شرح سنن أبي داود [286]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (كان رسول الله يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في صوم العشر.

حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن الحر بن الصياح عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس) ].

أورد أبو داود صيام العشر، أي: عشر ذي الحجة، ولكن المقصود التسع، وقد اشتهرت بهذا الاسم تغليباً، وإلا فإن اليوم العاشر يوم العيد، ولا يجوز صيامه بحال من الأحوال؛ لأنه يحرم صوم العيدين وأيام التشريق، وأيام التشريق لم يرخص في أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي، أما العيدان فلا يجوز صيامهما بحال من الأحوال، بل يجب إفطارهما.

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على صيام العشر، وجاء حديث عام يشمل الصيام وغير الصيام، وجاء حديث في ترجمة أخرى بخلاف ذلك يعني: في الإفطار في أيام العشر، ولكن صيام العشر قربة من أفضل القربات، وداخل تحت عموم حديث : (ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر).

قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة) ].

يعني: العشر من ذي الحجة ما عدا يوم العيد.

قوله: [ (ويوم عاشوراء) ].

هو العاشر من شهر المحرم، وسيأتي له ترجمة مستقلة.

قوله: [ (وثلاثة أيام من كل شهر أول إثنين من الشهر والخميس) ].

يعني: أنه يبدأ بأول إثنين من الشهر، ثم الخميس وفي بعض الروايات: (والخميسين) يعني: إثنين واحد وخميس مرتين، فتكون ثلاثة أيام من كل شهر، وجاء في بعض الأحاديث ما يدل على أنه ينبغي أن تكون الثلاثة أيام البيض التي هي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، والثلاثة أيام من كل شهر جاءت في أحاديث عديدة، وهي مما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك على سبيل الإجمال، وبعضها على سبيل التفصيل مثل ما جاء في هذا الحديث قوله: (أول إثنين من الشهر والخميس) ومما جاء في ذلك حديث أبي هريرة المتفق على صحته: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام)، ومثله حديث أبي الدرداء الذي أخرجه مسلم في صحيحه قال: (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أرقد).

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر)

قوله: [ حدثنا مسدد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا أبو عوانة ].

هو أبو عوانة وضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الحر بن الصياح ].

الحر بن الصياح ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن هنيدة بن خالد ].

هنيدة بن خالد مذكور في الصحابة، وقيل: هو من الطبقة الثانية التي هي طبقة كبار التابعين، وحديثه أخرجه أبو داود والنسائي .

[ عن امرأته ].

قال الحافظ : لم أقف على اسمها وهي صحابية، أخرج لها أبو داود والنسائي .

[ عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ].

والمبهم في الصحابة أو المجهول غير المعين لا يؤثر.

والحديث هذا مروي عن حفصة وعن أم سلمة ، وأخرجه النسائي عن هنيدة بإسناده فروى عنه كما ذكره أبو داود ، وروي عنه عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، وروي عنه عن أمه عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

وعلى كل: أي واحدة منهما سواءً علمت أو جهلت يحصل المقصود بها، فإن الصحابة كلهم عدول، والمجهول منهم في حكم المعلوم.

شرح حديث (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن أبي صالح ومجاهد ومسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني: أيام العشر، قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) ].

أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) فهذا يدلنا على عظم شأن العمل في الأيام العشر، وأبو داود رحمه الله أورده تحت صيام العشر، مستدلاً به على أن الصيام من جملة الأعمال الصالحة، وأنه من بين الأعمال الصالحة التي تدخل تحت هذا الفضل العظيم: (ما من أيام العمل الصالح فيها) والصوم منها، وهذا وجه إيراد أبي داود له في ترجمة صيام العشر، يعني: يدخل في ذلك الصيام، ولكن الصيام كما هو معلوم للتسع؛ لأن العاشر هو يوم العيد، فهذا يدلنا على فضل العمل في تلك الأيام التي هي عشر ذي الحجة، ثم وضح بيان عظم أجرها لما قالوا له: (يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) معنى ذلك: أنه قتل واستشهد وماله ذهب، وهذا يدلنا على عظم أجر العمل في هذه العشر، والحديث رواه البخاري في صحيحه كما رواه غيره.

تراجم رجال إسناد حديث (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ...)

