شرح سنن أبي داود [137]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة إذا مالت الشمس)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في وقت الجمعة.

حدثنا الحسن بن علي حدثنا زيد بن الحباب حدثني فليح بن سليمان حدثني عثمان بن عبد الرحمن التيمي أنه قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة إذا مالت الشمس) ].

يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في وقت الجمعة ] أي: في بيان وقت الجمعة، ووقت الجمعة هو إذا زالت الشمس، فبعد الزوال هو وقت صلاة الظهر، ويجوز أن تؤدى الصلاة قبل الزوال، لكن الأولى أن تكون بعد الزوال؛ للأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي إذا مالت الشمس وإذا زالت الشمس، وقد جاءت بعض الأحاديث فيها ما يدل على فعلها قبل زوال الشمس، ولكن كونها يؤتى بها بعد الزوال هو الأولى؛ لأن الذين لا يلزمهم حضور الجمعة ليس عليهم إلا الظهر، فإذا أتي بالجمعة في وقت الظهر بعد الزوال فلا يكون هناك محذور في أن يحصل تشويش ويحصل أن بعض الناس يصلي في بيته قبل الزوال؛ لأن الأذان وجد قبل الزوال، فإذا كانت الصلاة بعد الزوال فيؤمن على من كان في البيوت من أن يصلوا قبل دخول وقت صلاة الظهر، والظهر لا يبدأ وقتها إلا بعد الزوال، فالنساء لا تجب عليهن الجمعة، ويجب عليهن أداء صلاة الظهر، والظهر لا يجوز إتيانها إلا بعد الزوال، وعلى هذا فإن وقت صلاة الجمعة وقت الظهر، ولكنه يجوز فعلها قبل الزوال؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث ما يدل على ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك قال: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة إذا مالت الشمس) ] يعني: إذا زالت الشمس.

وقوله: [ (كان) ] في الغالب أنها تفيد الاستمرار، ولكنه قد تأتي هذه الصيغة لغير الاستمرار، ولكنه يستدل بها على المداومة وعلى الكثرة، ولكن قد تأتي للمرة الواحدة، وقد تأتي للقلة، ومن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها الذي قالت فيه: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) وهو صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا مرة واحدة في حجة الوداع في السنة العاشرة ومع ذلك عبرت عائشة رضي الله عنها بقولها: (كنت) فهذا يدل على أن (كان) قد تأتي أحياناً لغير الاستمرار، لكن الغالب فيها أنها للاستمرار، فقوله هنا: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة إذا مالت الشمس) ] يفيد كثرة الإتيان بالصلاة في ذلك الوقت.

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة إذا مالت الشمس)

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].

هو الحسن بن علي الحلواني، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ حدثنا زيد بن الحباب ].

زيد بن الحباب ثقة أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثني فليح بن سليمان ].

فليح بن سليمان صدوق كثير الخطأ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني عثمان بن عبد الرحمن التيمي ].

عثمان بن عبد الرحمن التيمي ثقة أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي .

[ سمعت أنس بن مالك ].

هو أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم.

شرح حديث (كنا نصلي الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان فيء)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا يعلى بن الحارث قال: سمعت إياس بن سلمة بن الأكوع يحدث عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان فيء) ].

أورد أبو داود رضي الله عنه حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: [ (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان فيء) ] يعني: ليس لها ظل، لكن جاء عن سلمة بن الأكوع في الصحيحين أنه قال: (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس للحيطان ظل يستظل به) فقوله هنا: (وليس للحيطان فيء) أي: يستظل به كما جاء ذلك مبيناً في الروايات؛ لأن نفي الفيء نفي لأصله، وأنه ما وجد الزوال، ومعنى هذا أن تكون الصلاة قبل الزوال، ولكن نفس حديث سلمة جاء في الصحيحين بلفظ: (وليس للحيطان ظل يستظل به) فالنفي إنما هو للقيد الذي هو يستظل به، وليس نفياً لأصل الظل، بل الظل موجود ولكنه قليل لا يستظل به الماشي؛ لأنه لم يمتد ولم يكثر، فالنفي هنا محمول على الرواية الأخرى التي فيها أن النفي هو للفيء الذي يستظل به، فهو للقيد الذي هو يستظل به، وليس للمقيد الذي هو أصل الظل، فالظل أصله موجود، ولهذا جاء في بعض الروايات: (نتتبع الفيء) ومعناه أنهم كانوا يتتبعون الظل القليل الموجود، وهذا معناه أنه يوجد ظل.

