على مضيفه الذي نزل ببابه ولم يكرمه.

تراجم رجال إسناد حديث (ليلة الضيف حق على كل مسلم فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين ...)

قوله: [ حدثنا مسدد وخلف بن هشام ].

مسدد مر ذكره، خلف بن هشام ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .

[ حدثنا أبو عوانة ].

هو الوضاح بن عبد الله اليشكري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن منصور ].

هو منصور بن المعتمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عامر ].

هو عامر بن شراحيل الشعبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي كريمة ].

هو المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن.

شرح حديث (أيما رجل أضاف قوماً فأصبح الضيف محروماً فإن نصره حق على كل مسلم...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة حدثني أبو الجودي عن سعيد بن أبي المهاجر عن أبي المقدام أبي كريمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أيما رجل أضاف قوماً فأصبح الضيف محروماً، فإن نصره حق على كل مسلم، حتى يأخذ بقرى ليلة من زرعه وماله) ].

أورد أبو داود حديث المقدام بن معد يكرب وهو يدل على ما دل عليه الذي قبله من ناحية أن عليه حقاً وأن هذا دين عليه، لكن فيه زيادة أنه ينصر حتى يأخذ الحق، ولكن في الإسناد من لا يحتج به، لكن كونه عليه حقاً هذا ثابت في الحديث الذي قبل هذا، وأن له أن يقتضي وله أن يترك، وأما مسألة النصر وأنه يعان فهذا ما جاء إلا من هذه الطريق التي فيها ضعف.

قوله: [ (أيما رجل أضاف قوماً) ].

يعني: صار ضيفاً عندهم.

قوله: [ (فأصبح الضيف محروماً) ].

يعني: لم يكرم.

قوله: (فإن نصره حق على كل مسلم، حتى يأخذ بقرى ليلة من زرعه وماله) يعني: كل مسلم غير هذا الذي استضيف ينصرونه حتى يصل إلى أخذ قرى يوم وليلة من زرعه أو ماله.

وهذا الذي يأخذ من مال غيره عندما لا يكرمه أحد هو المضطر، وكما هو معلوم أن المضطر له أحكام تخصه، فقد جاء في بعض الأحاديث: (أن من أتى حائطاً فله أن يأكل منه دون أن يتخذ خُبنة) يعني: أنه يأكل شيئاً لبطنه لا لمتاعه، بحيث لا يتزود منه بشيء.

تراجم رجال إسناد حديث (أيما رجل أضاف قوماً فأصبح الضيف محروماً فإن نصره حق على كل مسلم ...)

قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى ].

هو يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن شعبة ].

مر ذكره.

[ حدثني أبو الجودي ].

هو الحارث بن عمير ثقة، أخرج له أبو داود .

[ عن سعيد بن أبي المهاجر ].

سعيد بن أبي المهاجر مجهول، أخرج له أبو داود .

[ عن المقدام أبي كريمة ].

قد مر ذكره.

شرح حديث (إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: (قلنا: يا رسول الله! إنك تبعثنا فننزل بقوم فما يقروننا فما ترى؟ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم) ].

أورد أبو داود حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه وهو مثل الحديث الذي سبق أن مر: (ليلة الضيف حق على كل مسلم، فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين، فإن شاء اقتضى وإن شاء ترك).

قوله: [ (قلنا: يا رسول الله! إنك تبعثنا فننزل بقوم فما يقروننا فما ترى؟ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم) ].

يعني: إذا لم يضيفوكم فخذوا منهم حق الضيف الذي يستحقه، كل بحسبه ولا يكون هناك توسع.

[ قال: أبو داود : وهذه حجة للرجل يأخذ الشيء إذا كان له حقاً ].

يعني: هذا من جنس ما مر في حديث هند زوجة أبي سفيان التي أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها وولدها بالمعروف.

فـ أبو داود رحمه الله قد يذكر شيئاً من الفقه، وهذا قليل جداً من فعله وهذا منه.

تراجم رجال إسناد حديث (إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا...)

