شرح سنن أبي داود [248]


الحلقة مفرغة

شرح حديث ما يدعو به من تزوج امرأة أو اشترى خادماً أو بعيراً

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في جامع النكاح.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة وعبد الله بن سعيد قالا: حدثنا أبو خالد -يعني سليمان بن حيان - عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادماً فليقل: اللهم! إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه. وإذا اشترى بعيراً فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك).

قال أبو داود : زاد أبو سعيد : (ثم ليأخذ بناصيتها وليدع بالبركة في المرأة والخادم) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى [ باب في جامع النكاح].

ويقصد بهذه الترجمة أموراً متفرقة في النكاح، لأن ما سيورده ليس في موضوع واحد أو في مسألة واحدة، وإنما هو في مسائل متفرقة وفي أمور متفرقة يجمعها أنها في النكاح.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادماً فليقل: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه) ]، فهذا دعاء يدعى به في أول الزواج وعند شراء الدابة وعند شراء شراء خادم، أي: عبد مملوك، سواء أكان ذكراً أم أنثى، فإنه يدعو بهذا الدعاء، وقد جاء في رواية أحد شيخي أبو داود في هذا الإسناد -وهو أبو سعيد الأشج عبد الله بن سعيد - أنه يأخذ بناصية الزوجة والخادم أو الخادمة ويدعو بهذا الدعاء: (اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه). فيكون الإنسان من البداية قد سأل الله من الشر، يسأله من خير هذه الزوجة أو خير هذه الأمة أو العبد وخير ما جبل عليه -أي: ما طبع عليه وجعل فيه من الصفات ومن الأخلاق- وتعوذ به من شر ما يتصف به وما جبل عليه من الأخلاق السيئة ومن الأمور المنكرة.

قال: [ (وإذا اشترى بعيراً فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك) ].

يعني: مثل الدعاء الذي دعا به بالنسبة للزوجة والعبد.

قوله: [ زاد أبو سعيد : (ثم ليأخذ بناصيتها وليدعو بالبركة) ].

هذا زيادة على ما تقدم، فقد تقدم أنه يدعو بالخير ويستعيذ من الشر، وهنا شيئان زيادة على ما تقدم، فزيادة أبي سعيد فيها وضع اليد على الناصية بالنسبة للزوجة والخادم أو العبد أو الأمة، وفيها -أيضاً- أن يدعو بالبركة.

وكذلك السيارة والسائق ونحوهما يدعى بالبركة فيهم ويسأل الله تعالى خيرهم ويستعاذ به من شرهم.

تراجم رجال إسناد حديث ما يدعو به من تزوج امرأة أو اشترى خادماً أو بعيراً

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

هو عثمان بن أبي شيبة الكوفي ، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فإنه أخرج له في عمل اليوم والليلة.

[ وعبد الله بن سعيد ].

هو عبد الله بن سعيد الأشج أبو سعيد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا أبو خالد -يعني سليمان بن حيان - ].

هو سليمان حيان الأحمر ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عجلان ].

هو محمد بن عجلان المدني ، صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن، ويقال في ترجمة ابن عجلان : إن أمه حملت به أربع سنين.

[ عن عمرو بن شعيب ].

هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

هو شعيب بن محمد ، وهو صدوق أيضا، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن.

[ عن جده ].

هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهو الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث ما يدعو به المرء عند الجماع

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى حدثنا جرير عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لو أن أحدكم إذا أرد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا وجنب الشيطان ما رزقتنا. ثم قدر أن يكون بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً)].

أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشطان وجنب الشيطان ما رزقتنا. ثم قدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً) وهذا يدل على مشروعية هذا الدعاء وعظيم شأنه، وأن الإنسان يدعو بهذا الدعاء ليظهر ما جاء فيه من سلامة الولد من الشيطان ومن أن يكون من أولياء الشياطين.

فالحديث يدل على مشروعية هذا الدعاء عند الجماع.

