شرح سنن أبي داود [270]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: ( عهد إلينا رسول الله أن ننسك للرؤية ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال.

حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز أنبأنا سعيد بن سليمان حدثنا عباد عن أبي مالك الأشجعي حدثنا حسين بن الحارث الجدلي من جديلة قيس، أن أمير مكة خطب ثم قال: عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما، فسألت الحسين بن الحارث : من أمير مكة؟ قال: لا أدري، ثم لقيني بعد، فقال: هو الحارث بن حاطب أخو محمد بن حاطب ، ثم قال الأمير: إن فيكم من هو أعلم بالله ورسوله مني، وشهد هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأومأ بيده إلى رجل، قال الحسين : فقلت لشيخ إلى جنبي: من هذا الذي أومأ إليه الأمير؟ قال: هذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وصدق، كان أعلم بالله منه، فقال: بذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ].

أورد أبو داود باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال، والمقصود من هذه الترجمة بيان أن هلال شوال يعتمد فيه على قول رجلين وشهادة رجلين، وهذا قول أكثر أهل العلم، ومنهم من رأى خلاف ذلك، وأنه لا فرق بين رمضان وشوال، وأنه يكفي في الرؤية واحد، ولكن أكثر العلماء على القول الأول أنه لابد فيه من شهادة رجلين، وأنه يعول فيه على شهادة رجلين.

وأورد حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما وفيه: قال الحسين بن الحارث الجدلي من جديلة قيس: إن أمير مكة خطب ثم قال: (عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما).

وقوله: (أن ننسك للرؤية) يعني: رؤية هلال ذي الحجة، يعني: أن ننسك نسك الحج، ونذبح الأضاحي، ونصلي عيد الأضحى أو أن ثبوت عيد الأضحى وثبوت الحج إنما يكون بشهادة رجلين، يعني: إن شهد بذلك شاهدا عدل.

وقوله: (فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما) يعني: نحن لم نره، ولكن إذا شهد عندنا شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما، وأتينا بالنسك الذي هو الحج، والأنساك هي: الأضاحي والهدايا يوم عيد الأضحى وما بعده ونأتي بالحج أيضاً بناءً على هذه الشهادة، والحديث يتعلق بشهر ذي الحجة، وأورده أبو داود في شهر شوال؛ لأن ذاك فيه إثبات الحج، وإثبات عيد الأضحى، وهذا فيه إثبات عيد الفطر، فكل منهما فيه إثبات عيد، شهر شوال فيه أثبات عيد، وشهر ذي الحجة فيه إثبات عيد، فألحق هلال شوال بهلال ذي الحجة، وأورد أبو داود الحديث هنا للتشابه والتماثل بين الشهرين؛ لأن هذا فيه إثبات عيد وهذا فيه إثبات عيد.

وقوله: (فسألت الحسين بن الحارث : من أمير مكة؟ قال: لا أدري، ثم لقيني بعد فقال: هو الحارث بن حاطب )

يعني: أن أبا مالك الأشجعي قال: سألت حسين بن الحارث : من أمير مكة؟ فقال: لا أدري، وبعد مدة لقيه وقال: هو فلان، يعني: سماه، وكان مما قاله الأمير: إن فيكم من هو أعلم بالله ورسوله مني، وشهد هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأومأ بيده إلى رجل) يعني: شهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الذي قلته، وأومأ إلى رجل، فقال: من الرجل؟ قال: عبد الله بن عمر ، فقال عبد الله بن عمر : (بذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: أننا نثبت الشهر بشهادة رجلين.

تراجم رجال إسناد حديث: ( عهد إلينا رسول الله أن ننسك للرؤية ... )

قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز ].

محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز الملقب صاعقة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ أنبأنا سعيد بن سليمان ].

سعيد بن سليمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عباد ].

عباد بن العوام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي مالك الأشجعي ].

أبو مالك الأشجعي هو سعد بن طارق ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا حسين بن الحارث الجدلي ].

حسين بن الحارث الجدلي صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .

قوله: (من جديلة قيس) يعني: أنه جدلي نسبة إلى جديلة قيس، وهي قبيلة من العرب.

وأمير مكة هو الحارث بن حاطب ، ولكن الرواية هي عن عبد الله بن عمر ؛ لأنه أومأ وبعد ذلك حدث وقال بهذا أمرنا رسول الله، فهو مروي عنه وعن عبد الله بن عمر .

إذاً: الحديث مروي عن صحابيين، عن الحارث وهو صحابي صغير أخرج له أبو داود والنسائي ، وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو عبد الله بن عمر بن الخطاب أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: ( اختلف الناس في آخر يوم من رمضان ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد وخلف بن هشام المقرئ قالا: حدثنا أبو عوانة عن منصور عن ربعي بن حراش عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اختلف الناس في آخر يوم من رمضان، فقدم أعرابيان فشهدا عند النبي صلى الله وسلم بالله لأهل الهلال أمسٍ عشيةً، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا، زاد خلف في حديثه: وأن يغدوا إلى مصلاهم) ].

