شرح سنن أبي داود [257]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (... إنها قد كانت أسلمت معي فردها عليّ)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إذا أسلم أحد الزوجين.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن رجلاً جاء مسلماً على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم جاءت امرأته مسلمة بعده، فقال: يا رسول الله! إنها قد كانت أسلمت معي فردها علي) ].

قوله: [ (فردها علي) ] أو (فردها عليه) كما في الروايات الأخرى، حيث أخبر بأنها أسلمت معه وأنها عالمة بإسلامه وأنها تزوجت، فالنبي صلى الله عليه وسلم ردها عليه، وهذا يعني أن زواجها بالرجل الثاني غير صحيح؛ لأنها تزوجت وهي ذات زوج، ومعلوم أن من المحرمات: المحصنات من النساء كما قال الله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ [النساء:23] إلى قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:24] أي: ذوات الأزواج، فلا يجوز الزواج بهن.

وفي هذا الحديث أنها كانت عالمة بإسلام زوجها ومع ذلك تزوجت، فالنبي صلى الله عليه وسلم ردها عليه.

أما إذا أسلم أحد الزوجين وبقي الآخر كافراً فإن البقاء والاستمرار على الزوجية السابقة لا يكون؛ لأن نكاح الكافر للمسلمة غير جائز، ونكاح المسلمة للكافر غير جائز، ليس للكافر أن يتزوج المسلمة ولا المسلمة أن تتزوج الكافر؛ ولكن إذا أسلما معاً فالزوجية باقية على ما هي عليه، وإن أسلمت الزوجة ثم أسلم زوجها بعدها وهي في عدتها فهي زوجته، وإن خرجت من العدة فلها أن تتزوج من المسلمين من شاءت، وإن أرادت أن تنتظر حتى يسلم زوجها ثم يبقيان على زواجهما فإن لها ذلك.

والحديث الذي أورده أبو داود فيه: أن رجلاً أسلم، وأن زوجته أسلمت معه، ولكنها تزوجت، فالرسول صلى الله عليه وسلم ردها عليه؛ لأن الزوجية باقية بين الزوجين إذا أسلما معاً، وإذا أسلم في حال العدة أيضاً فليس لها أن تتزوج، ولكن لها أن تتزوج بعد خروجها من العدة، وإن أرادت أن تنتظر بعد خروجها من العدة لعل زوجها يسلم ثم يبقيان على زواجهما فإنه لا بأس بذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: (... إنها قد كانت أسلمت معي فردها عليّ)

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فإنه لم يخرج له في السنن بل في (عمل اليوم والليلة).

[ حدثنا وكيع ].

هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن إسرائيل ].

هو ابن يونس بن أبي إسحاق ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سماك ].

هو سماك بن حرب ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عكرمة ].

عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن عباس ].

الصحابي الجليل رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

و سماك بن حرب روايته عن عكرمة مضطربة، وهذه من روايته عن عكرمة ، ولهذا ضعّف الحديث الألباني ، ولكن معنى الحديث صحيح؛ ولكنه من حيث الإسناد فيه رواية سماك بن حرب عن عكرمة، وروايته عنه خاصة مضطربة، وهو صدوق إلا في روايته عن عكرمة فإنها مضطربة.

شرح حديث: (..فانتزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجها الآخر وردها إلى زوجها الأول) وتراجم رجاله

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي أخبرني أبو أحمد عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (أسلمت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتزوجت فجاء زوجها إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسول الله! إني قد كنت أسلمت وعلمت بإسلامي، فانتزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجها الآخر وردها إلى زوجها الأول) ].

أرجعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لها إلى زوجها الأول؛ لأن عقدها مع زوجها الأول باقٍ على ما هو عليه، وهكذا إذا أسلم الزوجان فإن عقدهما باقٍ، ولا عبرة بكيفية وقوعه أو صحته عند الزواج، إلا إذا كان على هيئة لا تجوز في الإسلام، كمن جمع بين المرأة وعمتها أو تزوج بأكثر من أربع، فهذا يتم تعديله وفق الشرع الإسلامي.

قوله: [ حدثنا نصر بن علي أخبرني أبو أحمد ].

أبو أحمد هو الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس ].

قد مر ذكرهم جميعاً.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إذا أسلم أحد الزوجين.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن رجلاً جاء مسلماً على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم جاءت امرأته مسلمة بعده، فقال: يا رسول الله! إنها قد كانت أسلمت معي فردها علي) ].

قوله: [ (فردها علي) ] أو (فردها عليه) كما في الروايات الأخرى، حيث أخبر بأنها أسلمت معه وأنها عالمة بإسلامه وأنها تزوجت، فالنبي صلى الله عليه وسلم ردها عليه، وهذا يعني أن زواجها بالرجل الثاني غير صحيح؛ لأنها تزوجت وهي ذات زوج، ومعلوم أن من المحرمات: المحصنات من النساء كما قال الله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ [النساء:23] إلى قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:24] أي: ذوات الأزواج، فلا يجوز الزواج بهن.

وفي هذا الحديث أنها كانت عالمة بإسلام زوجها ومع ذلك تزوجت، فالنبي صلى الله عليه وسلم ردها عليه.

أما إذا أسلم أحد الزوجين وبقي الآخر كافراً فإن البقاء والاستمرار على الزوجية السابقة لا يكون؛ لأن نكاح الكافر للمسلمة غير جائز، ونكاح المسلمة للكافر غير جائز، ليس للكافر أن يتزوج المسلمة ولا المسلمة أن تتزوج الكافر؛ ولكن إذا أسلما معاً فالزوجية باقية على ما هي عليه، وإن أسلمت الزوجة ثم أسلم زوجها بعدها وهي في عدتها فهي زوجته، وإن خرجت من العدة فلها أن تتزوج من المسلمين من شاءت، وإن أرادت أن تنتظر حتى يسلم زوجها ثم يبقيان على زواجهما فإن لها ذلك.

