شرح سنن أبي داود [269]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: ( لا تقدموا صوم رمضان بيوم ولا يومين .... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن يصل شعبان برمضان.

حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقدموا صوم رمضان بيوم ولا يومين، إلا أن يكون صوم يصومه رجل فليصم ذلك الصوم) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: [باب فيمن يصل شعبان برمضان] أي: أنه يصوم اليوم الذي قبل رمضان، وهو آخر يوم من شعبان، فيكون شعبان متصلاً برمضان، وإذا كان للإنسان صوم قد اعتاده كصوم يوم الإثنين والخميس ووافق يوم الخميس أو الإثنين آخر يوم من شعبان فإن هذا سائغ ومشروع، وقد جاء ما يدل عليه.

وأما إذا كان المقصود بالصيام أن يحتاط لرمضان فهذا لا يجوز، وهو الذي ورد فيه النهي في أول الحديث: (لا تقدموا صوم رمضان بيوم ولا يومين) يعني: أن هناك منعاً وهناك جوازاً، فالمنع هو في حق من يريد أن يتخير ذلك اليوم ويصومه احتياطاً لرمضان، والجواز لمن يصومه لكونه موافقاً لعادة اعتادها كصيام يوم الإثنين والخميس.

وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقدموا صوم رمضان بيوم أو يومين إلا أن يكون صوم يصومه رجل) يعني: إلا أن يوجد صوم يصومه رجل (فليصم ذلك الصوم) يعني: أن يكون ذلك عادة للإنسان، كصيام الإثنين والخميس فإنه يصوم ذلك الصوم.

إذاً: وصل شعبان برمضان إذا وافق عادة اعتادها الإنسان وهي صيام الإثنين والخميس، أو نذر نذره الإنسان فإنه يصوم ذلك اليوم، وأما إن كان يفعله من أجل رمضان واحتياطاً لرمضان فإن ذلك لا يجوز، وهو الذي دل عليه النهي في أول الحديث، فالحديث فيه نهي وفيه استثناء من النهي.

ثم إن ذكر الرجل في الحديث لا مفهوم له، فالمرأة إذا كان من عادتها أن تصوم الإثنين والخميس فلها أن تصوم آخر يوم من شعبان، أي أن ذكر الرجل لا يعني أن المرأة بخلاف الرجل في هذا الحكم، فإن الأصل هو التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام، إلا ما جاءت به النصوص الشرعية من تمييز الرجال عن النساء والنساء عن الرجال، فإذا جاء أن النساء يكون لهن كذا ويكون حكمهن كذا والرجال حكمهم كذا، فهذا هو الذي يكون فيه الفرق بين الرجال والنساء، وأما حيث لا يوجد ما يدل على التفريق فإن الأصل هو التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام، وذكر الرجال في الأحاديث أو التنصيص عليهم في بعض الأحاديث مع أن الأمر لا يختص بهم إنما هو لأن الخطاب في الغالب يكون مع الرجال، ومن ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من الغرماء)، فكذلك الحكم إذا كان المتاع عند امرأة قد أفلست.

تراجم رجال إسناد حديث: ( لا تقدموا صوم رمضان بيوم ولا يومين ... )

قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ].

مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا هشام ].

هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يحيى بن أبي كثير ].

يحيى بن أبي كثير اليمامي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي سلمة ].

أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.

شرح حديث: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصوم من السنة شهراً تاماً إلا شعبان ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن توبة العنبري عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه لم يكن يصوم من السنة شهراً تاماً إلا شعبان يصله برمضان) ].

أورد أبو داود حديث أم سلمة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصوم من السنة شهراً تاماً إلا شعبان يصله برمضان) وقد جاء في بعض الأحاديث أنه كان يصوم أكثره، وأنه ما كان يستكمل شهراً إلا رمضان، وعلى هذا فما جاء في حديث أم سلمة هذا إنما هو إشارة إلى الغالب، وإلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصوم شهراً كاملاً إلا رمضان، وغير ذلك ما كان يصومه كاملاً، ولكن بعض الأشهر كان يصوم أكثره مثل شعبان، فإن أكثره وغالبيته كان يصومه صلى الله عليه وسلم.