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث ].

هو الليث بن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يزيد بن أبي حبيب ].

هو يزيد بن أبي حبيب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي الخير ].

هو مرثد بن عبد الله اليزني المصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عقبة بن عامر ].

هو عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الضيافة.

حدثنا القعنبي عن مالك عن سعيد المقبري عن أبي شريح الكعبي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يومه وليلته، الضيافة ثلاثة أيام وما بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب ما جاء في الضيافة ]، والضيافة هي حق الضيف الذي ينزل بالإنسان ضيفاً عليه، فإن عليه له حقاً وهو أن يكرمه ويتحفه في أول ليلة، بأن يقدم له شيئاً يتحفه به، يعني: ليس مطابقاً لعادته التي كان قد اعتادها، وفي اليومين الباقيين يقدم له طعامه المعتاد من غير أن يتكلف له، وما بعد ذلك يكون صدقة وليس من قبيل الضيافة؛ لأن الضيافة ثلاثة أيام، وفي المرة الأولى يكون فيها شيء من الإتحاف، بأن يكون هناك شيء فيه إظهار الإكرام له، وفي اليومين الآخرين يأتي بما تيسر له كالمعتاد من غير أن يتكلف له، وبعد ذلك يكون صدقة، ولا يحل للإنسان الذي يأتي أن يثقل على من كان ضيفاً عنده بعد ثلاثة أيام؛ لأن ذكر الصدقة يدل على أنه لا ينبغي للإنسان الذي أغناه الله عن الصدقة أن يتعرض لها، ثم أيضاً كونه يبقى عنده في ذلك إحراج له ومشقة عليه، ولا يليق بالمسلم أن يفعل ذلك مع أخيه.

أورد أبو داود حديث أبي شريح الكعبي الخزاعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) ].

إكرام الضيف من محاسن هذه الشريعة، ومن الأخلاق الكريمة الإحسان إلى الضيف وإكرامه، ولهذا جاء الحث على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: [ (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) ] وهذا من باب الترغيب.

وذكر اليوم الآخر مع الإيمان بالله فيه التنبيه إلى يوم الجزاء والحساب، وفي باب الترغيب يكون حثاً على العمل الصالح، وفي باب الترهيب يكون تحذيراً من العمل السيئ، وهذا حث على العمل الصالح؛ لأنه في باب الترغيب.

قوله: (جائزته يومه وليلته) الجائزة هي الإتحاف الذي يتحفه به ويكرمه به ويتكلف له في ذلك اليوم وتلك الليلة، واليومان الباقيان يطعمه من أكله ومن طعامه المعتاد.

قوله: (الضيافة ثلاثة أيام) يعني: ثلاثة أيام داخلة مع الأول.

قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن سعيد المقبري ].

هو سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي شريح الكعبي ].

أبو شريح الكعبي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ قال أبو داود : قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد: أخبركم أشهب قال: وسئل مالك عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (جائزته يوم وليلة) قال: يكرمه ويتحفه ويحفظه يوماً وليلة، وثلاثة أيام ضيافة ].

أورد أبو داود الأثر عن مالك الذي فيه معنى الجائزة، وهو أنه يتحفه بشيء غير طعامه المعتاد، وبعد ذلك يقدم له طعامه المعتاد ويشاركه فيه الضيف في حدود ثلاثة أيام مع يوم الجائزة، ومن العلماء من قال: إن يوم الجائزة زائداً على الثلاثة الأيام، ولكن الذي يظهر أن الضيافة هي ثلاثة أيام، المرة الأولى فيها إتحاف، والمرتان الأخريان فيهما إحسان وإكرام، وليس فيهما تكلف، وإنما يضيفه بطعامه المعتاد.

[ قال أبو داود : قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد ].

الحارث بن مسكين ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ أخبركم أشهب ].

هو أشهب بن عبد العزيز ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ قال: وسئل مالك عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وجائزته يوم وليلة) ].

