شرح سنن أبي داود [358]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (أقطع وائل بن حجر أرضاً بحضرموت)

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب في إقطاع الأرضين.

حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن سماك عن علقمة بن وائل عن أبيه رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضاً بحضرموت) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة (باب في إقطاع الأرضين) يعني: إعطاء الإمام بعض رعيته قطعة من الأرض يقطعها إياه، وهذا يسمى إقطاع الأرض، وهو خاص بالأرضين، ولا يكون في الأشياء المنقولة، وقد جاء في ذلك أحاديث تدل على وقوعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أورد أبو داود حديث وائل بن حجر قال: (أقطعني رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضاً بحضرموت) أي: أعطاه أرضاً بحضرموت، وهو يدل على ما ترجم له المصنف من ثبوت الإقطاع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه هذه الأرض من أرض اليمن في حضرموت.

تراجم رجال إسناد حديث: (أقطع وائل بن حجر أرضاً بحضرموت)

قوله: [ حدثنا عمرو بن مرزوق ].

عمرو بن مرزوق ثقة له أوهام، أخرج له البخاري وأبو داود .

[ أخبرنا شعبة ].

شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سماك ].

سماك بن حرب وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن علقمة بن وائل ].

علقمة بن وائل بن حجر وهو صدوق، أخرج له البخاري في رفع اليدين ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

و علقمة سمع من أبيه بخلاف أخيه عبد الجبار فإنه لم يسمع من أبيه، والحافظ ذكر في التقريب أن علقمة لم يسمع من أبيه، ولكن الصحيح أنه قد سمع منه، فقد روى عنه مسلم في صحيحه حديثاً أو حديثين، ومسلم يشترط الصحة في الأسانيد، وقد صرح البخاري في تاريخه أنه سمع من أبيه، وفي سنن الترمذي تصريحه بالسماع من أبيه.

طريق أخرى لحديث إقطاع وائل أرضاً بحضرموت وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا جامع بن مطر عن علقمة بن وائل بإسناده مثله ].

أورد المصنف الحديث من طريق أخرى، وقال: إسناده مثله يعني: مثل الطريق الأولى.

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ].

حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا جامع بن مطر ].

جامع بن مطر وهو صدوق، أخرج له البخاري في رفع اليدين وأبو داود والنسائي .

[ عن علقمة بن وائل بإسناده مثله ].

يعني: علقمة بن وائل عن أبيه.

وهذا الإسناد من الرباعيات التي هي عند أبي داود أعلى الأسانيد.

شرح حديث: (خط لي رسول الله داراً بالمدينة بقوس)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن فطر قال: حدثني أبي عن عمرو بن حريث رضي الله عنه أنه قال: (خط لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم داراً بالمدينة بقوس وقال: أزيدك أزيدك) ].

أورد أبو داود حديث عمرو بن حريث رضي الله عنه أنه خط له داراً في المدينة بقوس، يعني: قطعة من الأرض خطها له بقوس، والقوس من آلات الخط التي يخط بها، لبيان المقدار الذي أعطاه إياه، والمقصود بالدار قطعة من الأرض، وليست داراً مبنية، وإنما هي قطعة أرض يبني عليها داراً في المدينة.

تراجم رجال إسناد حديث: (خط لي رسول الله داراً بالمدينة بقوس)

قوله: [ حدثنا مسدد ].

مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا عبد الله بن داود ].

عبد الله بن داود الخريبي وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ عن فطر ].

فطر بن خليفة وهو صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

وهو لين الحديث، أخرج له أبو داود .

[ عن عمرو بن حريث ].

عمرو بن حريث رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

والحديث ضعيف، في إسناده رجل لين الحديث.

شرح حديث: (أقطع بلال بن الحارث معادن القبلية)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية) وهي من ناحية الفرع، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم ].

أورد أبو داود هذا الحديث المرسل عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية، وهذا اسم مكان، وهي من ناحية الفرع بين مكة والمدينة.

قوله: [ فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلا اليوم ].

إعطاؤه معادن القبلية جاء في عدة أحاديث، وهذا المقدار من الحديث صحيح، ولكن كونه لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم ما جاء إلا من هذا الطريق المرسلة، وعلى هذا فإنها يؤخذ منها الخمس وهو ما يخرج من الزكاة والمعادن، وأما الزكاة فمقدارها ربع العشر.

تراجم رجال إسناد حديث: (أقطع بلال بن الحارث معادن القبلية)

قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ].

عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .

[ عن مالك ].

مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ].

ربيعة بن أبي عبد الرحمن وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن غير واحد ].

هؤلاء مجهولون.

شرح حديث: (أقطع بلال بن الحارث معادن القبلية) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا العباس بن محمد بن حاتم وغيره -قال العباس :- حدثنا الحسين بن محمد أخبرنا أبو أويس قال حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني

عن أبيه عن جده رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية جلسيها وغوريها، وقال غيره: جلسها وغورها، وحيث يصلح الزرع من قدس، ولم يعطه حق مسلم، وكتب له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى محمد رسول الله بلال بن الحارث المزني ؛ أعطاه معادن القبلية جلسيها وغوريها، وقال غيره: جلسها وغورها، وحيث يصلح الزرع من قدس، ولم يعطه حق مسلم) ].

أورد أبو داود حديث عمرو بن عوف المزني : (أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية جلسها وغورها)، والمراد بالجلس المكان المرتفع، والغور المكان المنخفض، يعني: أقطعه الربى والوهاد يعني: الأماكن المرتفعة والأماكن المنخفضة في ذلك المكان.

قوله: [ وحيث يصلح الزرع من قدس ].

هو اسم جبل، فالمعنى: المكان الذي يصلح فيه الزراعة على ظهره وأعلاه.

قوله: [ ولم يعطه حق مسلم ].

يعني: الذي أعطاه شيئاً ليس مملوكاً لمسلم؛ لأن ما كان مملوكاً لمسلم فهو له، ولا يتصرف فيه الإمام ولا غير الإمام.