وقوله: (وكان يصله برمضان) يعني: أنه كان أحياناً يكون صيامه في نهاية الشهر، فيكون واصلاً له برمضان، وهذا على القول بأنه استكمله، ولكن الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يصم شهراً كاملاً إلا رمضان، وعلى هذا فليس من السنة صيام شعبان كله، بل السنة صيام أكثره.

تراجم رجال إسناد حديث: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصوم من السنة شهراً تاماً إلا شعبان ... )

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا محمد بن جعفر ].

محمد بن جعفر الملقب غندر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا شعبة ].

شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن توبة العنبري ].

توبة العنبري ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن محمد بن إبراهيم ].

محمد بن إبراهيم التيمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي سلمة عن أم سلمة ].

أبو سلمة قد مر ذكره، وأم سلمة هي هند بنت أبي أمية أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن يصل شعبان برمضان.

حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقدموا صوم رمضان بيوم ولا يومين، إلا أن يكون صوم يصومه رجل فليصم ذلك الصوم) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: [باب فيمن يصل شعبان برمضان] أي: أنه يصوم اليوم الذي قبل رمضان، وهو آخر يوم من شعبان، فيكون شعبان متصلاً برمضان، وإذا كان للإنسان صوم قد اعتاده كصوم يوم الإثنين والخميس ووافق يوم الخميس أو الإثنين آخر يوم من شعبان فإن هذا سائغ ومشروع، وقد جاء ما يدل عليه.

وأما إذا كان المقصود بالصيام أن يحتاط لرمضان فهذا لا يجوز، وهو الذي ورد فيه النهي في أول الحديث: (لا تقدموا صوم رمضان بيوم ولا يومين) يعني: أن هناك منعاً وهناك جوازاً، فالمنع هو في حق من يريد أن يتخير ذلك اليوم ويصومه احتياطاً لرمضان، والجواز لمن يصومه لكونه موافقاً لعادة اعتادها كصيام يوم الإثنين والخميس.

وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقدموا صوم رمضان بيوم أو يومين إلا أن يكون صوم يصومه رجل) يعني: إلا أن يوجد صوم يصومه رجل (فليصم ذلك الصوم) يعني: أن يكون ذلك عادة للإنسان، كصيام الإثنين والخميس فإنه يصوم ذلك الصوم.

إذاً: وصل شعبان برمضان إذا وافق عادة اعتادها الإنسان وهي صيام الإثنين والخميس، أو نذر نذره الإنسان فإنه يصوم ذلك اليوم، وأما إن كان يفعله من أجل رمضان واحتياطاً لرمضان فإن ذلك لا يجوز، وهو الذي دل عليه النهي في أول الحديث، فالحديث فيه نهي وفيه استثناء من النهي.

ثم إن ذكر الرجل في الحديث لا مفهوم له، فالمرأة إذا كان من عادتها أن تصوم الإثنين والخميس فلها أن تصوم آخر يوم من شعبان، أي أن ذكر الرجل لا يعني أن المرأة بخلاف الرجل في هذا الحكم، فإن الأصل هو التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام، إلا ما جاءت به النصوص الشرعية من تمييز الرجال عن النساء والنساء عن الرجال، فإذا جاء أن النساء يكون لهن كذا ويكون حكمهن كذا والرجال حكمهم كذا، فهذا هو الذي يكون فيه الفرق بين الرجال والنساء، وأما حيث لا يوجد ما يدل على التفريق فإن الأصل هو التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام، وذكر الرجال في الأحاديث أو التنصيص عليهم في بعض الأحاديث مع أن الأمر لا يختص بهم إنما هو لأن الخطاب في الغالب يكون مع الرجال، ومن ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من الغرماء)، فكذلك الحكم إذا كان المتاع عند امرأة قد أفلست.