وقوله: [ (لم يضره شيطان أبداً) ] ليس المقصود به أنه لا سبيل للشيطان عليه، وأنه يكون معصوماً؛ فإن العصمة ليست لأحد بعد رسل الله الكرام عليهم الصلاة والسلام، وإنما المراد أنه يسلم من تسلطه عليه وكونه يصير من أوليائه، وإلا فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه يسلم منه في الجملة، أما أن يصير معصوماً؛ فإن هذا لا يكون لأحد بعد رسل الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليهم.

تراجم رجال إسناد حديث ما يدعو به المرء عند الجماع

قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ].

هو محمد بن عيسى الطباع ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا جرير ].

هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن منصور ].

هو منصور بن المعتمر الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سالم بن أبي الجعد ].

سالم بن أبي الجعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن كريب ].

هو كريب مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عباس ].

هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (ملعون من أتى امرأة في دبرها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد عن وكيع عن سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ملعون من أتى امرأته في دبرها) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (ملعون من أتى امرأته في دبرها) ] وهذا يدلنا على تحريم وطء النساء في أدبارهن، وعلى أنه من الكبائر؛ لأنه جاء اللعن عليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن أحسن ما قيل في ضابط الكبيرة أنها ما كان عليه حد في الدنيا، أو توعد عليه بلعنة، أو غضب، أو نار، أو إحباط عمل، وما إلى ذلك من الأوصاف التي تدل على عظم الذنب وعلى شدة جرم ذلك الذنب.

فالحديث يدل على تحريم وطء النساء في أدبارهن وأنه من الكبائر؛ حيث ورد اللعن فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والحديث في إسناده رجل مجهول، وهو الحارث بن مخلد ، ولكن الحديث جاء من طريق أخرى عن عقبة بن عامر بإسناد حسن، فيكون هذا من شواهد الحديث، وعلى هذا فيكون الحديث ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث (ملعون من أتى امرأة في دبرها)

قوله: [ حدثنا هناد ].

هو هناد بن السري أبو السري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن.

و هناد ممن وافقت كنيته اسم أبيه؛ لأنه ابن السري وكنيته أبو السري ، فوافقت كنيته اسم أبيه، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث، فمن المهم في علوم الحديث معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه؛ لأنه إذا ذكر بكنيته وهو مشهور بنسبته فقد يظن أن هذا شخص آخر، فيظن أن فيه تصحيفاً، مثل هناد بن السري ، فإذا قيل: هناد أبو السري فالذي لا يعرف أن كنيته أبو السري وهو يعرف أنه هناد بن السري يظن أن (ابن) صحفت إلى (أبو)، مع أن هذا صحيح وهذا صحيح، فإن قيل: هناد بن السري فصحيح، وإن قيل: هناد أبو السري فصحيح.

وقد يذكر الشخص -مثلاً- باسمه واسم أبيه، وقد يذكر بكنيته، فلا يتنبه لكون صاحب الكنية هو صاحب الاسم، وذلك مثل قولهم: عبد الله بن سعيد ثم يقولون: أبو سعيد . فالذي لا يعرف يقول: ابن سعيد؛ لأنه عبد الله بن سعيد وهو أبو سعيد ، وافقت كنيته اسم أبيه.

[ عن وكيع ].

هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سفيان ].

هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سهيل بن أبي صالح ].

سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والبخاري إنما أخرج له مقروناً.

[ عن الحارث بن مخلد ].

الحارث بن مخلد مجهول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبي هريرة ].

هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث الإنكار على اليهود في زعمهم أن الجماع في الفرج من الوراء يجعل الولد أحول

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن بشار حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا سفيان عن محمد بن المنكدر أنه قال سمعت جابراً رضي الله عنه يقول: (إن اليهود يقولون: إذا جامع الرجل أهله في فرجها من ورائها كان ولده أحول. فأنزل الله سبحانه وتعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة:223]) ].

أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أنه قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن اليهود يقولون: إن الرجل إذا جامع امرأته في فرجها من ورائها فإن الولد يكون أحول. فأنزل الله عز وجل الآية.