تراجم رجال إسناد حديث (كنا نصلي الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان فيء)

قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ].

هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي أطلق عليه الإمام أحمد : شيخ الإسلام.

[ حدثنا يعلى بن الحارث ].

يعلى بن الحارث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ سمعت إياس بن سلمة بن الأكوع يحدث عن أبيه ].

إياس بن سلمة بن الأكوع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

وأبوه سلمة بن الأكوع رضي الله عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (كنا نقيل ونتغدى بعد الجمعة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنهما أنه قال: (كنا نقيل ونتغدى بعد الجمعة) ].

أورد أبو داود حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنه قال: [ كنا نقيل ونغتدى بعد الجمعة ] ومعناه أنهم كانوا يبكرون إلى الصلاة، وكان ذلك قبل الغداء والقيلولة، فكانوا يوم الجمعة يبكرون إلى الصلاة، ولا يقيلون إلا بعد الجمعة، لأنهم يوم الجمعة يبكرون للصلاة، فيأتون لها في وقت مبكر، فيكونون في المسجد، فلا يتمكنون من الغداء ولا من القيلولة إلا بعد الصلاة، ومعنى هذا أن يوم الجمعة يختلف عن غيره.

ومناسبة الحديث للباب أن الصلاة كانت تحصل بعد الزوال، وكانوا قبل ذلك في انتظار الصلاة، وبعد الصلاة يخرجون ويحصل منهم القيلولة والغداء بخلاف بقية الأيام التي كانوا يتغدون فيها ويقيلون قبل الزوال.

تراجم رجال إسناد حديث (كنا نقيل ونتغدى بعد الجمعة)

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

هو محمد بن كثير العبدي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا سفيان ].

هو سفيان الثوري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي حازم ].

أبو حازم هو سلمة بن دينار ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سهل بن سعد الساعدي ].

هو سهل بن سعد الساعدي أبو العباس رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

وهذا الإسناد من الأسانيد الرباعية التي هي أعلى ما يكون عند أبي داود ، حيث يوجد أربعة أشخاص بين أبي داود وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود ، وليس عند أبي داود ثلاثيات.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في وقت الجمعة.

حدثنا الحسن بن علي حدثنا زيد بن الحباب حدثني فليح بن سليمان حدثني عثمان بن عبد الرحمن التيمي أنه قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة إذا مالت الشمس) ].

يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في وقت الجمعة ] أي: في بيان وقت الجمعة، ووقت الجمعة هو إذا زالت الشمس، فبعد الزوال هو وقت صلاة الظهر، ويجوز أن تؤدى الصلاة قبل الزوال، لكن الأولى أن تكون بعد الزوال؛ للأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي إذا مالت الشمس وإذا زالت الشمس، وقد جاءت بعض الأحاديث فيها ما يدل على فعلها قبل زوال الشمس، ولكن كونها يؤتى بها بعد الزوال هو الأولى؛ لأن الذين لا يلزمهم حضور الجمعة ليس عليهم إلا الظهر، فإذا أتي بالجمعة في وقت الظهر بعد الزوال فلا يكون هناك محذور في أن يحصل تشويش ويحصل أن بعض الناس يصلي في بيته قبل الزوال؛ لأن الأذان وجد قبل الزوال، فإذا كانت الصلاة بعد الزوال فيؤمن على من كان في البيوت من أن يصلوا قبل دخول وقت صلاة الظهر، والظهر لا يبدأ وقتها إلا بعد الزوال، فالنساء لا تجب عليهن الجمعة، ويجب عليهن أداء صلاة الظهر، والظهر لا يجوز إتيانها إلا بعد الزوال، وعلى هذا فإن وقت صلاة الجمعة وقت الظهر، ولكنه يجوز فعلها قبل الزوال؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث ما يدل على ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك قال: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة إذا مالت الشمس) ] يعني: إذا زالت الشمس.

