شرح سنن أبي داود [324]


الحلقة مفرغة

شرح حديث ابن عباس في النفل من طريق خالد الطحان

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في النفل.

حدثنا وهب بن بقية قال: أخبرنا خالد عن داود عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر: من فعل كذا وكذا فله من النفل كذا وكذا، قال: فتقدم الفتيان ولزم المشيخة الرايات فلم يبرحوها، فلما فتح الله عليهم قالت المشيخة: كنا ردءاً لكم لو انهزمتم لفئتم إلينا، فلا تذهبوا بالغنم ونبقى، فأبى الفتيان، وقالوا: جعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنا، فأنزل الله: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ [الأنفال:1] إلى قوله: كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ [الأنفال:5]، يقول: فكان ذلك خيراً لهم، فكذلك أيضاً فأطيعوني فإني أعلم بعاقبة هذا منكم) ].

أورد أبو داود باباً في النفل، والنفل هو: ما يعطى المجاهد في سبيل الله زيادة على السهام، وقيل له نفل؛ لأنه نافلة، والنفل والنافلة: الزيادة، فهو ما يعطاه المجاهد زيادة على نصيبه من المغنم، هذا هو المقصود بالنفل.

أورد أبو داود حديث ابن عباس .

قوله: [ (من فعل كذا وكذا، فله من النفل كذا وكذا) ].

معناه: أنه يعطى زيادة على السهم كذا وكذا، وهو مثل السلب، إلا أن ذاك فيه: (من قتل قتيلاً فله سلبه) وهنا يقول: من عمل كذا فله كذا، ويحدد شيئاً لا من أجل أنه قتل إنساناً، ولكن من أجل أنه قام بجهد خاص مثلما سيأتي في قصة السرية التي أعطى كل واحد منهم بعيراً تنفيلاً.

قوله: [ (فتقدم الفتيان، ولزم المشيخة الرايات، فلم يبرحوها) ].

المشيخة هم الكبار وقد لزموا الرايات فلم يبرحوها.

قوله: [ (فلما فتح الله عليهم قال المشيخة: كنا ردءاً لكم لو انهزمتم لفئتم إلينا ) ].

أي: لو انهزمتم لصرتم إلينا؛ لأنهم وقاية ومرجع لهم يرجعون إليهم.

قوله: [ (فلا تذهبوا بالمغنم ونبقى، فأبى الفتيان وقالوا: جعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنا، فأنزل الله يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ [الأنفال:1]) ].

أي: فلم يوافق الفتيان على ما طلبه منهم الكبار، وأنزل الله عز وجل: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ [الأنفال:1] أي: يضعها حيث يشاء، والمغنم كما هو معلوم يشترك فيه الجميع، ولكن النفل هو الذي يختص به من يكون له جهد خاص.

قوله: [ (إلى قوله: كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ [الأنفال:5]، يقول: فكان ذلك خيراً لهم، فكذلك أيضاً فأطيعوني فإني أعلم بعاقبة هذا منكم!) ].

أي: أطيعوني فيما آمركم به، وفيما أقول لكم، فإني أعلم بعاقبة ذلك منكم، أي أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم العاقبة والنتيجة لهذا الأمر، وأن ذلك خير لهم إذا أطاعوه واستجابوا لما يأمرهم به، ولو كان في ذلك شيء من التفاوت بأن يعطى أحد من أجل قيامه بجهد خاص شيئاً زائداً، وأما الغنيمة فيشترك فيها الجميع.

قوله: [ (أطيعوني فإني أعلم بعاقبة هذا منكم) ]، يعني: هذا الذي أمرهم به، بأن من فعل كذا فله من النفل كذا، فالمشيخة الذين لم يحصل لهم نصيب من ذلك يسمعون ويطيعون لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ [الأنفال:1]، أي: هذا الذي حصل بينكم من الخلاف لابد أن تعملوا على إصلاحه وعلى إزالته.

وقول المشيخة: (فلا تذهبوا بالمغنم) يعنون به النفل الزائد على الغنيمة.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في النفل من طريق خالد الطحان

[ حدثنا وهب بن بقية ].

هو وهب بن بقية الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ أخبرنا خالد ].