والحول هو أن يكون السواد في طرف العين لا في وسطها، فيكون إلى جهة اليمين أو جهة الشمال، جهة الأنف أو جهة الأذن، هذا هو الحول، فهم يقولون: إنه إذا أتاها في فرجها من ورائها فإن الولد يكون أحول. فأنزل الله عز وجل: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة:223] يعني: من جميع الجهات، وذلك سائغ ومشروع، وما يزعمونه من أن الولد يكون أحول ليس بصحيح.

تراجم رجال إسناد حديث الإنكار على اليهود في زعمهم أن الجماع في الفرج من الوراء يجعل الولد أحول

قوله: [ حدثنا ابن بشار ].

هو محمد بن بشار البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عبد الرحمن ].

هو عبد الرحمن بن مهدي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا سفيان ].

هو سفيان الثوري ، وقد مر ذكره.

[ عن محمد بن المنكدر ].

محمد بن المنكدر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جابر ].

هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث سبب نزول قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ حدثني محمد -يعني ابن سلمة - عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن ابن عمر رضي الله عنهما -والله يغفر له- أوهم، إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب، وكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم، وكان من أمر أهل الكتاب ألا يأتوا النساء إلا على حرف، وذلك أستر ما تكون المرأة، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحاً منكراً ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات، فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار، فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت: إنما كنا نؤتى على حرف، فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني. حتى شري أمرهما، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأنزل الله عز وجل: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة:223]) أي: مقبلات ومدبرات ومستلقيات. يعني بذلك موضع الولد ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: إن ابن عمر رضي الله عنه أوهم -والله تعالى يغفر له-، إنما كان هذا الحي من الأنصار، وكانوا مع اليهود في المدينة، وكانوا يعتقدون أن عندهم علماً لأنهم أهل كتاب، وكان اليهود يأتون النساء على حرف، أي: جنوبهن، فكانوا يفعلون مثلهم، ولما قدم المهاجرون وكانوا يأتون النساء في القبل من جميع الجهات، سواء أكن على جنوبهن أم مستلقيات أم على هيئة غير ذلك، ثم إنه تزوج رجل من المهاجرين امرأة من الأنصار، ولما أراد أن يجامعها على تلك الهيئة التي كانوا قد اعتادوها أنكرت عليه ذلك وأخبرته بالذي هم معتادون عليه، فأنزل الله عز وجل نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة:223] يعني أنهم يأتونهن من جميع الجهات مقبلات ومدبرات ومستلقيات، بشرط أن يكون ذلك في الفرج، أي: في موضع الحرث الذي هو موضع زرع الولد، والذي يطلب منه الولد، فجاءت الآية مبينة ومقررة لما كان عليه المهاجرون من النكاح على جميع الأوجه ما دام أنه في الفرج وليس في الدبر.

وقوله: [ أوهم ابن عمر ] رضي الله عنهما لم يذكر فيه الشيء الذي حصل فيه الوهم، ولعله جاء عنه شيء على خلاف ما كان يعتقده ويعرفه ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ولا يصح عنه أنه كان يقول بجواز وطء النساء في الأدبار.

وقوله: [ حتى شري أمرهما ] معناه: ذاع وانتشر.

تراجم رجال إسناد حديث سبب نزول قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم...)

قوله: [ حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ ].

عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ صدوق ربما وهم، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ عن محمد -يعني ابن سلمة - ].

هو محمد بن سلمة الباهلي الحراني ، ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

يروي أبي داود ؛ لأن أبا داود رحمه الله عن شيخين كل منهما يقال له: محمد بن سلمة، وأحدهما من شيوخه والثاني من شيوخ شيوخه، فالذي من شيوخه محمد بن سلمة المرادي المصري ، فإذا جاء محمد بن سلمة غير منسوب وهو من شيوخ أبي داود فالمراد به المصري ، وإذا جاء محمد بن سلمة غير منسوب وهو من شيوخ شيوخ أبي داود فالمراد به الحراني الباهلي ؛ لأنه لا يروي عنه أبو داود مباشرة، بل يروي عنه بواسطة.

[ عن محمد بن إسحاق ].

هو محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبان بن صالح ].

أبان بن صالح ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.

[ عن مجاهد ].

هو مجاهد بن جبر المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عباس ].