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي والنسائي فأخرج له في عمل اليوم والليلة.

[ حدثنا وكيع ].

هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الأعمش ].

الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي صالح ].

هو أبو صالح السمان ، واسمه: ذكوان ولقبه: السمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ومجاهد ].

هو مجاهد بن جبر المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ومسلم البطين ].

هو مسلم بن عمران البطين ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد بن جبير ].

سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عباس ].

ابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في صوم العشر.

حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن الحر بن الصياح عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس) ].

أورد أبو داود صيام العشر، أي: عشر ذي الحجة، ولكن المقصود التسع، وقد اشتهرت بهذا الاسم تغليباً، وإلا فإن اليوم العاشر يوم العيد، ولا يجوز صيامه بحال من الأحوال؛ لأنه يحرم صوم العيدين وأيام التشريق، وأيام التشريق لم يرخص في أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي، أما العيدان فلا يجوز صيامهما بحال من الأحوال، بل يجب إفطارهما.

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على صيام العشر، وجاء حديث عام يشمل الصيام وغير الصيام، وجاء حديث في ترجمة أخرى بخلاف ذلك يعني: في الإفطار في أيام العشر، ولكن صيام العشر قربة من أفضل القربات، وداخل تحت عموم حديث : (ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر).

قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة) ].

يعني: العشر من ذي الحجة ما عدا يوم العيد.

قوله: [ (ويوم عاشوراء) ].

هو العاشر من شهر المحرم، وسيأتي له ترجمة مستقلة.

قوله: [ (وثلاثة أيام من كل شهر أول إثنين من الشهر والخميس) ].

يعني: أنه يبدأ بأول إثنين من الشهر، ثم الخميس وفي بعض الروايات: (والخميسين) يعني: إثنين واحد وخميس مرتين، فتكون ثلاثة أيام من كل شهر، وجاء في بعض الأحاديث ما يدل على أنه ينبغي أن تكون الثلاثة أيام البيض التي هي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، والثلاثة أيام من كل شهر جاءت في أحاديث عديدة، وهي مما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك على سبيل الإجمال، وبعضها على سبيل التفصيل مثل ما جاء في هذا الحديث قوله: (أول إثنين من الشهر والخميس) ومما جاء في ذلك حديث أبي هريرة المتفق على صحته: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام)، ومثله حديث أبي الدرداء الذي أخرجه مسلم في صحيحه قال: (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أرقد).

قوله: [ حدثنا مسدد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا أبو عوانة ].

هو أبو عوانة وضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الحر بن الصياح ].

الحر بن الصياح ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن هنيدة بن خالد ].

هنيدة بن خالد مذكور في الصحابة، وقيل: هو من الطبقة الثانية التي هي طبقة كبار التابعين، وحديثه أخرجه أبو داود والنسائي .

[ عن امرأته ].

قال الحافظ : لم أقف على اسمها وهي صحابية، أخرج لها أبو داود والنسائي .

[ عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ].

والمبهم في الصحابة أو المجهول غير المعين لا يؤثر.

والحديث هذا مروي عن حفصة وعن أم سلمة ، وأخرجه النسائي عن هنيدة بإسناده فروى عنه كما ذكره أبو داود ، وروي عنه عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، وروي عنه عن أمه عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

وعلى كل: أي واحدة منهما سواءً علمت أو جهلت يحصل المقصود بها، فإن الصحابة كلهم عدول، والمجهول منهم في حكم المعلوم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن أبي صالح ومجاهد ومسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني: أيام العشر، قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) ].

أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) فهذا يدلنا على عظم شأن العمل في الأيام العشر، وأبو داود رحمه الله أورده تحت صيام العشر، مستدلاً به على أن الصيام من جملة الأعمال الصالحة، وأنه من بين الأعمال الصالحة التي تدخل تحت هذا الفضل العظيم: (ما من أيام العمل الصالح فيها) والصوم منها، وهذا وجه إيراد أبي داود له في ترجمة صيام العشر، يعني: يدخل في ذلك الصيام، ولكن الصيام كما هو معلوم للتسع؛ لأن العاشر هو يوم العيد، فهذا يدلنا على فضل العمل في تلك الأيام التي هي عشر ذي الحجة، ثم وضح بيان عظم أجرها لما قالوا له: (يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) معنى ذلك: أنه قتل واستشهد وماله ذهب، وهذا يدلنا على عظم أجر العمل في هذه العشر، والحديث رواه البخاري في صحيحه كما رواه غيره.