هو خالد بن عبد الله الواسطي الطحان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن داود ] .

داود هو ابن أبي هند وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[عن عكرمة ].

هو عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن ابن عباس ] وقد مر ذكره.

شرح حديث ابن عباس في النفل من طريق هشيم

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زياد بن أيوب حدثنا هشيم أخبرنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس: (أن رسول الله صلى الله عليهآله وسلم قال يوم بدر: من قتل قتيلاً فله كذا وكذا، ومن أسر أسيراً فله كذا وكذا) ثم ساق نحوه، وحديث خالد أتم ].

أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى وفيه ذكر السلب وذكر غيره قال: (من قتل قتيلاً فله سلبه، ومن أسر أسيراً فله كذا) وهذا يفسر ما تقدم من قوله: (من فعل كذا فله من النفل كذا)؛ لأن فيه ذكر السلب، وفيه ذكر الأسر وله مقابل يخصه، وهذا يتميز به من فعل ذلك عن أصحاب الغنيمة.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في النفل من طريق هشيم

قوله: [ حدثنا زياد بن أيوب ].

زياد بن أيوب ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا هشيم ].

هو هشيم بن بشير الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس ].

وقد مر ذكرهم.

شرح حديث ابن عباس في النفل من طريق يحيى بن أبي زائدة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هارون بن محمد بن بكار بن بلال حدثنا يزيد بن خالد بن موهب الهمداني حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة أخبرنا داود بهذا الحديث بإسناده قال: (فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسواء) وحديث خالد أتم ].

وذكر أبو داود طريقاً أخرى، فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الغنيمة بالسواء، أي بالسوية، لا فرق بين شخص وشخص، وهذا لا ينافي ما تقدم من أن النفل الذي هو زائد على القسمة يعطى لمن كان له جهد خاص؛ لأن القسمة بالسواء إنما هي للغنيمة، فمعناه: أن كلاً أخذ نصيبه من الغنيمة، ولكن النفل والسلب والشيء الذي حصل من بعض الأشخاص فإنهم يتميزون به، فيأخذونه مع نصيبهم من الغنيمة، ويكون ذلك زائداً على الغنيمة.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في النفل من طريق يحيى بن أبي زائدة

قوله: [ حدثنا هارون بن محمد بن بكار بن بلال ].

وهو صدوق أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثنا يزيد بن خالد بن موهب الهمداني ].

وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ].

يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن داود بإسناده ].

هو داود بن أبي هند وقد مر ذكرهم.

شرح حديث سعد بن أبي وقاص في النفل

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد بن السري عن أبي بكر عن عاصم عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: (جئت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر بسيف، فقلت: يا رسول الله، إن الله قد شفى صدري اليوم من العدو، فهب لي هذا السيف، قال: إن هذا السيف ليس لي ولا لك، فذهبت وأنا أقول: يعطاه اليوم من لم يبل بلائي، فبينما أنا إذ جاءني الرسول فقال: أجب، فظننت أنه نزل في شيء بكلامي، فجئت فقال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنك سألتني هذا السيف وليس هو لي ولا لك، وإن الله قد جعله لي فهو لك، ثم قرأ: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ [الأنفال:1] إلى آخر الآية)

قال أبو داود : قراءة ابن مسعود : (يسألونك عن النفل) ].

أورد أبو داود حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، أنه أتى بسيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر.

قوله: [ (ليس هو لي ولا لك) ].

معناه: أنه يكون من جملة الغنيمة، ثم إنه وقع في نفسه شيء، فقال: يمكن أن يعطاه أحد دوني، فبعد ذلك جاءه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبه، فظن أنه نزل فيه شيء من أجل هذا الذي قاله في نفسه، فذهب فقال له الرسول: (إنك سألتني هذا السيف وليس هو لي ولا لك، وإن الله قد جعله لي، فهو لك!).

ومعناه: أنه جعله له تنفيلاً، أي: زيادة على سهمه من الغنيمة.

تراجم رجال إسناد حديث سعد في النفل

قوله: [ حدثنا هناد بن السري ].

هو هناد بن السري أبو السري ، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي بكر ].

هو أبو بكر بن عياش، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عاصم ].