أورد أبو داود حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه اختلف الناس في آخر يوم من رمضان وأصبحوا صائمين في ذلك اليوم، وبعد ذلك جاء أعرابيان وشهدا أنه أهلّ هلال رمضان البارحة عشية، يعني: أنهما رأياه، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن يفطروا وأن يغدوا إلى مصلاهم، يعني: من الغد، فدل هذا على اعتبار شهادة الرجلين في خروج شهر رمضان.

وفيه أيضاً أنه إذا لم يحصل الإتيان بصلاة العيد بنفس اليوم إذا عُلم به متأخراً، فإنهم يأتون بها من الغد في نفس الوقت، وهذا يكون فيما إذا كان الخبر بعد الزوال، أما إذا كان قبل الزوال فإنه يمكنهم أن يأتوا بصلاة العيد في نفس اليوم الذي بلغهم الخبر.

تراجم رجال إسناد حديث: ( اختلف الناس في آخر يوم من رمضان ... )

قوله: [ حدثنا مسدد ].

مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ وخلف بن هشام المقرئ ].

خلف بن هشام المقرئ ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .

[ حدثنا أبو عوانة ].

أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن منصور ].

منصور بن المعتمر الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ربعي بن حراش ].

ربعي بن حراش ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن رجل من أصحاب النبي ].

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المجهول فيهم في حكم المعلوم؛ لأن جهالة الصحابة لا تؤثر.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال.

حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز أنبأنا سعيد بن سليمان حدثنا عباد عن أبي مالك الأشجعي حدثنا حسين بن الحارث الجدلي من جديلة قيس، أن أمير مكة خطب ثم قال: عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما، فسألت الحسين بن الحارث : من أمير مكة؟ قال: لا أدري، ثم لقيني بعد، فقال: هو الحارث بن حاطب أخو محمد بن حاطب ، ثم قال الأمير: إن فيكم من هو أعلم بالله ورسوله مني، وشهد هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأومأ بيده إلى رجل، قال الحسين : فقلت لشيخ إلى جنبي: من هذا الذي أومأ إليه الأمير؟ قال: هذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وصدق، كان أعلم بالله منه، فقال: بذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ].

أورد أبو داود باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال، والمقصود من هذه الترجمة بيان أن هلال شوال يعتمد فيه على قول رجلين وشهادة رجلين، وهذا قول أكثر أهل العلم، ومنهم من رأى خلاف ذلك، وأنه لا فرق بين رمضان وشوال، وأنه يكفي في الرؤية واحد، ولكن أكثر العلماء على القول الأول أنه لابد فيه من شهادة رجلين، وأنه يعول فيه على شهادة رجلين.

وأورد حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما وفيه: قال الحسين بن الحارث الجدلي من جديلة قيس: إن أمير مكة خطب ثم قال: (عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما).

وقوله: (أن ننسك للرؤية) يعني: رؤية هلال ذي الحجة، يعني: أن ننسك نسك الحج، ونذبح الأضاحي، ونصلي عيد الأضحى أو أن ثبوت عيد الأضحى وثبوت الحج إنما يكون بشهادة رجلين، يعني: إن شهد بذلك شاهدا عدل.

وقوله: (فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما) يعني: نحن لم نره، ولكن إذا شهد عندنا شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما، وأتينا بالنسك الذي هو الحج، والأنساك هي: الأضاحي والهدايا يوم عيد الأضحى وما بعده ونأتي بالحج أيضاً بناءً على هذه الشهادة، والحديث يتعلق بشهر ذي الحجة، وأورده أبو داود في شهر شوال؛ لأن ذاك فيه إثبات الحج، وإثبات عيد الأضحى، وهذا فيه إثبات عيد الفطر، فكل منهما فيه إثبات عيد، شهر شوال فيه أثبات عيد، وشهر ذي الحجة فيه إثبات عيد، فألحق هلال شوال بهلال ذي الحجة، وأورد أبو داود الحديث هنا للتشابه والتماثل بين الشهرين؛ لأن هذا فيه إثبات عيد وهذا فيه إثبات عيد.

وقوله: (فسألت الحسين بن الحارث : من أمير مكة؟ قال: لا أدري، ثم لقيني بعد فقال: هو الحارث بن حاطب )

يعني: أن أبا مالك الأشجعي قال: سألت حسين بن الحارث : من أمير مكة؟ فقال: لا أدري، وبعد مدة لقيه وقال: هو فلان، يعني: سماه، وكان مما قاله الأمير: إن فيكم من هو أعلم بالله ورسوله مني، وشهد هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأومأ بيده إلى رجل) يعني: شهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الذي قلته، وأومأ إلى رجل، فقال: من الرجل؟ قال: عبد الله بن عمر ، فقال عبد الله بن عمر : (بذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: أننا نثبت الشهر بشهادة رجلين.