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي والنسائي فأخرج له في عمل اليوم والليلة.

[ حدثنا وكيع ].

هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الأعمش ].

الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي صالح ].

هو أبو صالح السمان ، واسمه: ذكوان ولقبه: السمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ومجاهد ].

هو مجاهد بن جبر المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ومسلم البطين ].

هو مسلم بن عمران البطين ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد بن جبير ].

سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عباس ].

ابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (ما رأيت رسول الله صائماً العشر قط)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في فطر العشر.

حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صائماً العشر قط) ].

أورد أبو داود الفطر في العشر الذي هو ضد الصيام، يعني: ذكر سابقاً صيام العشر وهنا ذكر فطر العشر، وقد أورد فيه أبو داود حديث عائشة أنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً العشر قط) معناه: أنه يكون مفطراً، وهو يخالف ما تقدم من إرشاده لصوم الشعر وصومه لها، والحديث الأول فيه أنه كان يصوم التسع، والحديث الثاني من قوله يشمل الصيام وغير الصيام، حيث فيه بيان فضل التقرب إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة، ويدخل فيه الصيام كما أشار إلى ذلك أبو داود في إيراده الحديث في الترجمة، ثم أورد أبو داود ترجمة في الفطر الذي هو عكس ما تقدم، ويجمع بين ما تقدم وبين ما جاء في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن يكون ذلك كان في سفر، أو أنه كان في بعض الأحيان موجوداً ولكنه ما شوهد ذلك منه، وما جاء عنه من القول الدال على فضل الأعمال الصالحة في العشر ومنها الصيام، وكذلك أيضاً من كونه يصوم يدل على فضل صيامه وعلى استحباب صيامه، وكون الإنسان يصومه هو الأولى من كونه لا يصوم؛ لأن ما جاء عن عائشة يحتمل أن يكون كان في سفر، وأنها ما شاهدته وغيره شاهده، فالذي روى الحديث الأول أحد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، إما حفصة وإما أم سلمة ، فإذاً: هي أخبرت حسب علمها، وغيرها أخبر حسب علمه، والمثبت مقدم على النافي.

تراجم رجال إسناد حديث (ما رأيت رسول الله صائماً العشر قط)

قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم ].

مسدد وأبو عوانة مر ذكرهما وإبراهيم هو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الأسود ].

هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ، وهو ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عائشة ].

هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وقد مر ذكرها.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في فطر العشر.

حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صائماً العشر قط) ].

أورد أبو داود الفطر في العشر الذي هو ضد الصيام، يعني: ذكر سابقاً صيام العشر وهنا ذكر فطر العشر، وقد أورد فيه أبو داود حديث عائشة أنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً العشر قط) معناه: أنه يكون مفطراً، وهو يخالف ما تقدم من إرشاده لصوم الشعر وصومه لها، والحديث الأول فيه أنه كان يصوم التسع، والحديث الثاني من قوله يشمل الصيام وغير الصيام، حيث فيه بيان فضل التقرب إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة، ويدخل فيه الصيام كما أشار إلى ذلك أبو داود في إيراده الحديث في الترجمة، ثم أورد أبو داود ترجمة في الفطر الذي هو عكس ما تقدم، ويجمع بين ما تقدم وبين ما جاء في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن يكون ذلك كان في سفر، أو أنه كان في بعض الأحيان موجوداً ولكنه ما شوهد ذلك منه، وما جاء عنه من القول الدال على فضل الأعمال الصالحة في العشر ومنها الصيام، وكذلك أيضاً من كونه يصوم يدل على فضل صيامه وعلى استحباب صيامه، وكون الإنسان يصومه هو الأولى من كونه لا يصوم؛ لأن ما جاء عن عائشة يحتمل أن يكون كان في سفر، وأنها ما شاهدته وغيره شاهده، فالذي روى الحديث الأول أحد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، إما حفصة وإما أم سلمة ، فإذاً: هي أخبرت حسب علمها، وغيرها أخبر حسب علمه، والمثبت مقدم على النافي.