هو عاصم بن بهدلة ، وهو عاصم بن أبي النجود ، وهو صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة، والبخاري ومسلم إنما أخرجا له مقروناً.

[ عن مصعب بن سعد ].

هو مصعب بن سعد بن أبي وقاص ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن أبيه].

هو سعد بن أبي وقاص ، أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنه وأرضاه، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في النفل.

حدثنا وهب بن بقية قال: أخبرنا خالد عن داود عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر: من فعل كذا وكذا فله من النفل كذا وكذا، قال: فتقدم الفتيان ولزم المشيخة الرايات فلم يبرحوها، فلما فتح الله عليهم قالت المشيخة: كنا ردءاً لكم لو انهزمتم لفئتم إلينا، فلا تذهبوا بالغنم ونبقى، فأبى الفتيان، وقالوا: جعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنا، فأنزل الله: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ [الأنفال:1] إلى قوله: كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ [الأنفال:5]، يقول: فكان ذلك خيراً لهم، فكذلك أيضاً فأطيعوني فإني أعلم بعاقبة هذا منكم) ].

أورد أبو داود باباً في النفل، والنفل هو: ما يعطى المجاهد في سبيل الله زيادة على السهام، وقيل له نفل؛ لأنه نافلة، والنفل والنافلة: الزيادة، فهو ما يعطاه المجاهد زيادة على نصيبه من المغنم، هذا هو المقصود بالنفل.

أورد أبو داود حديث ابن عباس .

قوله: [ (من فعل كذا وكذا، فله من النفل كذا وكذا) ].

معناه: أنه يعطى زيادة على السهم كذا وكذا، وهو مثل السلب، إلا أن ذاك فيه: (من قتل قتيلاً فله سلبه) وهنا يقول: من عمل كذا فله كذا، ويحدد شيئاً لا من أجل أنه قتل إنساناً، ولكن من أجل أنه قام بجهد خاص مثلما سيأتي في قصة السرية التي أعطى كل واحد منهم بعيراً تنفيلاً.

قوله: [ (فتقدم الفتيان، ولزم المشيخة الرايات، فلم يبرحوها) ].

المشيخة هم الكبار وقد لزموا الرايات فلم يبرحوها.

قوله: [ (فلما فتح الله عليهم قال المشيخة: كنا ردءاً لكم لو انهزمتم لفئتم إلينا ) ].

أي: لو انهزمتم لصرتم إلينا؛ لأنهم وقاية ومرجع لهم يرجعون إليهم.

قوله: [ (فلا تذهبوا بالمغنم ونبقى، فأبى الفتيان وقالوا: جعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنا، فأنزل الله يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ [الأنفال:1]) ].

أي: فلم يوافق الفتيان على ما طلبه منهم الكبار، وأنزل الله عز وجل: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ [الأنفال:1] أي: يضعها حيث يشاء، والمغنم كما هو معلوم يشترك فيه الجميع، ولكن النفل هو الذي يختص به من يكون له جهد خاص.

قوله: [ (إلى قوله: كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ [الأنفال:5]، يقول: فكان ذلك خيراً لهم، فكذلك أيضاً فأطيعوني فإني أعلم بعاقبة هذا منكم!) ].

أي: أطيعوني فيما آمركم به، وفيما أقول لكم، فإني أعلم بعاقبة ذلك منكم، أي أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم العاقبة والنتيجة لهذا الأمر، وأن ذلك خير لهم إذا أطاعوه واستجابوا لما يأمرهم به، ولو كان في ذلك شيء من التفاوت بأن يعطى أحد من أجل قيامه بجهد خاص شيئاً زائداً، وأما الغنيمة فيشترك فيها الجميع.

قوله: [ (أطيعوني فإني أعلم بعاقبة هذا منكم) ]، يعني: هذا الذي أمرهم به، بأن من فعل كذا فله من النفل كذا، فالمشيخة الذين لم يحصل لهم نصيب من ذلك يسمعون ويطيعون لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ [الأنفال:1]، أي: هذا الذي حصل بينكم من الخلاف لابد أن تعملوا على إصلاحه وعلى إزالته.

وقول المشيخة: (فلا تذهبوا بالمغنم) يعنون به النفل الزائد على الغنيمة.