والحديث الذي أورده أبو داود فيه: أن رجلاً أسلم، وأن زوجته أسلمت معه، ولكنها تزوجت، فالرسول صلى الله عليه وسلم ردها عليه؛ لأن الزوجية باقية بين الزوجين إذا أسلما معاً، وإذا أسلم في حال العدة أيضاً فليس لها أن تتزوج، ولكن لها أن تتزوج بعد خروجها من العدة، وإن أرادت أن تنتظر بعد خروجها من العدة لعل زوجها يسلم ثم يبقيان على زواجهما فإنه لا بأس بذلك.

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فإنه لم يخرج له في السنن بل في (عمل اليوم والليلة).

[ حدثنا وكيع ].

هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن إسرائيل ].

هو ابن يونس بن أبي إسحاق ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سماك ].

هو سماك بن حرب ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عكرمة ].

عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن عباس ].

الصحابي الجليل رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

و سماك بن حرب روايته عن عكرمة مضطربة، وهذه من روايته عن عكرمة ، ولهذا ضعّف الحديث الألباني ، ولكن معنى الحديث صحيح؛ ولكنه من حيث الإسناد فيه رواية سماك بن حرب عن عكرمة، وروايته عنه خاصة مضطربة، وهو صدوق إلا في روايته عن عكرمة فإنها مضطربة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي أخبرني أبو أحمد عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (أسلمت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتزوجت فجاء زوجها إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسول الله! إني قد كنت أسلمت وعلمت بإسلامي، فانتزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجها الآخر وردها إلى زوجها الأول) ].

أرجعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لها إلى زوجها الأول؛ لأن عقدها مع زوجها الأول باقٍ على ما هو عليه، وهكذا إذا أسلم الزوجان فإن عقدهما باقٍ، ولا عبرة بكيفية وقوعه أو صحته عند الزواج، إلا إذا كان على هيئة لا تجوز في الإسلام، كمن جمع بين المرأة وعمتها أو تزوج بأكثر من أربع، فهذا يتم تعديله وفق الشرع الإسلامي.

قوله: [ حدثنا نصر بن علي أخبرني أبو أحمد ].

أبو أحمد هو الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس ].

قد مر ذكرهم جميعاً.

شرح أثر ابن عباس: (رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته زينب على أبي العاص بالنكاح الأول ..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إلى متى ترد عليه امرأته إذا أسلم بعدها؟

حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا محمد بن سلمة ح وحدثنا محمد بن عمرو الرازي حدثنا سلمة يعني: ابن الفضل ح وحدثنا الحسن بن علي حدثنا يزيد المعنى، كلهم عن ابن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (رد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابنته زينب على أبي العاص بالنكاح الأول لم يحدث شيئاً. قال محمد بن عمرو في حديثه: بعد ست سنين. وقال الحسن بن علي : بعد سنتين) ].

قوله: [ إلى متى ترد عليه امرأته إذا أسلم بعدها ].

سبق فيما مضى أن المرأة إذا أسلم زوجها وهي في العدة فإن الزوجية باقية، وإذا خرجت من العدة وهو لم يسلم فإن لها أن تتزوج أو أن تنتظر ولو طالت المدة بعد خروجها من العدة، ما دام أنها ترغب في زوجها وأن تبقى في عصمته وأن تكون زوجة له، وأرادت أن تنتظر لعله يسلم، فلها ذلك، والدليل على ذلك قصة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكونها بقيت حتى أسلم زوجها وردها عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بالنكاح الأول لم يحدث شيئاً، أي: ما ردها بعقد جديد ولا بزواج جديد ومهر، وإنما أبقى الزواج على ما هو عليه، فدل هذا على أن المرأة إذا خرجت من عدتها لها أن تنتظر زوجها الكافر لعله يسلم ويبقيان على زواجهما كما حصل لـزينب رضي الله عنها.

وأورد أبو داود حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسلم أبو العاص بن الربيع ردها عليه بالنكاح الأول، ولم يحدث شيئاً، وقد كان هناك فترة طويلة بين إسلام زينب وبين إسلام زوجها، وذكر في الحديث أنه بعد ست سنين وفي بعض الروايات أنه بعد سنتين، وهذه الزيادة ضعفها الألباني التي فيها الست سنين والسنتين، والذي يبدو أنه ليس هناك حدّ، وأنها إذا أرادت أن تنتظر ولو طالت المدة.

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته زينب على أبي العاص بالنكاح الأول..)

قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ].

عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ حدثنا محمد بن سلمة ].

محمد بن سلمة مر ذكره.

[ قال: ح وحدثنا محمد بن عمرو الرازي ].

محمد بن عمرو الرازي ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة .

[ حدثنا سلمة يعني: ابن الفضل ].

سلمة بن الفضل صدوق كثير الخطأ، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة في التفسير.

[ ح وحدثنا الحسن بن علي ].

هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.

[حدثنا يزيد ].

هو يزيد بن هارون ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ كلهم عن ابن إسحاق عن داود بن الحصين ].

ابن إسحاق مر ذكره، وداود بن الحصين ثقة إلا في عكرمة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عكرمة عن ابن عباس ].

عكرمة وابن عباس قد مر ذكرهما.

وهنا الرواية عن عكرمة وهو ثقة إلا فيه؛ ولكن الحديث له شواهد فهو صحيح، وقد صححه الألباني .




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2728 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2696 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2643 استماع