وقوله: [ (كان) ] في الغالب أنها تفيد الاستمرار، ولكنه قد تأتي هذه الصيغة لغير الاستمرار، ولكنه يستدل بها على المداومة وعلى الكثرة، ولكن قد تأتي للمرة الواحدة، وقد تأتي للقلة، ومن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها الذي قالت فيه: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) وهو صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا مرة واحدة في حجة الوداع في السنة العاشرة ومع ذلك عبرت عائشة رضي الله عنها بقولها: (كنت) فهذا يدل على أن (كان) قد تأتي أحياناً لغير الاستمرار، لكن الغالب فيها أنها للاستمرار، فقوله هنا: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة إذا مالت الشمس) ] يفيد كثرة الإتيان بالصلاة في ذلك الوقت.

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].

هو الحسن بن علي الحلواني، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ حدثنا زيد بن الحباب ].

زيد بن الحباب ثقة أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثني فليح بن سليمان ].

فليح بن سليمان صدوق كثير الخطأ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني عثمان بن عبد الرحمن التيمي ].

عثمان بن عبد الرحمن التيمي ثقة أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي .

[ سمعت أنس بن مالك ].

هو أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا يعلى بن الحارث قال: سمعت إياس بن سلمة بن الأكوع يحدث عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان فيء) ].

أورد أبو داود رضي الله عنه حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: [ (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان فيء) ] يعني: ليس لها ظل، لكن جاء عن سلمة بن الأكوع في الصحيحين أنه قال: (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس للحيطان ظل يستظل به) فقوله هنا: (وليس للحيطان فيء) أي: يستظل به كما جاء ذلك مبيناً في الروايات؛ لأن نفي الفيء نفي لأصله، وأنه ما وجد الزوال، ومعنى هذا أن تكون الصلاة قبل الزوال، ولكن نفس حديث سلمة جاء في الصحيحين بلفظ: (وليس للحيطان ظل يستظل به) فالنفي إنما هو للقيد الذي هو يستظل به، وليس نفياً لأصل الظل، بل الظل موجود ولكنه قليل لا يستظل به الماشي؛ لأنه لم يمتد ولم يكثر، فالنفي هنا محمول على الرواية الأخرى التي فيها أن النفي هو للفيء الذي يستظل به، فهو للقيد الذي هو يستظل به، وليس للمقيد الذي هو أصل الظل، فالظل أصله موجود، ولهذا جاء في بعض الروايات: (نتتبع الفيء) ومعناه أنهم كانوا يتتبعون الظل القليل الموجود، وهذا معناه أنه يوجد ظل.

قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ].

هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي أطلق عليه الإمام أحمد : شيخ الإسلام.

[ حدثنا يعلى بن الحارث ].

يعلى بن الحارث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ سمعت إياس بن سلمة بن الأكوع يحدث عن أبيه ].

إياس بن سلمة بن الأكوع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

وأبوه سلمة بن الأكوع رضي الله عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنهما أنه قال: (كنا نقيل ونتغدى بعد الجمعة) ].

أورد أبو داود حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنه قال: [ كنا نقيل ونغتدى بعد الجمعة ] ومعناه أنهم كانوا يبكرون إلى الصلاة، وكان ذلك قبل الغداء والقيلولة، فكانوا يوم الجمعة يبكرون إلى الصلاة، ولا يقيلون إلا بعد الجمعة، لأنهم يوم الجمعة يبكرون للصلاة، فيأتون لها في وقت مبكر، فيكونون في المسجد، فلا يتمكنون من الغداء ولا من القيلولة إلا بعد الصلاة، ومعنى هذا أن يوم الجمعة يختلف عن غيره.

ومناسبة الحديث للباب أن الصلاة كانت تحصل بعد الزوال، وكانوا قبل ذلك في انتظار الصلاة، وبعد الصلاة يخرجون ويحصل منهم القيلولة والغداء بخلاف بقية الأيام التي كانوا يتغدون فيها ويقيلون قبل الزوال.