ابن عباس رضي الله عنهما قد مر ذكره.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في جامع النكاح.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة وعبد الله بن سعيد قالا: حدثنا أبو خالد -يعني سليمان بن حيان - عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادماً فليقل: اللهم! إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه. وإذا اشترى بعيراً فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك).

قال أبو داود : زاد أبو سعيد : (ثم ليأخذ بناصيتها وليدع بالبركة في المرأة والخادم) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى [ باب في جامع النكاح].

ويقصد بهذه الترجمة أموراً متفرقة في النكاح، لأن ما سيورده ليس في موضوع واحد أو في مسألة واحدة، وإنما هو في مسائل متفرقة وفي أمور متفرقة يجمعها أنها في النكاح.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادماً فليقل: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه) ]، فهذا دعاء يدعى به في أول الزواج وعند شراء الدابة وعند شراء شراء خادم، أي: عبد مملوك، سواء أكان ذكراً أم أنثى، فإنه يدعو بهذا الدعاء، وقد جاء في رواية أحد شيخي أبو داود في هذا الإسناد -وهو أبو سعيد الأشج عبد الله بن سعيد - أنه يأخذ بناصية الزوجة والخادم أو الخادمة ويدعو بهذا الدعاء: (اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه). فيكون الإنسان من البداية قد سأل الله من الشر، يسأله من خير هذه الزوجة أو خير هذه الأمة أو العبد وخير ما جبل عليه -أي: ما طبع عليه وجعل فيه من الصفات ومن الأخلاق- وتعوذ به من شر ما يتصف به وما جبل عليه من الأخلاق السيئة ومن الأمور المنكرة.

قال: [ (وإذا اشترى بعيراً فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك) ].

يعني: مثل الدعاء الذي دعا به بالنسبة للزوجة والعبد.

قوله: [ زاد أبو سعيد : (ثم ليأخذ بناصيتها وليدعو بالبركة) ].

هذا زيادة على ما تقدم، فقد تقدم أنه يدعو بالخير ويستعيذ من الشر، وهنا شيئان زيادة على ما تقدم، فزيادة أبي سعيد فيها وضع اليد على الناصية بالنسبة للزوجة والخادم أو العبد أو الأمة، وفيها -أيضاً- أن يدعو بالبركة.

وكذلك السيارة والسائق ونحوهما يدعى بالبركة فيهم ويسأل الله تعالى خيرهم ويستعاذ به من شرهم.

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

هو عثمان بن أبي شيبة الكوفي ، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فإنه أخرج له في عمل اليوم والليلة.

[ وعبد الله بن سعيد ].

هو عبد الله بن سعيد الأشج أبو سعيد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا أبو خالد -يعني سليمان بن حيان - ].

هو سليمان حيان الأحمر ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عجلان ].

هو محمد بن عجلان المدني ، صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن، ويقال في ترجمة ابن عجلان : إن أمه حملت به أربع سنين.

[ عن عمرو بن شعيب ].

هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

هو شعيب بن محمد ، وهو صدوق أيضا، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن.

[ عن جده ].

هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهو الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى حدثنا جرير عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لو أن أحدكم إذا أرد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا وجنب الشيطان ما رزقتنا. ثم قدر أن يكون بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً)].

أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشطان وجنب الشيطان ما رزقتنا. ثم قدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً) وهذا يدل على مشروعية هذا الدعاء وعظيم شأنه، وأن الإنسان يدعو بهذا الدعاء ليظهر ما جاء فيه من سلامة الولد من الشيطان ومن أن يكون من أولياء الشياطين.

فالحديث يدل على مشروعية هذا الدعاء عند الجماع.

وقوله: [ (لم يضره شيطان أبداً) ] ليس المقصود به أنه لا سبيل للشيطان عليه، وأنه يكون معصوماً؛ فإن العصمة ليست لأحد بعد رسل الله الكرام عليهم الصلاة والسلام، وإنما المراد أنه يسلم من تسلطه عليه وكونه يصير من أوليائه، وإلا فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه يسلم منه في الجملة، أما أن يصير معصوماً؛ فإن هذا لا يكون لأحد بعد رسل الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليهم.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2728 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2698 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2643 استماع