شرح سنن أبي داود [390]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المخابرة.

حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إسماعيل ح وحدثنا مسدد أن حماداً وعبد الوارث حدثاهم كلهم عن أيوب عن أبي الزبير -قال: عن حماد وسعيد بن ميناء ثم اتفقوا- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن المحاقلة، والمزابنة، والمخابرة، والمعاومة، قال عن حماد وقال أحدهما: والمعاومة. وقال الآخر: بيع السنين. ثم اتفقوا: وعن الثنيا، ورخص في العرايا)].

أورد أبو داود (باب في المخابرة) والمخابرة هي المزارعة إلا أنها جاءت بهذا اللفظ، وقد أسلفت أن بعض أهل العلم يقول: الفرق بين المزارعة والمخابرة أن إحداهما يكون البذر من العامل، والثانية يكون البذر من المالك.

والمخابرة أو المزارعة استقر الحكم على جوازها، كما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم مع أهل خيبر، حيث كانوا يعملون فيها على الشطر مما يخرج منها، فهو حكم ثابت غير منسوخ، وهو آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أورد المصنف حديث جابر : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والمعاومة)والمحاقلة مثل المزابنة إلا أن المزابنة بيع الثمر على رءوس النخل بتمر، والمحاقلة: هي بيع الحب في سنبله بحنطة، وكل منهما لا يجوز، وقد استثني من ذلك العرايا فيما يتعلق بالنخل.

والمعاومة هي بيع السنين، وهي أن يبيع ثمرة أرضه لعدة أعوام، وهذا لا يجوز؛ لأن هذا شيء مجهول، ولا يعرف هل يحصل من الثمر شيء أو لا يحصل شيء، وإنما البيع يكون لسنة واحدة، أما كونه يبيعه لعدة سنوات في مقابل شيء لم يوجد ولم يخلق فإن هذا لا يصح، ولكن يجوز أن يبيعه ثمرة السنة الحاضرة.

قوله: [ عن حماد وقال أحدهما: والمعاومة، وقال الآخر: بيع السنين ].

يعني: لا فرق بينهما.

قوله: [ وعن الثنيا ].

الثنيا أي: الاستثناء، وقد جاء في بعض الأحاديث ما يدل على جواز استثناء شيء معلوم، وفي رواية: (وعن الثنيا إلا أن تعلم) ، وأما إذا كانت الثنيا مجهولة فإن ذلك لا يصح، كأن يقول مثلاً: بعتك هذه الصبرة إلا بعضها أو إلا جزءاً منها، أما لو قال: إلا ربعها فلا بأس، وإنما المحذور استثناء الشيء الذي فيه جهالة، أو يقول: بعتك ثمرة هذا البستان إلا نخلة منه، ولم يحدد النخلة، فإن هذا شيء مجهول، ولكن إذا حدد النخلة الفلانية صح.

قوله: [ (ورخص في العرايا)].

وهي بيع الثمر على رءوس النخل بتمر، وهذا ممنوع، ولكن استثني كما سبق العرايا في حدود معينة، وهي أنه لا يبلغ خمسة أوسق.

تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة)

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

أحمد بن محمد بن حنبل الإمام الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا إسماعيل ].

إسماعيل بن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ وحدثنا مسدد ].

مسدد مر ذكره.

[ عن حماد ].

حماد بن زيد مر ذكره.

[ وعبد الوارث ].

عبد الوارث بن سعيد العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ كلهم عن أيوب ].

أيوب السختياني مر ذكره.

[ عن أبي الزبير ].

هو محمد بن مسلم بن تدرس وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال: عن حماد وسعيد بن ميناء ].

سعيد بن ميناء ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ عن جابر بن عبد الله ].

جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (نهى عن المزابنة وعن المحاقلة) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو حفص عمر بن يزيد السياري قال: حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن يونس بن عبيد عن عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن المزابنة، وعن المحاقلة، وعن الثنيا إلا أن تعلم)].

وهذه طريق أخرى عن جابر وهي مختصرة، وفيها تقييد الثنيا المنهي عنها أنها المجهولة، وأما إذا كانت معلومة فإن ذلك لا بأس به.

تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن المزابنة وعن المحاقلة) من طريق ثانية

قوله: [ حدثنا أبو حفص عمر بن يزيد السياري ].

عمر بن يزيد السياري صدوق، أخرج له أبو داود .

[ حدثنا عباد بن العوام ].

عباد بن العوام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سفيان بن حسين ].

سفيان بن حسين ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن.

[ عن يونس بن عبيد ].

يونس بن عبيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عطاء عن جابر ].

مر ذكرهما.

شرح حديث (من لم يذر المخابرة فليأذن بحرب من الله ورسوله)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن معين حدثنا ابن رجاء -يعني: المكي - قال ابن خثيم : حدثني عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (من لم يذر المخابرة فليأذن بحرب من الله ورسوله)].

أورد المصنف حديث جابر مرفوعاً: (من لم يدع المخابرة فليأذن بحرب من الله ورسوله)وهذا هو التشديد الوارد في المخابرة، وهو يطابق الترجمة السابقة في التشديد في ذلك، وهذا الحديث أنسب لتلك الترجمة؛ لأن فيه وعيداً شديداً، ولكن الحديث غير صحيح، فهو ضعيف الإسناد.

تراجم رجال إسناد حديث (من لم يذر المخابرة فليأذن بحرب من الله ورسوله)

قوله: [ حدثنا يحيى بن معين حدثنا ابن رجاء -يعني: المكي - ].

