شرح سنن أبي داود [325]


الحلقة مفرغة

شرح حديث حبيب بن مسلمة في أن الخمس قبل النفل

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيمن قال: الخمس قبل النفل.

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن يزيد بن يزيد بن جابر الشامي عن مكحول عن زياد بن جارية التميمي عن حبيب بن مسلمة الفهري أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينفل الثلث بعد الخمس) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [باب من قال الخمس قبل النفل]، يعني: أن التنفيل من الأربعة الأخماس، وأما الخمس فإنه يكون من الجميع، وهذا وجه، والوجه الثاني: أنه يخرج من أصل الغنيمة، وكل من ذلك صحيح وثابت، وهذا يرجع إلى الإمام، إن شاء أن ينفل من الأصل، وإن شاء أن ينفل مما زاد على الخمس.

قوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفل الثلث بعد الخمس) ].

أي أنه ينفل الثلث من الباقي الذي هو أربعة الأخماس، وما زاد على ذلك يكون للغانمين.

وهذا هو أعلى شيء ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ورد الربع إذا كانوا ذاهبين، والثلث إذا كانوا قافلين، وورد مطلقاً كما هنا.

تراجم رجال إسناد حديث حبيب بن مسلمة في أن الخمس قبل النفل

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

هو محمد بن كثير العبدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سفيان ].

هو الثوري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يزيد بن يزيد بن جابر الشامي ].

ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .

[عن مكحول ].

هو الشامي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن زياد بن جارية التميمي ].

زياد بن جارية التميمي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أبو داود وابن ماجة .

يقول الحافظ : يقال: له صحبة، وثقه النسائي .

[ عن حبيب بن مسلمة الفهري ].

حبيب بن مسلمة الفهري رضي الله عنه، أخرج له أبو داود وابن ماجة .

شرح حديث حبيب في أن الخمس قبل النفل من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن ابن جارية عن حبيب بن مسلمة: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان ينفل الربع بعد الخمس، والثلث بعد الخمس إذا قفل) ].

أورد أبو داود حديث حبيب بن مسلمة من طريق أخرى، وفيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل الربع بعد الخمس، والثلث بعد الخمس إذا قفل)، ومعناه: أنه في حال الذهاب ينفل الربع، وفي حال القفول والرجوع ينفل الثلث.

فقيل في التفريق بينهما: أنه في حال الذهاب يكون الناس في قوة وعندهم الزاد، وهم مقبلون على العدو وعلى القتال فكانوا ينفلون الربع، ولكن في حال الرجوع ينفلون الثلث؛ لأن حالتهم في الرجوع تختلف عن حالتهم في الذهاب؛ فيكون فيهم ضعف، بعد ما حصل لهم من تعب ومن نصب، فينفلون الثلث.

وقيل: إن المقصود بالقفول: أنهم عندما يقفلون يطلب من بعضهم أن يرجع إلى العدو أو يرجع إلى جهة، فيكون في ذلك مشقة وتعب؛ فصاروا كأنهم ذاهبون مع أن الجيش قد انصرف.

فيكون القفول له معنيان: إما أن يكونوا راجعين، وأن هذا التنفيل حصل لهم في حال رجوعهم، أو أنهم رجعوا إلى العدو وأولئك انصرفوا، فصار لهم زيادة التعب والنصب والمشقة، فزيدوا في التنفيل إلى الثلث بدل الربع.

تراجم رجال إسناد حديث حبيب بن مسلمة في أن الخمس قبل النفل من طريق ثانية

قوله: [حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي ].

هو عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري الجشمي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ].

عبد الرحمن بن مهدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن معاوية بن صالح ].

هو معاوية بن صالح بن حدير ، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن العلاء بن الحارث ].

صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ عن مكحول عن ابن جارية عن حبيب بن مسلمة ].

مر ذكر الثلاثة.

شرح حديث حبيب في أن الخمس قبل النفل من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان ومحمود بن خالد الدمشقيان المعنى قالا: حدثنا مروان بن محمد قال: حدثنا يحيى بن حمزة قال: سمعت أبا وهب يقول: سمعت مكحولاً يقول: كنت عبداً بمصر لامرأة من بني هذيل فأعتقتني، فما خرجت من مصر وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى، ثم أتيت الحجاز فما خرجت منها وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى، ثم أتيت العراق فما خرجت منها وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى، ثم أتيت الشام فغربلتها؛ كل ذلك أسأل عن النفل، فلم أجد أحداً يخبرني فيه بشيء حتى لقيت شيخاً يقال له زياد بن جارية التميمي فقلت له: هل سمعت في النفل شيئاً؟ قال: نعم، سمعت حبيب بن مسلمة الفهري يقول: (شهدت النبي صلى الله عليه وآله وسلم نفل الربع في البدأة، والثلث في الرجعة) ].