مالك تقدم ذكره.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ومحمد بن محبوب قالا: حدثنا حماد عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الضيافة ثلاثة أيام، فما سوى ذلك فهو صدقة) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (الضيافة ثلاثة أيام، وما سوى ذلك فهو صدقة) ] وهذا مطابق لما تقدم، وفيه توضيح بأن الذي مر في الحديث السابق من ذكر الجائزة وذكر الضيافة أنه مجموع الثلاثة، وأن الجائزة داخلة في الثلاثة؛ لأنه قال: [ (الضيافة ثلاثة أيام، وما سوى ذلك فهو صدقة) ] يعني: ما زاد عن الثلاثة الأيام فهو صدقة.

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ومحمد بن محبوب ].

محمد بن محبوب ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا حماد ].

هو حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عاصم ].

هو عاصم بن أبي النجود بهدلة ، اسم أبيه بهدلة وكنيته أبو النجود وهو صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ورواية البخاري عنه مقرونة.

[ عن أبي صالح ].

هو ذكوان السمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة مر ذكره.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد وخلف بن هشام قالا: حدثنا أبو عوانة عن منصور عن عامر عن أبي كريمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ليلة الضيف حق على كل مسلم، فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين، إن شاء اقتضى وإن شاء ترك) ].

أورد أبو داود حديث المقدام بن معد يكرب أبي كريمة رضي الله عنه قال: [ (ليلة الضيف حق على كل مسلم) ].

يعني: كل مسلم ينزل ببابه أو ينزل بفنائه ويستضيفه فهو حق عليه.

قوله: (فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين إن شاء اقتضى وإن شاء ترك).

يعني: الضيف الذي أصبح بفناء إنسان وعند بابه ولم يكرمه فهو عليه دين، إن شاء سعى إلى تحصيل هذا الحق الذي له، وإن شاء ترك هذا الحق الذي له على مضيفه الذي نزل ببابه ولم يكرمه.

قوله: [ حدثنا مسدد وخلف بن هشام ].

مسدد مر ذكره، خلف بن هشام ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .

[ حدثنا أبو عوانة ].

هو الوضاح بن عبد الله اليشكري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن منصور ].

هو منصور بن المعتمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عامر ].

هو عامر بن شراحيل الشعبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي كريمة ].

هو المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة حدثني أبو الجودي عن سعيد بن أبي المهاجر عن أبي المقدام أبي كريمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أيما رجل أضاف قوماً فأصبح الضيف محروماً، فإن نصره حق على كل مسلم، حتى يأخذ بقرى ليلة من زرعه وماله) ].

أورد أبو داود حديث المقدام بن معد يكرب وهو يدل على ما دل عليه الذي قبله من ناحية أن عليه حقاً وأن هذا دين عليه، لكن فيه زيادة أنه ينصر حتى يأخذ الحق، ولكن في الإسناد من لا يحتج به، لكن كونه عليه حقاً هذا ثابت في الحديث الذي قبل هذا، وأن له أن يقتضي وله أن يترك، وأما مسألة النصر وأنه يعان فهذا ما جاء إلا من هذه الطريق التي فيها ضعف.

قوله: [ (أيما رجل أضاف قوماً) ].

يعني: صار ضيفاً عندهم.

قوله: [ (فأصبح الضيف محروماً) ].

يعني: لم يكرم.

قوله: (فإن نصره حق على كل مسلم، حتى يأخذ بقرى ليلة من زرعه وماله) يعني: كل مسلم غير هذا الذي استضيف ينصرونه حتى يصل إلى أخذ قرى يوم وليلة من زرعه أو ماله.

وهذا الذي يأخذ من مال غيره عندما لا يكرمه أحد هو المضطر، وكما هو معلوم أن المضطر له أحكام تخصه، فقد جاء في بعض الأحاديث: (أن من أتى حائطاً فله أن يأكل منه دون أن يتخذ خُبنة) يعني: أنه يأكل شيئاً لبطنه لا لمتاعه، بحيث لا يتزود منه بشيء.


استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2890 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2842 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2731 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2702 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2693 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2686 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2654 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2650 استماع