يحيى بن معين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

وابن رجاء هو عبد الله بن رجاء وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن ابن خثيم ].

هو عبد الله بن عثمان وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي الزبير عن جابر ].

أبو الزبير وجابر مر ذكرهما، وأبو الزبير مدلس، فعلته التدليس، فإن رواية أبي الزبير هنا بالعنعنة.

شرح حديث (نهى رسول الله عن المخابرة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عمر بن أيوب عن جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن المخابرة قلت: وما المخابرة؟ قال: أن تأخذ الأرض بنصف أو ثلث أو ربع)].

هذا الحديث فيه تفسير المخابرة بأنها المزارعة بجزء مما يخرج منها، نصف أو ربع أو ثلث، وهذا النهي كان في أول الأمر، فقد كان يحث الناس على ترك المخابرة، وأن يصيروا إلى الإحسان والإرفاق، وأن يمنح أحدهم أخاه ولا يأخذ منه شيئاً.

تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله عن المخابرة)

قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عمر بن أيوب ].

عمر بن أيوب صدوق له أوهام، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن جعفر بن برقان ].

جعفر بن برقان وهو صدوق يهم في حديث الزهري ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن .

[ عن ثابت بن الحجاج ].

ثابت بن الحجاج وهو ثقة، أخرج له أبو داود .

[ عن زيد بن ثابت ].

زيد بن ثابت رضي الله عنه الصحابي الجليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المخابرة.

حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إسماعيل ح وحدثنا مسدد أن حماداً وعبد الوارث حدثاهم كلهم عن أيوب عن أبي الزبير -قال: عن حماد وسعيد بن ميناء ثم اتفقوا- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن المحاقلة، والمزابنة، والمخابرة، والمعاومة، قال عن حماد وقال أحدهما: والمعاومة. وقال الآخر: بيع السنين. ثم اتفقوا: وعن الثنيا، ورخص في العرايا)].

أورد أبو داود (باب في المخابرة) والمخابرة هي المزارعة إلا أنها جاءت بهذا اللفظ، وقد أسلفت أن بعض أهل العلم يقول: الفرق بين المزارعة والمخابرة أن إحداهما يكون البذر من العامل، والثانية يكون البذر من المالك.

والمخابرة أو المزارعة استقر الحكم على جوازها، كما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم مع أهل خيبر، حيث كانوا يعملون فيها على الشطر مما يخرج منها، فهو حكم ثابت غير منسوخ، وهو آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أورد المصنف حديث جابر : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والمعاومة)والمحاقلة مثل المزابنة إلا أن المزابنة بيع الثمر على رءوس النخل بتمر، والمحاقلة: هي بيع الحب في سنبله بحنطة، وكل منهما لا يجوز، وقد استثني من ذلك العرايا فيما يتعلق بالنخل.

والمعاومة هي بيع السنين، وهي أن يبيع ثمرة أرضه لعدة أعوام، وهذا لا يجوز؛ لأن هذا شيء مجهول، ولا يعرف هل يحصل من الثمر شيء أو لا يحصل شيء، وإنما البيع يكون لسنة واحدة، أما كونه يبيعه لعدة سنوات في مقابل شيء لم يوجد ولم يخلق فإن هذا لا يصح، ولكن يجوز أن يبيعه ثمرة السنة الحاضرة.

قوله: [ عن حماد وقال أحدهما: والمعاومة، وقال الآخر: بيع السنين ].

يعني: لا فرق بينهما.

قوله: [ وعن الثنيا ].

الثنيا أي: الاستثناء، وقد جاء في بعض الأحاديث ما يدل على جواز استثناء شيء معلوم، وفي رواية: (وعن الثنيا إلا أن تعلم) ، وأما إذا كانت الثنيا مجهولة فإن ذلك لا يصح، كأن يقول مثلاً: بعتك هذه الصبرة إلا بعضها أو إلا جزءاً منها، أما لو قال: إلا ربعها فلا بأس، وإنما المحذور استثناء الشيء الذي فيه جهالة، أو يقول: بعتك ثمرة هذا البستان إلا نخلة منه، ولم يحدد النخلة، فإن هذا شيء مجهول، ولكن إذا حدد النخلة الفلانية صح.

قوله: [ (ورخص في العرايا)].

وهي بيع الثمر على رءوس النخل بتمر، وهذا ممنوع، ولكن استثني كما سبق العرايا في حدود معينة، وهي أنه لا يبلغ خمسة أوسق.

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

أحمد بن محمد بن حنبل الإمام الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا إسماعيل ].

إسماعيل بن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ وحدثنا مسدد ].

مسدد مر ذكره.

[ عن حماد ].

حماد بن زيد مر ذكره.

[ وعبد الوارث ].

عبد الوارث بن سعيد العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ كلهم عن أيوب ].

أيوب السختياني مر ذكره.

[ عن أبي الزبير ].

هو محمد بن مسلم بن تدرس وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال: عن حماد وسعيد بن ميناء ].

سعيد بن ميناء ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ عن جابر بن عبد الله ].

جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو حفص عمر بن يزيد السياري قال: حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن يونس بن عبيد عن عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن المزابنة، وعن المحاقلة، وعن الثنيا إلا أن تعلم)].

وهذه طريق أخرى عن جابر وهي مختصرة، وفيها تقييد الثنيا المنهي عنها أنها المجهولة، وأما إذا كانت معلومة فإن ذلك لا بأس به.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2728 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2698 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2643 استماع