أورد أبو داود حديث حبيب بن مسلمة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وفيه هذه القصة لـمكحول الدالة على عنايته واشتغاله بالعلم، وأنه إذا حل في بلد ينتهز الفرصة فيحرص على لقاء الشيوخ والأخذ عنهم؛ لأن الإنسان إذا قدم بلداً فهو لن يبقى فيه ولن يستمر فيه، فيجد الفرصة سانحة لأن يبذل جهده لأخذ ما عند علماء ذلك البلد من العلم، والجلوس إليهم والاستفادة منهم، وقال: إنه كان عبداً لامرأة من هذيل في مصر، فأعتقته، وإنه ما خرج من مصر إلا وقد حوى ما فيها من علم فيما يظن، ثم جاء إلى الحجاز ففعل كذلك، ثم ذهب إلى العراق ففعل كذلك، ثم إلى الشام، وقوله: (وغربلتها)، معناه: أنه اجتهد في أخذ ما فيها من العلم.

وكان في كل ذلك يسأل عن النفل، فوجد زياد بن جارية يحدث عن حبيب بن مسلمة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل الربع في البدأة والثلث في الرجعة)، وهو مثل المتن الذي تقدم في الطرق المتقدمة.

تراجم رجال إسناد حديث حبيب في أن الخمس قبل النفل من طريق ثالثة

قوله: [حدثنا عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان ].

هو عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان الدمشقي ، وهو صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة .

محمود بن خالد ].

ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[حدثنا مروان بن محمد ].

مروان بن محمد ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا يحيى بن حمزة ].

يحيى بن حمزة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ سمعت أبا وهب ].

هو عبيد الله بن عبيد الكلاعي ، وهو صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة .

[ سمعت مكحولاً ].

قد مر ذكره.

لقيت شيخاً يقال له: [ زياد بن جارية التميمي ].

قد مر ذكره.

[ سمعت حبيب بن مسلمة ].

قد مر ذكره.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيمن قال: الخمس قبل النفل.

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن يزيد بن يزيد بن جابر الشامي عن مكحول عن زياد بن جارية التميمي عن حبيب بن مسلمة الفهري أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينفل الثلث بعد الخمس) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [باب من قال الخمس قبل النفل]، يعني: أن التنفيل من الأربعة الأخماس، وأما الخمس فإنه يكون من الجميع، وهذا وجه، والوجه الثاني: أنه يخرج من أصل الغنيمة، وكل من ذلك صحيح وثابت، وهذا يرجع إلى الإمام، إن شاء أن ينفل من الأصل، وإن شاء أن ينفل مما زاد على الخمس.

قوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفل الثلث بعد الخمس) ].

أي أنه ينفل الثلث من الباقي الذي هو أربعة الأخماس، وما زاد على ذلك يكون للغانمين.

وهذا هو أعلى شيء ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ورد الربع إذا كانوا ذاهبين، والثلث إذا كانوا قافلين، وورد مطلقاً كما هنا.

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

هو محمد بن كثير العبدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سفيان ].

هو الثوري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يزيد بن يزيد بن جابر الشامي ].

ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .

[عن مكحول ].

هو الشامي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن زياد بن جارية التميمي ].

زياد بن جارية التميمي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أبو داود وابن ماجة .

يقول الحافظ : يقال: له صحبة، وثقه النسائي .

[ عن حبيب بن مسلمة الفهري ].

حبيب بن مسلمة الفهري رضي الله عنه، أخرج له أبو داود وابن ماجة .

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن ابن جارية عن حبيب بن مسلمة: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان ينفل الربع بعد الخمس، والثلث بعد الخمس إذا قفل) ].

أورد أبو داود حديث حبيب بن مسلمة من طريق أخرى، وفيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل الربع بعد الخمس، والثلث بعد الخمس إذا قفل)، ومعناه: أنه في حال الذهاب ينفل الربع، وفي حال القفول والرجوع ينفل الثلث.

فقيل في التفريق بينهما: أنه في حال الذهاب يكون الناس في قوة وعندهم الزاد، وهم مقبلون على العدو وعلى القتال فكانوا ينفلون الربع، ولكن في حال الرجوع ينفلون الثلث؛ لأن حالتهم في الرجوع تختلف عن حالتهم في الذهاب؛ فيكون فيهم ضعف، بعد ما حصل لهم من تعب ومن نصب، فينفلون الثلث.

وقيل: إن المقصود بالقفول: أنهم عندما يقفلون يطلب من بعضهم أن يرجع إلى العدو أو يرجع إلى جهة، فيكون في ذلك مشقة وتعب؛ فصاروا كأنهم ذاهبون مع أن الجيش قد انصرف.

فيكون القفول له معنيان: إما أن يكونوا راجعين، وأن هذا التنفيل حصل لهم في حال رجوعهم، أو أنهم رجعوا إلى العدو وأولئك انصرفوا، فصار لهم زيادة التعب والنصب والمشقة، فزيدوا في التنفيل إلى الثلث بدل الربع.